لنتوقف عن القلق.. ونتخلص من مخاوفنا

لنتوقف عن القلق.. ونتخلص من مخاوفنا
مهارات حياة | 05 فبراير 2020

هل تعاني من المخاوف المستمرة والأفكار المقلقة؟ تعرف معنا إلى أهم النصائح التي يمكنها أن تساعدك في تهدئة عقلك وتبديد القلق الذي يأسر مخيّلتك.

 

لا تخلو الحياة الطبيعية من بعض القلق ومن بعض التخوفات والشكوك، فمن الطبيعي جداً أن نشعر بالقليل من القلق بشأن فاتورة غير مدفوعة مثلاً أو تجاه مقابلة العمل الأولى، وما إلى ذلك من الالتزامات الحياتية والاجتماعية. لكن القلق يتحول إلى ظاهرة خطيرة للغاية عندما يصبح مفرطاً، مستحوذاً على الأفكار كلها وغير متحكم به.

كأن تقلق في كل لحظة وفي كل ثانية وحيال كل شيء، وعندما لا يدور في ذهنك إلا تلك الشكوك وأسئلة "ماذا لو" المتكررة، وتلك الأفكار المتعلقة فقط بأسوأ السيناريوهات. عندها سيتداخل القلق وبشكل مدمر مع مختلف جوانب حياتك كلها.

القلق المستمر والتفكير السلبي وتوقع الأسوأ يؤثر سلباً على صحتك النفسية والجسدية ويستنزف قوتك العاطفية. ويجعلك تشعر بعدم الراحة وبالتوتر الدائم، ويسبب الأرق والصداع ومشاكل المعدة وتوتر العضلات. ويجعل من الصعب التركيز في المسائل الحيوية في بيئة العمل أو التعلم.

قد تعتقد بأن القلق سيساعدك على تجنب المواقف السيئة وسيمنع حدوث المشكلات، أو أنه سيعدّك للسيناريوهات الأسوأ وسيؤدي بك إلى الحلول للمشكلات التي تواجهها. ربما ستخبر نفسك أنك إذا واصلت القلق بما يكفي بشأن مشكلة ما، ستتمكن في نهاية المطاف من إيجاد حل لها، أو ربما تقنع نفسك بأن القلق هو الطريقة الوحيدة للتأكد من أنك لم تتجاهل أمراً ما أو تفصيلاً معيناً. اعلم أن القلق لا يخدم هدفاً نبيلاً، وينبغي أن تدرك أنه هو المشكلة بحد ذاتها وليس الحل، عندها فقط يمكنك استعادة السيطرة على عقلك وتبديد مخاوفك وشكوكك.

لحسن الحظ، هناك خطوات عملية يمكنك اتخاذها لإيقاف تلك الأفكار المتقلبة والمشككة. فالقلق المزمن عبارة عن عادة ذهنية مقيتة ويمكن كسر تلك العادة. يمكنك تدريب عقلك على التزام الهدوء والنظر إلى الحياة من منظور أكثر توازناً وأقل تخوفاً.

حارب القلق.. باتباع أهم النصائح والخطوات العملية

 

1. تخصيص فترة زمنية محددة للقلق

 

من الصعب أن تكون منتجاً في أنشطتك اليومية عندما يسيطر عليك القلق، ويستحوذ التخوف على أفكارك ويشتت انتباهك عن العمل. وهنا يأتي دور استراتيجية تأجيل القلق. فبدلاً من مجاهدة نفسك للتوقف عن القلق أو للتخلص منه نهائياً ودفعة واحدة، امنح نفسك إذناً بالشعور بالقلق، لكن بتأجيله إلى وقت لاحق.

قم بإنشاء "فترة قلق" محددة، اختر وقتاً ومكاناً محددين للقلق والتزم بهما دائماً وكل يوم. واحرص أن يكون الوقت مبكراً بما يكفي بحيث لا تشعر بالقلق قبل النوم مباشرة. خلال تلك الفترة المحددة، يُسمح لك بالقلق بشأن أي شيء يدور في ذهنك. أما بقية اليوم فيجب أن يكون وقتاً خالياً من الشعور بالقلق وبشكل كامل.

اكتب مخاوفك، إذا تبادر إلى ذهنك خلال اليوم قلق أو تخوف حيال أمر ما، فقم بتدوين ملاحظة موجزة عنه ثم تابع يومك. ذكّر نفسك أنه سيكون لديك وقت للتفكير فيه لاحقاً، لذلك لا داعي للقلق بشأنه الآن. إن كتابة أفكارك المقلقة على ورقة ما تفقدها تأثيرها السلبي وقدرتها على إحداث أي ضرر لصحتك العقلية.

بينما تتعامل مع مخاوفك بهذه المنهجية، ستجد غالباً أنه من الأسهل تطوير منظور أكثر توازناً حول الحياة برمتها، وستجد بعد حد معين أن العديد من مخاوفك لن تعد مهمة أو حرجة بعد الآن، وما عليك سوى تقليص فترة القلق الخاصة بك والاستمتاع ببقية يومك.

2. قم بتحدي أفكارك القلقة والمشككة

 

يدفعك القلق المزمن أن تنظر إلى العالم بطريقة سوداوية تجعله يبدو أكثر تهديداً مما هو عليه بالفعل. قد تبالغ في تقدير أرجحية سير الأمور نحو الأسوأ، أو أن تقفز على الفور إلى السيناريوهات المأساوية وأن تتعامل مع كل مخاوفك كما لو أنها كانت حقيقة.

وللأسف فإن التفكير وفق قاعدة كل شيء أو لا شيء والإفراط في التعميم انطلاقاً من تجربة سلبية واحدة، قد يشوه حقاً قدرتك على معالجة المشاكل الحقيقية للحياة. على افتراض أنك ستنهار عند أول تجربة سيئة وعند أول علامة على وجود مشكلة ما.

خلال فترة القلق الخاصة بك والمحددة من قبلك، تحدى أفكارك السلبية والمؤذية لصحتك العقلية من خلال طرح الأسئلة التالية على نفسك. وخلال رحلة التأمل والبحث عن الإجابات، ستجد أن جميع الشكوك والمخاوف قد تلاشت بالفعل وستنطلق للحياة من جديد وفق منظور مختلف تماماً وبمقاربات أكثر صحة وأكثر فاعلية.

اسأل نفسك..
ما هو الدليل على أن شكوكي ومخاوفي صحيحة؟ قد لا تكون كذلك مطلقاً؟
هل هناك طريقة أكثر واقعية للنظر إلى الوضع الراهن ومعالجة المشكلة الحالية؟
ما هو احتمال حدوث ما أخشاه فعلاً؟ إذا كان الاحتمال ضئيلاً، فما هي النتائج الأكثر ترجيحاً؟
هل مخاوفي مفيدة؟ كيف سيساعدني القلق حيال ذلك وكيف سيؤذيني؟
ماذا يمكنني أن أقول لصديق لي في حال كان لديه نفس الشعور بالقلق وذات الشكوك؟

3. التمييز بين المخاوف القابلة للحل وغير القابلة للحل

 

تظهر الأبحاث أنه في الوقت الذي تشعر فيه بالقلق قد تشعر بأن بعض من مخاوفك قد زال. إذ أن إشغال مخيّلتك في مشكلة ما يصرف انتباهك عن بعض المشاعر السلبية الأخرى، ويجعلك تشعر وكأنك قد أنجزت شيء. لكن القلق وحل المشكلات أمران مختلفان تماماً.

يتضمن حل المشكلات أولاً، تقييم الموقف ومن ثم الخروج بخطوات ملموسة للتعامل مع المشكلة، ثم وضع خطة متكاملة لآلية الحل وأخيراً البدء بتنفيذ تلك الخطة. لكن القلق بالمقابل، نادراً ما يؤدي إلى حلول. فبغض النظر عن الوقت الذي تقضيه في التفكير بالسيناريوهات الأسوأ، القلق لن يجعلك مستعداً للتعامل معها في حال حدوثها بالفعل.

إذا كان القلق قابلاً للحل، ابدأ في طرح الأفكار. ضع قائمة بجميع الحلول الممكنة التي يمكنك التفكير بها. حاول ألا تجهد نفسك بالبحث عن الحل الأمثل. ركز فقط على الأشياء التي لديك القدرة على تغييرها. بعد قيامك بتقييم خياراتك، ضع خطة عمل. وبمجرد أن تكون لديك خطة وتبدأ في تنفيذها ستشعر بأن مخاوفك قد بدأت بالتلاشي.

اقرأ أيضاً: فهم الذات! مفتاح النجاح الوظيفي وتحقيق السعادة

 

أما إذا كان القلق غير قابل للحل، فاقبل بحالة عدم اليقين. فالقلق في منظور الكثيرين أداة يحاولون من خلالها التنبؤ بالمستقبل. وأنها طريقة لمنع المفاجآت غير السارة والتحكم بالنتيجة. لكن المشكلة الحقيقية هي أن هذه الأداة لا تعمل. فالتفكير في كل الأشياء التي يمكن أن تحدث لا يجعل الحياة أكثر قابلية للتنبؤ. وإنما التركيز على أسوأ السيناريوهات سوف يمنعك فقط من الاستمتاع بالأشياء الجيدة التي لديك في الوقت الحاضر. لتتوقف عن القلق، استسلم إلى السير الطبيعي للحياة وأقبل بحالة عدم اليقين وأعلن عدم حاجتك إلى الإجابات الحتمية.

4. مقاطعة تدفق الأفكار المقلقة

 

إذا كنت تقلق بشكل مفرط مما يجعل الأفكار السلبية تدور في ذهنك بتكرار لا نهاية له. قد تشعر أنك ستخرج عن نطاق السيطرة، أو أنك على وشك الانهيار تحت وطأة كل هذا القلق. سارع إلى اتخاذ التدابير العملية التي من شأنها قطع الطريق أمام كل تلك الشكوك والمخاوف وامنح نفسك مزيداً من الوقت الممتع.

إن الحركة المستمرة والتمارين الفيزيائية علاج طبيعي وفعال ضد القلق. فهي تخفف التوتر والإجهاد وتعزز الطاقة وشعورك بالراحة. ومن خلال التركيز حقاً على شعورك بجسمك أثناء الحركة، يمكنك مقاطعة التدفق المستمر للقلق الذي يمر عبر دماغك.

ويعمل التأمل أيضاً على تحويل تركيزك من القلق بشأن المستقبل أو التعمق في الماضي إلى التفكير فقط بالوقت الحاضر. ومن خلال الانخراط بشكل كامل بما يحدث الآن، يمكنك حتماً قطع تلك الحلقة اللانهائية من الأفكار والمخاوف السلبية.

5. تحدث عن مخاوفك مع الآخرين

 

قد يبدو هذا حلاً مبسّطاً، ولكن التحدث وجهاً لوجه مع الأصدقاء الموثوق بهم أو أحد أفراد أسرتك، أو مع أي شخص سوف يستمع إليك دون إطلاق الأحكام المسبقة أو توجيه النقد المستمر، هو لا شك أحد أكثر الطرق فعالية لتهدئة نظامك العصبي وتبديد القلق والمخاوف. فالاحتفاظ بالشكوك لنفسك يؤدي فقط إلى تراكمها حتى تصبح مدمرة. لكن من المؤكد أن الحديث عنهم بصوت عال يمكن أن يساعدك على فهم ما تشعر به ووضع الأمور في نصابها الصحيح مجدداً.


الكلمات المفتاحية
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق