هو "فنان الشعب" الذي قضى معظم حياته مطرباً فلكلورياً وممثلاً عُرف بشهامته كقبضاي الحارة بزيه الشامي، كما عرف بكونه أحد أهم مؤسسي المسرح السوري إضافة إلى مساهمته الكبيرة في السينما والتلفزيون حتى تجاوزت أعماله الألف عمل لتنتهي بفيلم "سوريون – أهل الشمس".
بداياته كانت في الغناء
في حي البزورية الدمشقي ولد رفيق سبيعي عام 1930، وفي سن الـ 8 كان مداوماً على حضور الموالد النبوية للغناء مع المنشدين، وفي سن الـ 9 من عمره بدأ بالغناء، وفيما بعد أصبح يغني في زيارات السيدات وفي الأعراس حيث غنى لمحمود شكوكو وكارم محمود.
في صحيفة "الأخبار" اللبنانية قال رفيق سبيعي عام 2008 إن "حضوره الدائم للأعراس أكسبه الكثير من الأنغام والإيقاعات"، ليتحول بعدها إلى مطرب شعبي غنى مضامين اجتماعية وانتقد ظواهر أخرى كما في أغاني "حبوباتي التلموذات" و "يا ولد لفلك شال" و"خدلك سيجارة وقعود لنتفاهم".
حتى وصفه الناقد الغنائي السوري، أحمد بوبس، "رائد الأغنية الناقدة في النصف الثاني من القرن العشرين".
أبو صياح على المسرح
في عمر مبكر بدأ سبيعي ليس فقط بالتمثيل المسرحي وإنما بتأسيس فرق مسرحية بعيد استقلال سوريا عام 1946، وشارك في المسرح القومي. كما قدّم عروضاً كوميدية على المسرح، من ثم انتقل إلى عدّة فرقٍ مثل فرقة "علي العريس" و"سعد الدين بقدونس" و"عبد اللطيف فتحي" و"البيروتي" و"محمد علي عبدو".
وبالصدفة – كما يقول في لقاءاته – جسّد شخصية أبو صياح، بشواربه العريضة وشرواله الواسع، في مسرحياته، ليشاهده الإعلامي الكبير صباح قباني، ويستدعيه ليبدأ بعدها المسيرة التلفزيونية مع الثنائي الفني السوري الشهير (نهاد قلعي ودريد لحّام)، التي أثمرت عن "مقالب غوّار" والعمل الكوميدي الشهير "حمّام الهنا".
عالم التلفزيون
مقالب غوار لم يكن العمل الأول لرفيق سبيعي وإنما كانت بدايته مع بداية التلفزيون السوري، عندما جسد "أبو صيّاح" في مسلسل "مطعم السعادة" عام 1960، مع الفنانين دريد لحّام ونهاد قلعي.
ثم شارك في مسلسل "مقالب غوار" في 1967 و"وادي المسك" في 1982 و"حمام الهنا" في 1968.
وهو العمل الذي فصل رفيق سبيعي عن دريد لحام نهائياً، بعد أن اتهم سبيعي دريد لحام ونهاد قلعي بـ"أكل حقه" من مسلسل حمام الهنا.
وشارك بعدها في بطولة أعمال اجتماعية وكوميدية تلفزيونية عديدة منها "نهاية رجل شجاع" و "عريس الهنا" و "مبروك" و " مرزوق على جميع الجبهات" وغيرها أكثر من عشرين عملاً.
اقرأ أيضاً: "الأم الراحلة" عن الدراما السورية… نبيلة النابلسي
بطل البيئة الشامية
تبدو مسيرة "أبو صياح" الأغنى أيضاً في البيئة الشامية، عندما جسّد شخصية زعيم في مسلسل "أيام شامية" ثم شخصية أبو حاتم في مسلسل "ليالي الصالحية" وشخصية المختار مع "أهل الراية".
لكن بطل البيئة الشامية لم يكن جزءاً من باب الحارة، الذي يعتبره جزء من مسلسل "ليالي الصالحية".
يقول سبيعي في حديث للتلفزيون السوري عام 2009 "الدور الذي أعطاني إياه مخرج المسلسل بسام الملا، لم يكن دوراً فاعلاً كما في ليالي الصالحية، وعندما قرأت النص وجدت أن الدور ليس بنفس قيمة دور ليالي الصالحية، لذلك طلبت تعديل، فرفض، فقمت بالاعتذار عن الدور".
السينما
أعمال "فنان الشعب" السينمائية تجاوزت الـ55 عملاً، منها "سفر برلك" مع الأخوين رحباني والسيدة فيروز، وفيلم "غرام في إسطنبول" فترة الستينات، و "بنت الحارس " مع الأخوين رحباني، و"سفاري" و"النصّابين الخمسة" و"السكين"، و"شروال وميني جوب" و"ذكرى ليلة حب" و"هاوي مشاكل" و"الراعية الحسناء"، و "نساء للشتاء" فترة السبعينات.
ظهر سبيعي في عام 1976 في أفلام "أيام في لندن" و"غرام المهرج"، ومثّل في 1977 في فيلمين وهما "زواج على الطريقة المحلية" و"القادمون من البحار". في 1979 مثّل في "شيطان الجزيرة".
وفي فترة الثمانينات عمل في فيلم من إخراج محمد شاهين وهو "قتل عن طريق التسلسل". قدم أيضًا فيلم "أحلام المدينة" في و"فتاة شرقية".
انقطع فترةً عن الأعمال السينمائية ليعود في 1992 في فيلم "الليل" من إخراج الليث حجو، من ثم غاب فترة عشر سنوات ليعود في 2002 في أفلام "صندوق الدنيا" و"عشاق" و"الليل الطويل" في 2009 و"سوريون ...أهل الشمس" في 2016، وكان إخراج باسل الخطيب.
حكواتي الفن إذاعياً
الإذاعة هي أحد أبواب نجاح "فنان الشعب" مع تسجيله لنجاحات كبيرة في السينما والمسرح والتلفزيون، حيث بدأ العمل في الإذاعة السورية عام 1954، أوفد إلى القاهرة وعاد منها بدورة إخراج إذاعي وأصبح مخرجاً في الإذاعة عام 1960، وأخرج بعدها العديد من البرامج والمسلسلات الإذاعية.
ومن إذاعة دمشق أطل صوت "أبو صاح" ليحكي قصص الفنانين وأسرار عالم الفن، واستمر الحكواتي رفيق سبيعي 12 عاماً مازالت عالقة في ذاكرة الكثير من السوريين، وتم استنساخ التجربة تلفزيونياً لاحقاً.
قد يهمك: خالد تاجا… أنطوني كوين العرب
عائلة فنية
لم يكن فنان الشعب وسط عائلته وحيداً في فنه، حيث أورث موهبته لابنيه عامر سبيعي وسيف الدين سبيعي والأخير عمل في الإخراج أيضاً، فيما ابنته هبة سبيعي خاضت تجربة التمثيل مرة واحدة في فيلم “سوريون” للمخرج باسل الخطيب، بينما ظهرت شقيقتها صبا في مسلسل “حرائر” مع المخرج نفسه.
في عام 2017، توفي رفيق سبيعي عن عمر يناهز الـ85 عاماً، ليترك إضافة لعائلته الفنية، أرثاً كبيراً من الأعمال المميزة، وجوائز عديدة منها وسام «نوط الفداء» الذي منحته إياه منظمة التحرير الفلسطينية في عام تأسيسها 1964، ووسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة عام 2008، وجائزة أورنينا الذهبية في مهرجان الأغنية السورية السنوي. وكتاب طبع في عام 1999، يحكي سيرته الذاتية تحت عنوان "أبو صياح دفع ثمن الحب".