ماذا تعرف عن آلهة الحب والجمال "عشتار" عند السومريين

ماذا تعرف عن آلهة الحب والجمال "عشتار" عند السومريين
أخبار | 11 نوفمبر 2019

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بنحت لـ"عشتار" في دمشق ، نظراً لكونها عارية، إذ تظهر آلهة الحب والحرب عند البابليين بصورة عارية كما في النحت الأصلي لها، وهو ما اضطر إدارة المهرجان لإزالة جسد عشتار والإبقاء على الرأس فقط، فمن تكون عشتار؟

 
كان السومريون يطلقون عليها اسم عناة، والعرب يسمونها عشتار، والإغريق يسمونها أفروديت، وظهرت لأول مرة في بلاد سومر في العراق وسوريا وجنوب الرافدين، قبل أكثر من ستة آلاف عام، إما بشخصها المرسوم على الأختام الأسطوانية وبعض المنحوتات، وإما بالرمز الذي يدل عليها في الخط المسماري، وهو النجمة الخماسية التي تشير إلى كوكب الزهرة، ألمع الكواكب.
 
وتعرف بأنها آلهة الحب والحرب والجمال والتضحية في حضارات بلاد ما بين النهرين، وأطلق عليها السومريون اسم ملكة الجنة، تعددت تصويراتها ورموزها وظهرت في معظم الأساطير القديمة، وتغنى بحبها الشعراء وتفنن بتصويرها الفنانون بالرسم والنحت.
 
و تصوّر عشتار على هيئة امرأة عارية تركب وحوشاً، وترمز بشكل عام إلى الآلهة الأم الأولى منجبة الحياة، وكان أحد رموزها الأسد، ومعبدها الرئيسي في نينوى قرب مدينة الموصل في العراق.
 
ووُصفت بأنها آلهة الخصب والنماء، وعرفت عند الأقوام السامية باسم عشتار وعشتروت، أما الإغريق أطلقوا عليها اسم أفروديت، والرومان اسم فينوس.
 
وكان من المعروف أن عبادتها كانت سائدة في جميع حواضر العراق القديم، وقد اختصت بالحب والحرب، وأطلق البابليون اسمها على أشهر بوابة في بابل: "بوابة عشتار"، وهي ابنة آلهة القمر، وحبيبة تموز، وفق كتاب "معجم المصطلحات والأعلام في العراق القديم" للكاتب حسن النجفي.
 
وكانت عشتار تسمي نفسها بـ" آلهة الصباح" و"آلهة المساء"، وهي من أكثر الشخصيات شهرة في المجمع الإلهي الآشوري، وهي التشخيص الإلهي لكوكب الزهرة، وفق كتاب "معجم الأساطير" للكاتب لطفي الخوري.
 
اقرأ أيضاً: هكذا يحتفل المرشديون بعيدهم الوحيد

لماذا تظهر عارية؟
 
ووفق كتاب "الحجاب عبر التاريخ" للكاتب أيوب أبو ديّة، فإن عشتار تظهر عارية في التماثيل كما تماثيل الأم الآلهة القديمة والسمينة ذات الخصوبة التي تظهر بالشكل العاري في معظم الأحيان، مع التركيز بشكل خاص على الأثداء والوركين دلالة على الخصوبة، فلم تكن تظهر فكرة "العورة" بعد.
 
لكن وفقاً للأسطورة فإن عشتار، خلعت ملابسها عندما هبطت إلى العالم السفلي، تنفيذاً لقواعد ذلك العالم ،بحسب كتاب النظام الأبوي لإبراهيم الساقي.
 
فللعالم السفلي بحسب الأسطورة، سبعة أبواب، كانت عشتار تخلع عند كل باب جزءاً من ملابسها وحليها، لتصل أخيراً إلى ذلك العالم وتقف أمام ملكته عارية تماماً، وبلا قوّة، وترك حينها العالم في حالة من الفوضى بسبب غيابها نظراً لكونها ملكة الخصب، لتحرر أخيراً من سلطة العالم السفلي وتعود مجدداً سيدة على العالم.
 
يتناول فاضل عبد الواحد علي في كتابه "عشتار ومأساة تموز"المعتقدات والطقوس الخاصة بآلهة الخصب وبزوجها إله الخضار والماشية في وادي الرافدين.
 
فقد عرفت آلهة الخصب في وادي الرافدين باسم "إنانا" وعرف زوجها إله الخضار والماشية باسم "دموزي"، كما يسموا بـ"عشتار وتموز".
 
ويوضح فاضل عبد الواحد علي في كتابه "عشتار ومأساة تموز" ، أن العلامة الصورية المستخدمة في كتابة اسم إنانا قد وجدت على أقدم ألواح الطين من عصر الوركاء، التي يعود تاريخها إلى ما بين 3200 و3000 قبل الميلاد، ما اتخذ دليلاً على أن عبادة عشتار كانت معروفة في سومر في وقت مبكر جداً، ربما سبق بداية الألف الرابع قبل الميلاد.
 
أسطورة عشتار والفلاح

ومن الأساطير عن آلهة الحب والجنس، يذكر علي في كتابه، أسطورة تدور حوادثها حول فلاح اسمه "شو كليتودو"، الذي سولت له نفسه بارتكاب الخطيئة واغتصاب آلهة الحب، مما كان سبباً في إنزال العقاب به وببلده.
 
وبحسب الأسطورة فقد كان الفلاح دؤوباً على العناية بأرضه وحرثها، إلا أن العواصف الرملية كانت تعصف بزرعه، فتذهب جهوده أدراج الرياح، فحار في امره وأخذ يتطلع إلى السماء يمعن في نجومها عله يصل إلى حل يهتدي إليه.
 
وتوصل الفلاح إلى أن يزرع شجراً في أرضه وارفة الظلال، ونجحت الفكرة ونمت المحاصيل.
 
وتذكر الأسطورة أن الآلهة "إنانا" أي عشتار جاءت ذات يوم لتستريح في ظل إحدى الأشجار بعد رحلة طويلة حابت خلالها الأرض والسماء، حيث كان الفلاح يراقبها من بعيد، وحينما لاحظ انها متعبة وغير قادرة عن الدفاع عن نفسها هاجمها واغتصبها.
 
ولما استفاقت صباح اليوم التالي تذكرت "إنانا" ما جرى، وصممت على الانتقام، وإنزال العقاب بالفلاح و أرضه وبلده، فأرسلت عليه 3 بلايا، اولها جعلت الآباء تمتلئ بالدماء بدلاً من المياه، وثانياً، جعلت الريح تعصف بالبلاد، والثالثة لم تعرف لأن النص المسماري لم يتوضح خلاله ما كتب عنها، ثم يترك الفلاح قريته ويهرب إلى المدينة فتتعقبه الآلهة إنانا، لتنتقم منه شخصياً، وفي هذا الموضع لم تعرف نهاية الأسطورة، لكون اللوح مخروماً في هذا الجزء، وتبقى الحوادث الأخيرة من الأسطورة غير معروفة.

أسطورة نزول عشتار إلى العالم السفلي
 
تذكر المصادر السومرية والبابلية أن الآلهة "إنانا" عشتار، والتي أصبحت زوجة للإله "تموز"، عزمت على القيام برحلة إلى العالم الأسفل، أي عالم الأموات، وهو ذو قوانين خاصة كان تحت سيطرة أختها الكبرى "إيرشكيجال" التي لا تحب أختها، وفق كتاب "عشتار ومأساة تموز".
 
وكان سبب الزيارة رغبة الآلهة عشتار في إطلاق سراح الأموات وإعادتهم إلى عالم الأحياء، بحسب بعض الآراء، ولم تتوقع عشتار ما كان في انتظارها من مكائد أختها التي عرفت بالزيارة مقدماً.
 
وكان لدى عشتار شكوكها، فطلبت من أقرب موظفة لديها أنه في حالة عدم عودتها أن تذهب إلى انكي، إله الحكمة، لإنقاذها.
 
وذهبت الآلهة عشتار مرتدية تاجاً وملابس وحلى فاخرة إلى العالم السفلي الذي كانت له 7 أبواب، حيث قام حارس الأبواب بناء على أوامر أختها الكبرى بتجريد عشتار من بعض ملابسها عند عبورها كل باب حتى وصلت إلى أختها عارية.
 
أمرت الأخت 7 آلهة يعملون لديها بقتل عشتار مباشرة، وهذا ما حدث لتبدأ الكارثة، فبموت الآلهة عشتار توقفت الحياة لتوقف التزاوج.
 
وعندما سمع إله الحكمة انكي بمصير عشتار وجد سبيلا للخلاص، عن طريق الاستعانة بخدمات "آصوشونامر"، أجمل فتى على الإطلاق، وأمره بالذهاب إلى العالم السفلي والإيقاع بأخت عشتار في حبه إلى درجة الذهول، ويجعلها أن تقسم بعمل كل ما يريد، وبعد ذلك يطلب منها إعادة الآلهة عشتار إلى الحياة.
 
وعندما سمعت الأخت برغبته بعودة عشتار إلى الحياة استشاطت غضباً، ولكن بعد فوات الأوان لأنها الآن ملزمة بالتنفيذ، فأعادت الآلهة عشتار إلى الحياة، ولكن بشرط أن تعثر عشتار على من يحل محلها في العالم السفلي.
 
 فخرجت الآلهة عشتار مع 7 من شياطين العالم السفلي باحثة عن سيء الحظ وأثناء البحث شاهدت زوجها الإله "تموز" ولدهشتها لم يكن حزيناً لوفاتها، فغضبت منه وقالت للشياطين أن يأخذوه فانهالوا عليه ضرباً وسحبوه إلى العالم السفلي.
 
واعتبر سكان وادي الرافدين نزول الإله تموز إلى العالم السفلي بمثابة وفاته وكان لهذا مراسيم دينية خاصة في شهر تموز، فقد سمي ذلك الشهر على اسمه، وهي الفترة التي تنعدم الأمطار في وادي الرافدين وتنقطع الزراعة، وتضمنت المراسيم نحيب وعويل وبكاء النسوة البالغ.
 
الآلهة عشتار شعرت بتأنيب الضمير لإنزاله مكانها إلى العالم السفلي، فهي في الحقيقة مغرمة به، فطلبت من أختها تسوية لإرضاء الجميع، وكان لها ما أرادت وهي أن يقضي الإله تموز في عالم الأموات 6 أشهر تبدأ بشهر تموز وتموت أثناءها الزراعة والماشية وينتشر القحط ويغادر بعدها ذلك العالم إلى عالم الأحياء، أي أنه يعاد إلى الحياة، وتعود الزراعة والخير معه وتأخذ مكانه أخته للفترة نفسها ثم يعود تموز إلى عالم الأموات وهكذا تدار الأيام.
 
واعتبر أهالي وادي الرافدين خروج تموز من العالم السفلي بعد 6 أشهر بمثابة ميلاده، أما زواجه فهو بداية السنة الجديدة عند سكان وادي الرافدين والموافق بداية شهر نيسان من كل عام.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق