إيمان حمراوي| مع فتح السلطات التركية أبواب الهجرة إلى أوروبا، على خلفية التصعيد العسكري في محافظة إدلب، انطلق مئات المهاجرين، من جنسيات مختلفة، بما فيهم السوريون للعبور إلى الطرف اليوناني في سبيل الهجرة إلى أوروبا.
وقال مراسل "روزنة" في إسطنبول، إن السلطات التركية هيّأت ظروف الهجرة للاجئين، وأتاحت حافلات نقل مجانية من عدة مناطق في الولاية، لإيصال اللاجئين إلى ولاية أدرنة الحدودية، ومن ثم الانطلاق نحو اليونان فالدول الأوروبية.
وذكرت وكالة "دمير أوران" التركية، اليوم الجمعة، إنّ نحو 300 من المهاجرين بينهم نساء وأطفال، بينهم سوريون وعراقيون وإيرانيون، توجهوا ليلة الخميس – الجمعة، إلى ولاية أدرنة التركية الحدودية مع اليونان، وذلك بعدما أعلنت أنقرة أنها لن تمنع اللاجئين السوريين بعد الآن من بلوغ أوروبا.
سوريون مهاجرون
وأشار المراسل إلى أنّ مئات المهاجرين السوريين انطلقوا مع حاجياتهم دون تفكير، بعد القرار التركي بالسماح لهم بالهجرة إلى أوروبا، وذلك عقب محاولات سابقة لكثير منهم، فشلوا خلالها بمغادرة تركيا.
عبد الله، (شاب سوري - 32 عاماً)، حاول خلال 5 سنوات قضاها في تركيا السفر باتجاه اليونان، إلا أنّ محاولاته باءت الفشل، كما يقول لـ"روزنة"، واعتبر أنّ "القرار التركي فرصة لن تتكرر رغم عدم استيعابهم ما جرى، إلا أنه وبالاتفاق مع أصدقائه قرّروا البدء من جديد والهجرة من أجل حياة أكثر استقراراً".
وأضاف عبد الله عن سبب رغبته بالسفر خارج الأراضي التركية: "5 سنوات لم أستطع خلالها تكوين نفسي، وكأنّها لم تكن، ربما في أوروبا أستطيع تحقيق ذاتي في العمل أو الدراسة".
أما أبو أكرم، (55 عاماً) يقول لـ"روزنة": "سنوات من البؤس والتعتير قضيناها هنا، مع ارتفاع المعيشة، والبطالة التي نعاني منها، لا أريد إلّا أن أؤمن حياة كريمة لعائلتي وأبنائي في أوروبا" رغم عدم تحديد وجهته، معتبراً أنّ أوروبا حلم كل سوري من أجل الاستقرار.
وذكرت وكالة "الأناضول" أن المهاجرين بدؤوا الوصول إلى سواحل بحر إيجه في ولاية جناق قلعة شمال غربي تركيا، بهدف الوصول إلى الجزر اليونانية.
وقال المتحدث باسم العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، إنّ سياسة بلاده بخصوص اللاجئين لم تتغير، لكنها الآن ليست بوضع يمكنها فيه ضبط اللاجئين.
وجاء قرار فتح الأبواب التركية بعد اجتماع أمني طارئ ترأسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليلة الخميس – الجمعة، على خلفية مقتل 33 جندياً تركيا على الأقل في إدلب بقصف جوي اتّهمت أنقرة قوات النظام السوري بتنفيذه.
وأكّد المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أقصوي، أنّ التصعيد العسكري في إدلب زاد من الأعباء التي تتحملها أنقرة بخصوص اللاجئين، وأنّ تفاقم الأوضاع سيزيد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
وسبق أن هدّدت أنقرة مراراً وتكراراً بفتح حدودها أمام المهاجرين إلى أوروبا، في سبيل الضغط على دول الاتحاد الأوروبي، التي شهدت موجة نزوح كثيفة صيف عام 2015
.
اقرأ أيضأً: السلطات التركية تخالف قرار وزير الداخلية بترحيل سوريين قسراً
وكانت تركيا أبرمت مع الاتحاد الأوروبي في آذار عام 2016 اتفاقاً حول الهجرة، أدى إلى تراجع في أعداد المهاجرين الذين يتوجهون نحو اليونان.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في أنقرة بحسب بيان صادر عن المديرية العامة لإدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية في نيسان الفائت، 90 ألف و773 لاجئاً سورياً، فيما يبلغ عدد السوريين في إسطنبول نحو 600 ألف شخص، وتعتبر مدينة ملاطيا أقل مدينة مأهولة بالسوريين حيث يبلغ عددهم نحو 30 ألف شخص.
ولمواجهة ارتفاع موجة الهجرة أعلنت الحكومة اليونانية في تشرين الثاني الماضي أنها ستغلق هذا العام المخيمات المكتظة في جزر ليسبوس وخيوس وساموس الواقعة في بحر إيجه، حيث يقيم أكثر من 38 ألف طالب لجوء في ظروف سيئة في تلك المخيمات، رغم أنّ الطاقة الاستيعابية لتلك المخيمات تبلغ 6200 شخص.
لمنع الهجرة… اليونان تتجهّز
من جهتها نقلت قناة "روسيا اليوم" عن السلطات اليونانية تشديدها الإجراءات الأمنية على حدودها عقب إعلان تركيا فتح الحدود أمام المهاجرين، حيث وصل أوّل زورق للمهاجرين غير النظاميين إلى جزيرة ميديلي اليونانية، على متنه 15 مهاجراً غير نظامي.
وأضافت أن الحكومة اليونانية تعتزم وضع جدار عائم يمتد 2.7 كيلو متر، ويبلغ ارتفاعه 1.10 متر لمنع اللاجئين من عبور بحر إيجه، إضافة إلى تكثيف مراكز وأبراج مراقبة الحدود البرية مع تركيا وزرع المزيد من الأسلاك الشائكة.
المشروع اليوناني اعتبرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" غير منطقي ويمكن أن يمثل خطراً على قوارب المهاجرين التي تنطلق ليلاً، فيما حذّرت "منظمة العفو الدولية" من هذه الخطة التي "تثير مخاوف كبيرة حول قدرة المسعفين على مواصلة عمليات إنقاذ الأشخاص، الذين يحاولون قطع الطريق البحري الخطير اتجاه جزيرة ليسبوس".
قد يهمك: السوريون في المرتبة الثانية بين المهاجرين إلى أوروبا... ما الأسباب؟
ماذا عن أوروبا؟
في أوروبا كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن حالات اكتئاب وأمراض نفسية بين اللاجئين السوريين في مختلف البلدان، وفي أحيان كثيرة تعرّض بعضهم لأزمات قلبية فالوفاة في نهاية المطاف، لأسباب عديدة، يكمن معظمها في عدم القدرة على الاندماج إن كان في اللغة أو عدم الاعتياد على المجتمع الجديد، وانعدام فرص العمل المناسبة، وغيرها.
الضغوط النفسية في أوروبا ربما دفعت العديد من اللاجئين إلى العودة لسوريا، آخرهم الناشط السوري مازن حمادة، من دير الزور، الذي عاد إلى دمشق من هولندا، وفق تأكيدات لـ"روزنة" من مصادر مقرّبة منه، بعد أن اعتقل 3 مرات في سجون النظام ذاق خلالها الأمرّين.
وكان توفي 6 شباب سوريين، جراء أزمات قلبية مفاجئة في ألمانيا مطلع العام الجاري، نعاهم السوريون على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث توفي الشاب حسام الحسون، 22 عاماً، بجلطة قلبية، وخمسة شباب آخرين.
وأشار أحد السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أنّ الاكتئاب والوحدة من أسباب الجلطات التي أصابت الشباب الـ 6 في ألمانيا، قائلاً: "عندما نقول لكم أننا لسنا مجرّد آلات للعمل تسخرون منا، وهذه هي النتيجة، لا أريد إلقاء اللوم على هذا البلد أو قوانينه .. أريد فقط أن يكون لديكم القليل من الصبر علينا، نحن خرجنا من حرب قبيحة للغاية، أعطونا القليل من الوقت لمقابلة عائلاتنا وأصدقائنا والفرح معهم، الاقتصاد الألماني لن يتضرر".
اقرأ أيضاً: هكذا تتوزّع الحافلات التي تقل السوريين إلى الحدود اليونانية (خريطة)
الاختصاصي النفسي أحمد شهابي قال لـ"روزنة": إنه بعد الرحلة الانتقالية المتعبة نحو الاستقرار في البلد الأوروبي، يبدأ اللاجئ الشعور بالوحدة، الشعور بالعاطفة، واسترجاع الذكريات ذهنياً ونفسياً، وانعدام القيمة، هي أفكار تمنع الشخص من التأقلم مع المجتمع الجديد.
كرم، إحدى اللاجئين السوريين في ألمانيا يقول لـ"روزنة": إن الاكتئاب والأمراض النفسية التي يعاني منها اللاجئون قد تدفعهم للعودة إلى سوريا، بسبب عدم قدرة نسبة لا بأس بها من اللاجئين على الاندماج بالمجتمع الجديد، واللغة، وعادات وتقاليد الدولة، إضافة إلى عدم القدرة على إيجاد عمل مناسب".
وأشار إلى أنّ السوريين الموجودين في كامبات اللجوء لسنوات، قد تفوق 5 أعوام، في ظروف معيشية متردية، تدفعهم أيضاً إلى حافة الهاوية والعودة إلى سوريا.
ويبلغ عدد السوريين الذين فروا من الحرب في سوريا، منذ نحو 9 سنوات، 13 مليون سورين وهو ما يمثل 60 في المئة من عدد السكان قبل الحرب، وفق مركز "بيو" للأبحاث.
الكلمات المفتاحية