اجتماع تركي-أميركي لرسم ملامح جديدة بشرق الفرات… هل يحصل ذلك؟

اجتماع تركي-أميركي لرسم ملامح جديدة بشرق الفرات… هل يحصل ذلك؟
تحليل سياسي | 07 نوفمبر 2019

استبق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارته المرتقبة إلى واشنطن يوم الأربعاء المقبل، باتهام "من وعدوا (أنقرة)" بانسحاب قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من شمال شرقي سوريا خلال 120 ساعة، بعدم الوفاء بوعودهم، في إشارة واضحة إلى عدم التزام الجانب الأميركي بأهم بنود الاتفاق الموقع بينهما منتصف شهر تشرين الأول الفائت. 

الرئيس التركي قال أن الذين وعدوهم بانسحاب تنظيم القوات الكردية من شمال سوريا، لم ينفذوا وعودهم، حيث نص الاتفاق التركي-الأميركي الموقع في الـ17 من تشرين الأول بحسب نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، قضى -آنذاك- بموافقة تركيا على وقف إطلاق النار لمدة 120 ساعة للسماح بانسحاب القوات الكردية من "المنطقة الآمنة".

وتأتي تصريحات الرئيس التركي الأخيرة في وقت قالت فيه الرئاسة التركية إن أردوغان سيتوجه إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل للقاء نظيره الأميركي دونالد ترامب بناء على دعوة من الأخير، الذي كان قد أجرى معه مكالمة هاتفية الأربعاء.

وأكد ترامب يوم أمس الأربعاء زيارة الرئيس التركي إلى البيت الأبيض، وقال إنه أجرى اتصالا هاتفيا مع أردوغان، ووصف في تغريدة له على حسابه في موقع "تويتر" المكالمة مع نظيره التركي بأنها "مكالمة جيدة جدا"، وأشار في تغريدته، إلى أنه بحث مع أردوغان في قضايا الحدود السورية التركية و"القضاء على الإرهاب" بالإضافة إلى "إنهاء الأعمال العدائية مع الأكراد ومسائل أخرى"، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".

في حين نقلت وكالة "الأناضول"، عن دائرة الاتصال بالرئاسة التركية أن الرئيسين بحثا خلال الاتصال الهاتفي القضايا الثنائية إلى جانب التطورات الإقليمية.

اقرأ أيضاً: شراكة روسية-تركية محتملة في "المنطقة الآمنة"... هذه تفاصيلها

وتشي تصريحات أردوغان فيما يتعلق بإشارته إلى أن الجانب الأميركي لم يلتزم بعهده القاضي بانسحاب القوات الكردية خلال المدة المتفق عليها، إلى إمكانية أن تسعى أنقرة بعد اتفاقها مع موسكو في 22 تشرين الأول حول منطقة شرق الفرات، للتغاضي عن اتفاقها السابق مع واشنطن (في 17 تشرين الأول)، أو بمعنى أدق قد تسعى للاتفاق على خريطة جديدة ترسم ملامحها مع واشنطن خلال زيارة أردوغان المقبلة من أجل توفيق أنقرة لمصالحها بين واشنطن وموسكو.

المحلل السياسي حسام نجار، اعتبر خلال حديثه لـ "روزنة" أن التوافق التركي الأميركي حول "المنطقة الآمنة" التي قررت تركيا إقامتها في الشمال السوري، أثار زوبعة كبيرة في كل الأوساط بدءاً من الأميركان وصولاً إلى الروس والأوروبيين و حتى النظام السوري. 

و أضاف أنه عندما قرر ترامب التعاون مع الأتراك بهذا الخصوص، كان هناك لوبي كبير في الولايات المتحدة ضد هذا التعاون وضد التخلي عن الوحدات الكردية، بحسب رأيه، وتابع بالقول: "بدأ هذا اللوبي العمل والتصعيد على كل المستويات لمنع من تنفيذ هذا الاتفاق، وكان رأس الحربة فيه هو البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية)، ومن ورائه اللوبي الصهيوني وظهرت خلاله وقبله (الاتفاق) تصريحات ترامبية بالانسحاب من مناطق عدة وسحب الوحدات الكردية وفعلاً تم تموضعها في أماكن أخرى".

وتساءل نجار حول مدى تنفيذ التوافق الأميركي-التركي في الشأن ذي الصلة، مشيرا إلى عدم تنفيذه، وذلك بسبب سعي قوات "قسد" للتحاور مع النظام والروس لتسليمهم المناطق التي يخرجون منها؛ رغم تحذيرات واشنطن لهم، ما أوقع الأتراك في حيرة، فبدل أن يتعاملوا مع الأميركان فقط أصبحوا يتعاملون مع الروس والنظام كذلك، عازيا إلى هذه العوامل سبب إطلاق أنقرة لتصريحاتها المتعلقة بعدم وفاء واشنطن بكامل الاتفاق والذي يفترض به تسليم المناطق للأتراك وليس للروس. 

وأردف: "ظهرت تصريحات واضحة وجلية أوروبية وأميركية من بعض المسؤولين، (تفيد) بأن تخلي واشنطن عن الأكراد كان خطأ، فلا بد من تمكينهم من إقامة حكم ذاتي، بالوقت نفسه سارعت الولايات المتحدة لزيادة قواعدها العسكرية لقطع الطريق على الروس لإقامة مثل هذه القواعد".

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب اعتمدت روسيا على "اتفاقية أضنة" لإعلان توافقها مع تركيا

وزاد بالقول: "هنا أصبح الأتراك في خضم مساومات سياسية متعددة الأطراف، فقد كانوا مطمئنين أن الروس بعيدون كل البعد عن هذه المنطقة وبالتالي لا يمكنهم من مساوتهم عليها مقابل منطقة المحرر، لكن الأميركان كان لهم فعل وتصرف أخر.. أردوغان سيحاول التثبت من القرار الأمريكي بإخراج "قسد" وفق الاتفاق حتى يتسنى له دراسة الواقع على الأرض مع الروس، لذلك قام برفع السقف الاعلامي حتى يلفت الانتباه لعدم وفاء أميركا بالتزاماتها حول الانسحاب".

وأعلن الرئيس التركي، اليوم الخميس، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان في بودابست، أن عملية "نبع السلام" العسكرية بشمال سوريا مستمرة، متهما روسيا والولايات المتحدة بعدم الوفاء بتعهداتهما بشأن انسحاب "الوحدات الكردية" من المنطقة.

وأضاف أردوغان "لم تخرجا الإرهابيين من شمال سوريا بعد"، حسبما نقلت عنه قناة "تي أر تي" التركية، وذلك في إشارة إلى "وحدات حماية الشعب" الكردية، التي تعتبرها أنقرة تنظيما إرهابيا وامتدادا لحزب العمال الكردستاني.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق