ما إن أعلنت الحكومة التركية قراراً بإغلاق صالونات الحلاقة إضافة إلى مهن ومصالح كثيرة قبل يومين، حتى بدأ سليم، 38 عاماً، بالتفكير في المستقبل القريب حيث لا دخل له سوى من مهنة الحلاقة تلك.
يقول سليم لـ"روزنة": "كنت أعتمد على مدخول مهنتي يوماً بيوم، وكنت أقسّم المدخول بين الإيجار والفواتير وبين المصروف الشخصي، أما الآن فلم يعد بإمكاني توفير أي مبلغ للإيجار، أنا خائف مما سيحل بنا لاحقاً".
الحكومة التركية خصصت مبلغاً للعائلات التركية الفقيرة بحسب مقابلة أجرتها وزير الأسرة التركية زهرة سلجوق مع "الأناضول"، لكن لم يتم ذكر السوريين الفقراء أو من ليس لديه دخل بعد أن يتوقف عمله.
فاتن، وهي سيدة سورية معيلة لأمها وابنها ومقيمة في غازي عنتاب تقول لـ"روزنة": "في المصنع حيث أعمل كمشرفة عمال، قالوا لنا أننا سنتوقف خلال يومين عن العمل، وسينخفض أجرنا إلى النصف نحن المشرفون، فيما لم يتم ذكر رواتب العمال أبداً، وفي هذه الحالة لن أتمكّن من دفع إيجار منزلي مع الفواتير ومصاريف المنزل، في وقت بدأ العالم من حولي بجمع المؤن خوفاً من حظر تجول قادم".
اقرأ أيضاً: تطورات "كورونا" لحظة بلحظة... تعرف إليها
وتتابع فاتن "ماذا عسانا أن نفعل في هذه الحالة؟ من سيساعدنا ويؤمن لنا مستلزماتنا، علماً أنني لم أكن مسجلّة في الهلال الأحمر التركي وبالتالي لم أكن أتقاضى مساعدات".
تبدو ظروف سليم وفاتن، كمن هو عالق بين خيارين أحلاهما مر، فلا يستطيعان التضحية بعائلتيهما عبر الخروج للعمل سراً، ما قد يعرضهما للإصابة بفيروس كورونا، ولا يستطيعان البقاء في المنزل من دون دخل يساعدهما.
مبادرات فردية
لكن على الجانب الآخر، بدأ الأتراك حملات لدعم الفقراء والأشخاص الذين فقدوا مصدر دخلهم بسبب الفيروس، حيث نشر ناشطون صوراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأفران بدأت بتقديم الخبز بشكل مجاني.
فيما قامت سيدة تركية في ولاية دينزلي بدفع ديون كانت مترتبة على سوريين في متجر سوري، ومزقت دفتر الديون بعدها، بحسب "وكالة أنباء تركيا".
محمد، 30 عاماً، من حلب مقيم في إسطنبول يقول لـ"روزنة": "أيضاً قمنا كأصدقاء شباب بالاتفاق على تقديم المساعدة لجيراننا ومعارفنا الكبار بالسن غير القادرين على تأمين مستلزمات منازلهم بأنفسهم، إضافة إلى كون الحكومة التركية فرضت حجراً صحياً ملزماً عليهم".
ويردف محمد "سمعت أن هنالك شباباً في مناطق تركية أخرى أيضاً يقومون بذات الحملة، ربما سيصبح لها صدى أوسع خلال الساعات القادمة".
قد يهمك: "كورونا" حول العالم... معلومات عليكَ معرفتها عن الوباء
لكن يبقى هنالك تساؤل عمن سيساعد السوريين مادياً أو عبر تقديم مساعدات غذائية في هذه الفترة، وهو ما يقول عنه نزار إبراهيم، وهو ناشط اجتماعي سوري مقيم في مدينة قونيا التركية لـ"روزنة": "في الوضع الحالي، ليس هنالك حل سوى بمساعدة السوريين بعضهم لبعض، المقتدرون مادياً لديهم دور كبير الآن في تأمين مستلزمات بعض العائلات الأفقر والأكثر حاجة، فيما يمكن لبقية الناس متوسطي الحال، المساهمة ولو بجزء بسيط، إن كان بدفع إيجار منزل أو بسداد فواتير، أو حتى بتقديم مساعدات أبسط".
ويتابع إبراهيم "يمكن تقديم طعام معين مثل كيلو رز أو سكر أو أي شي للعائلات الأفقر، كنوع من التكافل الاجتماعي، وإلا سيضطر رب الأسرة للخروج وسيقع الضرر على الجميع وليس عليه فقط إذا ما أصيب بالفيروس".
ويتقاضى العديد من السوريين في تركيا مساعدات عبر منظمة الهلال الأحمر التركي، ويصل للفرد الواحد ممن هم مؤهلون للحصول على المساعدة 120 ليرة تركية (20 دولار)، لكن يشتكي العديد من السوريون من كون المساعدة المقدمة بالكاد تكفي الطعام والشراب، ليبقى إيجار المنزل وفواتيره.
وتستضيف تركيا نحو 3.5 مليون لاجئ سوري، موزعين على مدن وبلدات في مناطق متفرقة من البلاد، أبرزها: "عينتاب، هاتاي، أورفا، واسطنبول"، فيما يعيش 250 ألف منهم في مخيمات قريبة من الحدود التركية مع سوريا جنوب البلاد، حيث فرّ معظمهم هربًا من الحرب الدائرة في بلادهم
وأعلن وزير الصحة التركي، فخر الدين قوجة، مساء الأحد عبر حسابه على تويتر تسجيل 9 وفيات جديدة بفيروس كورونا ليرتفع إجمالي الوفيات إلى 30، بينما بلغ عدد الإصابات الجديدة بالفيروس خلال الـ 24 ساعة الأخيرة، 289 إصابة.
وكانت تركيا أعلنت عن مجموعة إجراءات احترازية للحد من انتشار فيروس كورونا، منها إغلاق كافة محلات الحلاقة ومصففي الشعر ومراكز التجميل في 81 ولاية، إضافة إلى قرارات إغلاق الحدائق والمطاعم والأماكن العامة، وإيقاف معظم معاملات اللاجئين وغيرها من الإجراءات التي من شأنها أن تحد من تفشي "كورونا" في البلاد.
الكلمات المفتاحية