درعا و شرق الفرات… مناطق ساخنة خلال الشهور المقبلة؟

درعا و شرق الفرات… مناطق ساخنة خلال الشهور المقبلة؟
سياسي | 17 يناير 2020
قد يتشابه مصير منطقتي الجنوب السوري وشرق الفرات في عدة نقاط، يتمثل أبرزها في أن كلا المنطقتين تشير حولها ترجيحات بقرب تصعيد جديد هناك. 

ويتمثل التصعيد الآخذ بالتوسع في محافظة درعا عاملاً معززاً لاحتمالات التصعيد والمواجهة العسكرية؛ ما ينذر بحراك مسلح مقبل، وذلك في ظل استمرار الفوضى هناك بفعل صراع قوى محلية متعددة تتبع شكلياً للنظام السوري، برضى أو صمت روسي "مؤقت". 

 بينما يبرز على الجانب الآخر تنامي ظهور عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي في مناطق من شرق الفرات وبالتحديد في ريف محافظة دير الزور، حيث تكثر أعمال السلب والقتل هناك والتي لم تعزى في كثير من هنا إلى جهة مسؤولة عنها، وبالتوازي من ذلك تنشط عناصر التنظيم في استهدافات عديدة طالت قوات النظام السوري وحلفائه الإيرانيين. 

وتشي هذه المؤشرات باحتمالات تجدد التصعيد في المنطقتين، وذلك بعد هدوء نسبي دام قرابة العام سواء من العمليات العسكرية التي قام بها النظام ضد قوات المعارضة في درعا وانتهت باتفاق تسوية برعاية روسية في تموز 2018، أو بعد إعلان الانتصار على تنظيم "داعش" في شرق الفرات (آذار 2019).

درعا واحتمالات التصعيد...

لا يمكن الفصل بين عمليات التوتر الأمنية الأخيرة التي لاحقت محافظة درعا والأعمال الاحتجاجية الرافضة لتواجد النفوذ الإيراني في الجنوب السوري، وبين الاحتمالات القائلة بإمكانية تصعيد عسكري في هذه المنقطة. 

حيث يرى مراقبون أن استمرار العمليات الخاطفة من قبل "المقاومة الشعبية" في درعا ضد قوات النظام السوري في مناطق مختلفة من المحافظة تشير إلى أن زيادة زخم هذه العمليات سيؤدي بالنهاية إلى تفجر الأوضاع، في ظل تنصل دمشق وموسكو من الاتفاق الذي أدى إلى السيطرة على المنطقة، وتزايد عمليات الاغتيال ضد قادة وعناصر الفصائل المعارضة سابقاً، وتعمد تغييب ملف المعتقلين، في المقابل فقد كانت العمليات التي استهدفت عناصر قوات النظام. 

المحلل السياسي، د.نصر فروان، من محافظة درعا، قال خلال حديث لـ "روزنة" أن عدم التزام النظام السوري ومن خلفه روسيا بالوعود التي قطعوها على نفسيهما بعد خروج فصائل المعارضة إلى مناطق الشمال السوري، ما أدى إلى تنامي الرفض الشعبي لاتفاق "التسوية" و لسيطرة قوات النظام على الجنوب السوري، بخاصة في ظل الانتهاكات التي ينفذها النظام والعناصر الإيرانية ضد أهالي المحافظة.
و أضاف "إن محاولات الإيرانيين المستمرة للتغلغل في المنطقة وبسط نفوذها عليها، دفع بالمظاهرات التي باتت تخرج وتزداد رقعتها بالمطالبة الصريحة بإخراج إيران من المنطقة، وفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة قد تشهدها مدينة درعا بشكل خاص والمنطقة الجنوبية بشكل عام".

في الجانب الآخر تشهد المدينة هجمات تُنفذ بشكل شبه يومي ضد عناصر من قوات النظام و "المصالحات الذين يعملون في صفوف النظام" في الجنوب السوري، في دلالة على تنامي الرفض الشعبي لاتفاق "التسوية" و لسيطرة قوات النظام على الجنوب السوري، بخاصة في ظل الانتهاكات التي ينفذها النظام ضد أهالي المحافظة.

قد يهمك: استمرار التمرّد ضد النظام السوري في درعا… إلى أين تتجه المحافظة؟

وتابع "تشهد حوران حالة من  الفلتان الأمني الآخذ بالتصاعد بشكل تدريجي مستغلا هشاشة بُنى النظام وقواته، ليقض مضاجعه ويلاحق عناصره والمتعاونين مع قوات الأمن ومؤسساته، وهو ما شجع بروز مجموعات مسلحة مجهولة رافضة لأي شكل من أشكال تواجد النظام ومؤسساته وحلفاءه في المنطقة، أبرزها تشكيل ما يعرف بالمقاومة الشعبية". 

و توقع فروان أن يستمر التصعيد الأمني والعسكري ضد مراكز النظام وأهدافه الأمنية، وكذلك تنامي ظاهرة المقاومة الشعبية في محافظة درعا، وختم مشيرا إلى أن "كل ما يحدث ربما يكون تمهيدا لانهاء التواجد الإيراني في الجنوب بشكل نهائي؛ والوصول لمرحلة أن يكون الجنوب منطقة منزوعة السلاح؛ تدار ذاتيا".

داعش في شرق الفرات من جديد ...

رغم إعلان النصر على تنظيم "داعش" الإرهابي في شرق الفرات منذ أكثر من 9 شهور، إلا أنه على ما يبدو بدأ يستعيد نشاطه ويشتد عوده من جديد في ظل حالة الضعف الأمني التي باتت تعاني منها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بعد العملية العسكرية التركية التي أطلقتها ضد المنطقة، ما أدى لعودة نشاط التنظيم بشكل ملحوظ مؤخراً في ريف دير الزور سواء الذي تسيطر عليه "قسد" أو قوات النظام السوري. 

وكان التنظيم الإرهابي كثّف من هجماته ضد قوات النظام والقوات التابعة لإيران الإيرانية في دير الزور خلال الأسابيع الماضية، وخصوصا في منطقة البادية حيث ما تزال هناك جيوب متفرقة من عناصر التنظيم منتشرة في المنطقة وسط عجز من قوات النظام وحلفائها عن وضع حد لتواجد عناصر التنظيم وعملياته الخطيرة، في حين باتت عناصر دوريات داعش تظهر بين الحين والآخر في مناطق سيطرة "قسد" بدير الزور، دون حدوث عمليات أمنية تفضي إلى إنهاء بقايا التنظيم التي تؤشر التطورات إلى أن عودته قد تكون قريبة.

وفي الوقت الذي يعاود فيه التنظيم نشاطه في شرقي سوريا، نرى أن هناك صراعا بدأ يحتدم أكثر بين القوات الروسية  والأميركية في المنطقة، ويشير متابعون حول ذلك، إلى ما يتعلق باعتبار "داعش" باتت تمثل ورقة رابحة لكلا الطرفين في مساعيهم للبقاء في المنطقة إلى أجل غير مسمى، واستخدام التنظيم الإرهابي كفزاعة ضد أي مطالب تدعوهم للخروج وبناء مستقبل مستقر للمنطقة بعيدا عن التجاذبات والصراعات.
و كان أعلن مؤخرا؛ ​وزير الدفاع الأميركي​ ​مارك إسبر​، أن "​الولايات المتحدة​ ستبقى في سوريا ما دامت القوات المحلية غير قادرة على مواجهة تنظيم داعش الإرهابي".

مدير تحرير مجلة "الشرق الأوسط الديمقراطي"، صلاح الدين مسلم، اعتبر في حديث سابق لـ "روزنة" أن ورقة داعش هي الورقة الشرعية الوحيدة التي بقيت كذريعة لدى وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" في بقائها في سوريا. 

اقرأ أيضاً: "حرب باردة" بين واشنطن و موسكو... والسبب شرقي الفرات؟

وأضاف "لقد حاول الرئيس ترامب أن يخرج القوات الأميركية بحجة أنّ داعش قد انتهى، لكن الصراع بين البنتاغون والبيت الأبيض لم ينته في حل هذه المشكلة، ومن هنا قرر البنتاغون وأكد الرئيس ترامب البقاء في المناطق النفطية في سوريا… وهنا تكمن ذريعة البقاء في مناطق دير الزور الغنية بالنفط والغاز، وهذا ما حفّز روسيا على التركيز على نفس الذريعة الأميركية وهي ورقة داعش".

وختم بالقول "بالطبع لم ينته داعش في هذه المنطقة، وإن هزم عسكريا ولم يعد يمتلك زمام الأمور في المنطقة، لكن هناك أمر مهم، وهو قوات سوريا الديمقراطية التي تريد أن تصل إلى حل تمهيدي سياسي ناجع، في هذه المعمعة الداعشية، والحرب عليها، وتسابق النفوذين الأميركي والروسي على السيطرة".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق