إعادة إعمار إيرانية في سوريا… تغيير ديمغرافي بأيدي محلية؟ 

إعادة إعمار إيرانية في سوريا… تغيير ديمغرافي بأيدي محلية؟ 
اقتصادي | 27 نوفمبر 2019
وقعّت حكومة النظام السوري مع إيران على مذكرة تفاهم لبناء مدن وضواحي جديدة في سوريا تتولاها وزارة الطرق وبناء المدن الإيرانية، في دلالة تشي إلى رغبة إيرانية واضحة في بعث رسائلها الخاصة إلى قوى إقليمية ودولية فاعلة في الملف السوري بأنها ما تزال ماضية في تعميق نفوذها وتحديداً في مرحلة إعادة الإعمار. 

الاتفاق بين دمشق وطهران على تنفيذ مذكرة تفاهم بينهما على بناء مدن وضواح في سوريا، يثير مزيدا من المخاوف حول إحداث تغييرات ديموغرافية في البلاد، والذي سينعكس أيضاً على ترسيخ النفوذ الإيراني في سوريا، وعلى الجانب الآخر يثير هذا التفاهم التساؤلات حول قدرة إيران على تنفيذ هذه المذكرة على أرض الواقع في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي تعاني منها حكومة طهران.
 
وبدأت في طهران الاثنين، اجتماعات اللجنة السورية الإيرانية المشتركة في مجال الأشغال العامة والإسكان في مقر وزارة الطرق وبناء المدن الإيرانية، واستهدف الاجتماع، بحث تطبيق الإنشاء والتشييد وبناء إيران الضواحي والمدن بذريعة الإعمار في سوريا.

وترأس الاجتماعات من جانب النظام السوري وزير الأشغال العامة والإسكان سهيل عبد اللطيف، وعن الجانب الإيراني وزير الطرق وبناء المدن محمد إسلامي.

اقرأ أيضاً: مشروع إيراني للسيطرة على عقود إعادة الإعمار في سوريا

وأوردت تقارير صحفية محلية من دمشق أن هذه الخطوة تهدف إلى "تعزيز التعاون الثنائي وتحقيق قفزة نوعية في مجال البناء وبناء الضواحي والمدن؛ على النحو المطلوب في مرحلة إعادة الإعمار في سوريا".

وقال عبد اللطيف: "هناك العديد من المجالات والفرص المتاحة للتعاون الثنائي" ، مضيفا "يجب إزالة العقبات التي تحول دون تقدم التعاون من خلال تنفيذ الخطط التنفيذية لمشاريع الإسكان والخدمات العامة في سوريا".

أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية، حسن الشاغل قال خلال حديث لـ "روزنة" أن إيران تسعى أن تحصل على حصتها في إعادة إعمار سوريا من خلال التوقيع على عدة اتفاقيات مع النظام من خلال مؤسسات إيرانية حكومية او شركات بناء خاصة، وهي التي تعمل في الوقت ذاته على إيجاد شخصيات سوريّة تابعة لها؛ تؤسس شركات تعهدات تكون يدها اليمنى في سوريا.

ولفت الشاغل إلى أن الأمر الأهم في إعادة الإعمار أنها عملية سياسية قبل أن تكون اقتصادية، بمعنى أن الدول الداعمة لعملية إعادة الإعمار هي التي سوف تفرض شروطها على الحل السياسي في سوريا؛ و أهم هذه الدول الولايات المتحدة الأميركية، ودول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى دول الخليج العربي. 

قد يهمك: لافروف يحذر من تحويل سوريا إلى ساحة للمواجهة مع إيران!

وتابع: "هذه الدول هي التي سوف تفرض شروطها وبذات الوقت ترفض أي تواجد إيراني في سوريا... هذه المشروعات التي توقعها ايران مع النظام السوري فيما يخص إعادة بناء مدن وضواحي هي جزء من إعادة الإعمار، وسوف تكون صفقة اقتصادية ضخمة ولها مردود اقتصادي كبير إذا ما تحققت… إيران تدرك هذا الأمر لذلك تسعى دائما إلى توقيع اتفاقيات مع النظام السوري الذي هو إلى الآن هو نظام معترف به من الأمم المتحدة ويكون بذلك كل هذه الاتفاقيات رسمية".

واستدرك "لكن هناك إمكانية متواضعة في إبطال هذه الاتفاقيات؛ إذا ما كانت هناك رغبة من الدول (الرافضة للتواجد الإيراني) عبر (إطار) أن هذه الاتفاقيات قد أُبرمت في مرحلة حرب".

 وحول الاحتجاجات الأخيرة ضد الحكومة الإيرانية، و كذلك الاحتجاجات في العراق ضد تواجدها وسيطرتها على البلاد، وتأثير ذلك على مشاريع النفوذ الإيراني في سوريا، اعتبر الشاغل أن إيران تتبع دائماً سياسة تصادمية؛ ودبلوماسية حافة الهاوية مع أي حدث يصادفها، "هي لن تتنازل عن مصالحها وتواجدها في سوريا بسهولة، لأن إيران تطمح أن تصل إلى الموانئ السورية من أجل أن تكون نقطة انطلاق إلى الأسواق الأوروبية، بالإضافة إلى مشروعها الديني في نشر التشيع من أجل تثبيت مواقعها". 

بعد الاحتجاجات المفاجئة التي خرجت من إيران بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها؛ منذ أن اتخذت الولايات المتحدة الأميركية سياسة التدرج في فرض العقوبات الاقتصادية على كافة قطاعات الاقتصاد الإيراني و أهمها قطاع الطاقة الذي يشكل القطاع الرئيسي للدخل القومي، ويسبق ذلك الاحتجاجات الشعبية الذي خرجت ضد نفوذها في كل من لبنان والعراق، بالإضافة إلى تشابك الأحداث في سوريا وبخاصة في شرق الفرات، فضلاً عن الاستهدافات الأخيرة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي على أكثر من 10 مواقع إيرانية في سوريا، مقابل صمت إيراني حول ذلك، وأيضاً حول موقفها من العملية السياسية في سوريا وبالأخص فيما يتعلق باللجنة الدستورية.

اقرأ أيضاً: جمعية البستان تمنح النفوذ الإيراني شكلاً جديداً في درعا

إن الأحداث آنفة الذكر؛ أدت بشكل أو بآخر إلى تراجع الدور الإيراني في سوريا بشكل ملحوظ، و لكن تبقى إيران متواجدة بشكل كبير داخل سوريا من خلال تواجد القوات التابعة لها في مناطق مختلفة من الأراضي السورية، وفق رأي الشاغل. 
 
وسبق أن أعلن النظام السوري، أنه يعطي الشركات الإيرانية الأولوية في إعمار سوريا، رغم الاتهامات لإيران بأنها تقوم بتغييرات ديمغرافية في سوريا، جاء ذلك وفق ما أكدته وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، بأن "الحكومة السورية قررت أن الشركات الإيرانية ستتمتع بالأولوية في إعادة إعمار سوريا خلال مرحلة ما بعد انتهاء الأزمة في هذه البلاد".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق