قالت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، إن الرئيس دونالد ترامب غضب وفض اجتماع قادة الحزبين الديمقراطي والجمهوري معه بشأن سوريا فور علمه بتمرير تشريع يدين قراره سحب القوات هناك.
في الأثناء كشفت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "مكان"، النقاب عن أن إسرائيل طالبت الولايات المتحدة بالإبقاء على القاعدة العسكرية الأميركية في منطقة التنف، التي تقع في مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية.
ونوهت القناة إلى أن تل أبيب أوضحت أن الوجود الأميركي في قاعدة التنف، يكتسب أهمية كبيرة بسبب دور القاعدة في مراقبة الحدود العراقية السورية وإسهامها في عدم تمكين إيران من تدشين ممر بري يصل طهران ببيروت مروراً ببغداد ودمشق.
اقرأ أيضاً: ترامب يتخلى عن حلفائه الأكراد.. ما تأثير ذلك على تقوية نفوذ روسيا؟
و على ضوء تصريحات ترامب المتعددة مؤخراً بخصوص سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا، يبرز التساؤل بإمكانية أن ينسحب أيضاً التوجه المعلن من قبل ترامب على مصير القوات الأميركية في قاعدة التنف، وفيما إذا كان الرئيس الأميركي قادراً على مواجهة ضغوط البرلمان الأميركي في منع الانسحاب العسكري بذريعة مواجهة "داعش"؛ مقابل تنفيذه لأحد وعوده الانتخابية التي أطلقها خلال حملة ترشحه؛ حينما تعهد بإرجاع القوات الأميركية المتواجدة خارج الحدود إلى بلادها.
وحول احتمالات الانسحاب الأميركي من قاعدة التنف، قال الباحث السياسي زارا صالح، خلال حديث لـ "روزنة" أن الأوضاع الميدانية في سوريا بالنسبة للولايات المتحدة تتحرك في ديناميكية سريعة وقابلة للتغيير؛ بخاصة بعد قرار مجلس النواب الأميركي أمس بالتصويت بالإجماع ضد قرار ترامب بالانسحاب من سوريا.

وتابع: "منذ أكثر من أسبوع عندما أعلن (ترامب) عن الإنسحاب من سوريا جزئيا؛ وإعطاء الضوء الأخضر لأردوغان (للقيام بالعملية العسكرية) مناطق شرق الفرات، أكد بأن قاعدة التنف ستظل كما هي ولن ينسحب الأمريكان من تلك القاعدة نظرا لأهميتها الإستراتيجية".
ولفت صالح إلى أن هدف بناء قاعدة التنف في تلك النقطة الحدودية بين سوريا والأردن والعراق كان لمحاربة "داعش"، مشيراً إلى أن الهدف والبعد الإستراتيجي لذلك كان قطع الطريق على إيران والفصائل التابعة لها.
و أضاف: "قوات النظام حاولت أكثر من مرة السيطرة على تلك النقطة لكنها فشلت؛ وحتى إنهم تعرضوا لقصف أميركي لأن ذلك يعتبر خطا أحمرا بالنسبة لهم.. قاعدة التنف ستبقى كما هي حاليا ولن تنسحب القوات الأميركية الموجودة مع القوات البريطانية أيضا، وهناك احتمال أن يغير ترامب قراره ويتراجع عنه على ضوء الضغوطات من قبل الكونغرس الأمريكي من أجل إعادة الإنتشار".
وختم بالقول: "الساعات والأيام القادمة ستحمل مفاجأت غير متوقعة؛ لكن في المحصلة ووفق المصالح السياسية فإن القاعدة العسكرية في منطقة التنف الحدودية ستبقى هناك تحت إدارة قوات التحالف الدولي وأمريكا لن تنسحب منها".
فوضى سياسية يقوم بها ترامب؟
و قال مسؤول أميركي، يوم الاثنين الفائت، إن فريقا دبلوماسيا أميركيا كان يعمل في مشروعات إرساء الاستقرار في شمال شرق سوريا، غادر البلاد بعد يوم من إعلان واشنطن أنها تعتزم سحب ألف جندي من سوريا، وأشار المسؤول إلى أن القوات الأمريكية لا تزال في سوريا، لكن المراحل المبكرة من الانسحاب بدأت، دون ذكر تفاصيل.
وكان وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، أكد يوم الأحد، أن ترامب، وجّه ببدء سحب ما يقارب الألف جندي أمريكي من سوريا، وذلك بالتزامن مع عملية "نبع السلام" شرقي الفرات، التي شنتها أنقرة بالتعاون مع "الجيش الوطني" المعارض المدعوم من تركيا؛ ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
قد يهمك: هل أمريكا وحدها مرتبكة في شرق الفرات؟ ... المجتمع الدولي محتار!
وأتت تلك التصريحات بعد أسبوع من إعلان ترامب أن بلاده ستسحب قواتها من الحدود السورية، بعد مكالمة هاتفية مع نظيره التركي.
من جانبه أشار المحلل السياسي المختص في الشؤون الأميركية؛ رامي دباس، إلى أنه إذا ما انسحبت الولايات المتحدة من قاعدة التنف؛ فإن ذلك من شأنه تدمير مصداقية واشنطن في العالم بشكل عام؛ و الشرق الأوسط بشكل خاص.

وتابع حديثه لـ "روزنة": "ما يقوم به ترامب في سوريا هو فوضى سياسية.. أميركا إذا ما أرادت الحفاظ على مصداقيتها في الشرق الاوسط و خصوصا في العهد الحالي للرئيس ترامب؛ (يجب) أن تبقى في قاعدة التنف و هذا نفسه طلب شخصي من إسرائيل، و بأي حال (فإن واشنطن) لن تنسحب بشكل كلي؛ فقد سبق لترامب أن قال بأن القوات الأميركية ستبقى بأعداد صغيرة في التنف لمواصلة القضاء على فلول (داعش)، لكن قاعدة التنف لن تفعل شيئا يذكر لدعم العمليات في أماكن أخرى من سوريا".
وكانت الاستراتيجية الأميركية حيال الملف السوري تتمثل حسبما أعلن عنها مطلع العام الجاري؛ المبعوث الأميركي إلى سوريا؛ جيمس جيفري، في ضمان تأكيد الانتصار على تنظيم "داعش" وعدم عودته للظهور مجددا، وكذلك مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا والعمل على إنهائه، إلا أن احتمالات تنفيذ وعد ترامب الانتخابي مقابل حدوث تنسيق أمني إسرائيلي-روسي لمواجهة النفوذ الإيراني؛ قد يكون وضعاً قابلاً للتنفيذ خلال الفترة المقبلة.
الكلمات المفتاحية