شهدت مدينة جرمانا التابعة لمحافظة ريف دمشق الأسبوع الماضي، ظهوراً مفاجئاً لتاجر المخدرات اللبناني نوح زعيتر، وذلك في زيارة أخذت شكل الزيارة الشخصية لأحد منازل المدينة، إلا أنها فعلياً تُحيط بها أسباب أخرى بحسب ما نقلت مصادر لـ "روزنة".
المصادر أفادت بأن سبب زيارة تاجر المخدرات اللبناني جاءت بغرض شراء خيول من إحدى مزارع المدينة، حيث اشترى زعيتر 10 خيول أصيلة التي تعود ملكيتها لشخص يدعى عمر قسام.
وكانت الخيول وصلت إلى قسام عن طريق دير الزور قادمة من العراق ليتم بيعها إلى زعيتر، والذي ينوي نقلها إلى لبنان عن طريق القلمون، حيث تتمركز نقاط لـ "حزب الله" اللبناني على الحدود السورية اللبنانية.
ولا تخضع هذه المناطق لمراقبة حكومة النظام السوري (حليفة حزب الله) وكذلك لا تراقبها الحكومة اللبنانية، مما يجعل هذه الطرق ممراً لتهريب سائر الممنوعات.
قسام الذي استضاف زعيتر يملك ناد ليلي في جرمانا ويراعه الأمن العسكري، حيث كانت صدرت سابقاً عدة قرارات بإغلاق النادي من قبل محافظة ريف دمشق إلى أن استقطاب النادي لضباط المخابرات كزبائن له كان يمنع إغلاقه.
وأما عن طريقة وصول الخيول إلى جرمانا، فقد أفادت المصادر أن يعرب زهر الدين (نجل العميد عصام زهر الدين، والذي قتل في دير الزور في شهر تشرين الأول عام 2017)؛ تولى كافة تفاصيل عملية النقل من خلال التواصل مع المهربين من العراق إلى دير الزور، لتصل لاحقاً إلى جرمانا.
اقرأ أيضاً: دير الزور تحصد ضباطاً كبار في جيش النظام .. آخرهم "زهر الدين"
وكانت وزارة الزراعة التابعة لحكومة النظام السوري أعلنت في تشرين الثاني من عام 2017، أن عدد الخيول المفقودة منذ العام 2011 هي 3 آلاف خيل، وقالت الوزارة إن قسماً من الخيول تم تهريبه إلى لبنان، مبينة -آنذاك- أنها شكّلت لجنة مع "المجلس الأعلى الزراعي السوري اللبناني" لمحاولة إعادة جدولة "الخيول العربية التي كانت في سوريا وأصبحت الآن في الأراضي اللبنانية".
التبرع للدفاع الوطني
زيارة زعيتر لم يتخللها أي استقبال رسمي أو شعبي بل كانت زيارة خاصة، ودون وجود مرافقة معه باستثناء أحد أقاربه؛ إضافة إلى ضابط من الأمن العسكري أتى برفقته لتسهيل مروره.
وخلال مأدبة الغداء في منزل قسام أشار زعيتر تركز إلى أهمية جرمانا في قتالها ضد ما وصفهم بـ "الإرهابيين"، وأن المقاومة في جنوب لبنان هي في نفس الخندق مع الجندي المرابط في الغوطة، مؤكدا أن على الناس أن تقوم بحملات تبرع للمقاومة بعدما أثبتت التجربة فشل جيوش الأنظمة في قهر "التنظيمات الإرهابية" بحسب كلام زعيتر.
في حين نقلت المصادر أن زعيتر تبرع بـ 3 آلاف دولار لكتائب الدفاع الوطني في جرمانا، دعماً لهذه الكتائب الشعبية على اعتبار أن هذه العناصر هم أبناء المكان ويملكون القدرة على حماية المنطقة أكثر من الجيوش النظامية؛ وفق ما قاله، كما اقترح زعيتر أن يتم اعتماد صناديق تبرعات لدعم هذه الكتائب؛ على غرار المكاتب التي يفتتحها حزب الله في لبنان بهدف دعم وتمويل المقاومة.
حديث زعيتر يأتي على خلفية ما يعانيه "الدفاع الوطني في جرمانا" من مشاكل تمويلية، حيث لم يستلم الكثير من عناصره رواتبهم منذ بداية العام الحالي.
علاقة زعيتر و زهرالدين
ونقلت المصادر أن زعيتر التقى أكثر من مرة في جرمانا كل من سمير القنطار و فرحان الشعلان، حيث كان يشكل الأخير ضابط ارتباط بين حزب الله ومجموعاته التي كان يمولها في جرمانا ويرسلها للتدريب في إيران، قبيل أن يتم استهدافهما من قبل إسرائيل في العام 2015، في حين بقي زعيتر على علاقة قوية مع يعرب زهر الدين، الذي كان له دور كبير في تهريب الخيول والأموال أثناء معارك النظام وداعش في عام 2017.
يشار إلى أن نجل زهر الدين يعتبر من أهم الشخصيات التي يعتمد عليها النظام في مدينة السويداء، وتربطه مع زعيتر علاقة قوية تتضمنها مصالح تجارتهما بالسلاح و المخدرات.
بينما كان عمر قسام، شارك في في تشكيل مجموعات قاتلت إلى جانب عصام زهر الدين في دير الزور منذ عام 2015 عرفت آنذاك بمجموعات يعرب زهرالدين، قبل أن يتفرغ قسام إلى تجارة وتهريب الخيول منذ بداية عام 2018.
وكانت المحكمة العسكرية في لبنان، أصدرت حكماً يقضي بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، على نوح زعيتر، و المطلوب لدى السلطات اللبناني بمئات مذكرات التوقيف، لارتكابه أعمال الاتجار بالمخدرات وممارسة العنف المسلّح.
ووفق وسائل إعلام تلفزيونية لبنانية أفادت في شهر تشرين الثاني من العام الفائت، فإن الحكم الصادر بحق أخطر تجار المخدرات، يقضي بتجريده من كافة حقوقه المدنية، وقضت المحكمة بتنفيذ مذكرة التوقيف الصادر بحقّه أصولاً.
و سعت السلطات الأمنية اللبنانية، منذ سنوات، لاعتقال زعيتر الذي يتمكن من الفرار مستخدماً الأسلحة النارية في مقاومة القوى العاملة على اعتقاله.
وزعيتر الذي تجاوز الأربعين من عمره، ينحدر من قرية الكنيسة في أقصى البقاع الشمالي اللبناني المحاذي لسوريا، ويحيط نفسه بحماية مشددة، وهو مطلوب للإنتربول الدولي بتهم الاتجار بالمخدرات وتهريبها و بتهم تتعلق بالإرهاب وتجارة السلاح وخطف واحتجاز الأشخاص.
الكلمات المفتاحية