متذرعةً بتركيا… لبنان تطالب بعودة دمشق إلى الجامعة العربية!

متذرعةً بتركيا… لبنان تطالب بعودة دمشق إلى الجامعة العربية!
تحليل سياسي | 12 أكتوبر 2019

طالب وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بعودة دمشق إلى الجامعة العربية، متسائلا خلال كلمته في اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم، إذا ما كان الوقت مناسبا لعودة دمشق إلى الجامعة وتحقيق المصالحة العربية بذلك، وفق تعبيره.

ولفت باسيل في كلمته إلى أن "الوقت حان لتحقيق مصالحة عربية وإعادة سوريا للجامعة العربية ووقف حمام الدم هناك"، مضيفاً: "نحن لا نجتمع اليوم ضد تركيا، بل نجتمع اليوم من أجل سوريا، في غياب سوريا. نجتمع من أجلها ونجمع من أجلها، ولكن نغّيبها فقط من أجل أن تكون غائبة".

وتابع متسائلا "هل علينا انتظار الأضواء الخضراء من كل حدب وصوب؟ إلا الضوء العربي الذي عليه اليوم أن يضيء مشعشعا كأول رد من الجامعة بوجه العدوان التركي على أراضي سوريا العربية، كي لا يضيع شمال سوريا كما ضاع الجولان السوري!".

ويجتمع وزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية اليوم، لمناقشة العملية العسكرية التركية شرق الفرات "نبع السلام"، حيث اتخذت معظم الدول العربية موقفاً رافضاً لها بدعوى خشيتهم على وحدة وسيادة الأراضي السورية.

بينما طالب وزير الخارجية المصري سامح شكري تركيا بوقف العملية العسكرية التي تشنها أنقرة على شمالي سوريا منذ الأربعاء، فيما اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن العملية العسكرية التركية "غزو لأراضي دولة عربية وعدوان على سيادتها"؛ بحسب وصفه. 

من جهته طالب وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير بتحرك دولي لوقف العملية العسكرية التركية، وشدد على أن هذه العملية تمثل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني.

اقرأ أيضاً: هل استقال العرب من واجباتهم تجاه سوريا؟

وكانت مجلة "الأهرام العربي" المصرية نقلت مطلع العام الحالي عن مصادر عربية، قولها إن "الكثير من الدول العربية، بما فيها دول خليجية، تتجه للتوافق على إعادة العلاقات بين الجامعة العربية وسوريا".

وأوضحت المصادر -آنذاك- أن هناك مجموعتين داخل الجامعة العربية؛ الأولى تدعو لإعادة دمشق إلى مقعدها الشاغر منذ 7 سنوات، بينما تريد المجموعة الثانية أن يتم السماح بإعادة عمل السفارات العربية والسفراء العرب بدمشق، وعودة السفراء السوريين إلى الدول العربية، وتأجيل قرار عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، إلى وقت لاحق.

الكاتب والباحث؛ حسام جزماتي، كان أشار خلال حديث سابق لـ "روزنة" إلى أن هناك مبالغة في تقييم الخطوات المتعلقة في احتمالية إعادة تأهيل النظام السوري على المستوى العربي؛ عند النظر إليها كإجراءات نهائية وشاملة أو كدرجات متسلسلة في سياق حتمي يتعلق بـ "تعويم النظام".

وتابع بالقول: ’’الغريب أن تأتي هذه المبالغة من طرفين متناقضين؛ أولهما أنصار النظام الواهمون والجاهلون بأبسط معطيات السياسة التي تقتصر عندهم على قطبي "المؤامرة الدولية" وفشل هذه المؤامرة المزعومة، وعودة قادة العالم لمصالحة الأسد وهرولتهم للوصول إلى "حذائه"، أما الطرف الثاني فهو معارض أو ثائر لكنه قانط إلى درجة مسيطرة على مشاعره، هذا أمر مفهوم بعد تراكم ظلم وقهر جمهور الثورة، والتهاون العالمي في تحقيق العدالة في سوريا وإنهاء كارثتها الممتدة؛ غير أن الإحباط ليس دليلاً جيداً للتحليل أو لممارسة السياسة".

واعتبر جزماتي أن ما يجري مؤخراً من عودة بدرجة كبيرة أو صغيرة من الحرارة إلى علاقات النظام ببعض الدول العربية، اعتبره أمراً طبيعياً في سياق "معركة النظام السياسية ضد الثورة، بالتوازي مع المعركة العسكرية".

قد يهمك: هل تطوي الجامعة العربية "صفحة الماضي" مع الأسد؟

من جانبه أشار الباحث في العلاقات الدولية؛ جلال سلمي، خلال حديث لـ "روزنة" أنه ولإتمام المُعاملات الاقتصادية؛ فإن دمشق بحاجة ماسة لتمثيل دبلوماسي ولو مُنخفض في البداية؛ ولفت في ذلك إلى التمثيل الدبلوماسي المنخفض التي أعلنت عنه كل من الإمارات والبحرين في سفارتها بدمشق (نهاية العام الفائت)، معتقدا بأنه وبعد التطبيع الاقتصادي؛ سيتجه النظام نحو التطبيع الدبلوماسي عبر رفع التمثيل الدبلوماسي للدول العربية "رويداً رويداً".

ونوه سلمي خلال حديثه إلى أن التمثيل الدبلوماسي الأجنبي في دمشق سيعود على النظام بترسيخ قاعدة تمثيله الشرعي في المحافل الدولية لسوريا؛ الأمر الذي يؤهله وفق رأيه إلى عقد مؤتمر بخصوص تمويل عملية إعادة الإعمار، ومن ثم التمهيد لعملية إعادة اللاجئين إلى سوريا، وذّكر بأنه ومنذ لقاء وزير الخارجية البحرين مع نظيره السوري (في شهر أيلول من العام الفائت؛ في أروقة الأمم المتحدة بنيويورك)، فإن الرسالة كانت واضحة بأن السعودية هي من تحرك الأمور من خلف الكواليس؛ بحسب تعبيره.

كما لفت إلى أن الدول الخليجية تسعى للاستفادة من الشراكة النفطية مع روسيا، من خلال المصالحة مع النظام، وبالتالي إغلاق الطريق؛ "ولو نسبياً" أمام إيران.

وبالعودة إلى الدعوة اللبنانية التي جاءت على لسان جبران باسيل؛ فإنها تأتي بعد أيام من إشارة تقارير صحفية إلى أن الرئيس اللبناني ميشال عون قد يقوم بزيارة رسمية إلى دمشق خلال الأيام المقبلة؛ حيث ستأتي الزيارة ضمن سعي لبنان لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم.

المحلل السياسي اللبناني؛ أحمد الزين، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أن زيارة الرئيس عون إلى دمشق إن حصلت فإنها لن تكون مستغربة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن من سيقوم بالزيارة قد يكون وزير الخارجية جبران باسيل.

اقرأ أيضاً: وزير لبناني لـ "روزنة": جبران باسيل هو هتلر لبنان

وأضاف الزين: "أعتقد أن السبب الأساسي والوحيد (للزيارة) هي اللاجئين السوريين في لبنان، خاصة وأنه من المستحيل أن ينهض اقتصاد لبنان إلا بعد حل هذه المعضلة، لبنان الذي تكلف لهذه اللحظة 20 مليار دولار؛ أي أكثر بعشرة مرات من الاتحاد الأوروبي؛ لم يعد يحتمل اقتصاده هذا الضغط".

بينما رجّح الكاتب الصحافي اللبناني؛ منير الربيع، خلال حديث لـ "روزنة" بأن الغاية من إعلان نية الزيارة تندرج ضمن سلسلة مواقف يتخذها مسؤولون لبنانيون تجاه النظام السوري، والتي تهدف وفق وصفه إلى تقديم أوراق الاعتماد، واستدراج النفوذ السوري إلى لبنان في إطار تصفية الحسابات اللبنانية الداخلية.

وأضاف: "يأتي الموقف أيضاً في ظل الإشارات اللبنانية حول ربط ملف اللاجئين بتطبيع العلاقات مع النظام السوري، عبر إدعاء عون بأنه يريد التنسيق لإنجاز ملف اللاجئين، والواضح من سياق طرح هذا الموضوع أنه يهدف إلى المزايدة على القوى اللبنانية الاخرى وحشرها في هذه الخانة"، موضحاً بأن "مسألة اللاجئين تستخدم كمطية لتطبيع العلاقات مع النظام، وإعلام انتماء لبنان لمحور على حساب محور آخر"، ونوه الربيع إلى أن هذه المواقف المعلنة تشير إلى استعداد بعض المسؤولين اللبنانيين لتجديد العلاقات مع دمشق. 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق