هل تدعم واشنطن إقامة منطقة آمنة في إدلب؟

هل تدعم واشنطن إقامة منطقة آمنة في إدلب؟
تحليل سياسي | 26 فبراير 2020
على ضوء التطورات الأخيرة في إدلب سياسياً وعسكرياً، والحديث عن عقد قمة رباعية حول إدلب بين تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا مطلع الشهر المقبل، عاود الناتو تصريحاته حول إمكانية تقديم دعم لوجيستي إلى تركيا بخصوص تدخلها في الشمال ومنع تقدم قوات النظام السوري للسيطرة على مناطق جديدة بعد أن وصلت طلائع قواته يوم أمس إلى مدينة كفرنبل الاستراتيجية في ريف إدلب الجنوبي.
 
و رجّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقد قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الخامس من الشهر القادم، وقال إن بلاده تخطط للقيام بما يلزم لتخليص نقاط المراقبة التابعة لها من حصار النظام السوري حتى نهاية الشهر الجاري.

قال الرئيس التركي إنه لا يمكن الحديث بشكل قطعي عن عقد قمة رباعية بشأن إدلب، وأوضح أردوغان في كلمة له اليوم أمام أعضاء الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين يرى أنه من الأفضل أن يكون الحل بينهما فقط.

من ناحيته، أشاد قائد قيادة القوات الأمريكية في أوروبا، الجنرال تود وولترز، بدور تركيا في "التصدي" لروسيا، داعيا إلى التعاون بين واشنطن وأنقرة في هذا المسار.

اقرأ أيضاً: ماذا بعد تغيّر قواعد الاشتباك في إدلب؟

وجاء في نص خطاب وولترز أمام لجنة لشؤون القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي، أن "دور تركيا مهم جوهريا في التصدي لروسيا". وأضاف أن كل من موسكو وأنقرة "تنظران إلى منطقة البحر الأسود كمجال نفوذ طبيعي لهما، ولا يزال النزاع بينهما مستمرا في ليبيا كما أنهما تتصادمان بصورة مباشرة في إدلب".

وأضاف الجنرال الأميركي أن المصالح طويلة الأمد لكل من الولايات المتحدة وتركيا ستصبحان على أحسن وجه "عبر مواصلة عملهما المشترك على تحسين التعاون ضد روسيا، سواء على المستوى الثنائي أو ضمن إطار الناتو".

وطالب المتحدث الرئاسي حلف شمال الأطلسي بالتدخل في محافظة إدلب شمال غربي سوريا ولعب دور أكبر بها والسيطرة على الوضع فيها جراء تقدم قوات النظام في المنطقة، موضحاً: "نتحدث مع حلفائنا في الناتو ونؤمن أن حلفاءنا الغربيين بمن فيهم الناتو، يجب عليهم ويستطيعون أن يلعبوا دوراً مهماً وأكثر تأثيراً لاحتواء الوضع في إدلب".

كيف يكون شكل المنطقة الآمنة؟ 

الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأميركية، د.حسين الديك، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أن الناتو سيساعد تركيا في ملف إدلب، لكن بشروط صعبة أولها الانسحاب التركي من ليبيا وتخفيض دعمها للحكومة الشرعية هناك. 

وتابع: "الناتو يطالب تركيا بالانسحاب من شرق المتوسط والتنقيب عن الغاز والصراع من اليونان وإيطاليا على ذلك… شروط صعبة يضعها الناتو أمام تركيا ويطلب منها تقديم تنازلات حتى يقدم الدعم اللازم لها في مواجهة روسيا في شمال سوريا… الصدام العسكري بين روسيا وتركيا هو سيناريو بعيد وغير وارد، و
تسليح الجيش السوري الحر بأسلحة هجومية متطورة قادر على وقف التقدم السوري في الشمال؛ وقادر على إسقاط الطائرات الروسية هذا الخيار وارد".

ورأى المتخصص في الشؤون الأميركية بأن الدعم العسكري من الناتو لتركيا "ضروري وهو قادر على فرض معادلة جديدة في الشمال السوري تفرض على روسيا العودة للمفاوضات وتوقيع اتفاق منطقة امنة بحماية تركية بمساحة 16 كيلومتر داخل الأراضي السورية".

واعتبر أن ما يحصل خلال الفترة الحالية في الشمال السوري أعاد تركيا إلى علاقتها التقليدية وحلفائها التقليديين (أوروبا والولايات المتحدة الأميركية)، كما ساهم إلى عودة الدفىء في هذه العلاقة التي شهدت توترات عديدة في السنوات الماضية.

قد يهمك.. إدلب: هل تحصل تفاهمات جديدة بين روسيا وتركيا؟

من جهته قال المحلل السياسي، حسام نجار، خلال حديث لـ "روزنة" أن "المنطقة الآمنة في إدلب هي بالأصل منطقة خفض تصعيد (وليست وقف إطلاق نار)، وهذه المنطقة قد يتم العمل على إيقاف نهائي للقتال فيها… في الاتفاقيات السابقة بين الروسي والتركي كانت موضوعة ضمن الخطة وجعل بوتين ما يسمى التنظيمات الراديكالية ( هيئة تحرير الشام - حراس الدين ) مسمار جحا لذلك تعذر البناء على ما سبق".

وأضاف "جميعنا لاحظنا الطلب الروسي المُلّح بتسيير دوريات مشتركة روسية تركية، وعندما لم توافق تركيا؛ كان السماح للنظام بضرب النقاط التركية في منطقة خفض التصعيد… كنت قد تحدثت قبل عامين تقريباً عن تقسيم إدلب إلى ثلاث قطاعات طولياً؛ وهي تلبية للطلب الروسي بحيث يكون القطاع الشرقي تحت الرعاية التركية، والغربي تحت الرعاية الروسية، والأوسط وهو منطقة خفض التصعيد (بأن) تكون منطقة مشتركة ستتحول إلى منطقة آمنة".

وختم بالقول "هذه المنطقة سيتم التوسعة لها رويداً رويداً؛ لكن الأهم ما يقوم به النظام و الروسي من محاولة قضم الجهة الشرقية من إدلب ومن ثم اعتباره أمراً واقعاً للمناطق، كانت تركيا سابقاً تحاول التخلص من هيئة تحرير الشام وحراس الدين واجتمعت مع قادة الفصائل الذين رفضوا قتال الهيئة، فكانت الأمور كما نراها الأن، لكن الذريعة الروسية قائمة بوجد هذين الفصيلين أو دونهما… بالطبع هناك عدة حلول لتذويب هيئة تحرير الشام وحراس الدين إن رغبت تركيا بذلك".

من ناحيته رأى الباحث السياسي، محمد منير الفقير: "إذا اتفقنا أن سوتشي لم ينتهي بعد وأن ما حصل هو تجاوزات و خروقات من قبل النظام السوري و روسيا لهذا الاتفاق بالمبادىء العامة، فإن التفاهم على التفاصيل يكون من خلال التصعيد على الأرض وتثبيتها من خلال محادثات ثنائية". 

و استبعد الفقير أن يكون هناك تصعيد كامل يصل للصدام العسكري، حيث رأى أن الأتراك يتعلق تصعيدهم بوقف تقدم قوات النظام وغاراتها على المنطقة، كما استبعد في الوقت ذاته أن يتم تأمين المناطق التركية المحاصرة من خلال أي تصعيد عسكري، بل سيتم ذلك من خلال التفاوض مع روسيا وفق تعبيره.

اقرأ أيضاً: كيف أسقط مسار أستانا منطقة خفض التصعيد في إدلب؟

فيما اعتبر بأن الوجود التركي العسكري الضخم والمتزايد في مناطق مختلفة من ريفي إدلب وحلب، ما هو إلا لتثبيت رؤية تركيا لشكل تطبيق اتفاق سوتشي، والذي يعني تثبيت التفاصيل على الأرض ومن تثبيتها على الورق مع الروس، وهو الأمر الذي لفت إلى انطباقه أيضاً على موسكو و التي تفرض تفاصيلها الخاصة على الأرض. 

ودعا السفير الأمريكي السابق في سوريا، روبرت فورد، واشنطن لحماية السوريين الهاربين من مدينة إدلب، وأكد في مقال نشره في مجلة "فورين أفيرز" أن ممرا آمنا قد يؤدي إلى وقف أزمة إنسانية.

وأشار فورد إلى الخيار الأفضل، إذ قال إن الوجود العسكري التركي قد يمنح فرصة مؤقتة للراحة لمدينة إدلب، ولكن التعقل يقتضي خطة بديلة تكون جاهزة؛ وفق وصفه. 

وأضاف أن "الخيار الوحيد الذي يجنب أمريكا التدخل العسكري هو إنشاء منطقة آمنة تقام على الجانب السوري من الحدود التركية ويقوم بحمايتها الجيش التركي والصواريخ وأنظمة الدفاع التي تكون منصوبة على الجانب التركي من الحدود، ولو تقدم الطيران السوري من المنطقة الآمنة فسترد الدفاعات التركية بشكل سيردع المقاتلات السورية عن التحليق قريبا من المنطقة الآمنة؛ كما توقف الطيارين السوريين من التحليق في المناطق التي تستخدم فيها الجماعات الموالية لتركيا صواريخ أرض – جو، ولو لم يتم استخدام الطيران فسترد المدفعيات التركية على تقدم القوات السورية باتجاه المنطقة الآمنة، ومن هنا فستكون المنطقة الآمنة بمساحة عشرة أميال يمكن للجيش التركي السيطرة عليها".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق