في ظل غياب قانون يحمي حقوق الأطفال في سوريا، تتزايد حالات الوفيات بين الأطفال نتيجة الانتهاكات التي يتعرّضون لها إما من قبل ذويهم أو من البيئة المحيطة، في وقت لا تزال فيه الكثير من حوادث العنف ضد الأطفال طي الكتمان.
في القرداحة بريف اللاذقية توفي الطفل حمزة المعلم، 9 سنوات، أمس الأحد، نتيجة تعرّضه لضرب مستمر على يد والده وزوجة أبيه منذ أكثر من عام، وفق تلفزيون "الخبر".
وأوضحت القناة أن "الطفل توفي بسبب إصابته بقصور تنفسي رضي ناتج عن تعرّضه لضربة قوية بالعصا على جسمه أدّت إلى وفاته، وحين معاينة جسم الطفل تبيّن وجود آثار تعذيب قديمة وحديثة، من حروق وجروح وآثار كي للجلد، ورضوض منتشرة في جميع أنحاء جسمه".
ووفق إفادات بعض الجيران، فإن الطفل كان ولأكثر من عام يتعرّض للضرب والتعذيب بشكل مستمر من قبل والده وزوجته، وخلال اليومين الأخيرين زادت حدة الضرب، حيث كانت تُسمع أصوات الطفل وهو يصرخ من ألمه".
الطفل حمزة لم يجد مكاناً يلجأ إليه هرباً من والده وزوجته لعدم وجود أقارب في المنطقة، حيث ينحدر الأب من طرطوس لكنه يقطن في القرداحة بسبب عمله كشرطي مرور ، وبحسب القناة فإن الأب طلّق والدة الطفل وتزوج بأخرى يقال إنها كانت تحرّض الأب على ضرب الطفل وتعذيبه باستمرار.
واعتقلت الجهات المختصة والد الطفل وزوجته للتحقيق في تفاصيل القضية، ودوافع الأب وزوجته للقيام بتعذيب الطفل باستمرار.
اقرأ أيضاً: دمشق: مشروع قانون لحماية الطفل... تعرّف على مضمونه
أسباب تنامي العنف ضد الأطفال
ورأت الباحثة الاجتماعية كبرياء الساعور خلال حديثها مع "روزنة" أن الواقع المجتمعي بعد الحرب من أحد الأسباب لتنامي العنف وانتهاكات حقوق الأطفال، ولا سيما في البيئات الموالية للنظام، حيث كان العنف موجّهاً ليس فقط ضد المعارضين، وإنما ارتّد أيضاً على مجتمعاتهم وعلى عائلاتهم.
وأردفت: "أن مقتل الطفل بسبب التعذيب المستمر هو وصمة عار على المجتمع، الذي عجز على حمايته من العنف".
وأشارت إلى أنّ قانون حماية الطفل في سوريا تمت مناقشته قبل عام 2011، وانتهى في ظل الحرب والدمار، مشددة على أنه يجب أن يكون في كل مجتمع قانون لحماية الطفل، يجرّم أي أحد يرتكب انتهاكات بحق الأطفال، ويشمل أن يكون الحق لأي أحد بما فيهم الجيران بالتبليغ عن حوادث الانتهاكات،
كما رأت أنه يجب أن توجد مراكز خدمات اجتماعية تحوي الأطفال المعرّضين للانتهاكات والعنف، تحميهم وتدافع عنهم، وتقدّم لهم الدعم النفسي، هذه الخدمات من المفروض أن تكون من واجب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل المعنية بحقوق الأطفال، وواجب الجمعيات ذات النفوذ في سوريا، برأي الساعور.
ولفتت الساعور إلى أن العائلات التي تعيش في ظل البطالة والفقر وظروف الحرب، يتنامى العنف الأسري لديها، ومن واجب الدولة توعيتهم من خلال شقين: من الناحية القانونية، ومن الناحية التربوية، إضافة إلى إيجاد خط ساخن للتبليغ عن الانتهاكات بشكل فوري لحماية الأطفال.
وأشارت إلى أن الكثير من حوادث الانتهاكات والعنف ضد الأطفال لا تزال طي الكتمان، ما يؤثر سلباً على مستقبلهم، ولهذا فسوريا بأمس الحاجة إلى قانون يحمي أطفالها، وذكرت أنه يوجد العديد من الجمعيات العاملة على دعم الأطفال ولا تزال في سوريا ، لكن مع تنامي معدلات الجريمة القانون هو سيد الموقف.
ومن أسباب انتهاكات حقوق الطفولة، رأت الساعور أن الثقافة المجتمعية التي تتسامح مع ضرب الأطفال لها دور كبير، لذلك يجب العمل على مستويات القانون وعلى صعيد التوعية الاجتماعية، وعلى صعيد دعم الأطفال.
حقوق الأطفال في الأمم المتحدة
وأعلنت الأمم المتحدة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن للطفولة الحق في رعاية ومساعدة خاصتين، وينبغي أن ينشأ الطفل في بيئة عائلية في جو من السعادة والمحبة والتفاهم.
وترى الأمم المتحدة أنه ينبغي إعداد الطفل إعداداً ليحيا حياة فردية في المجتمع، وتربيته بروح المثل العليا المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، وخصوصا بروح السلم والكرامة والتسامح والحرية والمساواة والإخاء.
كما تضع باعتبارها "أن الطفل بسبب عدم نضجه البدني والعقلي، يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية مناسبة، قبل الولادة وبعدها".
وفي تشرين الأول الماضي قالت تقارير إعلامية، إن السلطات التركية أوقفت امرأة سورية في ولاية أضنة اعتدت على طفلة زوجها البالغة من العمر 3 سنوات وأدخلتها في غيبوبة، حيث تم إسعافها من قبل أقاربها بعد أن عثروا عليها فاقدة الوعي.
وخلال الفحص تبيّن أن الطفلة تعاني من نزيف دماغي، نقلت على إثره إلى المستشفى، حيث كانت توجد كدمات وآثار عضات في مختلف أنحاء جسمها، وتم الإبلاغ عن والدها وزوجته حيث تم اعتقالهما.
قد يهمك: تركيا... وفاة طفل سوري شنقاً بعد تعرضه للتنمر في المدرسة
مشروع قانون لحماية الطفل
وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا، أعلنت في منتصف شهر كانون الأول الفائت أنها أعدت مشروع قانون لحماية الطفل ينص على تشكيل "مجلس عائلي" و"لجنة وطنية للطفل"، ناقشته في مجلس الوزراء لاستكمال أسباب إصداره.
وقالت ريما القادري وزيرة العمل، إن مجلس الوزراء ناقش المشروع وتم وضع عدد من الرؤى التي يمكن أن تساهم في إغناء النص التشريعي، موضحة أن المشروع هو "قانون مبادئ حقوق" وتضمن الكثير من الحقوق التي يتمتّع بها الطفل السوري، والرعاية على المستويات الاجتماعية والصحية والثقافية".
وأشارت إلى أن المشروع يتضمّن "لأوّل مرة النص على تشكيل مجلس عائلي"، وعلى تشكيل "لجنة وطنية للطفل تتناول كافة المواضيع المتعلقة به، سواء على مستوى السياسات أو الإشكاليات أو على مستوى التشريعات ذات الصلة".
وفيما يتعلّق بـ"المجلس العائلي بيّنت أن هذا المجلس يمكن أن يشكله القاضي المختص بتطبيق قانون الأحوال الشخصية المتعلق بحالة الطفل، ويكون حسب الضرورة وحين تقتضي مصلحة الطفل الفضلى ذلك".
ووفق وزيرة العمل فإن "المجلس العائلي" يتم تشكيله من أقارب الطفل، في حال عدم وجود أبويه، أو في حال عدم أهليتهما، كما يمكن أن يُشكّل من أشخاص ثقة تقترحهم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
ويعاني قسم لا بأس به من الأطفال في سوريا في ظل الحرب والظروف الاقتصادية المتردية من الرعاية والاهتمام والحرمان من الدراسة، ما يضطرهم في كثير من الأحيان إلى العمل وتحمّل أعباء الحياة القاسية
و ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في تقرير مطلع العام الفائت أن 5.3 ملايين طفل سوري بحاجة إلى المساعدة العاجلة، و 3.7 مليون طفل لا يعرفون في سوريا سوى الحرب.
الكلمات المفتاحية