داخل مدجنة غير مؤهلة للسكن البشري، و في غرفة تُشكّل الحصر والأغطية البلاستيكية جدرانها المتداعية، اتخذت عدة عائلات سورية منها سكناً مؤقتاً لها، في ظل كارثة إنسانية تعاني منها بلدات وقرى جنوبي إدلب، وذلك إثر نزوح قسري الذي تعرّض له المدنيين بفعل التصعيد العسكري على إدلب.
تغص الغرفة بساكنيها المكلومين، ومستلزماتهم البسيطة فالثلاجة لا تصلها الكهرباء إلا فيما ندر، و فرن الغاز بانتظار المستلزمات الأساسية من أجل استعماله.
"آيات وفاطمة ومحمد وعبدالحكيم، هدول ولادي، لسا في عندي أولاد برا، بس هدول اللي معي هون"، هكذا بدأت إحدى السيدات السوريات اللواتي اتّخذن من المدجنة سكناً لهن، قصة نزوحها من منزلها في إدلب، وفق "الدفاع المدني".
وتتابع: "بالأول ما عرفنا وين نروح، يعني ضبينا أغراضنا متل هالناس، كل الحارة فضيت، والأخبار بتخوف يا أخي، خفت على أولادي، طلعت.. وقعدنا بهالمدجنة!".
مع نزوح أكثر من 500 ألف مدني خلال شهرين من المعارك والقصف في شمال غربي سوريا، لم يتبقَ للكثير أماكن يباتون فيها، ولا حتى خيمة على الحدود، حتى المدارس امتلأت، ومن امتلك الحظ منهم استطاع إيجاد بيت غير مكتمل البناء - على العظم بلا أبواب أو نوافذ – يستأجره ويتخذّه سكناً.
وتردف السيدة: "شو بدي أحكي لأحكي عن العيشة هون، شي ما كان يخطر لي ولا بخيالي، بيحرقني قلبي ع أولادي، ما شافوا من الدنيا شي".
في مكان لا تُسمع فيه إلا أصوات المعارك والقصف، الخوف هو سيد الموقف، تقول السيدة: "في هذا المكان أجلس أنا وأولادي، وأصدقاء وأقارب آخرين، أي 22 شخصاً، لا يوجد معنا رجال أبداً".
اقرأ أيضاً: مع تقدم قوات النظام في إدلب… من يسمع صوت أهالي المحافظة؟
قوات النظام السوري سيطرت على مدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي، بدعم روسي، مساء أمس الخميس، وأطبقت الحصار على النقاط التركية، في تجاهل لتحذيرات أنقرة من التقدم في المنطقة.
فريق "منسقو استجابة سوريا" أطلق نداء استغاثة، أمس الخميس، إلى العالم أجمع، قائلاً: "إلى كل العالم، نحن في إدلب، هل تسمعون صوتنا؟"، هذا النداء قد لا يجد أي تجاوب إنساني لديهم، كغيره من النداءات السابقة التي كان مصيرها التجاهل، والاكتفاء بالتصريحات الإعلامية.
النزوح مستمر في كل الاتجاهات ، وعلى طول الطرق الرئيسية في المحافظة، تجد مئات الحافلات المحمّلة بحاجيات النازحين ممتدة على مئات الكيلومترات، حاملة همومهم وأوجاعهم، ومستقبلهم المجهول، وأطفالهم الذين لم يعرفوا معنى الطفولة، في تسجيل مصور وثّقه الدفاع المدني في إدلب.
ويضطر النازحون لتحمّل جميع أشكال المعاناة، من تهجير ونزوح في ظل أجواء شتوية باردة، تحت المطر والمنخفضات الجوية، في المدارس والخيم والمداجن حتى، ومع متطلبات مادية لا يقدرون على حِملها، فلا حدود لما يعيشه المواطن المقيم في إدلب، المجهول هو ما ينتظره.
قد يهمك: إدلب: نصف مليون نازح خلال شهر… وتحذيرات من تفشي الأمراض
الأمم المتحدة، قالت في وقت سابق، إنّ أكثر من نصف مليون شخص نزحوا خلال شهرين من المعارك والقصف شمال غربي سوريا بسبب التصعيد العسكري، 80 بالمئة منهم من النساء والأطفال.
هذا ودعا الاتحاد الأوروبي لوقف الهجمات التي تستهدف المدنيين في الشمال السوري، وجاء في بيان مشترك لوزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، ومفوض إدارة الأزمات، هاينز ليناريتش، حول الوضع في إدلب، أمس الخميس، أن الاتحاد الأوروبي يحث جميع أطراف النزاع على وقف العمليات العسكرية في المنطقة.
الكلمات المفتاحية