مالك الحافظ - روزنة
على وقع التجاذب الحاصل في ملف إدلب بين روسيا وتركيا، وأوضاع التطورات الميدانية فيما يخص نفوذ الطرفين، بعثت واشنطن برسالة مباشرة إلى موسكو تحدد موقفها إزاء التصعيد الدائر في المنطقة؛ تُقدّم من خلالها الدعم لتركيا على إثر تمدد النفوذ الروسي في منطقة إدلب لخفض التصعيد.
بعثة الولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة، كانت قد أعلنت في بيان خاص لها يوم أمس توجههم إلى الحدود التركية – السورية لمراقبة أحد الخطين الوحيدين المتبقيين للحفاظ على الأرواح، بتصريح من الأمم المتحدة، بغرض "تسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى الشعب المحاصر اليائس في شمال غرب سوريا".
وأعربت مندوبة واشنطن في المنظمة الدولية عن تضامن الأميركيين مع الشعب السوري، مشيرة إلى أن بلادها وفّرت مساعدات إنسانية أميركية تصل قيمتها إلى 10.5 مليون دولار، فضلاً عن إعلان حكومة ترامب عن مساعدات إنسانية أميركية إضافية تصل قيمتها إلى 108 ملايين دولار.
غير أن الزيارة الأميركية لا تتعلق فقط بتقديم المساعدات الإنسانية، فزيارة الوفد الذي ضم المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا؛ جيمس جيفري، إلى جانب كيلي كرافت، يحمل رسائل سياسية أكثر مما تضمنه البيان الأميركي حول الجانب الإنساني المتعلق بطبيعة الزيارة.
ما مضمون الرسالة الأميركية إلى روسيا؟
رئيس المجلس السوري الأميركي، د.زكي لبابيدي، قال خلال حديثه لـ "روزنة" أن الزيارة الأميركية تحمل رسالة واضحة لروسيا؛ مفادها أن الهجوم الروسي على إدلب لن يمر دون تحدي الدول الغربية له، معتبراً أن شكل التحدي لروسيا سيأتي عن طريق مساعدة الأتراك لمجابهة هذا الهجوم.
فيما استبعد في سياق مواز وقوع أي مواجهة مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة، لافتاً إلى واشنطن ستكتفي في الوقت الحالي بدعم تركيا من أجل إنهاء مهمتها بوقف التمدد الروسي.
وأضاف حول ذلك "المساعدة الأميركية لأنقرة بخصوص تقديم الباتريوت ستتم؛ وهي مسألة وقت فقط… منظومة الباتريوت ستقدم إلى أنقرة من أجل التصدي لأي مغامرة من قبل بوتين".
اقرأ أيضاً: هل تنجح المعارضة في كسر حصار إدلب ومنع سيناريو غزة؟
من جانبه رأى الباحث السياسي، صدام الجاسر، خلال حديثه لـ "روزنة" أن زيارة الوفد الأميركي لا يمكن فصلها عن زيارة وفد الأمم المتحدة الذي كان متواجداً في نفس الوقت، منوهاً بأن الزيارة تعطي عدة رسائل، أهمها يتمثل بأن واشنطن تتمتع بغطاء أممي لتواجدها في سوريا؛ فضلاً عن أن هذه الزيارة لكل من واشنطن والمنظمة الدولية تمت في منطقة يتم قصفها بحجة وجود منظمات إرهابية (جبهة النصرة).
وتابع في هذا السياق بأن الولايات المتحدة تريد القول من وراء ذلك بأنهم دخلوا إلى تلك المنطقة وخرجوا منها دون تعرضهم لمضايقات أو تهديدات إرهابية، ما يعني أن هذه المنطقة الواقعة تحت السيطرة التركية يتم ضبطها بشكل جيد، وأردف بالقول: "توقيت الزيارة جاء في لحظة تنتظرها الولايات المتحدة لاستعادة تركيا وهي بمثابة بادرة حسن نية من الأميركيين إلى الأتراك تقول أننا حلفاؤكم الحقيقيين وسنتواجد معكم حيث تحتاجوننا".
الجاسر فنّد أيضاً معاني الزيارة بالإشارة إلى أنها تحمل أيضاً رسالة ضمنية إلى الأتراك الذين يمتلكون تأثيراً على جبهة النصرة ومفادها أن الجانب الأميركي لا يمانع المساعي التركية لدمج الجبهة مع باقي الفصائل ضمن تشكيل موحد تتم إدارته من قبل الأتراك.
وأكمل "الزيارة تأتي في توقيت مهم خصوصا أن هناك لقاء قريب بين أردوغان وبوتين وستعطي هذه الزيارة دفع قوي لموقف اردوغان ودعم ليكون ثابت على مواقفه؛ وهو يحمل معه ورقة ضغط جديدة على روسيا مفادها أن الحليف الامريكي جاهز ومستعد أن يكون حاضراً معنا؛ وهو مستعد أن يضمن لنا غطاء من الأمم المتحدة على تدخلنا في سوريا".
كما لفت إلى الرغبة الأميركية بمسعى إيجاد موطئ قدم لها في الشمال السوري واختراق المنطقة التي تعتبرها روسيا خاصة بها؛ وذلك في ظل نشر روسيا بعض قواتها في منطقة شمال شرقي سوريا والتي كانت بمثابة منطقة أميركية بامتياز، بمعنى أن الأميركيون يوجهون للروس رسالة بأنهم متواجدون في عدة مناطق سوريّة، ويمتلكون أوراق جديدة يمكن اللعب بها في أي لحظة .
قد يهمك: هل تدعم واشنطن إقامة منطقة آمنة في إدلب؟
وكان جيمس جيفري، أعلن يوم أمس الثلاثاء، أن بلاده ترغب في تزويد تركيا بالذخيرة في ظل التصعيد العسكري من قبل النظام السوري، مشيراً إلى أن "تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي، ويستخدم جيشها العتاد الأمريكي بشكل كبير، ونهدف ليكون هذا العتاد جاهزا لدى حاجتهم إليه".
ولفت إلى أن بلاده تواصل التعاون مع تركيا، مضيفا بأن تركيا لها مطالب من الناتو أيضا وبلاده تدعمها، وأفاد جيفري بأن بلاده تدرس فرض عقوبات إضافية على "(النظام السوري)، وبعض الشخصيات الروسية".
هذا وتعتبر زيارة الوفد الأميركي رفيع المستوى إلى المناطق الحدودية السورية مع تركيا، سابقة من نوعها بخاصة وأنها الأولى منذ عام 2011.
الدور الأميركي على المحك؟
الباحث السياسي السوري أشار في معرض حديثه إلى أن الأمريكيين سيحاولون إثبات صدق موقفهم مع الأتراك، وكذلك جديتهم في الوقوف بوجه السيطرة الروسية على الشمال بشكل كامل، ما قد يدفع للتوقع بأن الجانب الأميركي قد يعمد إلى رفع وتيرة التوتر وليس وقفه، وكذلك العمل على دفع الأتراك للدخول في معارك لاستعادة المناطق التي خسرتها المعارضة في الفترة الماضية لتقوية النفوذ التركي والذي سيعني بشكل أو بأخر نفوذ أميركي في منطقة جديدة في سوريا كانت تعتبر حكرا على الروس.
وأضاف "عندما تجد واشنطن أن الأمور باتت لصالحها؛ فعند ذلك الوقت ستقرر وقف التصعيد وبذلك يكونون قد كسبوا الأتراك وفرضوا أنفسهم كلاعبين جدد في الشمال… الدور الأميركي في المرحلة المقبلة سيكون بمزيد من الضغط على النظام والروس للدفع باتجاه الدخول في حل سياسي حقيق بدون أي مراوغات؛ خصوصاً أن تطبيق قانون سيزر بات قريباً؛ وبذلك تكون أميركا قد أمسكت بورقة الضغط الاقتصادية؛ وأيضا بورقة ضغط عسكرية من خلال الأتراك في الشمال؛ و أيضاً من خلال قواتها المتواجدة في منطقة التنف وقواتها في دير الزور".
وأسهب الجاسر بالقول أن الجانب الأميركي يبدو أنه عازم على زيادة تفعيل دوره واستعادة تأثيره في الملف السوري، بالإضافة إلى إصرارهم على استعادة تركيا إلى الحضن الأميركي وسحبها من روسيا؛ وبذلك يكون الأميركان قد أوقعوا الروس في مأزق جديد في سوريا؛ من خلال جعلهم يفقدون الجهة التي تمسك بقرار أغلب الفصائل في الشمال والتي يمكنها تغيير الوضع القائم؛ وفق رأيه، وذلك في حال قررت تركيا ذلك. وهذا الأمر سيكون له تأثير على التواجد الروسي هناك.
على وقع التجاذب الحاصل في ملف إدلب بين روسيا وتركيا، وأوضاع التطورات الميدانية فيما يخص نفوذ الطرفين، بعثت واشنطن برسالة مباشرة إلى موسكو تحدد موقفها إزاء التصعيد الدائر في المنطقة؛ تُقدّم من خلالها الدعم لتركيا على إثر تمدد النفوذ الروسي في منطقة إدلب لخفض التصعيد.
بعثة الولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة، كانت قد أعلنت في بيان خاص لها يوم أمس توجههم إلى الحدود التركية – السورية لمراقبة أحد الخطين الوحيدين المتبقيين للحفاظ على الأرواح، بتصريح من الأمم المتحدة، بغرض "تسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى الشعب المحاصر اليائس في شمال غرب سوريا".
وأعربت مندوبة واشنطن في المنظمة الدولية عن تضامن الأميركيين مع الشعب السوري، مشيرة إلى أن بلادها وفّرت مساعدات إنسانية أميركية تصل قيمتها إلى 10.5 مليون دولار، فضلاً عن إعلان حكومة ترامب عن مساعدات إنسانية أميركية إضافية تصل قيمتها إلى 108 ملايين دولار.
غير أن الزيارة الأميركية لا تتعلق فقط بتقديم المساعدات الإنسانية، فزيارة الوفد الذي ضم المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا؛ جيمس جيفري، إلى جانب كيلي كرافت، يحمل رسائل سياسية أكثر مما تضمنه البيان الأميركي حول الجانب الإنساني المتعلق بطبيعة الزيارة.
ما مضمون الرسالة الأميركية إلى روسيا؟
رئيس المجلس السوري الأميركي، د.زكي لبابيدي، قال خلال حديثه لـ "روزنة" أن الزيارة الأميركية تحمل رسالة واضحة لروسيا؛ مفادها أن الهجوم الروسي على إدلب لن يمر دون تحدي الدول الغربية له، معتبراً أن شكل التحدي لروسيا سيأتي عن طريق مساعدة الأتراك لمجابهة هذا الهجوم.
فيما استبعد في سياق مواز وقوع أي مواجهة مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة، لافتاً إلى واشنطن ستكتفي في الوقت الحالي بدعم تركيا من أجل إنهاء مهمتها بوقف التمدد الروسي.
وأضاف حول ذلك "المساعدة الأميركية لأنقرة بخصوص تقديم الباتريوت ستتم؛ وهي مسألة وقت فقط… منظومة الباتريوت ستقدم إلى أنقرة من أجل التصدي لأي مغامرة من قبل بوتين".
اقرأ أيضاً: هل تنجح المعارضة في كسر حصار إدلب ومنع سيناريو غزة؟
من جانبه رأى الباحث السياسي، صدام الجاسر، خلال حديثه لـ "روزنة" أن زيارة الوفد الأميركي لا يمكن فصلها عن زيارة وفد الأمم المتحدة الذي كان متواجداً في نفس الوقت، منوهاً بأن الزيارة تعطي عدة رسائل، أهمها يتمثل بأن واشنطن تتمتع بغطاء أممي لتواجدها في سوريا؛ فضلاً عن أن هذه الزيارة لكل من واشنطن والمنظمة الدولية تمت في منطقة يتم قصفها بحجة وجود منظمات إرهابية (جبهة النصرة).
وتابع في هذا السياق بأن الولايات المتحدة تريد القول من وراء ذلك بأنهم دخلوا إلى تلك المنطقة وخرجوا منها دون تعرضهم لمضايقات أو تهديدات إرهابية، ما يعني أن هذه المنطقة الواقعة تحت السيطرة التركية يتم ضبطها بشكل جيد، وأردف بالقول: "توقيت الزيارة جاء في لحظة تنتظرها الولايات المتحدة لاستعادة تركيا وهي بمثابة بادرة حسن نية من الأميركيين إلى الأتراك تقول أننا حلفاؤكم الحقيقيين وسنتواجد معكم حيث تحتاجوننا".
الجاسر فنّد أيضاً معاني الزيارة بالإشارة إلى أنها تحمل أيضاً رسالة ضمنية إلى الأتراك الذين يمتلكون تأثيراً على جبهة النصرة ومفادها أن الجانب الأميركي لا يمانع المساعي التركية لدمج الجبهة مع باقي الفصائل ضمن تشكيل موحد تتم إدارته من قبل الأتراك.
وأكمل "الزيارة تأتي في توقيت مهم خصوصا أن هناك لقاء قريب بين أردوغان وبوتين وستعطي هذه الزيارة دفع قوي لموقف اردوغان ودعم ليكون ثابت على مواقفه؛ وهو يحمل معه ورقة ضغط جديدة على روسيا مفادها أن الحليف الامريكي جاهز ومستعد أن يكون حاضراً معنا؛ وهو مستعد أن يضمن لنا غطاء من الأمم المتحدة على تدخلنا في سوريا".
كما لفت إلى الرغبة الأميركية بمسعى إيجاد موطئ قدم لها في الشمال السوري واختراق المنطقة التي تعتبرها روسيا خاصة بها؛ وذلك في ظل نشر روسيا بعض قواتها في منطقة شمال شرقي سوريا والتي كانت بمثابة منطقة أميركية بامتياز، بمعنى أن الأميركيون يوجهون للروس رسالة بأنهم متواجدون في عدة مناطق سوريّة، ويمتلكون أوراق جديدة يمكن اللعب بها في أي لحظة .
قد يهمك: هل تدعم واشنطن إقامة منطقة آمنة في إدلب؟
وكان جيمس جيفري، أعلن يوم أمس الثلاثاء، أن بلاده ترغب في تزويد تركيا بالذخيرة في ظل التصعيد العسكري من قبل النظام السوري، مشيراً إلى أن "تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي، ويستخدم جيشها العتاد الأمريكي بشكل كبير، ونهدف ليكون هذا العتاد جاهزا لدى حاجتهم إليه".
ولفت إلى أن بلاده تواصل التعاون مع تركيا، مضيفا بأن تركيا لها مطالب من الناتو أيضا وبلاده تدعمها، وأفاد جيفري بأن بلاده تدرس فرض عقوبات إضافية على "(النظام السوري)، وبعض الشخصيات الروسية".
هذا وتعتبر زيارة الوفد الأميركي رفيع المستوى إلى المناطق الحدودية السورية مع تركيا، سابقة من نوعها بخاصة وأنها الأولى منذ عام 2011.
الدور الأميركي على المحك؟
الباحث السياسي السوري أشار في معرض حديثه إلى أن الأمريكيين سيحاولون إثبات صدق موقفهم مع الأتراك، وكذلك جديتهم في الوقوف بوجه السيطرة الروسية على الشمال بشكل كامل، ما قد يدفع للتوقع بأن الجانب الأميركي قد يعمد إلى رفع وتيرة التوتر وليس وقفه، وكذلك العمل على دفع الأتراك للدخول في معارك لاستعادة المناطق التي خسرتها المعارضة في الفترة الماضية لتقوية النفوذ التركي والذي سيعني بشكل أو بأخر نفوذ أميركي في منطقة جديدة في سوريا كانت تعتبر حكرا على الروس.
وأضاف "عندما تجد واشنطن أن الأمور باتت لصالحها؛ فعند ذلك الوقت ستقرر وقف التصعيد وبذلك يكونون قد كسبوا الأتراك وفرضوا أنفسهم كلاعبين جدد في الشمال… الدور الأميركي في المرحلة المقبلة سيكون بمزيد من الضغط على النظام والروس للدفع باتجاه الدخول في حل سياسي حقيق بدون أي مراوغات؛ خصوصاً أن تطبيق قانون سيزر بات قريباً؛ وبذلك تكون أميركا قد أمسكت بورقة الضغط الاقتصادية؛ وأيضا بورقة ضغط عسكرية من خلال الأتراك في الشمال؛ و أيضاً من خلال قواتها المتواجدة في منطقة التنف وقواتها في دير الزور".
وأسهب الجاسر بالقول أن الجانب الأميركي يبدو أنه عازم على زيادة تفعيل دوره واستعادة تأثيره في الملف السوري، بالإضافة إلى إصرارهم على استعادة تركيا إلى الحضن الأميركي وسحبها من روسيا؛ وبذلك يكون الأميركان قد أوقعوا الروس في مأزق جديد في سوريا؛ من خلال جعلهم يفقدون الجهة التي تمسك بقرار أغلب الفصائل في الشمال والتي يمكنها تغيير الوضع القائم؛ وفق رأيه، وذلك في حال قررت تركيا ذلك. وهذا الأمر سيكون له تأثير على التواجد الروسي هناك.
الكلمات المفتاحية