للمرة الثالثة خلال شهر... هذه أسباب القصف الإسرائيلي المتكرر على سوريا

للمرة الثالثة خلال شهر... هذه أسباب القصف الإسرائيلي المتكرر على سوريا
سياسي | 27 أبريل 2020
مالك الحافظ - روزنة|| في تصعيد مُركّز يطال النفوذ الإيراني في سوريا، استهدف طيران الاحتلال الإسرائيلي للمرة الثانية خلال أسبوع مواقع يتمركز بها عناصر إيرانية في بلدات بريف دمشق، فجر اليوم الاثنين.

وفي الوقت الذي لم تؤكد فيه "إسرائيل" مسؤوليتها عن تنفيذ الاستهداف الأخير، اكتفت وسائلها الإعلامية بنقل الخبر عن وكالة "سانا" السورية، والتي ذكرت أن الطيران الحربي للاحتلال الإسرائيلي أطلق مجموعة من الصواريخ باتجاه الأراضي السورية فجر اليوم، من فوق الأراضي اللبنانية، تصدت لها الدفاعات الجوية وأسقطت غالبيتها.

وبحسب ما نقلت "سانا"، فقد قتل 3 مدنيين، وجرح 4 آخرين، جراء سقوط شظايا صواريخ القصف على منازل السكان في بلدتي الحجيرة والعادلية بريف دمشق.

وتلجأ "إسرائيل" بشكل دائم إلى الصمت في العديد من المرات التي هاجمت فيها أهدافا على الأراضي السورية، حيث اعتادت منذ عام 2013 على شن عشرات الهجمات في الداخل السوري، لمنع ما تصفه "بالتمركز الإيراني" داخل الأراضي السورية.

ما علاقة الحكومة الجديدة؟ 

الاستهداف الذي وقع فجر اليوم لا يعتبر الأول في مرحلة ما بعد الإعلان عن مباحثات تشكيل الحكومة الائتلافية في "إسرائيل"، حيث استهداف طيران الاحتلال مواقع عسكرية داخل سوريا خلال هذا الشهر 3 مرات، كان أولها ما طال مطار الشعيرات بريف حمص الشرقي.
 
وذكرت مصادر لـ "روزنة" آنذاك أن الطائرات الإسرائيلية استهدفت بأكثر من 8 صواريخ مطار الشعيرات، كما طال القصف أيضاً أبراج اتصالات خاصة بالمطار، إضافة إلى غرفة عمليات وأجهزة تجسس إيرانية، ومستودعات أرضية نقلت إليها القوات الإيرانية أسلحة وذخائر خلال الفترة الماضية.

في حين استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مواقعاً عسكرية في تدمر شرقي حمص، الأسبوع الماضي. حيث طال القصف نقاطاً لقوات النظام السوري في السخنة والعامرية والتليلة في بادية تدمر.

يأتي كل ذلك في وقت يسعى تحالف بنيامين نتنياهو (زعيم الليكود) و بيني غانتس (زعيم حزب أزرق-أبيض) لتشكيل حكومة ائتلافية، تكون مهمتها بالمقام الأول مواجهة فيروس "كورونا المستجد" (كوفيد-19)، ليتسنى لها لاحقاً التفرغ في مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، بخاصة وأن كلا الاثنين يشتركان في رؤية موحدة ضد مواجهة التمركز الإيراني هناك، ولو أن تيار غانتس يتطرف أكثر صوب تصفية بشار الأسد (رئيس النظام السوري) طالما أن الأخير يدعم استمرار نفوذ إيران في سوريا. 

و في شهر أيلول الماضي، كشف غابي أشكنازي؛ رئيس أركان جيش دفاع الاحتلال اﻹسرائيلي السابق، وأحد أهم أقطاب حزب "أزرق-أبيض"، عن أن فرصهم في اغتيال الأسد ما تزال قائمة، في تصريح كان يحمل لهجة مختلفة عن توجه حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو إزاء الملف السوري بالحيثيات المتعلقة بالنظام السوري ورئيسه. 

اقرأ أيضاً: تقليم أظافر إيران في سوريا مستمر… ما هو رد طهران؟

تحالف "أزرق-أبيض" الذي كان قريباً من تزعم حكومة الاحتلال الإسرائيلي المقبلة بشكل منفرد، قبل أن يتفقا (نتنياهو و غانتس) على تشكيل حكومة ائتلافية يتم الإعلان عنها خلال الساعات المقبلة. ونافس غانتس رئيس الوزراء المنتهية ولايته (نتنياهو) في انتخابات نيسان وأيلول، والأخيرة التي أجريت في الثاني من آذار الجاري.

نتائج تحالف "أزرق-أبيض" تقاربت في انتخابات نيسان مع منافسه حزب الليكود، ثم تفوق عليه قليلا في انتخابات أيلول، غير أن كل الطرفين لم يتمكن من حصد الأغلبية البرلمانية اللازمة لتشكيل حكومة، إذا كان على أحدهما أن يحقق غالبية 61 مقعدا من أصل 120 مقعدا.

استهدافات للتمركز الإيراني في الوسط والجنوب السوري

تفوق نتنياهو وحزبه الليكود في انتخابات آذار الجاري، وحصل على تأييد حلفائه المتدينين لكنه فشل للمرة الثالثة في حصد دعم الأغلبية، إلا أن غانتس (متزعم أزرق-أبيض)، كان قد حصل مؤخراً على توصية القوى المناهضة لنتنياهو لتشكيل الحكومة الجديدة، الأمر الذي رجّح كفته على حساب نتنياهو.

تصريحات اشكنازي واضحة حيال تصعيد محتمل قد تقوم به الحكومة المقبلة إزاء بقاء الأسد في السلطة. اشكنازي الذي كان دعا إلى اﻹطاحة باﻷسد، وقال في تصريح له -آنذاك- إن "أوان قتل اﻷسد لم يفت إسرائيل بعد".

المسؤول الإسرائيلي هو مرشح بيني غانتس؛ لوزارة اﻷمن في الحكومة المقبلة، قال في ذلك الوقت أن إسرائيل تحتفظ بالقدرة على الوصول إلى بشار الأسد، وأنه كان عليها قتله قبل خمس سنوات. 

فيما كانت المواقف الإسرائيلية متقاربة حول أراضي الجولان السوري المحتل، حيث تؤيد أغلب التيارات الإسرائيلية السياسية انتزاع الجولان من السيادة السورية وإلى الأبد، حيث قال رئيس الحكومة المقبلة بيني غانتس، في وقت سابق أنه قام برحلة إلى "شمال إسرائيل"، والذي قال خلالها "لن يضيع الجولان. بل على العكس، سنتوجه نحوه بشكل مكثف".

وليس ببعيد عن الجولان السوري المحتل، تزداد الإشارات الدّالة على عودة واسعة لنهج استهداف النفوذ الإيراني في سوريا خلال الفترة القريبة المقبلة، وقد لا يكون ما نشره المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، من تحذيرات لطهران ودمشق، هو آخر تلك الإشارات. 

قد يهمك: "إسرائيل" تُجدد استراتيجيتها في سوريا؟

أدرعي الذي نشر تسجيلًا يُظهر وجود قادة عسكريين من النظام السوري و "حزب الله" اللبناني، في الجانب السوري من هضبة الجولان المحتلة. وذلك ما يدفع للإشارة إلى نشاطات النفوذ الإيراني في سوريا، وبالتحديد في محيط الجولان -مؤخراً- حيث تسعى إيران لتأسيس نسخة سورية من "حزب الله" يكون عمادها في محافظة القنيطرة وتمتد أذرعه في الجنوب السوري.

التسجيل الذي نشره أدرعي عبر صفحته في "تويتر" يوم أمس الجمعة، أظهر قائد الفيلق الأول في قوات النظام السوري، اللواء علي أحمد أسعد، برفقة قائد قيادة الجنوب في "حزب الله"، الحاج هاشم.
 
وقال أن "حزب الله يهدف إلى التموضع في سوريا عامة وفي الشق السوري من هضبة الجولان خاصة، لخلق بنية إرهابية ضد دولة إسرائيل بتعاون ورعاية النظام السوري"، مشيراً إلى أن "إسرائيل": "لن تحتمل هذا التموضع… النظام السوري مسؤول عن أي نشاط تخريبي سينطلق من أراضيه، وأعذر من أنذر".

ويبدو أن تشكيل نسخة جديدة من "حزب الله" اللبناني في سوريا، قد يكون أمراً ممكناً في الفترة المقبلة ما دام يرتبط هذا التشكيل بمشروعها التوسعي.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز دراسات الشرق الأوسط، د.طارق فهمي، اعتبر خلال حديثه لـ "روزنة" أن سيناريو بقاء الأوضاع على ما هي عليه حتى المدى الطويل هو ما يخدم السياسة الإسرائيلية. 

فهمي لفت إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية في سوريا تغيرت و تطورت في مراحل متعددة وصولا إلى المشهد الراهن، منوهاً بأن الخطر المتمثل لدى إسرائيل كان يبرز من خلال ملاحقة عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني في أي مناطق من سوريا، وبالتالي سنرى العديد من الضربات المركزة صوب تلك الأهداف.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، ذكرت في تقرير لها؛ في نهاية العام الماضي، اطلع عليه موقع راديو "روزنة" أن الحرس الثوري الإيراني ووكلائه في سوريا نجحوا في إرساء الأساس لجبهة إيرانية ثانية مع إسرائيل بالقرب من مرتفعات الجولان السوري المحتل، و لتكون نسخة محدثة عن الجبهة الأولى في جنوب لبنان التي يتولاها "حزب الله".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق