من العلن إلى السر... كيف تحوّلت المهن في زمن الكورونا؟

من العلن إلى السر... كيف تحوّلت المهن في زمن الكورونا؟
أخبار | 20 أبريل 2020
 

محال كثيرة قرّرت حكومات الدول إغلاقها كنوع من الإجراءات الوقائية، ومنعاً لتجمّع الناس مع انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19".  صالون إبراهيم للحلاقة الرجّالية، في غازي عنتاب التركية، إحداها.

 
إبراهيم، 32 عاماً يقول لـ"روزنة": "لم يكن الموضوع في البداية بهذا السوء، قضيت يومين من دون عمل، باستثناء خدمات حلاقة شخصية مجانية لأصدقاء مقربين، لكن مع طول المدّة أصبح ضروري إيجاد بديل مادي".
 
قبل شهر، أعلنت السلطات التركية حزمة من الإجراءات الوقائية، منها إغلاق صالونات الحلاقة ومراكز التجميل إلى إشعار آخر، وهو ما دفع زبائن الحلّاقين إلى الاكتظاظ في صالونات الحلاقة قبل يوم واحد، ثم البحث عن بديل ما  بعد الإغلاق.
 
يتابع إبراهيم: "البديل المناسب كان الحلاقة المنزلية، ورغم كونها ممنوعة في تركيا، إلا أنها كانت الخيار الوحيد لتوفير دخل مادي، وخدمة الزبائن".
 
يوفّر إبراهيم فرصة الحلاقة بنفس ثمن الحلاقة عندما كان في دكّانه (15 إلى 20 ليرة تركية) إلى أصدقائه ومعارفه فقط، فهو يرى أن انتشار أخبار عن ممارسته مهنته بشكل أوسع قد يعرّضه للمساءلة القانونية أو سيمنعه من العمل خوفاً.
 
ليس إبراهيم الوحيد في عملية السعي السري لرزقه، وإنما إلهام أيضاً، وهي مصففة شعر للسيدات، لكن مع فارق واحد هو أن إلهام تعيش حالة مادّية أفضل مما كانت عليه سابقاً.

اقرأ أيضاً: تطورات "كورونا" لحظة بلحظة... تعرف إليها
 
تقول إلهام لـ"روزنة": "نعم تحسّن عملي الآن. فالطلب ازداد على تصفيف الشعر وحلاقته، وخصوصاً بوجود السيدات في المنزل طوال الوقت، راغبات بالتجديد المستمر، وإرضاء أزواجهن".
 
تردف إلهام "ورغم ذلك أرفض طلبات الحلاقة بعيدة المسافة عن مكان إقامتي ومن أشخاص غير معروفين، فالتجربة جديدة علي، ولست أثق بكل الأشخاص".
 
لكن يصبح العمل في مهنة الحلاقة ومهن أخرى مستحيلاً في ظل الحظر الشامل، إلا لو كان الزبون في البناء ذاته، وهو ما يستفاد منه العم أبو وليد، 52 عاماً، وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية في قونية التركية.
 
أبو وليد يقول لـ"روزنة": "في الأسبوعين الفائتين وخلال فترة الحظر الشامل، لم يكن أمامي سوى نقل أساسيات غذائية إلى المنزل بحيث يمكنني البيع لجيراني في البناء، وإن كان الوضع متاحاً يمكن لأحد الجيران من البناء المجاور لي القدوم لشراء ما يلزمهم".
 
ورغم شراء الكثير من الناس لحاجياتهم الأساسية قبل الحظر إلا أن أبو وليد يرى أن خطوته ضرورية، فلربما احتاج أحد الأشخاص شيئاً ما، في هذه الحالة يكون حاضراً.
 
الحالة تختلف بين أبو وليد، وعبد الرحمن، فالأخير ليس لديه دكّان أصلاً في الخارج، وإنما دكّانه الصغير في مكان إقامته أصلاً، ويطلب الزبائن منه احتياجاتهم عبر الطرق على بابه والانتظار.
 
يوضّح عبد الرحمن، 37 عاماً، مقيم في ولاية هاتاي لـ"روزنة": "في البناء 40 منزلاً صغيراً، يعتمدون بشكل جزئي علي في الأوقات الطبيعية، أما في وقت الحظر، فالاعتماد كلّه علي، وهو ما وفّر لي فرصة جيّدة، وحسّن عملي".
 
لا يختلف الأمر في سوريا عما هو في تركيا، فالإجراءات الوقائية شبيهة، مع سماح حكومة النظام السوري مؤخراً لمهن عديدة كانت ممنوعة على الافتتاح مجدداً بأوقات معيّنة.
 
يقول إسماعيل، 35 عاماً، من دمشق لـ"روزنة": "لو كنا سنسير على إجراءات الحكومة، لكنّا متنا من الجوع منذ الأسبوع الأول.
 
 
حددت محافظة دمشق لـ"إسماعيل" وغيره من الخيّاطين العمل خلال 3 أيام (الثلاثاء والأربعاء والخميس) لكن إسماعيل نقل مؤخراً إحدى مكنات الخياطة التي كانت في مشغله إلى منزله، وبدأ العمل بشكل متقطّع حتى عندما يتم فرض حظر تجوّل شامل.
 
فيما تمكّن حلّاقون من كسر الحظر على مهنتهم، والعمل متنقّلين بين منازل الزبائن، مع رفع أجرة الحلاقة لما يصل إلى 4 آلاف ليرة سورية بعد أن كانت لا تتجاوز الـ(2500 ليرة)، حيث برروا رفع الأجرة بارتفاع نسبة المخاطرة، إضافة إلى أجرة التنقّلات.
 
لكن ليست كل المهن تمتلك المرونة الكافية ليتمكّن صاحبها من التحايل على إجراءات الحجر الصحي، وهو ما يجعل أصحابها أمام خيارات صعبة في سبيل تأمين لقمة العيش، أو التأقلم مع الظرف الجديد واختيار مهنة مختلفة، ربما تكون سريّة الآن، لكنها أقل مخاطرة قانونياً.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق