بعد تأخير "المنطقة الآمنة"... هل تتجه تركيا لتصعيد عسكري؟

بعد تأخير "المنطقة الآمنة"... هل تتجه تركيا لتصعيد عسكري؟
تحليل سياسي | 02 أكتوبر 2019

 

أطلق مسؤولون أتراك حزمة جديدة من التهديدات التركية بتنفيذ عمل عسكري في شرق الفرات تطرح في هذا الوقت، وذلك بعد انقضاء مهلة الأسبوعين التي منحها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للولايات المتحدة بغية إنهاء الاتفاق حول "المنطقة الآمنة" بشكل تام ومتوافق عليها من قبل واشنطن وبحسب ما ترغبه أنقرة.

 وزير الدفاع التركي خلوصي أكار دعا يوم أمس الثلاثاء إلى تسريع إنشاء "المنطقة الآمنة" في سوريا، مؤكدا استعداد الجيش التركي لأي تطور شرقي الفرات، وأكد بوجوب تسريع عملية إنشاء "المنطقة الآمنة" في سوريا، مشدداً على وجوب عدم إضاعة الوقت في هذا الملف؛ وفق تعبيره. 

وأضاف الوزير أن تركيا تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في منطقة شرق الفرات، مشيرا إلى أن "قواتهم المسلحة مستعدة من جميع النواحي.

هذا وجاءت تصريحات أكار بالتزامن مع الإعلان الذي أطلقه الرئيس التركي أن بلاده لم يعد بمقدورها الانتظار "ولو ليوم واحد"، وأنها من الممكن أن تبدأ عمليتها في "المنطقة الآمنة" شرقي الفرات في "أي لحظة وفي أية ليلة".

وقال أردوغان في كلمة ألقاها خلال مشاركته في افتتاح السنة التشريعية الجديدة في البرلمان التركي بالعاصمة أنقرة، إن تركيا تؤيد وحدة التراب السوري ووحدة شعبه السياسية والإدارية، مؤكدا بأن بلاده لن تترك أمنها ومستقبل أشقائها السوريين بيد قوى لها حساباتها في المنطقة؛ في إشارة منه إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" المسيطرة على منطقة شرق الفرات.

وأضاف أردوغان خلال حديثه أن تركيا تهدف لإسكان مليوني سوري في المنطقة الآمنة المزمع تشكيلها على عمق 30 كيلو متر في شمال شرق سوريا، وذكر الرئيس التركي أن عدد السوريين العائدين إلى المناطق التي تم تأمينها بلغ 360 ألف مواطن، مشيرا إلى أن السبب الوحيد لوجود القوات التركية في سوريا، هو التهديدات الإرهابية ضد الحدود التركية-السورية وتحولها إلى حاجز يمنع عودة السوريين الموجودين في تركيا؛ وفق قوله.

اقرأ أيضاً: هل يُحل ملف شرق الفرات في نيويورك؟

الكاتب والمحلل السياسي التركي، طه عودة أوغلو، قال خلال حديث لـ "روزنة" أن تصريحات الرئيس التركي والتي تأتي بعد "فترة قليلة من انقضاء مهلة تركيا لإقامة منطقة آمنة بالتعاون مع الولايات المتحدة في شرق الفرات"، رأى أن هذه التصريحات تُعيد و تؤكد أن أفق العملية العسكرية أصبح وشيكا للغاية. 

وتابع " بقراءة عميقة لهذه التصريحات فإن هذه التهديدات ليست بالجديدة وانما متكررة خلال الفترة الاخيرة، وهي بالتأكيد لتوجيه أنقرة برسائل عديدة إلى الحليف الأميركي.. أنقرة هدفها من هذا التصعيد أو حتى من العملية العسكرية في شرق الفرات هو تأمين حدودها (من خطر الأكراد المسيطرين على شرق الفرات)". 

وأردف في السياق ذاته: " التصعيد في لهجة التصريحات أعتقد أنها مناورة تقوم بها أنقرة لتكون ورقة بيدها خاصة فيما يتعلق بالوصول إلى الوضع النهائي في الحل السوري.. الولايات المتحدة طبعا لا تمانع من وجود تركيا في أي حل سوري قادم". 

ومن جانب آخر اعتبر عودة أوغلو أنه ورغم ارتفاع سقف التهديدات إلا أنه نوه إلى أن واقع المباحثات الجارية ما بين أنقرة وواشنطن؛ تقول عكس ما يروجه الأتراك من تهديداتهم. 

وأضاف بأن "أنقرة إلى حد هذه اللحظة تحاول الوصول إلى صيغة اتفاق بينهما حول المنطقة الآمنة.. العملية العسكرية في شرق الفرات ليست بالعملية السهلة كما تلك التي حصلت في درع الفرات أو غصن الزيتون، وهذا ما يدعي للتساؤل حول خطوة أنقرة الصعبة في ظل الاوضاع الداخلية التركية وكذلك الوضع المعقد في إدلب". 

الباحث في المركز العربي في واشنطن؛ جو معكرون أشار خلال حديث سابق لـ "روزنة" بأن التنسيق الميداني بين الجيشين الاميركي والتركي شرق الفرات يسير بشكل طبيعي من ناحية الدوريات المشتركة في "المنطقة الآمنة"، إلا أن أردوغان يلوح بالتهديدات بين الحين والآخر ليُحسّن من شروط التفاوض. 

وأضاف بأن "هناك اتفاق بين واشنطن وأنقرة على الآليات، لكن ما يزال أمامهم تحدي ايجاد اجماع حول عمق هذه المنطقة الآمنة وتحديد من يفرض سيطرته عليها.. هناك أمور على الأرجح ستبقى عالقة بين الطرفين خلال تنفيذ فكرة المنطقة الآمنة؛ لكن هذا لا يعني أن هناك عمليات مرتقبة لحسم هذه التباينات عسكريا".

ولفت معكرون إلى اعتياد واشنطن على تهديدات أردوغان؛ فهي تدرك دوافع تلك التهديدات؛ بحسب وصفه،  معتبراً أن التصريحات التركية تتناقض مع التقدم في المفاوضات والتنسيق الميداني بين الطرفين؛ في وقت تبقى فيه الخيارات محدودة أمام الأميركيين والأتراك في سوريا. 

قد يهمك.. قناة تركية: خطة لتوطين لاجئين سوريين في المنطقة الآمنة

واستبعد أن تكون واشنطن في وارد التنازل للمطالب التركية، منوهاً بأنها ستحاول السعي إلى إيجاد أرضية مشتركة بين أنقرة و"قسد" بطريقة تخدم المصالح الأميركية، ولا يبدو أن أحد يريد فتح مواجهة شرق الفرات، "على الأقل ليس في المدى المنظور".

بينما قال الرئيس المشترك لممثلية مجلس سوريا الديمقراطية "مسد" في واشنطن؛ أن "تفاهم الآلية الآمنة" (المنطقة الآمنة) الذي تم بين الولايات المتحدة وتركيا جاء بعد مباحثات طويلة بين الجانبين، معتبراً أنها تعبر عن ما توافق عليه الطرفين وليس على ما تريده تركيا. 

وتابع عضو الهيئة الرئاسية لـ "مسد"، بسام اسحاق حديثه لـ "روزنة" مشيراً إلى أن الاتفاق الذي حصل حول "الآلية الأمنية" لم يأتي إلا بالتوافق بين واشنطن و أنقرة، ولا يعني بالضرورة اتمام الاتفاق أن يكون قد تم مشروطاً بتحقيق ما ترغب به تركيا في المنطقة. 

و أضاف: "الأتراك يريدون في الواقع أن يسيطروا على الإدارة السياسية للمنطقة و أن يحدثوا تغيير جيوسياسي حسبما يعتقدونه وفق مصلحة أمنهم القومي... واضح أن أميركا لم تقبل بمطالب تركيا وأن تركيا رضخت".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق