يحتفل المسيحيون في الجزيرة السورية سنوياً بعيد الميلاد المجيد في 25 كانون الأول من كل عام، فبالرغم من الظروف الأمنية الغير مستقرة التي تشهدها مناطق شمال و شرق سوريا هذا العام ،احتفل مسيحيو مناطق الجزيرة السورية بعيد ميلاد السيد المسيح وسط أجواء أمنية مكثفة واتخذت قوات الأسايش و السوتورو في مدينة القامشلي إجراءات أمنية مشددة لتأمين الاحتفالات وتحسباً لأي هجمات أو حالات طارئة.
حيث أدى مسيحيو هذه المناطق صلواتهم الخاصة بهذا العيد في كنائس المدن والبلدات مساء يوم الثلاثاء في مدينة القامشلي التي تتقاسم السيطرة عليها كل من الإدارة الذاتية و النظام السوري وايضاً في مدينة الحسكة والمالكية ومارسوا طقوسهم الدينية صباح يوم الأربعاء .
اعتبرت أورشينا حنا سيدة مسيحية في مدينة القامشلي " هذا العيد بأجمل مناسبة بتاريخ الدين المسيحي ويكون مرافق دائماً بالاحتفالات والأضواء والزينة والأغاني الخاصة بهذه المناسبة ".
تابعت أورشينا حديثها لراديو روزنة " بأنه خلال تسع السنوات الأخيرة تأثرت بهجة العيد بأوضاع البلاد و آلة الحرب والقتل، وخفت المظاهر و الاحتفالات، حيث يوجد لكل بيت في المدينة شهيد وأيضاً اغتراب أغلبية الشباب و العوائل وهروبهم من جراء الأحداث والأزمة السورية تاركين أبواب بيوتهم مغلقة لا حياة فيها، فعندما استقرت المنطقة أمنياً شكلت مصدر ارتياح للمواطنين للأسف لم يدم طويلاً حتى باتت منطقة عسكرية و توالت التفجيرات و زادت المخاوف من جديد".
كما أوضحت " في هذا العيد لم يحتفل المكون المسيحي بالشكل المطلوب مقارنة بالأعياد السابقةن و تجلى ذلك من خلال المظاهر الخفيفة الخجولة وحتى لم يكن هناك زينة العيد أو احتفالات بابا نويل ، وحتى في الكنيسة كان هناك توجه وأوامر للتخفيف من مظاهر العيد والاحتفالات، فهذه المظاهر الخفيفة كان من أجل الأطفال كي يشعروا ببهجة العيد ".

في ليلة رأس السنة الميلادية عاد عبدالرحمن محملاً بأكياس فيها المكسرات والحلويات وبعض الفاكهة، رغم ضيق اليد والظروف الصعبة لكنه لا يستطيع أن يجعل المناسبة تمر دون أن يحتفل أولاده مع أولاد جاره بولص، ففي عيد الأضحى يتلقى تهنئة بولص قبل تهنئة إخوته، هذا ما تسرده " شمس عنتر " لروزنة، وأكدت أيضاً " أن الاحتفال برأس السنة الميلادية أصبح مناسبة لكل مكونات المنطقة دون استثناء لأن ميلاد السيد المسيح هي المناسبة التاريخية الأبرز في حياة البشرية والمعتمدة عالمياً ،لذلك تعم الأفراح كل مكونات المنطقة وهي دليل عمق الميل الديني في نفوس البشر بالرغم من كل مظاهر الحياة المادية الجارفة فالإنسان يبقى كائن ديني رغم كل التطور".
وأشارت " كونها كمسلمة تشارك جيرانها و أصدقائها المسيحيين بكافة طوائفهم هذه المناسبة ولا تهتم بتلك الفئة من المسلمين التي تطلق فتاوي مغرضة بغرض زرع التفرقة بين المكونات، تبقى الإنسانية مظلة تجمعهم وقد شملت شرفاء العالم كله".
وأوضحت عنتر:" بأن معتقدها ودينها الذي تعبد من خلاله ربها يبقى شيء خاص بينها وبين ربها. وعلى كل المكونات الوقوف بوجه التطرف من أي دين أو جهة كانت ،السلام والتعايش السلمي مطلبهم وهدفهم".
وترى " بأنه مما يلاحظ في مناطق الجزيرة السورية إنهم لم يشاهدوا نزاعات دينية وهذا دليل السلم الأهلي السائد وهو محل احترام لدى كل المكونات، رغم أن بعض الجهات الحاقدة حاولت زرع الفتن لكن بقي التعايش هو السائد ".
يتحدث صاموئيل ملكي سرياني من مدينة القامشلي "بأنه اقتصرت احتفالات الميلاد هذه السنة ضمن الكنيسة فقط نتيجة التخبطات التي شهدتها المنطقة مؤخرا، كون هذا العيد كان يشهد احتفالات و كرنفالات عديدة قبل الأزمة "،.
ويتأمل ملكي "بأن يكون ميلاد ملك السلام السيد المسيح ميلادا جديدا لسوريا بشكل عام و الجزيرة السورية بشكل خاص لتعود بهجة هذا العيد لكل عائلة مسيحية و خصوصا الأطفال ".

الكلمات المفتاحية