مالك الحافظ - روزنة
يبدو أن مساعي دمشق باتت في الآونة الأخيرة مُنصبّة على مغازلة المحور الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية داخل الجامعة العربية، سواء عبر تصريحات بشار الأسد التي اتهم فيها الرئيس التركي باستخدام قوات بلاده لخدمة ايدلوجية الإخوان المسلمين؛ التي تعاديها الرياض وشكّلت ضدها حلفاً خليجياً مصرياً، أو من خلال استباق دمشق كل الجهات الإقليمية والدولية؛ والاعتراف بحكومة طبرق شرقي ليبيا، والتي لم يسبق لأي دولة الاعتراف بها وتبادل التمثيل الدبلوماسي معها.
تحركات الأسد صوب التعاون مع المشير الليبي خليفة حفتر (المدعوم من الإمارات ومصر؛ شركاء السعودية في الحلف المعادي لجماعة الإخوان المسلمين)، جاءت في وقت ارتفعت فيه حدة التصعيد التركي في المسار العسكري داخل سوريا، بالتزامن مع تقدم جزئي قوات حفتر في معركة السيطرة على مدينة طرابلس ضد قوات "حكومة الوفاق" الليبية المتحالفة مع أنقرة.
ربما ترى دمشق وبالتفاهم مع موسكو، أن هذا الوقت هو الأنسب للتقرب من الرياض، في فترة تحاول فيها روسيا دفع السعودية لتبني تعويم دمشق على الصعيد العربي؛ بمقابل تشكيل كتلة عربية ترفض توسع النفوذ التركي سواء في سوريا أو ليبيا وقبلها كانت قطر؛ على إثر الأزمة الخليجية (2017) بين قطر والحلف الذي تزعمته السعودية بمشاركة الإمارات والبحرين ومصر، ما استدعى قطر -آنذاك- أن تطلب دعماً عسكرياً من تركيا.
وهاجم الأسد يوم أمس الخميس؛ عبر حوار مع قناة "روسيا 24"، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، معتبراً أن الأخير غير قادر أن يقول للأتراك لماذا يرسل جيشه ليقاتل في سوريا، ولماذا يُقتل جنوده فيها.
الأسد ادعى أن القضية لا علاقة لها بالمصالح العليا التركية، بل "بأيديولوجية أردوغان الإخوانية"، مشيراً وفق تعبيره إلى عدم وجود عداء بين الشعبين السوري والتركي، وأن العلاقات تعود إلى طبيعتها بعد أن "يتخلى أردوغان عن دعم الإرهاب".
اقرأ أيضاً: تحذيرات وملفات شائكة... "سقوط حر" للملف السوري؟
و في سياق المغازلة ذاته؛ لفت الأسد إلى أن معظم الدول العربية حافظت على علاقاتها مع سوريا ولكن بشكل غير معلن خوفا من الضغوط الغربية والأمريكية عليها، متابعاً بالقول إنه "وبالنسبة للدول الأوروبية، فإن سوريا لا تضيع وقتها بالحديث عن الدور الأوروبي نظرا لارتباط السياسة الأوروبية بالسياسة الأمريكية وتبعيتها للسيد الأمريكي".
وعلى جانب متصل؛ أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، يوم أمس الخميس، خلال لقائه وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، على رفض التدخل الإقليمي في المشهدين الليبي والسوري، وعدم السماح لتلك التدخلات بالتأثير سلبا على أمن واستقرار المنطقة، في تجديد رفض هذا الحلف استمرار توسع نفوذ تركيا خارج حدودها.
وكانت جامعة الدول العربية، دعت في مطلع العام الجاري، إثر اجتماع طارئ على مستوى السفراء إلى "منع التدخلات الخارجية في ليبيا"، في إشارة إلى اعتزام تركيا إرسال قوات إلى هذا البلد لدعم "حكومة الوفاق" في طرابلس، وشددت الجامعة -آنذاك- على "رفض وضرورة منع التدخلات الخارجية التي تسهم في تسهيل انتقال المقاتلين المتطرفين الإرهابيين الأجانب إلى ليبيا".
فيما كانت صعّدت الجامعة أيضاً؛ أثناء العملية العسكرية التركية "نبع السلام" في شرق الفرات، و دعا وزراء خارجية عدة دول؛ خلال اجتماع طارئ للجامعة منتصف تشرين الأول، بوقف العملية العسكرية، حيث طالب وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير؛ بتحرك دولي لوقف العملية العسكرية التركية، وشدد في وقته على أن تلك العملية تمثل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني.
بينما كان التصريح الأبرز؛ قد جاء على لسان وزير الخارجية اللبناني -آنذاك- جبران باسيل بعودة دمشق إلى الجامعة العربية، متسائلا خلال كلمته في الاجتماع الطارئ، إذا ما كان الوقت مناسبا لعودة دمشق إلى الجامعة وتحقيق المصالحة العربية بذلك، وفق تعبيره.
ولفت باسيل في كلمته إلى أن "الوقت حان لتحقيق مصالحة عربية وإعادة سوريا للجامعة العربية ووقف حمام الدم هناك"، مضيفاً: "نحن لا نجتمع اليوم ضد تركيا، بل نجتمع اليوم من أجل سوريا، في غياب سوريا... نجتمع من أجلها ونجمع من أجلها، ولكن نغّيبها فقط من أجل أن تكون غائبة".
الأسد مع حفتر من أجل السعودية
وتشي التحركات السعودية التي قادت ذلك الحراك في الجامعة العربية؛ و بالمقارنة فيما ذهب إليه الأسد مؤخراً، بأن الأخير التقط الإشارة جيداً، فعلى ما يبدو أن الروس نجحوا و إن على مهل في إحداث خرق في عمق جدار الرفض السعودي بإعادة تعويم النظام السوري في المحيط العربي، فباتت الحملة السعودية تتسق مع توجهات دمشق المعلنة، فعملت الأخيرة مطلع الأسبوع الحالي إلى الاعتراف بحكومة طبرق الليبية المدعومة من الحلف السعودي بمواجهة حكومة "الوفاق" المدعومة تركياً.
وقد شدد نائب وزير الخارجية بدمشق، فيصل المقداد، يوم الثلاثاء الفائت، خلال مراسم إعادة افتتاح السفارة الليبية على أن "عودة العلم الليبي مرفرفا في سماء سوريا مقدمة طبيعية لعودة أعلام أخرى".
وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية؛ اعتبرت في تقرير لها يوم الأربعاء، أن خطوات التقارب بين الطرفين علامة على الترابط المتزايد بين مسرحي المعارك في الأراضي السورية والليبية، بما لها من تبعات على الأوضاع الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.
قد يهمك: ماذا تريد دمشق من تفعيل علاقاتها مع حكومة شرق ليبيا؟
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الإعلان يمثل خطوة جديدة في اتجاه إعادة إدماج النظام السوري في الدبلوماسية العربية، وهو يأتي ردة فعل على تحالف أنقرة مع طرابلس. حيث إن حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج تمكنت، بفضل الدعم العسكري التركي، من صد الهجوم الذي أطلقه خليفة حفتر بدعم من الإمارات والسعودية ومصر وروسيا، وترى الصحيفة أن الأسد، من خلال تحالفه مع حفتر، يسعى للتقرب من المعسكر الذي تقوده السعودية في الشرق الأوسط.
و منذ زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا (تشرين الأول 2017)، أفرزت العلاقات التي أخذت منحى تطورياً بين الجانبين؛ تأثيراً ملموساً في تعديل السعودية لمواقفها تجاه الملف السوري بشكل تدريجي، بما ينسجم والتفاهم مع التوجهات الروسية.
وفي المقام ذاته لا يمكن فصل الأزمة الخليجية منذ حزيران 2017 عن مسار التطورات المتعلقة بالملف السوري ودور التواجد السعودي فيه، والذي بات يأخذ شكلاً أكثر تقارباً مع موسكو.
وكان ولي العهد السعودي؛ الأمير محمد بن سلمان، استبعد رحيل الأسد عن السلطة، وقال في نهاية شهر آذار من عام 2018؛ خلال مقابلة مع مجلة "تايم" الأميركية: "بشار باق".
وأضاف "لا أعلم إن كان بعض الأشخاص سيغضبون حينما أجيب عن ذلك السؤال، لكنني لا أكذب؛ أعتقد أن بشار باقٍ في الوقت الحالي، وأن سوريا تُمثل جزءاً من النفوذ الروسي في الشرق الأوسط لمدة طويلة جداً، ولكنني أعتقد أن مصلحة سوريا لا تتمحور حول ترك الإيرانيين يفعلون ما يشاؤون في سوريا على المدى المتوسط والبعيد، وذلك لأنه إن غيرت سوريا أيديولوجيتها حينها بشار سيكون دُميةً لإيران".
يبدو أن مساعي دمشق باتت في الآونة الأخيرة مُنصبّة على مغازلة المحور الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية داخل الجامعة العربية، سواء عبر تصريحات بشار الأسد التي اتهم فيها الرئيس التركي باستخدام قوات بلاده لخدمة ايدلوجية الإخوان المسلمين؛ التي تعاديها الرياض وشكّلت ضدها حلفاً خليجياً مصرياً، أو من خلال استباق دمشق كل الجهات الإقليمية والدولية؛ والاعتراف بحكومة طبرق شرقي ليبيا، والتي لم يسبق لأي دولة الاعتراف بها وتبادل التمثيل الدبلوماسي معها.
تحركات الأسد صوب التعاون مع المشير الليبي خليفة حفتر (المدعوم من الإمارات ومصر؛ شركاء السعودية في الحلف المعادي لجماعة الإخوان المسلمين)، جاءت في وقت ارتفعت فيه حدة التصعيد التركي في المسار العسكري داخل سوريا، بالتزامن مع تقدم جزئي قوات حفتر في معركة السيطرة على مدينة طرابلس ضد قوات "حكومة الوفاق" الليبية المتحالفة مع أنقرة.
ربما ترى دمشق وبالتفاهم مع موسكو، أن هذا الوقت هو الأنسب للتقرب من الرياض، في فترة تحاول فيها روسيا دفع السعودية لتبني تعويم دمشق على الصعيد العربي؛ بمقابل تشكيل كتلة عربية ترفض توسع النفوذ التركي سواء في سوريا أو ليبيا وقبلها كانت قطر؛ على إثر الأزمة الخليجية (2017) بين قطر والحلف الذي تزعمته السعودية بمشاركة الإمارات والبحرين ومصر، ما استدعى قطر -آنذاك- أن تطلب دعماً عسكرياً من تركيا.
وهاجم الأسد يوم أمس الخميس؛ عبر حوار مع قناة "روسيا 24"، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، معتبراً أن الأخير غير قادر أن يقول للأتراك لماذا يرسل جيشه ليقاتل في سوريا، ولماذا يُقتل جنوده فيها.
الأسد ادعى أن القضية لا علاقة لها بالمصالح العليا التركية، بل "بأيديولوجية أردوغان الإخوانية"، مشيراً وفق تعبيره إلى عدم وجود عداء بين الشعبين السوري والتركي، وأن العلاقات تعود إلى طبيعتها بعد أن "يتخلى أردوغان عن دعم الإرهاب".
اقرأ أيضاً: تحذيرات وملفات شائكة... "سقوط حر" للملف السوري؟
و في سياق المغازلة ذاته؛ لفت الأسد إلى أن معظم الدول العربية حافظت على علاقاتها مع سوريا ولكن بشكل غير معلن خوفا من الضغوط الغربية والأمريكية عليها، متابعاً بالقول إنه "وبالنسبة للدول الأوروبية، فإن سوريا لا تضيع وقتها بالحديث عن الدور الأوروبي نظرا لارتباط السياسة الأوروبية بالسياسة الأمريكية وتبعيتها للسيد الأمريكي".
وعلى جانب متصل؛ أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، يوم أمس الخميس، خلال لقائه وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، على رفض التدخل الإقليمي في المشهدين الليبي والسوري، وعدم السماح لتلك التدخلات بالتأثير سلبا على أمن واستقرار المنطقة، في تجديد رفض هذا الحلف استمرار توسع نفوذ تركيا خارج حدودها.
وكانت جامعة الدول العربية، دعت في مطلع العام الجاري، إثر اجتماع طارئ على مستوى السفراء إلى "منع التدخلات الخارجية في ليبيا"، في إشارة إلى اعتزام تركيا إرسال قوات إلى هذا البلد لدعم "حكومة الوفاق" في طرابلس، وشددت الجامعة -آنذاك- على "رفض وضرورة منع التدخلات الخارجية التي تسهم في تسهيل انتقال المقاتلين المتطرفين الإرهابيين الأجانب إلى ليبيا".
فيما كانت صعّدت الجامعة أيضاً؛ أثناء العملية العسكرية التركية "نبع السلام" في شرق الفرات، و دعا وزراء خارجية عدة دول؛ خلال اجتماع طارئ للجامعة منتصف تشرين الأول، بوقف العملية العسكرية، حيث طالب وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير؛ بتحرك دولي لوقف العملية العسكرية التركية، وشدد في وقته على أن تلك العملية تمثل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني.
بينما كان التصريح الأبرز؛ قد جاء على لسان وزير الخارجية اللبناني -آنذاك- جبران باسيل بعودة دمشق إلى الجامعة العربية، متسائلا خلال كلمته في الاجتماع الطارئ، إذا ما كان الوقت مناسبا لعودة دمشق إلى الجامعة وتحقيق المصالحة العربية بذلك، وفق تعبيره.
ولفت باسيل في كلمته إلى أن "الوقت حان لتحقيق مصالحة عربية وإعادة سوريا للجامعة العربية ووقف حمام الدم هناك"، مضيفاً: "نحن لا نجتمع اليوم ضد تركيا، بل نجتمع اليوم من أجل سوريا، في غياب سوريا... نجتمع من أجلها ونجمع من أجلها، ولكن نغّيبها فقط من أجل أن تكون غائبة".
الأسد مع حفتر من أجل السعودية
وتشي التحركات السعودية التي قادت ذلك الحراك في الجامعة العربية؛ و بالمقارنة فيما ذهب إليه الأسد مؤخراً، بأن الأخير التقط الإشارة جيداً، فعلى ما يبدو أن الروس نجحوا و إن على مهل في إحداث خرق في عمق جدار الرفض السعودي بإعادة تعويم النظام السوري في المحيط العربي، فباتت الحملة السعودية تتسق مع توجهات دمشق المعلنة، فعملت الأخيرة مطلع الأسبوع الحالي إلى الاعتراف بحكومة طبرق الليبية المدعومة من الحلف السعودي بمواجهة حكومة "الوفاق" المدعومة تركياً.
وقد شدد نائب وزير الخارجية بدمشق، فيصل المقداد، يوم الثلاثاء الفائت، خلال مراسم إعادة افتتاح السفارة الليبية على أن "عودة العلم الليبي مرفرفا في سماء سوريا مقدمة طبيعية لعودة أعلام أخرى".
وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية؛ اعتبرت في تقرير لها يوم الأربعاء، أن خطوات التقارب بين الطرفين علامة على الترابط المتزايد بين مسرحي المعارك في الأراضي السورية والليبية، بما لها من تبعات على الأوضاع الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.
قد يهمك: ماذا تريد دمشق من تفعيل علاقاتها مع حكومة شرق ليبيا؟
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الإعلان يمثل خطوة جديدة في اتجاه إعادة إدماج النظام السوري في الدبلوماسية العربية، وهو يأتي ردة فعل على تحالف أنقرة مع طرابلس. حيث إن حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج تمكنت، بفضل الدعم العسكري التركي، من صد الهجوم الذي أطلقه خليفة حفتر بدعم من الإمارات والسعودية ومصر وروسيا، وترى الصحيفة أن الأسد، من خلال تحالفه مع حفتر، يسعى للتقرب من المعسكر الذي تقوده السعودية في الشرق الأوسط.
و منذ زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا (تشرين الأول 2017)، أفرزت العلاقات التي أخذت منحى تطورياً بين الجانبين؛ تأثيراً ملموساً في تعديل السعودية لمواقفها تجاه الملف السوري بشكل تدريجي، بما ينسجم والتفاهم مع التوجهات الروسية.
وفي المقام ذاته لا يمكن فصل الأزمة الخليجية منذ حزيران 2017 عن مسار التطورات المتعلقة بالملف السوري ودور التواجد السعودي فيه، والذي بات يأخذ شكلاً أكثر تقارباً مع موسكو.
وكان ولي العهد السعودي؛ الأمير محمد بن سلمان، استبعد رحيل الأسد عن السلطة، وقال في نهاية شهر آذار من عام 2018؛ خلال مقابلة مع مجلة "تايم" الأميركية: "بشار باق".
وأضاف "لا أعلم إن كان بعض الأشخاص سيغضبون حينما أجيب عن ذلك السؤال، لكنني لا أكذب؛ أعتقد أن بشار باقٍ في الوقت الحالي، وأن سوريا تُمثل جزءاً من النفوذ الروسي في الشرق الأوسط لمدة طويلة جداً، ولكنني أعتقد أن مصلحة سوريا لا تتمحور حول ترك الإيرانيين يفعلون ما يشاؤون في سوريا على المدى المتوسط والبعيد، وذلك لأنه إن غيرت سوريا أيديولوجيتها حينها بشار سيكون دُميةً لإيران".
الكلمات المفتاحية