كيف سيتم التخلص من الجماعات المُهاجِرة في الشمال السوري؟

كيف سيتم التخلص من الجماعات المُهاجِرة في الشمال السوري؟
أخبار | 14 فبراير 2020
ما تزال حملة التصعيد العسكري الروسية تُسلّط نيرانها على الشمال السوري، رغم سيطرة قوات النظام السوري على طريق دمشق-حلب الدولي "إم 5"، حيث تزيد الحملة من ضغطها في عمق ريف حلب الغربي.

 وتجلى ذلك بالسيطرة على الفوج 46 على بعد 3 كلم من مدينة الأتارب؛ صباح اليوم، فيما يبدو أنه مخطط روسي لفصل مناطق المعارضة في منطقة خفض التصعيد الرابعة إلى قطاعين، قطاع جنوبي يضم مدينة إدلب والمناطق المحيطة بها شمالاً وغرباً، وقطاع آخر يضم ما تبقى من ريف حلب الغربي و كذلك الريف الشمالي لحلب.

وعقب كل التصعيد الروسي الحاصل، يجد المتابع لتطورات الأوضاع الميدانية أن أغلبية المناطق التي سيطرت عليها روسيا وطالها القصف كانت خارج إطار سيطرة قوى مصنفة على قوائم الإرهاب أو تلك المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، والتي تقول روسيا بأن حملتها العسكرية كانت موجهة ضدها فقط. 

ويُلاحظ من مناطق الاستهدافات التي حصلت خلال الفترة الماضية أنها انحصرت بمناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية، بعيدة عن مناطق انتشار "الحزب التركستاني" (في محيط مدينة جسر الشغور) أو جماعة "حراس الدين" (ريف إدلب الشمالي) وكذلك "هيئة تحرير الشام" (انطلاقاً من مركز محافظة إدلب نحو الشمال). 

وبالتوازي مع ذلك؛ كانت روسيا قد حملّت الجانب التركي المسؤولية عن تصعيد التوتر في إدلب، مؤكدة أن تركيا لا تلتزم بشكل "مزمن" بتعهداتها في إطار مذكرة سوتشي حول إدلب (أيلول 2018)، مشيرة إلى أن أهم بنود تلك المذكرة والتي استندت على اتفاقات أستانا؛ لم تكن تركيا قد التزمت بتحقيقها، وهي: فتح وتأمين الطرق الدولية التي عملت روسيا على تطبيق هذا البند بالعمل العسكري مؤخراً وهو ما رفضته تركيا خلال الوقت الحالي، كذلك تشير روسيا إلى بند تفكيك التنظيمات الجهادية في إدلب.

اقرأ أيضاً: عودة أمريكية إلى إدلب… ما علاقة "تحرير الشام"؟

ويبرز في هذا المقام التساؤل حول تأثير استمرار وجود هذه التنظيمات المُهاجرة؛ على المناطق التي تسيطر عليها ويقطنها مئات آلاف المدنيين، وكيفية التعامل مع هذه التنظيمات خلال الفترة المقبلة في ظل إصرار روسي على استمرار الحملة في ظل وجودهم؛ مقابل رغبة تركية بعقد اتفاقات نهائية حول إدلب تسحب فتيل الصدام المباشر بينهما. 

عدا عن أن العقبة الكبرى في ملف القيادات المُهاجرة للتنظيمات الجهادية في سوريا؛ تكمن في الآلية التي يمكن أن ينبني عليها حل معضلة الجماعات المهاجرة وتجنيب المدنيين السوريين أية تبعات سلبية من عمليات تفكيك تلك الجماعات. 

الباحث في مركز جسور للدراسات، عرابي عرابي، يشرح في حديثه لـ "روزنة" السيناريوهات المتوقعة للمنطقة في ظل تواجد التنظيمات الجهادية، معتبراً أن المآلات المقبلة على المنطقة محكومة بالخيارات العسكرية والسياسيّة لكل من الروس والأتراك. 

ورأى أنه وفي حال استمرار العمليّات العسكرية من قبل الروس باتجاه باب الهوى، فإن هذا سيزيد من حصار الناس ومعاناتهم إضافة إلى إسقاط الريف الغربي ومحاصرة الريف الشمالي لإدلب، إلا أن توجه النظام لمحاصرة عندان وحريتان وكفر حمرة يبدو مرجّحًا أكثر من الخيار الأول، وفق رأيه، ما يجعل التنظيمات الجهادية أمام خيار التراجع إلى المناطق التي تتحصن فيها في شمال غرب إدلب أمرًا مرجّحًا. 

قد يهمك: ما خطة روسيا بعد السيطرة على طريق حلب دمشق الدولي؟

وتابع أنه وفي حال تم الاتفاق سياسيًّا، فإن حلّ هذه التنظيمات سيكون على عاتق الأتراك مرة أخرى، وهنا ستجد هذه التنظيمات الجهاديّة بعمومها قد باتت أمام خيارين، إما المقاومة أو التفكيك، وسينبني على هذين الخيارين تبعات كثيرة. 

ما هي التبعات؟

عرابي اعتبر أن "خيار المقاومة سيزيد من كلفة تفكيكها سواء على المدنيين الذين يعانون من التهجير والنزوح المستمر بطبيعة الحال، أو على هذه الفصائل التي ستخسر عناصرها في معارك أمام الجيش الوطني أو الجيش التركي أو قوات النظام وحلفائه".

و أما في خيار التفكيك فإن عناصر التنظميات الجهاديّة المحليّة قد تتقبّله بحسب العرض الذي سُيقدّم لهم من الجيش التركي أو الوطني، أما "هيئة تحرير الشام" فإن قراءة واقع قيادة الهيئة وفق عرابي يوحي بأن الجولاني يبحث عن السلطة، وفي حال أتيح له الاندماج على نحو يحقّق له السلطة في مستقبل المنطقة فعلى الأغلب فإنه لن يتردد في الموافقة على دمج الهيئة وحكومة الإنقاذ التابعة لها، مع المجالس والفصائل المحليّة الأخرى تحت عناوين مختلفة مستقبلاً، إلا أن احتمالاً آخر بحسب الباحث السوري قد يتحقق من خلال رفض الجولاني العروض وإصراره على اتخاذ إمارة خاصة به في المناطق التي سيتحصن بها، وهنا سيكون أمام خيار القتال مع الفصائل الأخرى والجيش التركي. 

وأكمل حديثه حول معضلات التفكيك للتنظيمات الجهادية، مشيراً إلى أن ثالث المعضلات تظهر في الفصائل والشخصيات المهاجرة، حيث أن هذه الشخصيات المهاجرة بات لها صلات قرابة وزواج مع كثير من السوريين، كما أنّ أغلب عناصرها سيخضعون للمحاكمة في حال أعيدوا لبلادهم، مما يجعلهم أمام خيار المقاومة أو الاستسلام، ولا يعتقد عرابي أنهم سيختارون الاستسلام. 

وختم بالقول: "ثلاث سيناريوهات قد تتحقق؛ تأمين العناصر الذين سيعلنون بقاءهم في سوريا مع أسرهم التي ارتبطوا بها بعلاقات الزواج، وإعلانهم الاندماج مع الفصائل المحلية والثقافة السورية، أما السيناريو الثاني فهو تسهيل خروجهم ليختاروا أماكن أخرى يعيشون فيها كأفغانستان أو الصومال أو ليبيا، أما السيناريو الثالث فهو خيار المقاومة وسيترتب على هذا الخيار آثار جانبية ضد المدنيين، إضافة إلى اعتقالهم في النهاية وتسليمهم لمحاكمتهم في بلادهم". 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق