"الناس في الشوارع تحت القصف لا تعرف أين تنزح، لا توجد سيارات تقلهم" صورة تصف حالة أهالي معرة النعمان جنوبي إدلب، على لسان أحد شبابها الذي ناشد لإخراجهم من المدينة بعد ليلة دامية استهدفت بالقصف كل جزء فيها.
وانتشر تسجيل مصور لشاب من أهالي مدينة معرة النعمان التي كثف النظام السوري حملته العسكرية عليها خلال الأيام الأخيرة، قال فيه مناشداً الأهالي في الشمال السوري، بإحضار سيارات لنقل المدنيين إلى مناطق آمنة.
وأكّد أنّ الوضع يرثى له وفي غاية الصعوبة لعدم وجود وسائل نقل، وعدم وجود أماكن تحميهم من القصف والحملة المكثّفة من قوات النظام وروسيا.
وعاشت مدينة معرة النعمان التي تأوي قرابة 70 ألف مدني من سكانها والمُهجّرين إليها، ليلة عصيبة أمس الخميس، من القصف الجوي والصاروخي، الذي تركز على الأحياء السكنية بشكل مباشر، وطال الطرقات المؤدية للمدينة لاستهداف النازحين منها.
وسجل أمس الخميس إحصائية قياسية جديدة في عدد القتلى بلغت 17 ضحية، حيث تصدّرت مدينة معرة النعمان عدد الضحايا ليصل إلى 7 بينهم طفلان وامرأتان، وتلتها بلدة تل مرديخ بـ 4، ثم بلدة دير سنبل بقتيلين، وقتيل واحد في كل من مدينة سراقب وبلدتي جرجناز والهبلة.
وقال منسقو استجابة سوريا في بيان، اليوم الجمعة، إنه خلال الفترة الواقعة بين الأول من تشرين الثاني والـ 20 من كانون الأول أسفر القصف عن مقتل 209 مدنيين بينهم 70 طفلاً، ونزوح أكثر من 175 ألف و477 شخصاً باتجاه المناطق الآمنة.
قبضات لاسلكية تحفظ أرواح المدنيين
وكما يعمل الدفاع المدني على إنقاذ المدنيين، أيضاً للمراصد في الشمال السوري دور بارز في حماية المدنيين وإنذارهم من قصف قادم، ليحتموا في ملاجئ أو أماكن آمنة، ما يحدّ من عدد الضحايا.
وتتوزع في مناطق متفرقة من إدلب شبكة من مراصد الطيران الحربي من إدلب.تتواصل مع بعضها إما عن طريق القبضات أو عن طريق مجموعات "واتساب"، ويبلغ عددها بشكل تقريبي نحو 50 مرصداً، وفق أبوعلي.
وأوضح أبو علي لـ"روزنة" أنّ المرصد عبارة عن شخص أو شخصين، يكون على علم وخبرة بأنواع الطائرات والقذائف وغيرها، وعن طريق الأجهزة التي يمتلكها سواء عن طريق قبضات أو محطات يقوم بإرسال التحذير من القصف إلى المراصد الأخرى ليتم تعميم الإنذار.
وقال أحمد أبو علي، يعمل في أحد المراصد بالشمال السوري لـ"روزنة"، إن للمراصد الدور الأكبر والفعال في الحد من الضحايا وإنقاذ المدنيين جراء القصف.
اقرأ أيضا:ً معرة النعمان تحت النار… وتظاهرات احتجاجية لـ "كسر الحدود"
كيف تعمل المراصد؟
أبو النور، أحد العاملين في المراصد يقول لـ"روزنة": إنّ "المراصد تعتمد على رصد حركة الطيران من أول إقلاعها من المطار وذلك عن طريق أجهزة مسح تلتقط من خلالها التردد الذي يتكلم فيه الطيار مع القاعدة".
ولفت إلى أن التردد يومياً يتغير، إذ يقومون بالبحث عنه يومياً عن طريق الماسح، موضحاً أنّ المراصد تتبع الطيران الحربي عن طريق السمع والمشاهدة، وعن طريق التنصت على التردد.
وأشار أبو النور إلى أنّه يتم التنسيق مع الدفاع يكون عبر قبضات هيترا فيها تردد مشفر لكي لا يستطيع أحد التنصت عليها، من حيث إخلاء الجرحى وإسعاف المدنيين أو إخراجهم من تحت الأنقاض، أو في حال حدوث حريق وما إلى ذلك.
ويتم إنذار الناس عند اقتراب الطيران من المنطقة عن طريق صفارات إنذار موزعة بكل بلدة يقوم أشخاص بتشغيلها عند اقتراب الطيران.
وبالإضافة إلى المراصد الموجودة على الأرض يعمل فريق آخر على وسائل التواصل الاجتماعي ويقوم بإرسال التحذيرات عبر برامج مختلفة.
محمد دياب منسق "مشروع الإنذار المبكر في الدفاع المدني" قال لـ"روزنة": إنهم يقومون بإرسال تحذيرات حول حركة الطيران الحربي في سوريا قبل وقوع الغارات، وذلك بهدف تحذير المدنيين من أجل منحهم الوقت الكافي للإستجابة لحماية أنفسهم وتقليص أعداد ضحايا القصف الجوي.
ويقوم نظام الراصد باستقبال مشاهدات الطيران الحربي من مراصد مدنية موثوقة وتحليلها وحساب الوقـت التقديري لوصول الطائـرة والمواقع المحتملة لوجهتها، ثم يقوم بإرسال التحذيرات بالطرق المتاحة في أسرع وقت ممكن، ويمنح المدني وقتاً بين الـ 5 و10 دقائق لإخلاء المنطقة.
ويتم تعميم التحذيرات عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك مسنجر، قنوات تلغرام مخصصة حسب المناطق، تويتر"، كما يتم إرسال التحذيرات عن طريق صفارات الإنذار الموزعة من قبل الدفاع المدني، إضافة إلى أجهزة التحذير الضوئي في المنشآت الطبية.
قد يهمك: الدفاع المدني: كارثة إنسانية تهدد حياة 100 ألف مدني بإدلب
وانطلقت خدمة الراصد، وفق دياب، في آب عام 2016، وهي تغطي المناطق التي تتعرّض للقصف الجوي في شمال غرب سوريا.
ووجّه نشطاء وفعاليات مدنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مناشدات للمجتمع الدولي الصامت وللضامن التركي للتدخل ووقف القصف بحق 70 ألف مدني، الذي يواجهون حملة عسكرية شرسة من قبل النظام وروسيا.
حيث دعا ناشطون للخروج في مظاهرات احتجاجية قرب الحدود التركية، احتجاجاً على تصاعد القصف جنوب إدلب، ولدعوة الجانب التركي للضغط على الروس لوقف التصعيد، ومن المقرر أن تخرج تظاهرات كبيرة اليوم الجمعة قرب معبر "باب الهوى" الحدودي للمطالبة بوقف قتل المدنيين في إدلب ووقف تهجيرهم.
وتعمل كل من روسيا والنظام السوري من خلال تكثيف القصف الجوي والصاروخي على المنطقة الواقعة جنوب الأوتستراد الدولي حلب - سراقب - جسر الشغور، تشمل مناطق ريف إدلب الجنوبي ومعرة النعمان وجبل الزاوية وريف إدلب الشرقي وريف سراقب، لتهجير المنطقة من سكانها بشكل ممنهج.
وتتعرض أرياف إدلب لقصف مكثّف من قبل قوات النظام وروسيا، منذ أواخر نيسان الماضي، ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، ونزوح عشرات الآلاف، رغم أنها مشمولة بالاتفاق الروسي التركي الذي يتضمن إيقاف القصف على المنطقة.
وتندرج محافظة إدلب ضمن اتفاقية خفض التصعيد الذي توصلت له الدول الراعية لمؤتمر أستانة عام 2017، واتفاق المنطقة المنزوعة السلاح الموقع بين موسكو وأنقرة في أيلول عام 2018.
الكلمات المفتاحية