صيف ملتهب في سوريا… مصير غامض ينتظر الأسد 

صيف ملتهب في سوريا… مصير غامض ينتظر الأسد 
تحليل سياسي | 13 مايو 2020
روزنة|| يزدحم الصيف الحالي بملفات عديدة في المشهد السوري؛ توشك أن تنجز، أو اقتربت من أن تحسم ويحدد مصيرها، قد يكون من أبرزها مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد في استمرار حكمه البلاد ومدى الدعم الروسي المقدم له خلال المرحلة الحاسمة المقبلة على سوريا. 

تزايدت مؤخراً حملة تقارير إعلامية رجّحت خروج الأسد من السلطة بعد رفع الغطاء السياسي عنه من قبل موسكو، بخاصة وإن وجدت الأخيرة إيجابية بالغة في توافقها مع واشنطن التي قد تطلب منها التخلي عن الأسد مقابل بناء اتفاقات استراتيجية مشتركة. 

لا يبدو هذا السيناريو متوقعاً ولو أن تلك التقارير وجملة من التسريبات ذهبت للتأكيد على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -تحديداً- ضاق ذرعاً بالخسارة التي سيتكلفها فيما إذا بقي الأسد مصراً على عدم تنفيذ بعض الرغبات الدولية، يأتي في مقدمتها العمل الحقيقي على إخراج النفوذ الإيراني من سوريا "عسكرياً، اقتصادياً، سياسياً". 

ولعل أولى التسريبات المتعلقة كانت قد صدرت عبر تسريبات إسرائيلية "غير مفهومة" و "معدومة التفاصيل"، لتنطلق بعدها حملة تقارير غير رسمية من موسكو، غير أن هذه التقارير لا تعني أي شيء طالما أن الوكالات والمؤسسات الحكومية أو المقربة منها كانت غائبة عن المشاركة في هذه الحملة. 

الكاتب الصحفي، عقيل حسين، اعتبر في تعليقه حول احتمالات رحيل الأسد بأن القول فيما يتعلق بنهاية النظام قد بدأت، هو أمر فيه مبالغة، على اعتبار أن وجود النظام لا يتعلق بأزمة داخلية. 

وتابع "وجود النظام اليوم مرتبط بالوجود الروسي إلى جانبه، استمرار النظام أو اجراء اصلاحات فيه، أو حتى اجباره على المشاركة بحل سياسي، هو بيد روسيا".

هذا وقد حملت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيرانية، محمد جواد ظريف، إلى دمشق، نهاية الشهر الفائت، الكثير من الدلالات، قد يكون أبرزها بروز محور إيراني مستقل عن الرؤية الروسية في سوريا، يحاول دعم وجود الأسد في السلطة ولو على حساب جذبه من أحضان الرعاية الروسية، وهو ما يشكل مرحلة حساسة في التوافقات الروسية-الإيرانية حول الملف السوري. 

قد يهمك: إيران تسعى لتغيير استراتيجيتها في سوريا… ما جديّة ذلك؟

وفي ظل إبعاد روسيا لوجود طهران في المفاوضات السياسية مع تركيا حول الشمال السوري، باتت الحسابات مختلفة لدى كل من طهران وموسكو، حيث يبدو أن الأخيرة وجدت بأن حفظ مصالحها في الشمال مع تركيا وتعميق التفاهمات معها لتمتد نحو الشمال الشرقي قد يتوائم مع الرغبة الأميركية في إبعاد النفوذ الإيراني عن سوريا، وبذلك تكون إيران الخاسر الوحيد في ملف تقاسم حصص النفوذ الدولي والإقليمي في سوريا، بخاصة وأن إيران باتت أيضاً العنصر غير المرغوب فيه من أكثر من جهة منها روسيا أيضاً التي أثقلت طهران كاهلها طيلة الفترة الماضية.

وحول ذلك قال المحلل السياسي المختص بالشأن الإيراني، حسن راضي، خلال حديث لـ "روزنة" أن  التحدي الأكبر للنفوذ الإيراني يتمثل بروسيا في الدرجة الأولى التي تريد السيطرة على سوريا بالكامل دون منافسة أي طرف لها.

وأضاف أن "هناك عوامل اخرى تعرقل وصول إيران لأهدافها في سوريا، وهي محاولات النظام السوري في تحسين علاقته بالدول العربية من جهة؛ والدول الأوروبية من جهة أخرى من أجل الخروج من عزلته الإقليمية والدولية، وأحد شروط تحسين تلك العلاقة هو قطع العلاقة بإيران أو تقزيم دورها في سوريا". 

حل سياسي مرتبط باتفاقات خفض التصعيد

في إحاطته المقدمة خلال جلسة مجلس الأمن الدولي حول سوريا، قال المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، أن الاتفاقات التركية-الروسية قد ترسخت على الأرض أكثر من السابق في إشارة إلى اتفاق موسكو حول إدلب، في الخامس من الشهر الفائت.

 وتُعتبر إشارة بيدرسن حول الاتفاق الروسي-التركي، والذي يفترض أنه اتفاق ثنائي ومؤقت ولن يُثبّت حدود نفوذ الدول المتدخلة في الملف السوري، تعتبر شرعنة أممية لسلطة تقاسم النفوذ التركي-الروسي، ما قد يعني تأسيساً لتقسيم سوريا كل حسب نفوذ الدولة المنتدبة، وكأن سوريا أمام انتداب جديد. 

ويبدو أن الحل الذي كان مأمولاً من قبل الأمم المتحدة ومبعوثها الأممي؛ بات مرتبطاُ بالمصالح الضيقة للدول المتدخلة في الشأن السوري، كما أنه قد لم يعد هناك أي أفق لحل سوري سوري بعيد عن المصلحة الأجنبية التي باتت عناصرها تتغول أكثر في الأرض السورية. 

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب تزيد تركيا من تعزيزاتها العسكرية في إدلب 

الباحث السياسي، صدام الجاسر، رأى خلال حديث لـ "روزنة" أن بيدرسن سعى من خلال إحاطته؛ اقتناص فرصة وتحقيق نجاح عجز عن تحقيقه المبعوث الأممي السابق ستيفان ديمستورا، معتبراً أن بيدرسن  يريد استثمار الاتفاق التركي-الروسي لتحقيق عدة أهداف؛ منها تسجيل نجاح في مسيرة الأزمة السورية الممتلئة بالنكسات والاخفاقات والعجز الأممي عن تثبيت أي اتفاق،  وفق رأيه. 

وتابع بأن "كل من روسيا وتركيا تدركان بأن الوضع الحالي لا يسمح بأي استئناف للعمليات العسكرية، وإنما ستسعيان لدعم جهود بيدرسن في شرعنة الاتفاق؛ وجعله تحت غطاء الأمم المتحدة مما يمنح البلدين نفوذاً شرعياً في سورياً". 

واعتبر الجاسر أن سوريا الآن أمام "حالة نوعية من الانتداب" تتشارك فيها دولتان، "سوريا عملياً أصبحت تحت انتداب عدة دول، ويمكن القول إن هناك مجلس حكم دولي مكون من الدول ذات النفوذ في سوريا، وهذه الدول تتعامل فيما بينها على إدارة سوريا كل حسب موقعه ومناطق نفوذه وأدواته التي يسيطر عليها". 

شرق الفرات ساحة اشتباك أم تقاسم نفوذ؟

و في وقت يزداد فيه التنافس بين واشنطن وموسكو على زيادة نفوذها في مناطق شمال شرقي سوريا (شرق الفرات)، ترتفع وتيرة تجنيد المقاتلين بين الجانبين، في إشارات تدل على تسخين الأوضاع الميدانية في مناطق شمال شرق سوريا خلال الفترة المقبلة. 

وتسعى مؤخراً كل من القوات الأميركية والروسية المنتشرة في شرق الفرات إلى اعتماد مواقع جديدة لهما مقابل العمل على تجنيد مقاتلين عرب وأكراد تابعين لنفوذهم، ما يوحي أن معارك صراع أو حتى مناوشات قريبة ستفرض بثقلها وتأثيرها على متغيرات الأوضاع هناك في قادم الأيام، ما بعد انتهاء أزمة فيروس "كورونا المستجد".

قد يهمك: خلافات روسية أميركية تؤجج الصراع في شرق الفرات؟ 

الكاتب والمحلل السياسي، حسين عمر، أبدى خلال حديث لـ "روزنة"، شكوكه حول نية الطرفين (الأميركي والروسي) في محاولاتهم الأخيرة لزيادة انتشار قواتهما في المنطقة، معتبراً بأن الهدف الروسي معلوم ويتعلق بشكل مباشر بالسيطرة على المنطقة وإخراج النفوذ الأميركي منه، بالإضافة إلى السعي لإنهاء وجود "قسد" والإدارة الذاتية بهيكليتها الحالية. 

وتابع "يبدو لي بأن القيادة العسكرية الأميركية في المنطقة مترددة في تحركاتها؛ لأن قرار الانسحاب ما زال ساري المفعول والبقاء مؤقت، وبخاصة إذا ما تم انتخاب ترامب لدورة رئاسية أخرى، فإنه ستزداد احتمالات الانسحاب الكلي؛ وستبقى المنطقة رهينة الصراع التركي-الروسي أو التقسيم التركي-الروسي".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق