هل تتجه سوريا نحو أزمة غذاء بسبب كورونا؟ 

هل تتجه سوريا نحو أزمة غذاء بسبب كورونا؟ 
اقتصادي | 02 أبريل 2020
مالك الحافظ - روزنة|| بعد أقل من شهرين، يدخل قانون "قيصر" الأميركي موضع التنفيذ، والذي يستهدف النظام السوري وتعاملاته الاقتصادية مع أي من الجهات والدول، وفق ما أفاد به جويل بيرن مسؤول الملف السوري في الخارجية الأميركية. 

 تصريحات بيرن الذي قال فيها أن قانون "قيصر" سيتم تطبيقه على كافة الجهات التي تتواصل أو تدعم النظام السوري، حتى ولو بشكل فردي أو ارتجالي تحت ذرائع إنسانية، تعني بحال من الأحوال أن التضييق الاقتصادي على دمشق سيزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية، في وقت يهدد فيه تفشي فيروس "كورونا" في سوريا زيادة الخناق أكثر على الأوضاع المعيشية وسعر صرف العملة السورية مقابل الدولار الأميركي.

ويرى مراقبون أن استمرار إغلاق حدود دول الجوار مع سوريا، وإيقاف الخط الائتماني الإيراني الذي كان يزود دمشق بالمواد الأساسية بسبب جائحة "كورونا"، إلى جانب العوامل الأخرى التي تزيد من مصاعب العملية الاقتصادية لدى دمشق في صعوبة تأمين المستوردات مع غياب القطع الأجنبي، فإن حالة من انعدام الأمن الغذائي قد ينتظرها السوريين خلال الأشهر القليلة المقبلة؛ في ظل استمرار الأوضاع على ما هي عليه.

الباحث الاقتصادي، خالد تركاوي، قال لـ "روزنة" أن استمرار الأمور على نفس المنوال فإن مناطق سيطرة النظام ستشهد مجاعة متوقعة قبل نهاية العام الجاري، مشيراً إلى أنه و في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، من تعطل إنتاج و بطالة وارتفاع حاد في الأسعار فإن نسبة فقراء سوريا مع الأشهر المقبلة ستزيد عن تسعين بالمائة.

اقرأ أيضاً: الليرة السورية متمسكة بالدولار الأميركي إثر انخفاض قيمتها

وكانت كورين فلايشر، المسؤولة في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أكدت تدهور أوضاع السوريين المعيشية والاقتصادية بشكل كبير، وأن 75 بالمئة من المقيمين في سوريا يعيشون في فقر مدقع، وأضافت أن قرابة 11 مليون شخص منهم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، مشيرة إلى أنه تم خلال شهر شباط الماضي إيصال مساعدات غذائية إلى 3.4 مليون منهم.

وأوضحت فلايشر المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا، أن الشعب السوري لم يعد يملك أي شيء لمواجهة تهديد كورونا.

تركاوي أضاف في حديثه بأنه و مع بدء تفشي "كورونا" والتعامل غير المسؤول الذي قامت به مؤسسات النظام؛ فإن الأيام المقبلة تنذر بكارثة حقيقية في المجال الصحي وحياة السكان، وفق تعبيره. 

وأضاف بأن "النظام سخّر موارد مؤسسات الدولة التي يفترض أن تخدم الناس في مثل هذه الظروف؛ لمحاربة الشعب طيلة سنوات طويلة حتى باتت مشلولة تماماً أمام مثل هذه الأحداث".

قيمة الليرة بمواجهة "كورونا" و "قيصر" 

من ناحيته اعتبر المحلل الاقتصادي يونس الكريم، خلال حديث لـ "روزنة" أن الوضع الاقتصادي للنظام السوري تردى أكثر بعد جائحة "كورونا"، حيث لم تعد وسائل نقل البضائع والشحن متاحة؛ بسبب تعطيل الحياة الاقتصادية في كثير من الدول. 

وأضاف بأن الدول الحليفة عاجزة لدمشق عاجزة عن دعمها، فعلى رأس تلك الدول هي إيران التي تعاني بشكل كبير من "كورونا" وهي من الدول التي تحتل ترتيب خطير على مؤشر أكثر البؤر المتسببة في نقل العدوى، فضلاً عن أن روسيا لن تزود النظام بالمساعدة وفق رأيه؛ بسبب الانتشار المحدود للوباء في روسيا ولجوء موسكو لمواجهته.

فيما نوه إلى أنه ومع استمرار حالة الحجر الإرادي الممارسة من قبل حكومات عدة دول ومن بينها دول الجوار السوري، فإنها فيما لو أبقت على إغلاق الحدود ومنع التبادل التجاري مع دمشق ورجال الأعمال المقربين من النظام لمدة شهر ونصف فإن الليرة السورية قد تصل إلى 1500 مقابل الدولار الواحد.

قد يهمك: الأمم المتحدة تضغط على النظام السوري لتحديد سعر الدولار

الخبير الاقتصادي، فراس شعبو، قال لـ "روزنة" أن عقوبات قانون "قيصر" ستلقي بظلالها على الليرة السورية بشكل كبير، بالتزامن مع خوف المستثمرين على أموالهم.

 وأضاف: "سوف يضطروا إلى أن يكونوا حذرين جدا في التعامل مع النظام أو أحد كياناته خلال المرحلة المقبلة"، إلا أن شعبو استدرك معتبراً أن عقوبات "قانون قيصر" قد تضيّق الخناق على الشعب السوري أكثر من النظام. 

من جانبه اعتبر رئيس المجلس السوري الأمريكي، زكي لبابيدي، أن عقوبات القانون المنتظرة ستكون شديدة، فهي بحسب وصفه أشد من أية عقوبات تم فرضها على النظام السوري خلال السنوات السابقة، وأضاف: "أي مساعدة اقتصادية للنظام السوري من شركات أو دول أو أشخاص يمكن أن ينطبق عليهم القانون، تفرض عليهم المقاطعة من قبل الحكومة الأميركية". 

و كان مركز دمشق للأبحاث والدراسات "مداد" الموالي، نشر دراسة توقع فيها، حدوث عجزٍ مالي في موازنة حكومة النظام بسبب كورونا، ولفت المركز إلى معاناة اﻻقتصاد السوري، بسبب العقوبات الأمريكية وتحديدا قانون "قيصر" الأميركي. 

وأقرت دراسة "مداد" بعجز القطاع الصحي، موضحة أنه من غير المتوقع أن يكون القطاع الصحي قادرا على التعامل مع مثل هكذا أزمة، وستكون تداعياته ونتائجه الاقتصادية سلبية جدا على الوضع الحالي.  

كما لفتت الدراسة إلى أنّ إجراءات حكومة النظام، كإغلاق الجامعات والحجر المنزلي الجزئي وغيرها، ستلقي بأعباء وتكاليف اقتصادية واجتماعية ليست بالقليلة على المجتمع السوري.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق