انهيار أسعار النفط في أميركا والخسائر في روسيا والصين!

انهيار أسعار النفط في أميركا والخسائر في روسيا والصين!
اقتصادي | 21 أبريل 2020
مالك الحافظ - روزنة|| في سابقة قد تكون خطوة تمهيدية لانتكاسات اقتصادية مقبلة على العالم ومنطقة الشرق الأوسط، سجلّت أسعار النفط الأميركي "غرب تكساس" انهياراً تاريخياً إلى ما دون الصفر، على خلفية ضعف الطلب على النفط بسبب تداعيات أزمة "كورونا المستجد" (كوفيد -19).

ويأتي تدهور الأسعار في الولايات المتحدة بعد إغراق الأسواق خلال الأيام الماضية بنفط منخفض السعر إثر إطلاق السعودية، حرب أسعار مع روسيا بهدف الحصول على الحصة الأكبر من السوق. غير أن البلدين حلّا خلافهما مع التوصل مطلع الشهر الحالي لاتفاق وافقا فيه مع دول أخرى ضمن إطار ما يعرف بتحالف "أوبك بلس"على خفض الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل في اليوم لتحفيز الأسواق.

ولا يمكن اعتبار ما قام به "أوبك بلس" كان كافياً من أجل سحب الفائض من السوق النفطية، حيث كان يتوجب أن تنضم باقي التحالف بشكل فاعل لتصل كمية تخفيض الإنتاج إلى 30 مليون برميل في اليوم، حيث كان من المفروض أن تنضم لتخفيض إنتاج النفط كل من أميركا والنرويج وكندا والبرازيل، وبقيت أميركا تتذرع بأن إنتاجها سينخفض بشكل تلقائي. و قد يكون شهر نيسان الجاري هو بمثابة فترة ترقب لما سيؤول إليه تنفيذ التزامات اتفاق دول "أوبك بلس" ومنتجين آخرين، اعتبارا من أيار المقبل.

هذا ويتعلق انهيار سعر البترول الأميركي بسببين، الأول مؤقت، وهو انتهاء صلاحية عقود نفط تكساس، اليوم الثلاثاء. ما يعني أن المستثمرين لم يعودوا راغبين في الحصول على خام النفط، ففضلوا بيع العقد بأي سعر قبل انتهاء صلاحيته، وذلك بسبب عدم وجود طرف آخر لشراء العقود. أما السبب الثاني يتعلق بتراجع الطلب وفائض النفط المعروض في السوق.

اقرأ أيضاً: من البوابة الاقتصادية… واشنطن "تكسر عظم" النظام السوري

كما يُتوقع استمرار التراجع بسبب تقلص الطلب العالمي على النفط لمستوى قياسي منخفض، إثر توقف حركة السفر والنقل، وتوقف النشاط الاقتصادي للسيطرة على تفشي فيروس "كورونا". ورغم الأسعار الكارثية التي وصل إليها سعر برميل خام غرب تكساس، فإن الأزمة مقتصرة عليه فقط، من دون أن تمتد لخام برنت الأميركي.

وفي الوقت الذي انخفض فيه سعر برميل خام برنت الأميركي بنسبة 7 في المئة بنفس فترة تسوية عقود خام تكساس، فإن سعر برميل برنت ما زال فوق حاجز الـ26 دولارا -حتى الآن-، بعكس غرب تكساس الذي انهار سعره. ووصل سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط إلى 37.63 دولارا تحت الصفر، مع إغلاق التعاملات أمس الاثنين.

لحظة تغيير تاريخية؟

المحلل الاقتصادي، يونس الكريم، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" بأن انهيار أسعار نفط غرب تكساس، لا يتعلق فقط بسبب حرب أسعار النفط بين روسيا و السعودية، أو أن تكون روسيا قد تسببت بذلك للولايات المتحدة.

وتابع "الآن العالم كله أمام لحظة تغير تاريخية تتجاوز تبعات مرحلة الاتحاد السوفييتي، فالعالم يعيد ترتيب أوراقه… هناك صراع في السوق لعدة أنظمة عالمية".

وأردف حول تأثر الولايات المتحدة بانهيار أسعار النفط "معدل النفط الصخري في أمريكا من الموازنة العامة لا شيء كثير يذكر حوله، و إذا قارنا دخل النفط مع ارتفاع سعر الدولار نجد أهمية سعر الدولار بالنسبة للولايات المتحدة التي من مصلحتها المحافظة على سعر الدولار، وعندما ينهار سعر النفط يرتفع الطلب على الدولار أي يرتفع سعره".

وحول الحرب الاقتصادية بين واشنطن وبكين وأثر انهيار أسعار النفط على ذلك، قال بأن تحجيم الولايات المتحدة للصين قد يأتي من خلال النفط، فانهيار سعر النفط يجعل معظم الدول التي تستورد من الصين في حال عدم قدرة على الاستيراد من الصين؛ بسبب تكاليف الشحن تصبح مرتفعة، و حتى الصين أيضاً لن تستطيع الاستمرار بالإنتاج الذي تصبح تكلفته مرتفعة مقابل انخفاض الطلب. 

وزاد بالقول "النظام الرأسمالي كان يتجه نحو الموت في ظل حالة العجز الاقتصادي الأخيرة؛ ولذلك وجد في ظل أزمة كورونا متنفسا عبر تغيير سياساته، فاستفاد النظام الرأسمالي من خلال حركة الإغلاق، وكذلك استفاد من ضعف مقاومة التغيير ومن حالة الهلع التي سيطرت على العالم؛ وهي نقطة مميزة لولادة النظام النيو رأسمالي الشركاتي الجديد". 

قد يهمك: إلى أين سيقود التدهور الاقتصادي في سوريا؟

ورأى الكريم أن النظام الرأسمالي استفاد من انحسار دور الدولة وظهورها بدور الضعيف لولادة نظام شركاتي يحل مكان الدولة، مشيراً إلى أن الوضع الاقتصادي الحالي يمنح الفرصة للشركات الكبيرة بأن تلتهم الشركات الصغيرة و المتوسطة، وبالتالي تتسيد وتأخذ حتى مكان الحكومات.

وأردف في هذا السياق "أسهم الطاقة بدأت بالانخفاض و يلحق بذلك أسهم الصناعات؛ وأهم الصناعات التي ستتأثر بأسعار الطاقة هي أسعار السيارات وآليات النقل، فأوروبا قد تتعرض لهزة كبيرة بسبب ذلك". 

وختم حديثه لافتاً بأن "الولايات المتحدة هي أقل المتضررين من انخفاض الأسعار فهي لديها امكانية تخزين قرابة 700 مليون برميل؛ وهو ما يجعل الشركات الكبيرة تستمر بالعمل و الضخ، بعكس السعودية و الصين و روسيا حيث ستضطر الأخيرة إلى إغلاق آبار سيبيريا ما يعني خسائر كبيرة سوف تتعرض لها خطوط الغاز الروسية السيل الجنوبي والسيل الشمالي… السعودية هي الاخرى ستعيد التفكير في خياراتها السياسية و الاقتصادية، و الاقتصاد الصيني الذي بدا و كأنه يتعافى الآن سوف يتراجع بشكل كبير، والأسعار سوف تختلف لاحقا و سيؤثر ذلك على الشراء والاستيراد".

وتعتبر سوق النفط الدولية، شديدة التأثر بالمتغيرات السياسية والاقتصادية، وهي قائمة على العرض والطلب، ومن شأن التداعيات السلبية على الصعيد الاقتصادي لأزمة "كورونا"، أن يتراجع الطلب بشكل كبير على النفط.

و فيما يتعلق بالتأثير على المستهلكين في دول المنطقة العربية، ففي الدول النفطية، قد لا يستفيد المواطن من هذا الأمر بشكل كبير بل قد يتضرر، لأن الحكومات سوف تتراجع إيراداتها، وبالتالي لن تقوم بخفض أسعار الوقود، مخافة أن تجمع على نفسها عدة مضارّ، وفي أحسن الأحوال قد تقوم بعض الحكومات العربية النفطية بتخفيض طفيف وغير مؤثر في حياة المواطن بالنسبة لأسعار الوقود والطاقة بشكل عام.

و في الدول العربية غير النفطية، فإن الحكومات عادة ما تبرر عدم تخفيض أسعار الطاقة والوقود نتيجة انخفاض النفط في السوق الدولية، بوجود عجز كبير في موازنتها، أو شدة معاناتها من أزمة الديون المحلية والخارجية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق