شباط… "الشهر الحاسم" في الملف السوري

شباط… "الشهر الحاسم" في الملف السوري
سياسي | 05 فبراير 2020
مالك الحافظ|| حملت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأربعاء، حول التطورات الميدانية في إدلب، مؤشراً لافتاً يدلل على أن شهر شباط قد يكون شهراً حاسماً بالنسبة إلى الشأن السوري. 

 تصريحات الرئيس التركي التي جاءت بعد اتصال هاتفي جمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، مساء أمس، وأعلنت تهديداً ظاهرياً لقوات النظام السوري بضرورة انسحابهم إلى ما وراء حدود نقاط المراقبة التركية، بعد سيطرة النظام على مساحات واسعة من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي (أماكن تواجد النقاط التركية) خلال الفترة الماضية، كان أهمها مدينة معرة النعمان؛ ذات الأهمية الاستراتيجية على الطريق الدولي "إم 5"  الواصل بين دمشق وحلب. 

إلا أن التهديدات التركية وبحسب مراقبون تصب أيضاً في سياق إعطاء قوات النظام السوري وحليفها الروسي حتى أواخر الشهر الجاري من أجل إنهاء العمليات العسكرية الهادفة إلى السيطرة على كامل المناطق المحيطة بالطريق الدولي "إم ٥"، ما يعني تقدم تلك القوات نحو مدينتي سراقب وأريحا، وهو الأمر الذي يعتبر عملياً ينم عن استمرار التفاهمات التركية الروسية حول وصول النظام السوري إلى الطرق الدولية وحماية وتأمين تلك المنطقة لاحقاً عبر دوريات روسية-تركية مشتركة.

اقرأ أيضاً: بين مدينتي إدلب و سراقب… أين تتجه قوات النظام؟

وطالب أردوغان خلال تصريحاته؛ قوات النظام السوري "بالانسحاب إلى ما وراء خطوط نقاط المراقبة التركية بحلول نهاية فبراير وإلا سنتصرف"، وأضاف "إذا تطلب الأمر فإن القوات المسلحة التركية سوف تعمل جوا وبرا بحرية وستنفذ عملية عسكرية إن لزم الأمر في إدلب".

إذاً فإن تصريحات الرئيس التركي كيفما كان توجهها خلال الفترة الحالية، فإن ذلك سيؤدي بنا بأي حال من الأحوال للقول بأن شهر شباط سيكون محطة ذات أبعاد مؤثرة على مسار الملف السوري خلال الفترة المقبلة.

العسكري قبل السياسي

وليس ببعيد عن تصريحات الرئيس التركي، فإن توقيت هذه التصريحات المتزامنة مع تطورات لافتة على الصعيد الميداني في الشمال السوري، مع قرب عقد الجولة الـ15 من مباحثات أستانا، والتي دائما ما تحمل جولاتها عقدة تثبيت لما تم تحصيله عسكرياً من قبل الروس والنظام السوري.

 لذا فإن المهلة المحددة في تهديدات أردوغان تشير بما معناه إلى ضرورة إيقاف هذه الحملة "ولو مؤقتاً" إلى ما بعد جولة أستانا المقبلة والمقرر عقدها في مطلع آذار المقبل، على أن يتم التباحث حول تبعات التقدم الأخير للضامن الروسي في مدينة معرة النعمان والقرى المحيطة، وقد يشمل التباحث أيضاً مدن أخرى مثل سراقب فيما لو استطاعت قوات النظام السوري السيطرة عليها خلال المهلة الممنوحة لهم. 

قد يهمك: منطقة آمنة في إدلب مقابل تفكيك تحرير الشام… هل يحدث ذلك؟

وكانت الجولة الـ14 من مباحثات أستانا اختتمت في منتصف شهر كانون الأول الماضي، بالتأكيد على ضرورة تنفيذ الاتفاقات المرتبطة بمنطقة خفض التصعيد في إدلب، حيث جاء في البيان الختامي أن الدول الضامنة لمسار أستانا (روسيا، تركيا، إيران) شددت على "رفض جميع المحاولات الرامية إلى خلق واقع جديد على أرض الواقع، بما في ذلك مبادرات الحكم الذاتي غير المشروعة، بذريعة مكافحة الإرهاب".

كما رحبت الدول الضامنة بالاتفاق الروسي التركي حول شمال شرق سوريا، و عبرت عن "رفضها للاستيلاء والتوزيع غير المشروعين لعائدات النفط السوري"، وذكر البيان أن الدول الثلاث أكدت على أن لا حلاً عسكرياً في سوريا، وأنها تدعم العملية السياسية بناء على قرارات الأمم المتحدة ذات الشأن.

اللجنة الدستورية إلى أين؟

كذلك يبرز ضمن السياق ذاته، تصريحات المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، الشهر الفائت، والتي حدد فيها موعداً لعقد جولة جديدة للجنة الدستورية على ألا يتجاوز هذا الموعد شهر آذار المقبل، ما يعني أيضاً أن فترة من التهدئة سيشهدها الشمال السوري قد تكون في آذار، وذلك بما يلزم للعودة إلى المسار السياسي، بخاصة وأن روسيا قد يبدو أنها استطاعت فرض سيناريو عقد جولات اللجنة الدستورية كما هو الحال في جولات أستانا بعد كل تقدم عسكري، و ليكون بالمحصلة التقدم العسكري والقضم التدريجي لمناطق المعارضة في مصلحة النظام وحليفه الروسي كورقة ضغط سياسية لديهم في أروقة المسار السياسي. 

اقرأ أيضاً: قطار اللجنة الدستورية "متعطل"... والمعارضة غير مستقرة

وكان من المقرر عقد الجولة الثالثة من اللجنة الدستورية في منتصف كانون الأول الماضي، إلا أن عرقلة وفد النظام لإجراء جلسات تباحث في الجولة الثانية التي انتهت بدون تحقيق أي تقدم، دفع الأمم المتحدة وفق مصادر معارضة -آنذاك- إلى اقتراح يوم الـ 15 من كانون الثاني الفائت لعقد جولة جديدة، غير أن التصعيد العسكري في الشمال وتوتر الأوضاع الميدانية المفتعل من قبل النظام السوري حال دون قدرة على الالتزام بالموعد المقترح. 

وأعرب بيدرسن، نهاية الشهر الفائت، عن أمله بأن تعقد اللجنة الدستورية اجتماعا جديدا في شباط، أو آذار المقبل، وقال على هامش مشاركته في منتدى "دافوس" الاقتصادي: "آمل أن تكون هناك فرصة لعقد اجتماع جديد للجنة الدستورية السورية في شباط أو آذار"​​.

كذلك فقد حاول بيدرسن خلال زيارة له، الأسبوع الماضي إلى دمشق، التقى خلالها وليد المعلم، بحث تحديد موعد لجولة جديدة من اجتماعات اللجنة الدستورية، إلا أن الزيارة انتهت بدون الإعلان عن مخرجاتها.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق