توفي سلطان عُمان، قابوس بن سعيد، مساء أمس الجمعة، عن عمر ناهز الـ 79 قضى 50 عاماً منها في حكم بلاده، وهو الذي وصل إلى السلطة فيها بعد انقلاب على والده في عام 1970.
ويعرف عن عُمان خلال تولي قابوس حكمها أن سياستها الخارجية أخذت دائماً موقف الحياد من أي أحداث وقضايا أحاطت بالمنطقة، وهو ما جعل دور عُمان بارزاً في بعض القضايا الإشكالية التي عصفت بالمنطقة، كان من أبرزها وساطة عُمان بين إيران والدول الغربية، فضلاً عن سعي عُمان للعب دور الوسيط بين دمشق ودول خليجية خلال الفترة القريبة الماضية.
منذ عام 2011 وفي الوقت الذي وقفت معظم الدول العربية إلى جانب الثورة السورية، خالفت سلطنة عُمان ذلك التوجه في حينه وأعلنت رفضها لأي عمليات تستهدف إسقاط حكومة الأسد، ودعت إلى إنتهاج الطرق السلمية والدبلوماسية لتسوية الأزمة.
كذلك فإنه وعلى عكس الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، فقد حافظت عُمان على علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، وأبقت سفارتها مفتوحة لتدعيم موقفها كطرفٍ محايد في محيط إقليمي يعيش تجاذبات حادّة.
فيما سعت السلطنة بشكل واضح إلى التوصل إلى حل يتوافق مع رؤية حكومة دمشق، ذلك خلال محادثات وزير خارجيتها يوسف بن علوي مع نظيره وليد المعلم في العاصمة العمانية في آب 2015.
وفي ذلك الوقت أشارت صحف عربية إلى عقد مباحثات ثلاثية بين وزراء خارجية كل من سوريا وإيران والسعودية في مسقط -آنذاك- للتوصل إلى حل للأزمة السورية، وادعت تقارير صحفية إنّ المسؤولين الإيرانيين شجّعوا الجانب السوري على إستثمار الوساطة العمانية لتسوية أزمته.
اقرأ أيضاً: بعد الإمارات… السودان تسعى لتطبيع علاقاتها مع دمشق
وساهمت زيارة وزير الخارجية العماني إلى دمشق في تشرين الأول 2015 والمحادثات التي أجراها مع بشار الأسد خلال هذه الزيارة في معاودة عُمان لإبراز دورها في ملف الأزمة السورية، وهو ما كان يمثل لها خياراً إستراتيجياً لطرح مشروعها في خضم التلاطمات العسكرية والأمنية التي تشهدها المنطقة والمناكفات السياسية بين كبرى العواصم الفاعلة الإقليمية والخليجية في أزمات المنطقة وبالتحديد في سوريا.
وقد تعزز ذلك الدور بشكل أكبر من خلال الزيارة الثانية التي قام بها وزير الخارجية العماني إلى دمشق في شهر تموز الفائت، وهو الوزير الخليجي الوحيد الذي زار سوريا في السنوات التسع الأخيرة.
وأشار مراقبون خلال الفترة الماضية، بأنه ولولا تمكن السلطنة من الحفاظ على علاقات متوازنة مع كلا التحالفين؛ الروسي- الإيراني الداعم لحكومة دمشق من جهة، والغربي بقيادة الولايات المتحدة المعارض لبقاء الأسد من جهة أخرى لما تمكنت من لعب دور الوساطة في هذه الأزمة الشائكة خصوصاً وإنّ التحالفين يتقاطعان في أمور كثيرة وعلى كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والأمنية التي تتعلق بهذه الأزمة.
وقد بدت القيادة العُمانية بتزعم السلطان قابوس ووزير خارجيته يوسف بن علوي، مصرّة على البحث عن خلطة دبلوماسية لجعل كل الطرق سالكة باتجاه عاصمتها تعزيزاً لمكانتها بين دول الجوار وحفظاً لمصالحها مع الدول الكبرى، مختارة المضي في سياسة القوة الناعمة، والإبقاء على خيوط متصلة مع الأطراف كافة.
ويعتبر الدور العماني في المنطقة هو امتداد للدور الذي لعبته ديبلوماسية السلطنة في التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، إذ شهدت العاصمة مسقط اجتماعات سرية بين ممثلين عن مجموعة الدول الست وإيران، مهدت للتوصل إلى حل نهائي.
وقد كانت مساهمة عُمان الوازنة في الاتفاق النووي منذ العام 2013، قادت إلى ترسيخ مكانة السلطنة على خارطة الديبلوماسية العالمية، لكنها لا تعد وليدة اليوم في بلد اعتمد على سياسة الحياد في فرض نفسه كوسيط لحل الإشكاليات الطارئة على المنطقة.
وأتاحت لُعمان علاقتها القريبة من إيران بأن تلعب دور الوسيط في الملف النووي، الأمر الذي تمخض عنه اتفاق مهم في العام 2015 بين طهران وواشنطن في عهد باراك أوباما، قبل أن ينسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
قد يهمك: كيف يسعى بوتين لفرض الحل الروسي بسوريا عبر الرياض؟
ويرى مؤلف كتاب "عمان والعالم: نشأة سياسة خارجية مستقلة" جوزيف كيشيشيان، أن السلطان قابوس يعتبر "المنظر الرئيسي لسياسة عمان الخارجية منذ توليه مقاليد الحكم، بإخراجه البلد من العزلة الدبلوماسية التي انتهجها السلطان سعيد بن تيمور".
ويذكر الكاتب أن السلطان قابوس، الذي واجه في بداية عهده ثورة حركة ظفار وتمكن من القضاء عليها في العام 1975، ربط علاقات بمختلف دول العالم في ظرفية كانت تتسم بالثنائية القطبية (السوفيتية والأمريكية) وقوى من علاقات عُمان مع الدول الخليجية.
وكانت عُمان أيضاً كانت من قلائل الدول العربية التي دعمت زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات لإسرائيل و توقيعه لاتفاقية كامب ديفيد في العام 1978، ويقول كيشيشيان إنه منذ ثمانينات القرن الماضي "بدأت عمان بفرض اسمها في الساحة الدولية كوسيط ديبلوماسي يتمتع بعلاقات جيدة ومحايدة مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية".
حيادية السلطنة ودورها الريادي في المنطقة قد دفع مراقبون للقول أن عمُان تمثل حلقة الوصل بين أطراف النزاع السوري، في أفق التوصل إلى حل سياسي للأزمة.
وصول قابوس إلى الحكم
ولد السلطان قابوس في 18 تشرين الثاني سنة 1940 في صلالة في الجنوب حيث تابع تعليمه المدرسي، إلى أن التحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في بريطانيا، وهو في العشرين من عمره، وتخرج السلطان منها بعد عامين برتبة ملازم، ثم خدم في ألمانيا ضمن فرقة عسكرية بريطانية لمدة عام.
لدى عودته إلى بلاده سنة 1964، اصطدم السلطان بسياسة متشددة كان يعتمدها والده الرافض لأي تحديث، إلى أن تولى الحكم في 23 تموز 1970 بعدما انقلب على أبيه، ليطلق مرحلة من التحديث بدأت بتصدير النفط.
وأعلن قابوس نفسه "سلطان عمان" بعدما كان لقب الحاكم "سلطان مسقط وعمان"، وأصبح الحاكم الثامن في سلالة آل سعيد منذ أن تولت الحكم في 1749، فقام فورا بتغيير العلم والعملة.
ويعرف عن عُمان خلال تولي قابوس حكمها أن سياستها الخارجية أخذت دائماً موقف الحياد من أي أحداث وقضايا أحاطت بالمنطقة، وهو ما جعل دور عُمان بارزاً في بعض القضايا الإشكالية التي عصفت بالمنطقة، كان من أبرزها وساطة عُمان بين إيران والدول الغربية، فضلاً عن سعي عُمان للعب دور الوسيط بين دمشق ودول خليجية خلال الفترة القريبة الماضية.
منذ عام 2011 وفي الوقت الذي وقفت معظم الدول العربية إلى جانب الثورة السورية، خالفت سلطنة عُمان ذلك التوجه في حينه وأعلنت رفضها لأي عمليات تستهدف إسقاط حكومة الأسد، ودعت إلى إنتهاج الطرق السلمية والدبلوماسية لتسوية الأزمة.
كذلك فإنه وعلى عكس الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، فقد حافظت عُمان على علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، وأبقت سفارتها مفتوحة لتدعيم موقفها كطرفٍ محايد في محيط إقليمي يعيش تجاذبات حادّة.
فيما سعت السلطنة بشكل واضح إلى التوصل إلى حل يتوافق مع رؤية حكومة دمشق، ذلك خلال محادثات وزير خارجيتها يوسف بن علوي مع نظيره وليد المعلم في العاصمة العمانية في آب 2015.
وفي ذلك الوقت أشارت صحف عربية إلى عقد مباحثات ثلاثية بين وزراء خارجية كل من سوريا وإيران والسعودية في مسقط -آنذاك- للتوصل إلى حل للأزمة السورية، وادعت تقارير صحفية إنّ المسؤولين الإيرانيين شجّعوا الجانب السوري على إستثمار الوساطة العمانية لتسوية أزمته.
اقرأ أيضاً: بعد الإمارات… السودان تسعى لتطبيع علاقاتها مع دمشق
وساهمت زيارة وزير الخارجية العماني إلى دمشق في تشرين الأول 2015 والمحادثات التي أجراها مع بشار الأسد خلال هذه الزيارة في معاودة عُمان لإبراز دورها في ملف الأزمة السورية، وهو ما كان يمثل لها خياراً إستراتيجياً لطرح مشروعها في خضم التلاطمات العسكرية والأمنية التي تشهدها المنطقة والمناكفات السياسية بين كبرى العواصم الفاعلة الإقليمية والخليجية في أزمات المنطقة وبالتحديد في سوريا.
وقد تعزز ذلك الدور بشكل أكبر من خلال الزيارة الثانية التي قام بها وزير الخارجية العماني إلى دمشق في شهر تموز الفائت، وهو الوزير الخليجي الوحيد الذي زار سوريا في السنوات التسع الأخيرة.
وأشار مراقبون خلال الفترة الماضية، بأنه ولولا تمكن السلطنة من الحفاظ على علاقات متوازنة مع كلا التحالفين؛ الروسي- الإيراني الداعم لحكومة دمشق من جهة، والغربي بقيادة الولايات المتحدة المعارض لبقاء الأسد من جهة أخرى لما تمكنت من لعب دور الوساطة في هذه الأزمة الشائكة خصوصاً وإنّ التحالفين يتقاطعان في أمور كثيرة وعلى كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والأمنية التي تتعلق بهذه الأزمة.
وقد بدت القيادة العُمانية بتزعم السلطان قابوس ووزير خارجيته يوسف بن علوي، مصرّة على البحث عن خلطة دبلوماسية لجعل كل الطرق سالكة باتجاه عاصمتها تعزيزاً لمكانتها بين دول الجوار وحفظاً لمصالحها مع الدول الكبرى، مختارة المضي في سياسة القوة الناعمة، والإبقاء على خيوط متصلة مع الأطراف كافة.
ويعتبر الدور العماني في المنطقة هو امتداد للدور الذي لعبته ديبلوماسية السلطنة في التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، إذ شهدت العاصمة مسقط اجتماعات سرية بين ممثلين عن مجموعة الدول الست وإيران، مهدت للتوصل إلى حل نهائي.
وقد كانت مساهمة عُمان الوازنة في الاتفاق النووي منذ العام 2013، قادت إلى ترسيخ مكانة السلطنة على خارطة الديبلوماسية العالمية، لكنها لا تعد وليدة اليوم في بلد اعتمد على سياسة الحياد في فرض نفسه كوسيط لحل الإشكاليات الطارئة على المنطقة.
وأتاحت لُعمان علاقتها القريبة من إيران بأن تلعب دور الوسيط في الملف النووي، الأمر الذي تمخض عنه اتفاق مهم في العام 2015 بين طهران وواشنطن في عهد باراك أوباما، قبل أن ينسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
قد يهمك: كيف يسعى بوتين لفرض الحل الروسي بسوريا عبر الرياض؟
ويرى مؤلف كتاب "عمان والعالم: نشأة سياسة خارجية مستقلة" جوزيف كيشيشيان، أن السلطان قابوس يعتبر "المنظر الرئيسي لسياسة عمان الخارجية منذ توليه مقاليد الحكم، بإخراجه البلد من العزلة الدبلوماسية التي انتهجها السلطان سعيد بن تيمور".
ويذكر الكاتب أن السلطان قابوس، الذي واجه في بداية عهده ثورة حركة ظفار وتمكن من القضاء عليها في العام 1975، ربط علاقات بمختلف دول العالم في ظرفية كانت تتسم بالثنائية القطبية (السوفيتية والأمريكية) وقوى من علاقات عُمان مع الدول الخليجية.
وكانت عُمان أيضاً كانت من قلائل الدول العربية التي دعمت زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات لإسرائيل و توقيعه لاتفاقية كامب ديفيد في العام 1978، ويقول كيشيشيان إنه منذ ثمانينات القرن الماضي "بدأت عمان بفرض اسمها في الساحة الدولية كوسيط ديبلوماسي يتمتع بعلاقات جيدة ومحايدة مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية".
حيادية السلطنة ودورها الريادي في المنطقة قد دفع مراقبون للقول أن عمُان تمثل حلقة الوصل بين أطراف النزاع السوري، في أفق التوصل إلى حل سياسي للأزمة.
وصول قابوس إلى الحكم
ولد السلطان قابوس في 18 تشرين الثاني سنة 1940 في صلالة في الجنوب حيث تابع تعليمه المدرسي، إلى أن التحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في بريطانيا، وهو في العشرين من عمره، وتخرج السلطان منها بعد عامين برتبة ملازم، ثم خدم في ألمانيا ضمن فرقة عسكرية بريطانية لمدة عام.
لدى عودته إلى بلاده سنة 1964، اصطدم السلطان بسياسة متشددة كان يعتمدها والده الرافض لأي تحديث، إلى أن تولى الحكم في 23 تموز 1970 بعدما انقلب على أبيه، ليطلق مرحلة من التحديث بدأت بتصدير النفط.
وأعلن قابوس نفسه "سلطان عمان" بعدما كان لقب الحاكم "سلطان مسقط وعمان"، وأصبح الحاكم الثامن في سلالة آل سعيد منذ أن تولت الحكم في 1749، فقام فورا بتغيير العلم والعملة.
الكلمات المفتاحية