أكثر من نصف قرن من الزمان قدّم الممثل السوري دريد لحّام، عشرات الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية منذ أوّل عمل له عام 1960 في مسلسل "سهرة دمشق".
في العاصمة السورية دمشق، وُلد الممثل السوري دريد لحام، عام 1934، من أب سوري وأم لبنانية تنحدر من قضاء بلدة مشغرة في قضاءِ البقاع الغربي.
هو أستاذ المدرسة الذي تحوّل إلى عالم المسرح، ثم إلى التلفزيون لتسجّل باسمه عشرات الأعمال المسرحية والدرامية إضافة إلى الأغاني والبرامج التلفزيونية.
البداية من التدريس
لم تكن بداياته في عالم التمثيل المسرحي والتلفزيوني، وإنما كانت البداية مرهقة عندما عمل حداداً في مرحلة التعليم الابتدائي، ثم بائعاً للأقمشة، وفي مهنة الكوي، وخياطاً، إضافة إلى مهن عديدة بينما كان يدرس العلوم الكيميائية في جامعة دمشق، والتي تخرّج منها عام 1958.
حصل بعدها على دبلوم في التربية، ليعمل بعدها أستاذاً في بلدة صلخد في السويداء جنوبي سوريا، ثم محاضراً في جامعة دمشق قبل أن ينتقل إلى عالم التمثيل، رغم معارضة عائلته له، كما يقول.
صباح قباني.. البداية
في عام 1960، تسلّم صباح قباني (الدبلوماسي السوري وشقيق نزار قباني)، إدارة التلفزيون العربي السوري منذ ولادته، طلب حينها انضمام دريد لحام بينما كان أستاذاً إلى التلفزيون ليقدًموا صورة جديدة عن الأعمال الفنية عكس ما كانت عليه سابقاً، وهو ما صرّح به قباني لإذاعة صوت الشباب عام 2007.
تعرّف حينها دريد لحّام على الفنان والمخرج السوري نهاد قلعي وفنانين آخرين كمحمود جبر وخلدون المالح، وكانت الغاية هي تقديم سهرة كوميدية استعراضية تكون بمثابة حدث مميز للتلفزيون السوري في بدايته.
برفقة نهاد قلعي، شارك دريد لحّام في أول أوبريت مسرحي في عام 1961 تحت اسم "عقد اللولو" الذي تحوّل لاحقاً إلى فيلم سينمائي.
وباتت الأعمال اللاحقة ترتبط بشكل أكبر بالاسمين "نهاد ودريد" ومنها فيلم (لقاء في تدمر) عام 1956، وفندق الأحلام عام 1966، وصولاً إلى العمل الأكثر شهرة (حمام الهنا) والذي كتبه نهاد قلعي عام 1967، وأخرج للعالم شخصيتي غوار الطوشة وحسني بورظان، ثم مسلسل (صح النوم) الذي نال شهرة عربية واسعة، وهو أيضاً من تأليف نهاد قلعي.
وتوالت بعدها الأعمال الفنية والنجاحات لدريد لحام، حتى على مستوى المسرح عندما أسس مع قلعي وآخرين مسرح تشرين، ثم قدّموا (مسرح الشوك) الذي كتب نصّه الممثل السوري عمر حجو.
الأقرب للسلطة
النجومية التي ظهر عليها دريد لحّام، أدت إلى تكريمه عام 1976 من قبل رئيس النظام السوري حافظ الأسد، بوسام الاستحقاق من الدرجة الأولى.
في وقت كان الفنان نهاد قلعي قد أنجز مسرحية "غربة" إخراجاً وتمثيلاً، إضافة إلى عشرات الأعمال الأخرى كتابةً، حينها تفاجأ الوسط الفني بهذا التحيّز الواضح، قبل أن يصاب قلعي بمحنة مرضية، ابتعد معها عن عالم الفن، وتوفي أخيراً عام 1993.
الاعتذار الأخير الذي قدّمه دريد لحام، للصديق القديم نهاد قلعي، كان تهكّمياً عندما استضافته إذاعة "نينار إف أم" قبل عام وقال "أعتذر من الأستاذ نهاد لأنني أكثرت من المقالب عليه، وليس أنا أقصد وإنما غوار" دون أن يعتذر عن نسيانه صديقه عندما تكرّم واحتكر أضواء الشهرة له.
الخلاف بين دريد لحام والماغوط
شغلت أعمال الأديب السوري الراحل محمد الماغوط الكثير من أعمال دريد لحام الخالدة، ومنها مسرحيات (ضيعة تشرين وشقائق النعمان وغربة وكاسك يا وطن)، إضافة إلى أفلام كـ(الحدود والتقرير).
إلا أن خلافاً نشب بين دريد لحام والماغوط بسبب مسرحية (شقائق النعمان) التي كتبها الماغوط وأخرجها ومثّلها دريد لحام، وذلك عندما وافق لحام على أن يكتب الماغوط المسرحية، ولكن بعد الانتهاء منها لم يعجب لحام النص، وقام بتعديله، وهو ما آثار غضب الماغوط وخصوصاً بعد الانتقادات الكثيرة التي وُجهت للمسرحية إثر التعديلات، وهو ما أنهى الشراكة بين الماغوط ولحام نهائياً.
اقرأ أيضاً: دريد لحام: سأعود معهم إمّا لبيتي أو للسجن!
"غوار" الذي نسي ثوريته
تحفل الأعمال التي جسّدها دريد لحام بالكثير من الرفض للواقع العربي والسوري، والثائرة عليه، وهو الذي مثّل مسرحية "كاسك يا وطن" حيث تموت ابنته بسبب الواسطة والمحسوبية والإهمال، ويتم اعتقاله ظلماً في الوطن.
سجّل العديد من المواقف الداعمة للنظام السوري، خلال الـ 9 سنوات الفائتة، معتبراً نفسه أخيراً في لقاء مع موقع خمس نجوم الذي أطلقه الإعلامي اللبناني سامي كليب "معارضاً للفساد" ومردفاً "أنا لست ضد الوطن ولو كنت كذلك لكنت الآن في السجن".
ومن أهم مسلسلات وأعمال دريد لحام، "الإجازة السعيدة" و "حمام الهنا" و "وادي المسك" و "وين الغلط" و"عائلتي وأنا"، و"الفصول الأربعة"، و"فقاقيع" و"أيام الولدنة" و"ناس من ورق" و"سنعود بعد قليل" و"الخربة"و "ضبو الشناتي".