لبنان... هل تعود الوصاية السورية؟

لبنان... هل تعود الوصاية السورية؟
سياسي | 22 أكتوبر 2019

 

"لن يتحرر لبنان ما لم تتحرر سوريا"، جملة للسياسي اللبناني الراحل سمير قصير، تحمل في طياتها شدة الارتباط بين دمشق وبيروت، وتعكس في الفهم العميق للسياسة حتمية تشارك المسار التاريخي بين البلدين. 

لبنان ينتفض 

تحت وسم #لبنان_ينتفض نتابع اليوم اجتياحاً من نوع آخر، أكثر من مليون لبناني في شوارع بيروت وطرابلس ومدن أخرى، أزمة اقتصادية هذه المرة تشعل الوضع، وتذكر بكلمات مؤدي الراب اللبناني الشهير "الراس" والذي قال في إحدى أغانيه "مفكر فقر الشيعي بيجي غير فقر السني؟!". هذا بالفعل ما يحدث باجتماع كل اللبنانيين تحت راية الأرز. 

هتافات الحرية اللبنانية تأتي بعد دمار حل في سوريا، وخلف حوالى مليون ونصف المليون لاجئ سوري في لبنان، كانت لهم بلا شك انعكاسات على البلد الصغير الذي كان وما زال يضيق بأهله. الطبقات السياسية الحاكمة في بيروت استغلت هذا الملف أيما استغلال بداية من الحصول على المساعدات الدولية، وليس نهاية بتعليق كل أزمات البلد على شماعة اللاجئين. 

هذه الشريحة التي قد يصل تعدادها بحسب بعض المنظمات غير الحكومية إلى مليونين وأكثر تعيش مخاوف من اضطراب الأوضاع في لبنان، حيث لم يتبقَ لهم ولا للبنانيين مكان للفرار إليه.

د.خطار أبو دياب أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس تحدث لـ"روزنة" عن مخاوف اللاجئين السوريين، ومدى تعقيد ملفهم، والذي عبر عن كونه ضبابياً حتى الآن. 

وقال أبو دياب: "سمعنا في الحراك هتافات ضد الوزير جبران باسيل، الذي يقوم بحملة عنصرية ضد اللاجئين، بالطبع سيكون هذا الحراك معنياً بجميع القضايا"، مضيفاً: "أعتقد أننا في بداية مخاض صعب، يجب أن نتابع التتمة، لكن من حيث المبدأ الاعتراض على هذه الطبقة يشبه الاعتراضات في سوريا والعراق وغيرهما". 

عودة الوصاية 

عام 2005 خرج اللبنانيون في الشوارع رفضاً للوصاية السورية على الدولة اللبنانية، وطالبوا بخروج القوات السورية من البلاد، وكان لهم ما أرادوا بتطبيق القرار الدولي 1559، وقتها التف الحراك الشبابي حول شخصيات مثلت اتجاهاً وطنياً عابراً للطوائف، وتمت تصفيتها تباعاً. 

النظام السوري كان المتهم الأول بتصفية نخب الحراك اللبناني، وذلك دعماً لذراعه في ضاحية بيروت الجنوبية "حزب الله"، الذي استتبت له السيطرة على لبنان بعد أحداث 7 أيار 2008 والتي قام خلالها الحزب باجتياح العاصمة بيروت، في أول توتر عسكري بين القوى اللبنانية منذ توقيع اتفاق الطائف 1990. 

لم يتوقف تأثر لبنان بما يحدث في سوريا، عند استقباله عدداً كبيراً من اللاجئين، بل تفاقمت الأزمة، وزادت الضغوطات السياسية والاقتصادية بعد الإعلان رسمياً عن مشاركة "حزب الله" بالقتال إلى جانب النظام السوري في معركة القصير عام 2013. 

اقرأ أيضاً: مظاهرات لبنان... رسالة للسوريين والثورة السورية

كما ساهم صعود "محور المقاومة" المدعوم من إيران والمتمثل بوصول ميشال عون صديق الأسد إلى قصر بعبدا، بالابتعاد من سياسة "النأي بالنفس" التي انتهجتها الحكومة اللبنانية مع اندلاع الثورة السورية، ليولد خطاب لبناني صريح يطالب بعودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، و رغم أن الوصاية السورية على لبنان، كما اصطلح على تسميتها، انتهت عام 2005، لكن النقاش بقي دائراً حول طبيعة علاقة الأجهزة الأمنية السورية بأجهزة الدولة اللبنانية، وإلى أي مدى بقي الأسد قادراً على إدارة بيروت من قصر المهاجرين كما فعل والده. 

اليوم يواجه حلفاء الأسد وإيران موقفاً محرجاً على الصعيد المحلي، وهذا يفتح باب التساؤلات حول ماذا سيخسر الأسد من دعم على جبهات سوريا؟ وماذا يمكن أن يقدم لحلفائه من دعم في السيطرة على حراك بيروت؟ 

د.أبو دياب حاول الإجابة عن هذه التساؤلات ويرى أن من يفكر بإمكان عودة الجيش السوري إلى لبنان، أو قيام النظام بأي تدخل مباشر يكون "مغفلاً"، ويقول: "أداة النظام السوري بعد أن خرج من لبنان، هي حزب الله، والحزب الآن يهدد اللبنانيين، بما فيهم أبناء بيئته، نحن أمام لحظة مفصلية بدأت في 17 تشرين الأول وسوف نرى إلى أين ستذهب". 

وتابع أبو دياب في الحديث عن الخسائر المترتبة على النظام السوري من انشغال حلفائه الأقرب جغرافياً بالشأن المحلي: "بالطبع سوف يتأثر النظام، إذا ما تمكن الحراك من إنتاج وضع جديد في لبنان لا يمنح الراحة لحزب الله وللتيار الوطني الحر"، موضحا: "ذلك سوف ينعكس سلباً على خطط النظام بالانفتاح على لبنان من جديد، ومحاولته إرجاع أساليب الوصاية على لبنان". 

شعبياً يحظى الحراك اللبناني بدعم واسع في سوريا، وينظر إليه على أنه استكمال لنضال السوريين في وجه نظام ارتكب جرائم بحق الشعبين، وهذا ما عبرت عنه تظاهرات بيروت، عندما وجهت هتافات ضد بشار الأسد ونظامه. 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق