أثار إعلان تشكيل اللجنة الدستورية السورية يوم أول أمس الاثنين عبر الأمين العام للأمم المتحدة، الكثير من الجدل والتعليقات المتباينة بين مثقفين ومعارضين سوريين؛ جانب منهم أبدى تحفظاته حول مسائل تتعلق بآلية التشكيل وصلب عمل اللجنة، وجانب آخر انتقد اللجنة الدستورية برمتها معتبرين أنها لن تكون ذي تأثير على العملية السياسية المرتجاة في سوريا، والتي تشهد حالة من الاستعصاء لسنوات على حساب التصعيد العسكري.
وبحسب مصادر "روزنة" فإنه وبالتزامن مع اعتماد أعضاء قوائم اللجنة الثلاثة التي نشرها أمس موقع روزنة، فإنه قد تم تثبيت 12 نقطة من القواعد الإجرائية للجنة الدستورية خلال النقاشات الجارية حالياً على هامش انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وتمثلت بعض النقاط الـ 12 المتفق عليها بأن تكون رئاسة اللجنة مشتركة بين النظام والمعارضة، و أن يتم وضع جدول زمني وفق القرار الدولي "2254"، فضلاً عن أي نقاش عن إصلاح أو تعديل دستوري ضمن اللجنة يجب أن يُصل بالنهاية إلى دستور جديد.
وحول آلية اتخاذ القرارات في اللجنة فقد كشف مصدر "روزنة" عن أن اتخاذ القرارات سيتم بالتوافق بين أعضاء اللجنة؛ وفي حال حدوث استعصاء يتم التصويت بأغلبية 75 بالمئة من الأعضاء، بأغلبية 113 عضو من أصل 150 في اللجنة الموسعة، و 34 عضو من أجل 45 في اللجنة المصغرة.
هذا وستكون مرجعية اللجنة تتصل بالقرار الدولي "2254"، كما سيعمل أعضاء اللجنة على التنسيق الدائم مع المبعوث الدولي إلى سوريا، فضلاً عن أن اللجنة وجراء هذا التنسيق سيتم من خلال ذلك تقديم تقارير دورية لمجلس الأمن الدولي.
أستاذ القانون الدولي؛ د.محمد خالد الشاكر، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" بأنه و بالرغم من إعلان الأمين العام للأمم المتحدة؛ و كذلك رؤساء الدول الضامنة؛ للجنة الدستورية، إلا أنه لا يمكن الجزم بإطلاق عملها، بخاصة وأنه قد سبق ذلك الكثير من الإعلانات التي لم تكلل بإطلاقها.

ونوه إلى أن مؤشرات إحلال السلام مازالت بعيدة سواء بين الضامنين الثلاثة، أو بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا فيما يتعلق بالعملية السياسية في سوريا برمتها، وأردف بالقول: "يعزز ذلك تباين القراءات بين النظام والمعارضة الرسمية، إذ يرى النظام أن صلاحيات اللجنة – فيما لو تم الإعلان عنها- ستنحصر في مناقشة بعض التعديلات على الدستور الحالي، بينما تروج المعارضة لمقولة وضع دستور جديد".
وأضاف: "هذا التجاذب الحاد بين الطرفين يعيدنا من جديد لمربع المفاوضات العقيم، خصوصاً وأنّ أعضاء الائتلاف وهيئة التفاوض الذين خاضوا المفاوضات العقيمة والتي أدت في نهاية المطاف لسيطرة النظام عسكرياً هم أنفسهم أعضاء اللجنة الدستورية، وهذه إشكالية كبيرة تعيق فكرة التوافق كأولى مهام إطلاق اللجنة الدستورية، كما تشكل خلطاً كبيراً بين المهام التفاوضية أو السياسية وبين المهام التي تضطلع بها اللجنة الدستورية، لذلك من البديهي أن النظام وحلفائه لن يقدموا للمعارضة عن طريق اللجنة الدستورية ما حصلوا عليه بالسلاح".
و حول قدرة اللجنة الدستورية في تفعيل الحل السياسي، رأى الشاكر بأنه فيما إذا تم تجاوز الأساس التقليدي لكتابة الدساتير أو التراتبية التي وضعها القرار الدولي "2254"، لفت إلى أنه وبحسب الفقه القانون الدولي هناك ما يعرف بـ " عمليات بناء الدستور في مراحل ما بعد الصراع"، وهي فكرة دستورية تعمل على عدم تركيز السلطة وتوزيعها بين مؤسسات الحكم، وفي مقدمتها دراسة الخيارات الممكنة لإزالة تركيز صلاحيات السلطة التنفيذية عبر التفاوض وبشكل ديمقراطي، في عملية تُسيّرها الأمم المتحدة.
قد يهمك: موسكو تُناور... دستور روسي تفرضه على اللجنة الدستورية السورية!
وتقوم تلك العملية على الاتفاق على المبادئ العامة فقط، ليصار على أساس ذلك إصلاح و تأسيس مؤسسات مستقلة قادرة على تذليل الأسباب التي أدت إلى نشوب الصراع، والبدء بعملية السلام عبر عملية بناء الدستور، وهذه الفكرة تحتاج إلى العديد من الديناميات التي تتعلق بإعادة تصميم السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، التي ينتج عنها إعادة بناء الجيش، وإصلاح المؤسسات الدستورية، و تفكيك المؤسسات الأمنية.
وزاد بالقول: "هذه عملية تحتاج إلى توافقات الفاعلين الدوليين لتمكين القوى المحلية من التغلب على حالة الانقسام الحاد، الأمر الذي مازال غير متحقق في إطار الأزمة السورية، بسبب الانقسام الحاد على الجغرافية السورية بين جميع القوى سواء المحلية منها أو الإقليمية أو الدولية، ولا ننسى بأن الولايات المتحدة تتواجد على ثلث مساحة سورية، وبالتالي عدم شمول منطقة شرق الفرات ما ستتمخض عنه اللجنة الدستورية".
واستبعد الشاكر أن يكون إطلاق اللجنة الدستورية بالصيغة التي تحدثت عنها وسائل الإعلام، سيكون في إطار ما أسماه "بناء الدساتير" ، فالنظام وفق تعبيره ما زال لديه القدرة على عرقلة هذه العملية، بينما لا تمتلك المعارضة الرسمية سوى منصات إعلامية تُذكّر بجولات المفاوضات التي انتهت بسيطرة النظام على حلب وغيرها.
وأكمل: "من غير المرجح أن يوافق النظام على أي شيء قد يهدد موقعه، لذلك لا أتوقع بأن التوافقات بين الضامنين الثلاثة والتي تمخضت قوائم اللجنة الدستورية قادرة على تسوية سياسية عادلة.. عمليات بناء الدساتير في إطار الأمم المتحدة، تحتاج أولاً إلى الاتفاق بين الأطراف الدولية والمحلية، وذلك ببحث الأسباب التي أدت إلى هكذا هزة عنيفة عصفت بالعقد الاجتماعي السوري، والعمل على عدم وقوع الأجيال القادمة فيها، كما تحتاج ثانياً إلى بناء إجراءات بناء الثقة، ومن ثم التوافق على المبادئ العامة للدستور، وتحديد الإطار الزمني، الذي يربط بين هذه الإجراءات الوقتية، و الإجراءات النهائية لكتابة الدستور عبر اللجنة التأسيسية، وبالتالي القدرة على الربط بين السلة الدستورية والعملية السياسية التي غايتها النهائية التغيير الديموقراطي".
اقرأ أيضاً: دمشق تسعى لإغراق اللجنة الدستورية بالتفاصيل!
من ناحيته اعتبر المحامي البارز ميشال شماس خلال حديثه لـ "روزنة" بأنه لم يكن مفاجئا الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية بالنظر إلى سياق مجرى عملية التفاوض التي هيمنت عليها وقادتها باقتدار كما تريد روسيا.

وتابع: "ليس مهماً من هي الأسماء التي تتشكل منها اللجنة الدستورية، المهم هو لماذا اللجنة الدستورية؛ ولماذا اختاروا آخر نقطة من النقاط التي نص عليها قرار مجلس الأمن "2254".. اختيرت اللجنة الدستورية بذريعة أنها ستكون مدخلا للعملية السياسية لإيهام الناس بذلك من أجل الاشتراك بها ودعمها؛ وللأسف فإن جماعات المعارضة والمجتمع المدني وقعوا بهذا الفخ الذي نصبته روسيا بمساعدة من المبعوث الدولي السابق والحالي".
وأردف في هذا السياق: "ببساطة اختارت روسيا العملية الدستورية كمنطلق للعملية السياسية كما تدعي في الظاهر، لكنها في واقع الحال هي أرادت بذلك منع أو تعطيل عملية الانتقال السياسي؛ وإعادة تدوير نظام الأسد سواء بشخص الأسد أو شخص آخر غيره؛ وإغلاق الطريق أمام أية محاسبة لمن ارتكب جرائم بحق السوريين ومنع الاقتراب من الأجهزة الأمنية".
وختم بالقول: "نحن ندعو ومن مصلحة الشعب السوري التمسك بتنفيذ القرار 2254 كما ورد؛ والذي نص على وقف القتال والعنف واطلاق سراح الموقوفين والمعتقلين؛ ومن ثم البدء بعملية انتقال سياسي من خلال تشكيل حكومة جديدة من مهامها إجراء مراجعة دستورية خلال 6 أشهر تليها إنتخابات رئاسية وبرلمانية، وكل ما عدا ذلك هو بمثابة تعطيل للحل وابقاء الجمر متقدا تحت الجمر لا يُعرف متى ينفجر و بشكل أعنف مما شهدناه خلال السنوات السابقة".
وكان رئيس "هيئة التفاوض" المعارضة نصر الحريري، إن إعلان تشكيل اللجنة الدستورية هو "انتصار للشعب السوري"، واصفاً إياه بـ "الإنجاز الحقيقي، وجزءاً من القرار 2254، ولا أحد يستطيع أن يُنكر ذلك"، مؤكداً أن "المعركة ما تزال أمامنا طويلة"، وأن "إمكانية التعطيل من قبل النظام قائمة".
وأضاف في تصريحات صحافية يوم أمس، أن "ما حققناه حتى اللحظة هو أننا اتفقنا على أن تكون بوابة القرار 2254 هي بوابة الدستورية، لا بوابة عسكرية، أو بوابة تدخل خارجي"، وهذه البوابة هي "الدخول نحو تطبيق كامل للقرار المذكور"، وشدد على أن "أي محاولة لحرف هذا المسار سترفضها المعارضة".
وأكمل: "من غير المرجح أن يوافق النظام على أي شيء قد يهدد موقعه، لذلك لا أتوقع بأن التوافقات بين الضامنين الثلاثة والتي تمخضت قوائم اللجنة الدستورية قادرة على تسوية سياسية عادلة.. عمليات بناء الدساتير في إطار الأمم المتحدة، تحتاج أولاً إلى الاتفاق بين الأطراف الدولية والمحلية، وذلك ببحث الأسباب التي أدت إلى هكذا هزة عنيفة عصفت بالعقد الاجتماعي السوري، والعمل على عدم وقوع الأجيال القادمة فيها، كما تحتاج ثانياً إلى بناء إجراءات بناء الثقة، ومن ثم التوافق على المبادئ العامة للدستور، وتحديد الإطار الزمني، الذي يربط بين هذه الإجراءات الوقتية، و الإجراءات النهائية لكتابة الدستور عبر اللجنة التأسيسية، وبالتالي القدرة على الربط بين السلة الدستورية والعملية السياسية التي غايتها النهائية التغيير الديموقراطي".
اقرأ أيضاً: دمشق تسعى لإغراق اللجنة الدستورية بالتفاصيل!
من ناحيته اعتبر المحامي البارز ميشال شماس خلال حديثه لـ "روزنة" بأنه لم يكن مفاجئا الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية بالنظر إلى سياق مجرى عملية التفاوض التي هيمنت عليها وقادتها باقتدار كما تريد روسيا.

وتابع: "ليس مهماً من هي الأسماء التي تتشكل منها اللجنة الدستورية، المهم هو لماذا اللجنة الدستورية؛ ولماذا اختاروا آخر نقطة من النقاط التي نص عليها قرار مجلس الأمن "2254".. اختيرت اللجنة الدستورية بذريعة أنها ستكون مدخلا للعملية السياسية لإيهام الناس بذلك من أجل الاشتراك بها ودعمها؛ وللأسف فإن جماعات المعارضة والمجتمع المدني وقعوا بهذا الفخ الذي نصبته روسيا بمساعدة من المبعوث الدولي السابق والحالي".
وأردف في هذا السياق: "ببساطة اختارت روسيا العملية الدستورية كمنطلق للعملية السياسية كما تدعي في الظاهر، لكنها في واقع الحال هي أرادت بذلك منع أو تعطيل عملية الانتقال السياسي؛ وإعادة تدوير نظام الأسد سواء بشخص الأسد أو شخص آخر غيره؛ وإغلاق الطريق أمام أية محاسبة لمن ارتكب جرائم بحق السوريين ومنع الاقتراب من الأجهزة الأمنية".
وختم بالقول: "نحن ندعو ومن مصلحة الشعب السوري التمسك بتنفيذ القرار 2254 كما ورد؛ والذي نص على وقف القتال والعنف واطلاق سراح الموقوفين والمعتقلين؛ ومن ثم البدء بعملية انتقال سياسي من خلال تشكيل حكومة جديدة من مهامها إجراء مراجعة دستورية خلال 6 أشهر تليها إنتخابات رئاسية وبرلمانية، وكل ما عدا ذلك هو بمثابة تعطيل للحل وابقاء الجمر متقدا تحت الجمر لا يُعرف متى ينفجر و بشكل أعنف مما شهدناه خلال السنوات السابقة".
وكان رئيس "هيئة التفاوض" المعارضة نصر الحريري، إن إعلان تشكيل اللجنة الدستورية هو "انتصار للشعب السوري"، واصفاً إياه بـ "الإنجاز الحقيقي، وجزءاً من القرار 2254، ولا أحد يستطيع أن يُنكر ذلك"، مؤكداً أن "المعركة ما تزال أمامنا طويلة"، وأن "إمكانية التعطيل من قبل النظام قائمة".
وأضاف في تصريحات صحافية يوم أمس، أن "ما حققناه حتى اللحظة هو أننا اتفقنا على أن تكون بوابة القرار 2254 هي بوابة الدستورية، لا بوابة عسكرية، أو بوابة تدخل خارجي"، وهذه البوابة هي "الدخول نحو تطبيق كامل للقرار المذكور"، وشدد على أن "أي محاولة لحرف هذا المسار سترفضها المعارضة".

من جانبها أصدرت جماعة "الإخوان المسلمين" بياناً لها اليوم الأربعاء، بينت فيه موقفها من الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية السورية، مجددة فيه رفضها للجنة الدستورية، كونها لم تقم على أسس سياسية سليمة.
وقالت الجماعة في بيانها، إن ما يجري في سوريا اليوم هو فرض حلّ عسكري بلبوس سياسي، وأن رفضها للجنة الدستورية جاء نتيجة قناعتها التامة بأنه لم تقم على أسس سياسية سليمة، وأنها وليدة انحراف سياسي في القرارات الأممية، ورغم بيان الجماعة لموقفها؛ إلا أن ممثلين عنها يتواجدون في اللجنة أمثال هشام مروة وأنس العبدة.
بينما قال وزير الخارجية في حكومة دمشق وليد المعلم؛ أمس الثلاثاء إن "الموعد المبدئي لبدء عمل اللجنة الدستورية هو 30 تشرين الأول المقبل"، وادعى المعلم في مقابلة تلفزيونية أن "لجنة مناقشة الدستور ستكون بقيادة وملكية سوريا دون تدخل خارجي ودون تحديد جدول زمني"، مشددا على ان "الأمم المتحدة لا تتدخل في جوهر النقاش".
وقالت الجماعة في بيانها، إن ما يجري في سوريا اليوم هو فرض حلّ عسكري بلبوس سياسي، وأن رفضها للجنة الدستورية جاء نتيجة قناعتها التامة بأنه لم تقم على أسس سياسية سليمة، وأنها وليدة انحراف سياسي في القرارات الأممية، ورغم بيان الجماعة لموقفها؛ إلا أن ممثلين عنها يتواجدون في اللجنة أمثال هشام مروة وأنس العبدة.
بينما قال وزير الخارجية في حكومة دمشق وليد المعلم؛ أمس الثلاثاء إن "الموعد المبدئي لبدء عمل اللجنة الدستورية هو 30 تشرين الأول المقبل"، وادعى المعلم في مقابلة تلفزيونية أن "لجنة مناقشة الدستور ستكون بقيادة وملكية سوريا دون تدخل خارجي ودون تحديد جدول زمني"، مشددا على ان "الأمم المتحدة لا تتدخل في جوهر النقاش".
الكلمات المفتاحية