ماذا بعد سيطرة روسيا على معرة النعمان؟

ماذا بعد سيطرة روسيا على معرة النعمان؟
أخبار | 29 يناير 2020
اتسعت دائرة سيطرة قوات النظام السوري مع حليفها الروسي بعد دخولهم مدينة معرة النعمان ليلة الأربعاء، وهو التطور الذي يشير إلى أن الخيار العسكري كان أولوية لدى دمشق وموسكو رغم الاتفاقات الروسية-التركية حول التهدئة في منطقة خفض التصعيد الرابعة والرامية إلى منع تقدم قوات النظام إلى مدن وبلدات محافظة إدلب بشكل رئيسي.

توقعات المتابعين لا تقف عند سقوط معرة النعمان من أيدي المعارضة؛ بل قد تصل وفقها إلى باقي المدن المحيطة بالطريق الدولي (أريحا، و سراقب)، مدفوعين بذلك إلى عوامل عدة، ليس آخرها الإصرار الروسي على المضي في الخيار العسكري خلال الفترة الحالية بفعل حالة الصراع على الملف السوريؤ مقابل ملفات أخرى. 

وكانت قوات النظام اقتحمت أمس الثلاثاء المدينة الخالية تقريبا من سكانها جراء القصف الهستيري الذي طالها، وسيطرت على جزء كبير منها، وبحلول الليل سيطرت على ما تبقى منها بعد اشتباكات استمرت بضع ساعات، لتوسع بذلك نطاق سيطرتها على الطريق الدولي الذي يربط دمشق بحلب ويمر عبر محافظة إدلب.

المحلل العسكري، العقيد خالد القطيني، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أن سقوط معرة النعمان وسيطرة الروس والإيرانيين إلى جانب قوات النظام السوري عليها ما هو إلا امتداد لسقوط قرى شرق السكة ومدن ريف حماة الشمالي و إدلب الجنوبي، عازياً ذلك إلى الخذلان التآمر العربي والدولي على القضية السورية بالتزامن مع التدخل الروسي بكل قوته وطاقته العسكرية إلى جانب الإيرانيين، وهو ما ساعد النظام على قلب كافة موازين القوى.

ونوه بأن سقوط أي منطقة يقف وراءه عدة أسباب أولها يتمثل بضعف خطوط الدفاع التي تم إنشاؤها شرق وجنوب إدلب منذ تشكيل حدود المنطقة العازلة في الثلث الأوّل من عام 2018، إضافة إلى غياب السلاح الثقيل للفصائل الكبيرة في معارك الدفاع مقابل امتلاك قوات النظام وحلفائها عدة وعتاد ضخم إضافة لغطاء جوي روسي كامل، ودعم لوجستي كامل.

اقرأ أيضاً: معرة النعمان في قلوب أبنائها…"أرواحنا متجّذرة في هذه الأرض"

ويضاف إلى تلك الأسباب "امتناع هيئة تحرير الشام عن المشاركة والزج بكل ثقلها وبكامل قوتها في معارك القتالية الصد أو الهجوم وامتناعها أيضاً عن إعادة السلاح الثقيل الذي استولت عليه و صادرته من باقي الفصائل"، كذلك فإن الطبيعة الجغرافية السهلية للمنطقة سمحت لقوات النظام بالتقدّم السريع في ظل أفضلية الغطاء الناري الصاروخي والمدفعي والجوي الذي تقدّمه روسيا وإيران، وفق اعتبار القطيني.

من ناحيته رأى الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي، أن سقوط معرة النعمان جاء بشكل عام نتيجة للتنسيق التركي الروسي في الشمال السوري وتطبيقاً لمخرجات إجتماعات أستانا وإجتماع سوتشي مابين الرئيسان التركي رجب أردوغان و الروسي فلاديمير بوتين، فضلا عن عدم وفاء تركيا بالتزاماتها بما يخص إدلب وتحديداً ما يتعلق بـ "هيئة تحرير الشام" وإخراجها من معادلة الصراع. 

وتابع في السياق ذاته بأن "تركيا استطاعت الضغط على حلفائها في الجيش الوطني بعدم المشاركة الفعالة مع الموافقة على تصعيد روسي في المنطقة لتطبيق مخرجات سوتشي في السيطرة على الطرق الدولية"، أضاف مفنداً أسباب خسارة معرة النعمان وفق رأيه بأن "الكثافة النارية للروس يقابله تخلي لفصائل الجيش الوطني عن واجبها ومشاركته "بشكل خجول" وبذات الوقت عدم المشاركة الفعالة من قبل الهيئة كونها  تخشى من استغلال الفصائل الفرصة للانقضاض عليها من جهة، وكون فصائل الجيش الوطني ملتزمة باتفاقات أستانا". 

ما مصير باقي المناطق المحيطة بالطريق الدولي؟ 

كما لفت علاوي إلى أن قواعد الاشتباك واستمرارية المعارك تخضع لتوافقات سياسية جديدة قد تحصل، ما ينتج عنها تطوير اتفاق سوتشي، وبناء على ذلك فإن القوات الروسية قد تصل إلى حدود سراقب وأريحا وربما تذهب بعيداً في السيطرة عليها، في حال استمر التردد التركي في إدلب. 

وأشار خلال حديثه لـ "روزنة" إلى أنه و رغم محاولة تركيا إدراج الملف الليبي في محاولة عقد صفقة مع الروس حول إدلب إلا أنها فشلت في ذلك بسبب المواقف الدولية بما يخص ليبيا، مرجحاً بتوقف العمليات العسكرية لفترة قصيرة، كي تسمح باتفاق سياسي جديد بين روسيا وتركيا، وهو ما قد يكون حمله لافرنتييف (المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا) في زيارته الأخيرة لدمشق، بحسب تقديره.

من جانبه اعتبر العقيد القطيني أنه إذا ما بقي الحال على ما هو عليه فإن مصير سراقب و أريحا وجسر الشغور لن يكون مختلفا عن مصير خان شيخون أو معرة النعمان، ما يعني استمرار المعارك حتى تسيطر روسيا على كامل الطرق الدولية. 

قد يهمك: قوات النظام تسيطر على معرة النعمان جنوبي إدلب

و تابع "علينا ألا ننسى الهجمة البربرية والقصف العنيف والحشودات على ريف حلب الغربي والجنوبي في إطار التحضير لعملية عسكرية واسعة التي قد بدأت جزء منها؛ لأنه و بنظر الروس فإن تأمين ريف حلب الغربي، هو ما يساعدهم على فتح جبهات جديدة في أرياف إدلب، وخلق إطار ناري في محيطها من الجنوب وحتى الشمال... هدفهم من جبهة ريف حلب الغربي ربطها مع ريف إدلب، وتضييق الخناق؛ وما معارك المعرة وكفرومة إلا خير شاهد ودليل… بات لزاماً على قادة الفصائل أن يخرجوا اليوم للعلن ويصارحوا الشعب بما حصل ويبرأوا أنفسهم من الاتهامات بتسليم المنطقة، تكراراً لما حصل شرقي سكة الحديد، والذي قد يتكرر في سهل الغاب وريف حلب… من صمد في تل ملح القرية التي لاتتعدى بضع منازل مكشوفة، كيف له أن يترك أحراش القصابية وعابدين ومدن اللطامنة وخان شيخون تسقط دون قتال من قبل فصائلهم العرمرمة". 
 
وختم بالقول "لماذا نُحمّل بعض الدول الصديقة المسؤولية و نترك الفصائل التي طغت وكبرت وبغت على نفسها وسيرت الدبابات والأرتال في المحرر وبنت الحكومات وسلّطتها مع قبضتها الأمنية على رقاب الشعب وفي كل انتكاسة تتملص".

وقال الرئيس التركي رجب أردوغان، اليوم الأربعاء، إن روسيا غير ملتزمة باتفاقي سوتشي وأستانا، مضيفا أنه إذا ظلت موسكو ملتزمة بالاتفاقين فستستمر أنقرة في الالتزام.

وأوضح أردوغان أنه "لم يتبق شيء اسمه مسار أستانا.. علينا -نحن تركيا وروسيا وإيران- إحياؤه مجددا والنظر فيما يمكن أن نفعله"، وتابع "إذا التزمت روسيا باتفاقي سوتشي وأستانا، فإن تركيا ستواصل الالتزام بهما.. روسيا لم تلتزم حتى الآن بالاتفاقين".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق