كيف تحول رمز الهاشتاغ أو ما يعرف في عالمنا العربي بعلامة الوسم من كونه رمزاً تقليدياً في ثقافة البرمجة وعلم الحاسب، إلى أداة تنظيمية رئيسية وعلى نطاق واسع. فخلال عقد من الزمن، غير الهاشتاغ جذرياً الطريقة التي نبحث بها ونتشارك من خلالها المحتوى عبر الإنترنت وفي شبكات التواصل الاجتماعي.
في الفترة التاريخية التي سبقت نشأة الإنترنت وشبكات التواصل، كانت تسمية الرمز # تختلف من مكان إلى آخر. فقد أطلق عليه الأمريكيون علامة الباوند أو رمز التعداد، في حين أطلق عليه البريطانيون الاسم هاش. أما حالياً وفي سياق الإنترنت والعالم المتصل، ندعوه جميعنا بـالهاشتاغ أو الوسم.
ينتشر استخدام الرمز هاشتاغ في الوقت الراهن ضمن وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير للغاية، فجميع المنصات الرئيسية توظف الوسوم بشكل أو بآخر لدعم المهام الوظيفية الحيوية والتفاعلية بين المستخدمين.
الوسم العتيق..
جرى استخدام رمز الوسم # لأول مرة عام 1988 ضمن بروتوكول التواصل الشبكي الشهير IRC. حيث كانت المهمة الرئيسية للرمز تتمثل في تصنيف مجموعات المستخدمين، وجدولة موضوعات المناقشة المتاحة والمنتشرة عبر الشبكة بأكملها. تم استخدام الهاشتاغ أيضاً لتجميع الرسائل وتصنيف المحتوى المتشابه، وذلك لجعل مسألة بحث المستخدمين عن المعلومات ضمن الشبكة أكثر كفاءة وأكثر فاعلية.
وسم تويتر.. وما بعده
لم تكن ميزة علامة التصنيف هاشتاغ مضمّنة في تويتر منذ بداية تأسيس الشركة. فخلال الفترات الأولى، كان يشتكي المستخدمون من أنهم يشاهدون محتوى غير ذي صلة، وغير الذي يودون مشاركته ومناقشته مع أصدقائهم في منصة التواصل. وبحثاً عن حل لهذه المشكلة، قام كريس ميسينا وهو أحد المهندسين العاملين لدى تويتر، بالبحث عن الحلول مستلهماً من البروتوكول الشبكي IRC وقام بإطلاق العنان لأول علامة هاشتاغ لتويتر في 23 أغسطس آب 2007.
لكن، لم تلق علامة هاشتاغ الشعبية الكبيرة والانتشار الواسع إلا بعد اندلاع حرائق كاليفورنيا في أكتوبر تشرين الأول 2007، وتغطية تويتر لتطور الأحداث آنذاك والتفاعل الكبير من قبل المستخدمين.
المفارقة تكمن في أن شركة تويتر في البداية لم تدعم بشكل كامل مقترحات ميسينا باستخدام علامة التصنيف هاشتاغ، وأيقن كريس أنه ينبغي البحث عن الفرصة المناسبة التي ستجعل تويتر بنهاية المطاف تقبل باقتراحاته.
خلال أحداث حرائق الغابات في كاليفورنيا، كان أحد المواطنين وهو نيت ريتر، يغرد ضمن شبكة التواصل حول الحرائق لجذب الانتباه إلى الكارثة وكانت تغريداته تلقى التفاعل الواسع. في الوقت نفسه، لاحظ المهندس كريس أن عبارة SanDiegoFire تستخدم كعلامة مميزة في موقع فليكر لمشاركة الصور. ألهم هذا كريس للوصول إلى ريتر والاقتراح عليه استخدام العبارة نفسها مسبوقة بعلامة الوسم أي SanDiegoFire# وتضمينها في جميع التغريدات ذات الصلة.
أصبحت تغريدات ريتر معروفة أكثر ولاقت تفاعلاً أوسع. وانتشر بعد ذلك في أوساط رواد موقع التواصل استخدام علامات التصنيف هاشتاغ كأداة لتجميع المحتوى.
في عام 2009، تبنت تويتر رسمياً الهاشتاغ وأدخلت في الخدمة أداة للبحث، تمكّن المستخدمين من رؤية من هو الجمهور الحالي الذي يتفاعل مع علامة تصنيف معينة أو هاشتاغ معين. وفي العام التالي، قدم تويتر ميزة "الموضوعات الرائجة" والتي تعرض علامات التصنيف هاشتاغ الأكثر شعبية ضمن إيطار زمني معين.
تعرف معنا على المزيد: تويتر أصبح ممتعاً أكثر فأكثر.. تعرّف على ميزاته الجديدة المذهلة!
شرعت بعد ذلك بقية منصات التواصل الإجتماعي في تبني فكرة الهاشتاغ وأصبح الوسم من القاموس الأساسي للإنترنت. استخدمه انستغرام منذ اليوم الأول لإطلاق المنصة في عام 2010. أضافه فيسبوك لاحقاً في عام 2013. وحالياً تتيح العديد من المنصات مثل تومبلر وبينتريست للمستخدمين تجميع المحتوى من خلال استخدام الرمز # أيضاً.
الوسم الذكي..
إليك أبرز النصائح لاستخدام الهاشتاغ أو الوسم بالشكل الصحيح، ولجعل المحتوى الخاص بك قابلاً للاكتشاف بطريقة أكثر فاعلية.
-
اجعل أعداد الوسوم قليلة، فوسم واحد أو وسمان له تأثير أكبر بكثير.
-
استخدم الوسوم القصيرة ولا تنس اختيار كلمات مفتاحية محددة وليست عامة.
-
لا تضع كلمات لا يبحث عنها أحد في محاولة لأن تكون مميزاً.
-
استخدم الهاشتاغ والوسوم التي تضيف قيمة إلى المنشور.
-
استخدم الوسوم نفسها التي يستخدمها المؤثرون على شبكات التواصل.
رمز الحركات الجماهيرية!
منذ دخول الهاشتاغ وعلامة الوسم إلى الساحة العريضة للإنترنت العالمي، انتقلت علامة التصنيف من كونها وسيلة لتجميع المحتوى، لتصبح أداة لا غنى عنها في أي حراك شعبي أو أي تفاعلات جماهيرية. ففي عام 2011، استخدمت على نطاق واسع لتنسيق ثورات الربيع العربي.
ويتم استخدام العديد من الوسوم حالياً لرفع مستوى الوعي حول القضايا المجتمعية والسياسية الشائكة، ولجذب الانتباه العام إلى الظواهر التي تعاني منها المجتمعات، لفتح أبواب النقاش الموسع والسعي لإيجاد الحلول المناسبة. وأصبح السؤال المطروح الآن، ليس "كيف سننظم الموضوعات والمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي؟" وإنما "ما هي الحركة الشعبية التالية التي ستستلهمها علامة هاشتاغ؟".