منطقة آمنة في إدلب مقابل تفكيك تحرير الشام… هل يحدث ذلك؟

منطقة آمنة في إدلب مقابل تفكيك تحرير الشام… هل يحدث ذلك؟
أخبار | 04 فبراير 2020
رغم عدم اتضاح صورة المشهد بشكل جليّ في إدلب بعد تطورات ميدانية عدة وقعت هناك خلال اليومين الماضيين، سواء في سيطرة قوات النظام السوري على بلدة النيرب القريبة من مركز محافظة إدلب، أو مقتل الجنود الأتراك بعملية قصف استهدفتهم فيها قوات النظام.

إلا أنه يبدو وعلى ضوء الرسائل السياسية المتبادلة بين موسكو وأنقرة والتواصلات المشتركة مؤخراً، بأن تطوراً محتملاً سينتج خلال الأيام المقبلة قد يرسم شكلاً مختلفاً للمنطقة. 

رغم أن كلا الطرفين قاما بتحميل بعضهما مسؤولية ما يحصل من تصعيد خطير في المنطقة و عدم الالتزام بتنفيذ تعهدات اتفاق سوتشي حول إدلب (أيلول 2018)، حيث قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بعد ظهر اليوم، أن تركيا لا تلتزم بمجموعة من التعهدات الأساسية لحل مشكلة إدلب، داعياً تركيا إلى التنفيذ الصارم لاتفاقيات سوتشي حول إدلب.

من ناحيته كان وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، قال اليوم الثلاثاء، إنه تقع على عاتق روسيا مهمة كبيرة لإيقاف "وقاحة نظام الرئيس السوري بشار الأسد" التي زادت في الآونة الأخيرة، بحسب تعبيره، وأشار في سياق آخر إلى أن "الجروح بدأت تصيب مساري أستانا وسوتشي ولكنهما لم ينتهيا تماما".

تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء، بددت تماماً كل الرهانات التي كانت تدعي بتصعيد غير مسبوق بين الروس والأتراك، حيث قال أن تبعات القصف السوري للقوات التركية لن تتطور إلى نزاع مع روسيا، وقال "ليست هناك ضرورة للدخول في نزاع مع روسيا في هذه المرحلة، لدينا معها مبادرات استراتيجية جادة للغاية".

التأخر بتنفيذ اتفاق سوتشي… 

الباحث في الشأن السوري، طالب الدغيم، قال في حديث لـ "روزنة" أن التطورات الميدانية في إدلب أثبتت بأن الروس متجهين إلى الحسم العسكري بسياسة التدمير الشامل والقصف العشوائي بكل أنواع الأسلحة، معتبراً بأنهم خالفوا اتفاق سوتشي الذي يقضي بتفكيك الجماعات المتطرفة ومن ثم نشر قوات روسية تركية على الطريقين "ام 4" و "ام 5".

وتابع بأن "الروس وحلفائهم قرروا إنهاء موضوع إدلب والتفرغ لمنطقة شرقي الفرات ليحصلوا على ما يمكنهم تحصيله بمساوماتهم مع قوات سوريا الديموقراطية". 

إدلب: نصف مليون نازح خلال شهر… وتحذيرات من تفشي الأمراض 

واعتبر الدغيم أن الجانب التركي شعر بانتهاك الاتفاقات من الجانب الروس، مما جعل الأخير يرسل تعزيزات عسكرية لنقاط المراقبة في الشمال السوري، وينشأ نقاط جديدة على جانبي الطريقين الدوليين وفي غربي حلب. 

و أضاف في سياق مواز بأن تصاعد اللهجة التركية بعدم صمت القوات التركية، وذهاب الرئيس التركي لأبعد من ذلك عندما أعلن من أوكرانيا بأن ضم الروس لشبه جزيرة القرم غير شرعي، معتبراً أن ذلك يدل  على تقارب تركي مع الجانب الأميركي، ويعني بأن أي تصعيد في المستقبل سيكون بغطاء مباشر من حلف شمال الأطلسي "الناتو"، "سيما و أن تركيا استشعرت خطر تدفق مئات الآلاف من العائلات من إدلب وشمال حلب وهو ما سيتبعه متاعب لأوروبا أكبر من الماضي".

منطقة آمنة ورسائل سياسية...

في هذا السياق أكد الرئيس التركي، يوم أمس الاثنين، على أن بلاده لم ولن تعترف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية بطريقة غير شرعية، في رسالة كان قد قرأها الكثيرين بلغة التصعيد الديبلوماسي بين تركيا وروسيا رداً على تطورات ملف إدلب. 

تصريحات أردوغان التي أشار فيها أيضاً إلى أن تركيا دافعت عن وحدة الأراضي الأوكرانية في كافة المحافل الدولية، وبأنها تدعم كافة الجهود الرامية لإيجاد حل سلمي للوضع القائم في شرقي أوكرانيا، رآها الكاتب والمحلل السياسي، د. زكريا ملاحفجي، بأنها تأتي ضمن تحركات أنقرة بضغوطها الممارسة على روسيا، لافتة إلى أنها تدخل ضمن إطار التفاوض مع الروس والضغوطات السياسية عليهم من أجل تحقيق الهدف، وفق تعبيره.

وحول السيناريو المتوقع للمنطقة، اعتبر ملاحفجي خلال حديثه لـ "روزنة" بأن ملف إدلب يسير باتجاه منطقة آمنة إلى "حد معين" لا يسمح للنظام و الروس أن يتقدموا أكثر هناك. 

ماذا بعد سيطرة روسيا على معرة النعمان؟

وتابع في هذا السياق "هناك مصلحة متبادلة بين الطرفين روسيا و تركيا ولا يمكن التضحية بها، لكن أعتقد أن تركيا ستبذل كل الجهود لأن يكون هناك منطقة آمنة و ألا يحصل أي تقدم كبير". 

ونوه ملاحفجي إلى عدم إمكانية وضوح شكل المنطقة خلال الأيام المقبلة، إلا أنه رجّح أن يكون هناك منطقة آمنة بحيث تتحول المناطق ابتداءاً من مركز محافظة إدلب باتجاه الشمال منها؛ إلى حالة تشبه مناطق "درع الفرات" و "غصن الزيتون"، وبأن تكون مكاناً آمناً بعيد أي عن أي قصف وتصعيد عسكري، وختم بالقول "بغير ذلك فإن الملف سيدخل في نفق صعب، ولا أعتقد ان تركيا ستغامر بغير هذا السيناريو وستضغط بشكل كبير في هذا الأمر". 

وكانت الأمم المتحدة، أعربت يوم أمس الاثنين، عن قلقها إزاء الاشتباكات التي وقعت بين الأتراك وقوات النظام السوري في إدلب، داعية الطرفين إلى "خفض التوتر" في المنطقة.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، في نيويورك، بأن "الاشتباكات بين الجنود الأتراك والقوات الحكومية السورية في إدلب تدعو للقلق"، وأضاف: "استمرار الحرب والتوتر في سوريا يؤكد التهديدات التي يشكلها الصراع على السلم والأمن الإقليمي والدولي".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق