هل توسّع أنقرة عمليتها العسكرية في شرق الفرات؟

هل توسّع أنقرة عمليتها العسكرية في شرق الفرات؟
سياسي | 10 أكتوبر 2019

أعلنت وزارة الدفاع التركية، صباح اليوم الخميس، أن العملية العسكرية التي أعلنت عنها أنقرة مساء أمس "استمرت بنجاح" الليلة الماضية برا وجوا، وأسفرت عن "السيطرة على الأهداف المحددة". 


في الأثناء قال قيادي كردي لـ "روزنة" أنه لا يمكن لتركيا أن تخطو خطوة واحدة داخل الأراضي السورية دون موافقة واضحة من الإدارة الأميركية والتي لم تتجرأ حتى الآن عن أن تعلن صراحة أنها من أعطت هذه الإشارة لتركيا، وفق رأيه. 


وأضاف عضو هيئة العلاقات الخارجية في حزب الإتحاد الديمقراطي في أوروبا؛ دارا مصطفى، خلال حديثه بأن "كل القضية متعلقة فقط بالحسابات الانتخابية لدونالد ترامب؛ و الذي بفعلته هذه قام بتأليب الرأي العام الدولي والأميركي عليه، ما سيجعله يعاني كثيراً في الانتخابات القادمة".

وتابع: "هذا الانسحاب الجزئي الذي تتحدث عنه الإدارة الأميركية فتح أكبر جبهة منذ بدأ الحرب الأهلية السورية و التي تمتد من جرابلس و حتى ديريك بطول 480 كيلومتر، ولم يكتفي الأميركيون بالانسحاب بل طمأنوا الإدارة الذاتية و طلبوا منها تدمير التحصينات على الحدود التركية التي تم إنشاؤها ليوم كهذا أي أنه تواطؤ مباشر".

ورأى مصطفى أن خطوة الإدارة الأمريكية ستجعل جميع حلفاء الولايات المتحدة الحاليين حول العالم يعيدون حساباتهم السياسية ويبدؤون البحث عن تحالفات رديفة ستضعف حتماً التأثير الأمريكي في القرار العالمي، ما  سيؤدي إلى ضرب كثير من التوازنات التي كانت تديرها الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي سينعكس حتماً على الملف السوري ويعطي دفعاً قوياً للمحور الروسي السوري الإيراني، وفق تعبيره، مرجحاً أن يؤدي ذلك إلى فشل مشروع الحل السياسي مما يزيد من كمية الدماء التي تراق في سوريا.

وحول تخلي واشنطن عن حليفها الذي قاتل تنظيم داعش في مناطق الشمال السوري، قال مصطفى "عندما نشاهد أطفالنا يقتلون دون ذنب بأيد تركية و بمباركة أميركية؛ نستطيع القول بأن الولايات المتحدة تخلت عن حليفتها في الحرب على الإرهاب وإن لم يعلن الطرفان ذلك رسمياً، و أياً كانت محدودية العملية فإنها في النهاية ستدمر الديموغرافيا الكردية في سوريا و ستؤدي إلى إرسال مليون لاجئ من إدلب إلى شرق الفرات؛ و لن تعيد تركيا سوى بضع مئات من اللاجئين الموجودين لديها في تركيا فهي لن تتخلى عنهم أبداً بل ستستخدمهم في مساومات كثيرة قادمة".

كما لفت خلال حديثه إلى أن كل من موسكو ودمشق لم يتقدموا إليهم سوى بطلب الاستسلام، وزاد بالقول: "أما مواجهة تركيا فهي مسألة صعبة جداً عليهم؛ فنقطة مورك التركية مازالت صامدة في وسط البلاد و لا أحد من الطرفين (روسيا و النظام) يتجرأ على الاقتراب منها.. إذا كان لدى النظام وروسيا مشروع للحل المشترك مع الإدارة الذاتية فنحن نرحب بالحوار و بالحل السياسي التوافقي".

وتزامن إعلان وزارة الدفاع التركية، مع تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد ظهر اليوم والتي شن فيها هجوما عنيفا على منتقدي عملية بلاده العسكرية في الشمال السوري، وقال مخاطبا "من يتطاولون" على العملية: "ابقوا جانبا فنحن سنواصل دربنا"، مؤكدا أن العملية العسكرية لأنقرة تستهدف بالدرجة الأولى الحفاظ على وحدة سوريا.

وتابع: "إن حاولتم وصف عملية نبع السلام بالاحتلال، فإن عملنا سهل جدا، نفتح أبوابنا ونرسل إليكم 3.6 مليون لاجئ"، وذلك في إشارة إلى دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا نددت بالعملية العسكرية التركية. 

وقال أردوغان إن "عناصر من تنظيم الدولة جاءوا إلى سوريا من فرنسا وهولندا وألمانيا، وتركيا أعادت 5 آلاف و500 منهم إلى الأماكن التي أتوا منها"، وأضاف: "الاتحاد الأوروبي لم يكن صادقا أبدا، ماطلتم في مفاوضات انضمامنا إلى الاتحاد منذ عام 1963، أنتم لستم صادقين".

اقرأ أيضاً: مشروع قانون أميركي لفرض عقوبات على تركيا

وأوضح أن الاتحاد الأوروبي بات يصرّح بعدم نيته إرسال الدفعة الثانية من المساعدات للاجئين السوريين، والبالغة قيمتها 3 مليارات يورو، مشددا: "أنتم لم تفوا بوعودكم أبدا ونحن لم نعتمد عليكم، سنتدبّر أمورنا ولكن في الوقت نفسه نفتح الأبواب أيضا أمام اللاجئين".

الباحث المختص في العلاقات الدولية؛ د.مصطفى صلاح اعتبر خلال حديثه لـ "روزنة" أن هناك العديد من التحديات التي تقف حائلا أمام تحركات الجيش التركي في عمليته المعلن عنها يوم أمس؛ بعضها يتعلق بالمساحة الجغرافية المستهدفة والبعض الآخر يتعلق بالظروف الإقليمية والدولية التي ظهرت بوادرها بمجرد الإعلان عن العملية قبل أن تبدأ، وفق قوله. 

وتابع: "أظن بأن الدعوات الدولية لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي بعد الهجمات التركية على الشمال السوري ستكون ورقة ضغط كبرى على أنقرة، بعكس ما كانت عليه عملياتها في السابق درع الفرات وغصن الزيتون". 

وأردف بالقول: "(أعتقد) بأن الولايات المتحدة لم تتخلى عن دعم القوات الكردية حليفها القوي في مواجهة تنظيم داعش، وهو ما أعربت عنه واشنطن بأن سحب 50 أو 100 جندي لا يعني التسليم بالتخلي عن القوات الكردية، ولكن قد يفهم من هذا التصرف هو السماح لتركيا بتنفيذ معركة محدودة خاصة في ظل الخلاف الأميركي التركي حول المنطقة الآمنة وحدودها".

ورأى صلاح بأن هذه العملية قد تكون بمثابة نهاية التدخل العسكري التركي هناك؛ بخاصة أن المنطقة المستهدفة تمثل مساحة جغرافية كبيرة تصل إلى 460 كم، بالإضافة إلى عمقها الذي يتراوح بين 35 و 40 كم ، والتي من الصعب على القوات التركية تمشيطها والحفاظ عليها لفترات طويلة؛ بحسب اعتباره.

وزاد بالقول: "من زاوية أخرى فإن قوات سوريا الديموقراطية تمتلك العديد من أنظمة التسلح الأميركي التي زودتها بها واشنطن لمواجهة خطر تنظيم داعش، والتي أيضا سيتم استخدامها في مواجهة التدخلات العسكرية التركية برغم انسحاب القوات الأميركية".

وختم حديثه بالإشارة إلى أنه "بالنسبة لحدود المكاسب والخسائر التركية فإن أنقرة الآن تقع بين شقي الضغوط الاقتصادية والسياسية داخليا وخارجيا، الأمر الذى سيترتب عليه تراجعا كبيرا في مسار العلاقات التركية مع دول المنطقة والعالم".

وأعلن دبلوماسيون، مساء أمس الأربعاء، أن مجلس الأمن قرر عقد جلسة طارئة اليوم الخميس لبحث الهجوم التركي في سوريا، وقال الدبلوماسيون إن مجلس الأمن سيبحث غدا الملف السوري بناء على طلب أعضاء أوروبيين بعد بدء أنقرة عملية عسكرية في شمال شرق سوريا، وتقدمت بالطلب كل من بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبولندا والمملكة المتحدة.

وفي وقت سابق الأربعاء، أعلنت أميلي دو مونشالان وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية بعد دقائق من بدء العملية العسكرية التركية في شمال سوريا أن فرنسا تدين "بشدة" الهجوم التركي وطلبت عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي.

وقالت أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية "تضع فرنسا وألمانيا وبريطانيا اللمسات الأخيرة على إعلان مشترك سيكون في غاية الوضوح نؤكد فيه إدانتنا الشديدة والحازمة لما يحصل" مضيفة "سنطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي".

قد يهمك: بدء انطلاق العملية العسكرية التركية شمال شرق سوريا

هذا وأدانت كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا الهجوم التركي، وقالت لندن وباريس أنهما ستدعوان لعقد جلسة في مجلس الأمن لبحث العملية العسكرية التركية.

وكانت وزارة الدفاع التركية أعلنت ليل الأربعاء، بدء الهجوم البري شرقي الفرات بمشاركة قوات تركية وقوات "الجيش الوطني السوري" المعارض في إطار العملية التي أطلقت عليها أنقرة "نبع السلام".

بينما اندلعت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة غرب تل أبيض بين "قوات سوريا الديمقراطية" والجيش التركي، ونقلت وكالة "رويترز" مساء أمس؛ عن مسؤول الإعلام الحربي في قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مرفان قامشلو قولهم، إن قواتهم اشتبكت مع قوات تركية على طول الحدود، مؤكداً أن القصف التركي للمنطقة الحدودية أودى بحياة 5 مدنيين وتسبب في إصابة عشرات آخرين بجروح، كما أسفر عن مقتل ثلاثة من عناصر "قسد".

في المقابل، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتدمير اقتصاد تركيا إذا قضى التوغل التركي في سوريا على السكان الأكراد في المنطقة، وفي رده على سؤال لأحد الصحافيين عما إذا كان يخشى من أن يقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على القضاء على الأكراد، قال ترامب "سأمحو اقتصاده إذا حدث ذلك".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق