أحمد خضور
اليوم وفي عام 2019 وبعد أن اعتبر كثيرون أن الحرب في سوريا شارفت على الانتهاء، وبعد تصريحات عديدة من مسؤولي حكومة النظام السوري عن عودة الكهرباء في سوريا لسابق عهدها إلا أن الماء تكذب الغطاس. فما إن بدأ فصل الشتاء حتى دخلت دمشق في تقنين حاد للكهرباء، فضلاً عن أزمات أخرى كالغاز وتقنين المياه.
وقال وزير الكهرباء السوري محمد زهير خربوطلي الشهر الفائت إنه لا يوجد تقنين حالياً في سوريا، حيث تم ربط شبكة الكهرباء لتعود قوية كما كانت قبل عام 2011.
أسباب انقطاع الكهرباء المتواصل
في دمشق العاصمة تنطفئ الأنوار كما كانت في أوج أيام الحرب وحسب الأحياء، ففي الريف القريب تكاد ساعات التقنين تزيد عن نصف النهار، وفي المزة 86، التي اعتبرت فيما سبق معقل مؤيدي النظام تصل للربع.
يقول يزن (اسم مستعار) شاب من سكان حي المزة 86، لـ"روزنة": "إن السرقة المستمرة للكهرباء والضغط المتواصل على محولات الكهرباء، نتيجة التضخم السكاني العشوائي الكبير في الحي يضعفها ويسبب انقطاعات متواصلة.
ريما (اسم مستعار) طالبة جامعية من سكان المعضمية في ريف دمشق، تقول لـ"روزنة" إن الكهرباء تنقطع في منطقتها لمدة 3 ساعات مقابل 3 ساعات وصول، وقد تختلف وفقاً لمزاج عامل الكهرباء، أمّا في جديدة عرطوز الملاصقة للمعضمية، فسكانها لا يشاهدون الكهرباء طيلة النهار.
وعن أسباب انقطاع الكهرباء بشكل متواصل يقول محمد (اسم مستعار) وهو عامل في كهرباء ريف دمشق، إن سبب الانقطاع المتواصل هو كثرة الضغط على محولات الطاقة الكهربائية، فالاستجرار غير الشرعي للكهرباء وكثرة عدد السكان مقروناً بزيادة العشوائيات هو ما يسبب هذا الانقطاع.
ويردف أنّ ضاحية يوسف العظمة المواجهة لجديدة عرطوز تنقطع عنها الكهرباء لنجو 3 ساعات يومياً، ويعزو السبب لقلة الضغط على المحولات.
وكان مدير كهرباء دمشق هيثم الميلع، أعلن في شهر تشرين الثاني الفائت بدء تطبيق برنامج تقنين كهربائي في مدينة دمشق وما حولها بواقع قطع ساعتين مقابل أربع ساعات تزويد بالتيار، وقال الميلع في حديثه لإذاعة محلية إن التقنين جاء نتيجة عطل في أحد محطات توليد الطاقة الكهربائية.
اقرأ أيضاً: كهرباء إيرانية في سوريا لإيقاف التقنين
بذخ في تزيين الشوارع واستفزاز لمشاعر الناس!
مع اقتراب شهر الميلاد، اعتادت الأحياء التي تنتمي للديانة المسيحية أن تزيّن شوارعها وبيوتها، ولكن هذا العام تم تزيين مناطق مختلفة في دمشق، كساحة الأمويين وساحة العباسيين وغيرها من المناطق. مع إنارة هذه الزينة طوال الليل.
نجم عن هذه الإنارة سخط شعبي في ظل التقنين المتواصل للكهرباء وانقطاعها عن أحياء متعددة.
يقول يوسف وهو طالب جامعي لـ"روزنة" ، "إنه أمر مضحك أن يضطر أحياناً لاستخدام المصباح "البيل" في منطقة البرامكة عند عودته من جامعته ليلاً في حين تذهب الكهرباء لإنارة الزينة".
لم يقف استفزاز الناس عند هذا الحد ففي آخر كارثة حصلت في سوريا وهي الحرائق التي التهمت قسماً كبيراً من الغابات السورية، تم وضع خطة تعويض للسكان المتضررين. وعند سؤالنا لأبو محمود، مزارع خسر نصف أرضه بسبب الحرائق، عن التعويض الذي حصل عليه، ضحك وأخبرنا أنهم وزّعوا سلة غذائية لكل متضرر، وهو قمة الاستخفاف بمشاعر الناس وقيمة ممتلكاتهم، ولكن كل هذا لم يجعل هؤلاء يحركون ساكناً للانتفاض على الواقع المعيشي.
فبعد ارتفاع أسعار الدولار وزيادة الراتب، وفقاً للمرسوم الرئاسي الأخير، ارتفعت الأسعار في الأسواق بشكل جنوني، حتى أن أصحاب المحال التجارية زادوا قيمة معروضاتهم حوالي ٣٠ في المئة، أو ٢٠ في المئة، ما جعل حركة الأسواق تخف رغم أنها فترة أعياد واحتفالات.
وأصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد شهر تشرين الثاني مرسومين بزيادة الرواتب والأجور، شمل الأول المدنيين والعسكريين وشمل الثاني المتقاعدين.
وذكرت صفحة رئاسة الجمهورية لدى النظام السوري أن المرسوم رقم "23" لعام 2019 قضى بزيادة 20 ألف ليرة سورية على الرواتب والأجور الشهرية للعسكريين والمدنيين، بعد دمج التعويض المعيشي الحالي مع أساس الراتب المقطوع ليكون جزءا منه.
أما المرسوم التشريعي رقم "24" للعام 2019 فقضى بزيادة 16 ألف ليرة سورية لأصحاب المعاشات التقاعدية من عسكريين ومدنيين أيضا بعد إضافة التعويض المعيشي لمعاشهم التقاعدي.
قد يهمك: مع توفر الكهرباء..أزمة جديدة تدفع لاعتماد الليدات وأجهزة 12 فولت
أزمة الغاز والمياه تعود من جديد!
تكثر الأقاويل والحديث عن خسارة النظام السوري لحقول غاز كانت مصدراً للغاز في سوريا، وعن صفقات مع الدول الصديقة للنظام كإيران وروسيا والصين، لكن الأكيد أن مشاكل الغاز وتأمينه عادت من جديد.
الوقوف في طوابير انتظار شاحنة نقل أسطوانات الغاز المنزلي لكل منطقة من أحياء دمشق، لا يعد الأمر الوحيد الذي يعانيه من اتخذ الصبر على مشاهد المعاناة سبيلاً، وذلك في مسعاه الحصول على حصته اليتيمة من الغاز، بنفس اليوم الذي يتكلف فيه عذاب الوقوف لساعات طويل منذ أولى ساعات الصباح.
بحسب محمد رب أسرة سوري، يتم توزيع اسطوانة الغاز المنزلي كل عشرين يوماً وبوجود دفتر عائلي، ولكن هذا الأمر نفسه يختلف من مكان لآخر ففي ريف دمشق تتوافر جرات الغاز بشكل أفضل من المدينة التي يعاني سكانها من ضغط وازدحام على استلام الغاز.
ويصل سعر جرة الغاز في السوق السوداء إلى نحو 10 آلاف ليرة سورية لمن يضطر لشرائها. في حين يعاني من ليس لديهم دفتر عائلة كالفيتات والشباب العازبين ممن يسكنون وحدهم.
اقرأ أيضاً: دمشق: أزمة الغاز المستمرة تفرض السمسرة والسوق السوداء (صور)
أما مشكلة المياه فبحد ذاتها مشكلة بالنسبة لكثيرين، لكن حسب ما اعتاد أهالي دمشق يزداد تقنين المياه في نهاية شهر آب حتى شهر تشرين الثاني ويختلف من عامٍ لآخر.
ففي الريف كضاحية قدسيا وقدسيا والمعضمية وغيرها من المناطق التي عادت لسيطرة النظام السوري مازال السكان يعانون من مشاكل في المياه، حيث تنقطع المياه لأسبوع كامل أو أكثر أو أقل.
ويشتكي سوريون في العديد من المحافظات السورية من التقنين الحاد للكهرباء والذي وصل في بعض المناطق لأكثر من 12 ساعة يومياً، في ظل عدد من الأزمات تحيط بهم كأزمة الغاز التي اعتاد عليها الأهالي مع كل شتاء، رغم تصريحات مسؤولين في حكومة النظام يبشرون خلالها بزيادة الكميات الموزعة ، إضافة إلى أزمة المياه وانقطاع عدد من الأصناف الغذائية كالسكر في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة السورية.
وكشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة في مطلع شهر أيلول الماضي، عن ارتفاع عدد المحتاجين لمساعدات إنسانية حول العالم، خلال العام الحالي 2019 ليصل إلى أكثر من 167 مليون شخص في العالم، مع توقعات بأن يزداد العدد العام المقبل.
ولفت التقرير إلى أن سوريا التي تشهد أكبر أزمة نازحين ولاجئين في العالم منذ اندلاع الانتفاضة والصراع، هناك 5.6 ملايين لاجئ من مواطنيها خارج بلادهم أغلبهم في دول الجوار، بالإضافة إلى 6 ملايين نازح داخل سوريا، وتُخطط الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية لقرابة 11 مليون سوري خلال العام المقبل من ضمنهم قرابة 5 ملايين سوري يعانون من حالة عوز شديد.
الكلمات المفتاحية