في مسعى أوروبي لاحتواء التصعيد الحاصل في إدلب، منعاً لخلق موجة جديدة من اللاجئين نحو دول الاتحاد الأوروبي من ناحية، فضلاً عن تثبيت الدور الأوروبي في مسألة صراع النفوذ على سوريا، أبدت كل من ألمانيا وفرنسا استعدادها للوساطة بين تركيا وروسيا لحل التوتر القائم في إدلب، والتوصل إلى حل سياسي.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، مساء أمس الخميس، بعد اتصال هاتفي بين المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن ميركل وماكرون أبلغا بوتين أنهما يرغبان في الاجتماع به و بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للتوصل إلى حل سياسي في سوريا.
في حين قال بيان صادر عن الكرملين أمس، إن الرئيس بوتين أكد خلال الاتصال الهاتفي ذاته، على ضرورة اتخاذ تدابير فعالة لتحييد "التهديد الإرهابي في سوريا، واحترام مبادئ السيادة والسلامة الإقليمية للجمهورية العربية السورية"، وذلك بحسب ما أفادت به تقارير صحفية روسية.
وأضاف البيان أن روسيا تولي اهتماما خاصا لحل الأزمة السورية، في سياق الوضع المتفاقم في إدلب، كما أشار إلى أن كل من ماكرون وميركل، أبديا استعدادهما لتقديم المساعدة من أجل تخفيف التوتر هناك، حيث عبّرت باريس وبرلين عن قلقهما الشديد من تدهور الوضع الإنساني للمدنيين.
المبادرة الأوروبية جاءت في وقت ارتفعت فيه حدة التصعيد في المنطقة، حيث قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن دماء الجنديين التركيين اللذين قتلا، أمس الخميس، في غارة جوية بمحافظة إدلب بسوريا "لن تذهب سدى"، مؤكدا في تغريدة على حسابه في "تويتر" أنّ قوات بلاده ستواصل مهامها في شمال غرب سوريا، ولن تتراجع عن مطالبها.
اقرأ أيضاً: روسيا تُصعّد سياسياً… هل تُضحّي بعلاقاتها مع تركيا؟
في الأثناء جدد الاتحاد الأوروبي إدانته لهجوم النظام السوري على إدلب دون اﻹشارة للدور الروسي، مؤكداً على أهمية إحالة الملف للعدالة الدولية، وقال بيان للاتحاد الأوروبي صدر ليلة الخميس - الجمعة، إن هجوم النظام السوري على إدلب غير مقبول؛ حيث تسبب بمعاناة إنسانية هائلة على الحدود الشمالية للبلاد.
وحثّ الاتحاد الأوروبي في بيانه من أسماهم "جميع أطراف النزاع في سوريا" على احترام التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي خلال الحرب الدائرة، مجدداً دعوته لإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
في حين أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، اليوم الجمعة، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع أعضاء مجلس الأمن القومي في بلاده آخر التطورات المتعلقة بإدلب، وأوضح في بيان له أن بوتين أجرى نقاشاً مفصلاً حول الوضع في إدلب؛ وبشكل خاص المحادثة الهاتفية المجدولة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان.
ما أثر الدور الأوروبي؟
الكاتب والمحلل السياسي، درويش خليفة، اعتر خلال حديث لـ "روزنة" أن حل الأزمة القائمة لن يكون عبر بعض اللقاءات، معللاً ذلك بسبب تفرع الأزمة إلى عدة مشكلات، منها مشكلة النازحين والوضع الانساني المتردي، كذلك يضاف إلى جانب ذلك أيضاً مقتل الجنود الأتراك.
وتابع "لن تُحلّ الأزمة من خلال الجلوس على طاولة واحدة، يتوجب على الروس العودة إلى خطوط سوتشي ومراعاة أوضاع المدنيين في قطاع إدلب… هناك تقاعس من المجتمع الدولي، فالدبلوماسية والقانون الدولي لم يردعوا الروس والنظام السوري من ارتكاب الكوارث الإنسانية، فالنظام وحليفه الروسي تجاوزوا كل القوانين والأعراف الدولية في قصفهم المدن وقتل المدنيين ونبش القبور".
قد يهمك: أردوغان يهدد بقرب تصعيدهم العسكري في إدلب... ما التداعيات؟
وأكد خليفة على وجوب ألا تبقى الاتفاقات حول سوريا اتفاقات ثنائية فقط، وأضاف في سياق مواز "الأوروبيون مهتمون بالوضع الإنساني في سوريا كونهم أكثر الفاعلين الذين قدموا الدعم الانساني بكافة أشكاله… نطالب الأوروبيين بلعب دور أكبر وبأن يعودوا إلى كونهم أكثر فاعلية في الشرق الأوسط".
ورأى خليفة بأن الأزمة في إدلب لم تقتصر على الروس والأتراك، إنما هي أزمة متعددة الأوجه (لها أوجه سياسية، إنسانية، عسكرية)، وكذلك متعددة الأطراف "الروس لا يتحركون بمفردهم في الشمال السوري، فلديهم الإيرانيين إلى جانب قوات النظام السوري، و كذلك الأتراك يحظون بتأييد كبير من حلف الناتو".
وختم بالقول: "أعتقد أن الأوربيون؛ وبالأخص فرنسا وألمانيا سيعملون على احتواء هذه الأزمة لأنها قد تؤدي إلى مزيد من النزوح باتجاه الحدود التركية الذين قد يضطرون إلى اقتحام الحدود".
ماذا عن فرنسا؟
ويبدو بحسب مراقبين أن الفترة الحالية هي الفترة الأمثل للتقارب بين الجانبين، وسط حالة الفتور التي تشوب العلاقة بين واشنطن وباريس؛ بسبب عدة ملفات، يأتي في مقدمتها تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران.
وبات تغير الموقف الفرنسي تجاه عدة مسائل في الملف السوري واقترابه مع الرؤية الروسية، أمراً ملموساً أكثر من أي وقت مضى، فباريس التي كانت وافقت بشكل مبدئي على رغبة واشنطن (في تموز الماضي) بإرسال قوات فرنسية إلى منطقة شرق الفرات السورية لملئ فراغ انسحاب القوات الأميركية، قد تسلك مساراً مغايراً عن توجه حلف "الناتو".
الكاتب و الباحث السياسي؛ د.عبد القادر نعناع، قال خلال حديث لـ "روزنة" أنه ورغم محدودية التأثير الأوروبي في المشهد السوري، في ظل عدم توفر أدوات التدخل العسكري، مقابل تدخل رباعي (أميركي روسي إيراني تركي)، حسم أمره مبكراً، إلا أن ذلك لا يعني غياب الدور الأوروبي مطلقاً.
اقرأ أيضاً: ما سر المباحثات الماراثونية بين تركيا وروسيا حول إدلب؟
وتابع: "هناك مروحة واسعة من المواقف السياسية الأوروبية، التي تساهم (بحد أدنى) من خلال الضغط على القوى الأربعة المتدخلة أو على (النظام السوري) نفسه أو على القوى الأخرى في المشهد السوري، إضافة إلى دور إنساني وثقافي وتمويلي.. أي أن الأوروبيين حاضرون في المشهد السوري، لكن دون تأثير في مجريات الأحداث، رغم أنهم متضررون أكثر بكثير من القوى الأخرى، عبر استضافة اللاجئين وتوطينهم، دون أن يكونوا مسؤولين مسؤولية مباشرة عما يجري في سوريا".
من جانبه رأى الباحث السياسي المتخصص في العلاقات الدولية؛ د.طارق وهبي خلال حديث سابق لـ "روزنة" بأن الملفات المشتركة الدولية بين الجانبين ليست بالسهلة، خصوصاً و أن روسيا تمتلك تدخلاً مباشراً في الأزمتين السورية والإيرانية وغير مباشر بالمبيعات العسكرية إلى إيران.
وأضاف "فرنسا و بشخص وطريقة الرئيس ماكرون ترغب أن تستقطب روسيا لمسار أقرب وسطي يبحث عن إحياء الديغولية التي كانت تدعم التدخل في شؤون الدول دون الدخول طرفاً بالصراع، و ليست المرة الأولى التي تبحث فرنسا عن الدعم الروسي الصريح حول مواضيع جد مشتركة كاستمرارية الاتفاق النووي رغم تصلّب الموقف الأميركي، والبحث عن دستور جديد لسوريا بموافقة الروس وضغطهم على النظام رغم القرار العسكري المشترك الروسي السوري للقضاء على آخر تجمع للمعارضة في إدلب".
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، مساء أمس الخميس، بعد اتصال هاتفي بين المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن ميركل وماكرون أبلغا بوتين أنهما يرغبان في الاجتماع به و بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للتوصل إلى حل سياسي في سوريا.
في حين قال بيان صادر عن الكرملين أمس، إن الرئيس بوتين أكد خلال الاتصال الهاتفي ذاته، على ضرورة اتخاذ تدابير فعالة لتحييد "التهديد الإرهابي في سوريا، واحترام مبادئ السيادة والسلامة الإقليمية للجمهورية العربية السورية"، وذلك بحسب ما أفادت به تقارير صحفية روسية.
وأضاف البيان أن روسيا تولي اهتماما خاصا لحل الأزمة السورية، في سياق الوضع المتفاقم في إدلب، كما أشار إلى أن كل من ماكرون وميركل، أبديا استعدادهما لتقديم المساعدة من أجل تخفيف التوتر هناك، حيث عبّرت باريس وبرلين عن قلقهما الشديد من تدهور الوضع الإنساني للمدنيين.
المبادرة الأوروبية جاءت في وقت ارتفعت فيه حدة التصعيد في المنطقة، حيث قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن دماء الجنديين التركيين اللذين قتلا، أمس الخميس، في غارة جوية بمحافظة إدلب بسوريا "لن تذهب سدى"، مؤكدا في تغريدة على حسابه في "تويتر" أنّ قوات بلاده ستواصل مهامها في شمال غرب سوريا، ولن تتراجع عن مطالبها.
اقرأ أيضاً: روسيا تُصعّد سياسياً… هل تُضحّي بعلاقاتها مع تركيا؟
في الأثناء جدد الاتحاد الأوروبي إدانته لهجوم النظام السوري على إدلب دون اﻹشارة للدور الروسي، مؤكداً على أهمية إحالة الملف للعدالة الدولية، وقال بيان للاتحاد الأوروبي صدر ليلة الخميس - الجمعة، إن هجوم النظام السوري على إدلب غير مقبول؛ حيث تسبب بمعاناة إنسانية هائلة على الحدود الشمالية للبلاد.
وحثّ الاتحاد الأوروبي في بيانه من أسماهم "جميع أطراف النزاع في سوريا" على احترام التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي خلال الحرب الدائرة، مجدداً دعوته لإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
في حين أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، اليوم الجمعة، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع أعضاء مجلس الأمن القومي في بلاده آخر التطورات المتعلقة بإدلب، وأوضح في بيان له أن بوتين أجرى نقاشاً مفصلاً حول الوضع في إدلب؛ وبشكل خاص المحادثة الهاتفية المجدولة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان.
ما أثر الدور الأوروبي؟
الكاتب والمحلل السياسي، درويش خليفة، اعتر خلال حديث لـ "روزنة" أن حل الأزمة القائمة لن يكون عبر بعض اللقاءات، معللاً ذلك بسبب تفرع الأزمة إلى عدة مشكلات، منها مشكلة النازحين والوضع الانساني المتردي، كذلك يضاف إلى جانب ذلك أيضاً مقتل الجنود الأتراك.
وتابع "لن تُحلّ الأزمة من خلال الجلوس على طاولة واحدة، يتوجب على الروس العودة إلى خطوط سوتشي ومراعاة أوضاع المدنيين في قطاع إدلب… هناك تقاعس من المجتمع الدولي، فالدبلوماسية والقانون الدولي لم يردعوا الروس والنظام السوري من ارتكاب الكوارث الإنسانية، فالنظام وحليفه الروسي تجاوزوا كل القوانين والأعراف الدولية في قصفهم المدن وقتل المدنيين ونبش القبور".
قد يهمك: أردوغان يهدد بقرب تصعيدهم العسكري في إدلب... ما التداعيات؟
وأكد خليفة على وجوب ألا تبقى الاتفاقات حول سوريا اتفاقات ثنائية فقط، وأضاف في سياق مواز "الأوروبيون مهتمون بالوضع الإنساني في سوريا كونهم أكثر الفاعلين الذين قدموا الدعم الانساني بكافة أشكاله… نطالب الأوروبيين بلعب دور أكبر وبأن يعودوا إلى كونهم أكثر فاعلية في الشرق الأوسط".
ورأى خليفة بأن الأزمة في إدلب لم تقتصر على الروس والأتراك، إنما هي أزمة متعددة الأوجه (لها أوجه سياسية، إنسانية، عسكرية)، وكذلك متعددة الأطراف "الروس لا يتحركون بمفردهم في الشمال السوري، فلديهم الإيرانيين إلى جانب قوات النظام السوري، و كذلك الأتراك يحظون بتأييد كبير من حلف الناتو".
وختم بالقول: "أعتقد أن الأوربيون؛ وبالأخص فرنسا وألمانيا سيعملون على احتواء هذه الأزمة لأنها قد تؤدي إلى مزيد من النزوح باتجاه الحدود التركية الذين قد يضطرون إلى اقتحام الحدود".
ماذا عن فرنسا؟
ويبدو بحسب مراقبين أن الفترة الحالية هي الفترة الأمثل للتقارب بين الجانبين، وسط حالة الفتور التي تشوب العلاقة بين واشنطن وباريس؛ بسبب عدة ملفات، يأتي في مقدمتها تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران.
وبات تغير الموقف الفرنسي تجاه عدة مسائل في الملف السوري واقترابه مع الرؤية الروسية، أمراً ملموساً أكثر من أي وقت مضى، فباريس التي كانت وافقت بشكل مبدئي على رغبة واشنطن (في تموز الماضي) بإرسال قوات فرنسية إلى منطقة شرق الفرات السورية لملئ فراغ انسحاب القوات الأميركية، قد تسلك مساراً مغايراً عن توجه حلف "الناتو".
الكاتب و الباحث السياسي؛ د.عبد القادر نعناع، قال خلال حديث لـ "روزنة" أنه ورغم محدودية التأثير الأوروبي في المشهد السوري، في ظل عدم توفر أدوات التدخل العسكري، مقابل تدخل رباعي (أميركي روسي إيراني تركي)، حسم أمره مبكراً، إلا أن ذلك لا يعني غياب الدور الأوروبي مطلقاً.
اقرأ أيضاً: ما سر المباحثات الماراثونية بين تركيا وروسيا حول إدلب؟
وتابع: "هناك مروحة واسعة من المواقف السياسية الأوروبية، التي تساهم (بحد أدنى) من خلال الضغط على القوى الأربعة المتدخلة أو على (النظام السوري) نفسه أو على القوى الأخرى في المشهد السوري، إضافة إلى دور إنساني وثقافي وتمويلي.. أي أن الأوروبيين حاضرون في المشهد السوري، لكن دون تأثير في مجريات الأحداث، رغم أنهم متضررون أكثر بكثير من القوى الأخرى، عبر استضافة اللاجئين وتوطينهم، دون أن يكونوا مسؤولين مسؤولية مباشرة عما يجري في سوريا".
من جانبه رأى الباحث السياسي المتخصص في العلاقات الدولية؛ د.طارق وهبي خلال حديث سابق لـ "روزنة" بأن الملفات المشتركة الدولية بين الجانبين ليست بالسهلة، خصوصاً و أن روسيا تمتلك تدخلاً مباشراً في الأزمتين السورية والإيرانية وغير مباشر بالمبيعات العسكرية إلى إيران.
وأضاف "فرنسا و بشخص وطريقة الرئيس ماكرون ترغب أن تستقطب روسيا لمسار أقرب وسطي يبحث عن إحياء الديغولية التي كانت تدعم التدخل في شؤون الدول دون الدخول طرفاً بالصراع، و ليست المرة الأولى التي تبحث فرنسا عن الدعم الروسي الصريح حول مواضيع جد مشتركة كاستمرارية الاتفاق النووي رغم تصلّب الموقف الأميركي، والبحث عن دستور جديد لسوريا بموافقة الروس وضغطهم على النظام رغم القرار العسكري المشترك الروسي السوري للقضاء على آخر تجمع للمعارضة في إدلب".
الكلمات المفتاحية