هبوط مستمر لليرة السورية وتحليق الدولار إلى أعلى مستوياته جعل الناس يتندرون قائلين : "الليرة تهبط هبوطاً حراً والدولار ابن العز".
فما زالت آثار هبوط الليرة السورية أمام الدولار ترتد على المواطنين السوريين في ظل ارتفاع الأسعار الحادة وضعف القيمة الشرائية، على رغم التدابير التي قامت بها حكومة النظام السوري من وضع قائمة الأسعار ودعم الليرة عبر تجار واقتصاديين والتعويم الموقت، التي لم تصمد أمام الصعود الذي سمي بـ"التاريخي" للدولار الأميركي.
زيادة وهمية وتضخم يبتلع الراتب في مناطق النظام
عجزت حكومة النظام السوري عن تثبيت سعر الليرة السورية منذ عام 2010، ما أدى إلى تضخم كبير، وضعف في القوة الشرائية. وبحسب التقارير الأممية الأخيرة، تجاوز خط الفقر حد 85 في المئة للسكان الأكثر ضعفاً. ونتج عنه انعدام الأمن الغذائي إلى حد وصلت نسبته إلى 33 في المئة من الشعب السوري.
إحصاءات الأمم المتحدة قدرت أن 11.7 مليون سوري بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية المختلفة، الغذاء والمياه والمأوى والصحة والتعليم.
زيادة الرواتب في مناطق النظام التي أقرها الأسد بزيادة 20 ألف ليرة سورية، لم تغير شيئاً بالنسبة إلى الفرد، فالاسعار استمرت في الازدياد والمواد الاستهلاكية ارتفعت بنسب 25 الى 30 في المئة وباتت ظروف المواطن تترنح مع الغلاء الذي ضرب معظم الشرائح إن كان في دمشق أم في المناطق الاخرى.
اقرأ أيضاً: من يربح الدولار في سوريا؟
الكساد يضرب مناطق المعارضة وبعض التجار يحتكرون البضائع
أما مناطق المعارضة فهي ليست أفضل حالاً، إذ ضرب مناطق إدلب وريف حلب، ويشكو السكان من غلاء الأسعار وأزمة كبيرة في الوقود، فيما يحتكر بعض التجار المواد الأساسية ضمن أسعار فاحشة مما ينذر بمجاعة، خصوصاً في الأماكن الأشد فقراً، وفي المخيمات التي غابت عنها المنظمات الإنسانية والدولية.
ونقل لنا مراسلنا في مناطق الشمال الوضع المأساوي للسكان راصداً الظروف الصعبة التي تضرب مناطق الشمال السوري، وقال مراسل "روزنة" عبد الغني العريان، إن سعر برميل المازوت نوع ذو الجودة الوسطية بلغ 120 ألف ليرة سورية، الأمر الذي أجبر معظم المدنيين وأصحاب محلات المحروقات إلى عدم شراء المازوت. تزامن ذلك مع ارتفاع سعر صهاريج المياه وربطة الخبز وتقليل ساعات الكهرباء من قبل أصحاب المولدات.
وأضاف عبد الغني العريان أنه سبق أن حذرت (مديرية صحة إدلب الحرّة) من كارثة قد تطال القطاع، بسبب ندرة المحروقات اللازمة لتشغيل الأجهزة والأدوات الطبية في المراكز والمشافي.
فيما شهدت أفران الخبز في محافظة إدلب انخفاضًا في عملية الإنتاج؛ بسبب أزمة المحروقات وتدهور سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعر الربطة من 200 إلى 250 ليرة سورية.
قد يهمك: تحت الضغوط المعيشية... عائلات في السويداء تحد من الإنجاب
هبوط الليرة سوف يؤدي الى انهيار كارثي للوضع المعيشي للسكان
الخبير الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا أوضح بعض النقاط حول هبوط الليرة والتأثيرات المعيشية للأفراد في سوريا في مناطق النظام ومناطق المعارضة، موضحاً أن هذا الانهيار الكارثي للاقتصاد السوري وانعكاساته على الليرة السورية من حيث كونه انخفاض متسارع في مدة زمنية قصيرة وله تأثير شديد جداً على المستوى المعيشي، سواء في منطقة سيطرة النظام أو خارجه.
وأشار القاضي إلى أن سكان مناطق النظام بغالبيتهم يعانون من شح في المواد الاستهلاكية وانقطاع للكهرباء والغاز والبنزين، وبقية مستلزمات الحياة. ورأى القاضي أن هذا الانخفاض سوف يسبب ضغطاً كارثياً على مستواهم الحياتي.
وفي ما يخص الرواتب والزيادة الأخيرة، قال القاضي إنه تجدر الانتباه الى نقطة مهمة أن ليس كل الناس موظفين لدى مؤسسات الحكومة السورية، ما يعني أن حوالى ثلث السكان فقط هم من يستفيدون من هذا الارتفاع، بالمقابل كل المواطنين السوريين سوف يتأثرون بارتفاع الأسعار وهو تأثير سلبي والتضخم ابتلع هذه الزيادة بشكل أو بآخر.
سكان المخيمات الأكثر تضرراً ضمن هذه الأزمة المالية
أشار القاضي إلى أن الأوضاع في مناطق المعارضة ليست أفضل حالاً، إذ يعيش هناك أكثر من مليوني شخص في المخيمات وهم الأكثر ضعفاً. ورأى أن الأيام المقبلة ستكون أشد وطأة عليهم، إذ ليست لديهم رواتب ولادخل لهم وهم في حالة تشرد ومع انخفاض الدعم الإغاثي سيكون العبء أكبر بكثير. وذلك خصوصاً أنهم لا يحصلون على حوالات من الخارج ولا تتوافر لهم وظائف عمل ضمن هذه المخيمات، للأسف سيعيشون تحت خط الفقر وهم على شفا مجاعة حقيقية.
أما عن صرف الحوالات والحفاظ على قيمتها النقدية، فقال القاضي إن "بإمكان الناس الذين يعتاشون من تلك الحوالات، صرفها ضمن أفضل العروض التي يجدونها، خصوصاً مع الصعود والنزول المتكرر واليومي للدولار".
الكلمات المفتاحية