بعد أن أنهى اجتماع القمة الخامس للدول الضامنة بمسار أستانا أعماله في العاصمة التركية أنقرة مساء أمس الاثنين، بإصدار بيان ختامي أكد فيه رؤساء الدول الثلاثة (تركيا، روسيا، إيران) أن لا حل عسكريا لـ "الأزمة السورية" وأن الحل الوحيد يكون عبر عملية سياسية يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بمساندة من الأمم المتحدة و بموجب قرار مجلس الأمن الدولي "2254".
لا يبدو من تصريحات زعماء القمة التي ضمت كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظرائه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني، أن تطوراً إيجايباً قد اتفقوا على إيجاده حول الملفات المتشابكة في الشأن السوري؛ ابتداءاً من التهدئة وإيقاف التصعيد العسكري في منطقة خفض التصعيد بإدلب، وانتهاء بملف اللجنة الدستورية؛ الذي قال عنها الرئيسين التركي والروسي أنهم اتفقوا على الأسماء الخلافية في قائمة المجتمع المدني (القائمة الثالثة في اللجنة).
إلا أنه وبعد ختام اجتماع ثنائي بينهما على هامش أعمال القمة الثلاثية؛ قال بوتين حول ملف اللجنة الدستورية: "يمكننا القول إن العمل (على الاتفاق على قائمة أعضاء اللجنة الدستورية) قد اكتمل ككل.. الشيء الوحيد الذي يتعين علينا القيام به هو ضمان الموافقة على آلية عمل هذه اللجنة، وقبل كل شيء، أن يكون التصرف لدى أعضاء هذه اللجنة بشكل مستقل بما فيه الكفاية ودون التعرض لأي ضغوط خارجية".
و يبرز التساؤل الأهم حول اللجنة الدستورية في مدى الأهمية الحقيقية في التوافق على الأسماء فقط؛ دون التطرق لآليات عمل اللجنة وضمان استقلاليته، ليعتبر الاتفاق على قائمة أعضاء اللجنة الدستورية كان تصريحاً معد للاستهلاك الإعلامي كإحدى نتائج القمة المفترض الترويج لنجاحها، رغم عدم وضوح أي تفاهم مشترك على الملف الأهم والمتعلق بمنطقة خفض التصعيد في إدلب.
حيث أشار الرئيس الروسي، بشكل واضح إلى أن موسكو ستواصل دعم قوات النظام في عملياته لقطع "دابر الخطر الإرهابي"؛ وفق وصفه، وذلك في رسالة واضحة لاستمرار العمل العسكري في المنطقة بموازاة المناداة معدومة الأفق حول توافق سياسي نهائي بين الأطراف المتدخلة في الشأن السوري.
قد يهمك: موسكو تُناور... دستور روسي تفرضه على اللجنة الدستورية السورية!
وقال بوتين حول ذلك في المؤتمر الصحفي الختامي للقمة الثلاثية حول سوريا، يوم أمس الاثنين، إن "روسيا تعتزم دعم الجيش السوري أثناء عملياته المحدودة الهادفة إلى قطع دابر الخطر الإرهابي، حيث يظهر".
ونوه بوتين إلى أن الرؤساء الثلاثة بحثوا بالتفصيل موضوع محاربة الإرهاب، مضيفا أن جماعات على صلة بتنظيم "القاعدة" باتت تسيطر على منطقة إدلب تقريبا. وتابع: "لا يمكننا أن نتسامح مع هذا، ولذلك اتفقنا مع السيد أردوغان والسيد روحاني على مواصلة العمل المشترك بهدف إزالة التوتر في إدلب بشكل نهائي"، دون أن يتم ذكر محددات وآليات إزالة التوتر في إدلب بين الثلاثي الضامن.
ما الجديد الذي جاءت به القمة الرئاسية الخامسة؟
الباحث السياسي د.عبد القادر نعناع قال خلال حديثه لـ "روزنة" أن قمة الدول الضامنة في أنقرة جاءت في وقت ضروري للأطراف الثلاثة، في ظل بلوغهم مرحلة الصدام على خطوط تقسيم المصالح، وفق رأيه.
وتابع: "كان لابد لهم من البحث عن آلية لتهدئة تنافسهم أو نزاعهم، حفاظاً على مصالح كل طرف من جهة، وحفاظاً على تفاهماتهم التي تمتد إلى أبعد من سوريا بكثير.. بالنسبة لي لا أنظر للتركي كحليف، بل إحدى القوى الإقليمية المتنافسة، ويمكن أن نقول أنها باتت أضعفها.. مسألة إدلب باتت تشكل لها تهديداً جديداً، بنزوح ملايين باتجاه تركيا، أو باتجاه المناطق المضبوطة تركياً داخل سوريا".
ولفت نعناع إلى أن الجانب التركي كان قلقاً من استمرار العمليات الروسية والإيرانية باتجاه الشمال، منوهاً إلى ما جاءت به إحدى مخرجات القمة التي أكدت على اتفاق هذه الأطراف في توطين ما يقرب من مليوني سوري في شرق الفرات.
وأردف في هذا السياق: "هذا مخرج خطير للغاية، فهل المقصود مليونا سوري من سوريي تركيا، أم ممن تنوي الأطراف ترحيلهم من إدلب باتجاه شرق الفرات، خصوصاً؛ و أن روسيا وإيران، قدمتا لتركيا ما يطمئنها بخصوص الموافقة على اقتطاع شريط أمني شرق الفرات، ومحاربة تنظيم العمال الكردستاني وما يترفع عنه، لكن في المقابل، لم يكن واضحاً ما ستقدمه تركيا لهذه القوى".
ونبّه من أنه لو كان المليوني سوري هم من لاجئي تركيا، فإن ذلك يعني توافق هذه القوى على ترسيخ التغيير الديموغرافي السوري، والإقرار الضمني بإسقاط حق العودة الذي بتنا نتشاركه مع الفلسطينيين؛ بحسب وصفه.
كذلك حذر من أن تكون تركيا قد تفاهمت على مرحلة قضم جديدة لمناطق في إدلب، خصوصاً أن سياق التفاهمات كان واحداً (الموافقة على شريط أمني، والحديث عن مليوني سوري)، لافتاً في الوقت ذاته بأن روسيا تتطلع إلى استعادة ما يمكن استعادته، بما يضمن استمرار النظام.
اقرأ أيضاً: قمة ثلاثية في أنقرة... تفاهمات جديدة حول إدلب؟
وتابع: "روسيا وإيران والنظام، يتطلعون بدورهم إلى إخراج الولايات المتحدة من شرق الفرات، وهو ما لا قدرة لهم به، في حين أن تركيا على تنسيق مع الأميركي حتى الآن في هذا الملف.. هذه القمة لا تخرج عن مسار القمم التي سبقتها، سوى في تهدئة النزاع بين القوى الثلاثة، وإيجاد مخارج بعيداً عن الولايات المتحدة".
بينما اعتبر الكاتب الصحفي درويش خليفة خلال حديثه لـ "روزنة" أن قمة يوم أمس أوضحت أن الفرق الفنية للدول الثلاثة الضامنة في مسار أستانا لم تستطع إيجاد أجندة مشتركة تتجاوز "دحر الإرهاب"، وهذا ما جعل اللقاء في حالة شبه انعقاد دوري.
وأضاف بأنه "من الواضح أن الاجندة للدول الحليفة في أستانا كانت خلافية وهذا ما جعل ترحيلها خطة للقفز نحو الأمام؛ وفرصة للاستماع للأوروبيين خلال الاجتماع الذي سيجمع محوري جنيف أستانا فرنسا-ألمانيا، تركيا-روسيا، على أمل تقديم دعم أوروبي أو وعودا في إعادة الإعمار وعودة اللاجئين".
وحول ملف إدلب اعتبر خليفة بأن مستقبل إدلب ما يزال مجهولا؛ مشيراً إلى أنه ينذر بخطر قادم، وذلك من خلال مؤشرات الحرب والحشد العسكري من قبل محور النظام؛ روسيا؛ و إيران، ويرافق ذلك أيضاً يرافقه توقيف الدعم التعليمي لمديريات التربية في شمال غرب سوريا من قبل دول الاتحاد الأوروبي؛ وذلك بحسب البيان الأخير لـ "منسقو استجابة سوريا".
وختم بالقول: "حقيقة لم أجد ما هو إضافي عن التصريحات الإعلامية المتواترة بين الأطراف الثلاثة والتي تركز كل منها على ذات المطالب، مع إضافة بسيطة وهي إعلانهم تشكيل اللجنة الدستورية والتي لم يعلن عنها بشكل رسمي، المبعوث الدولي (إلى سوريا) غير بيدرسن".
من جانبه توقع نعناع بإمكانية أن تشهد المنطقة بعض الاستقرار المؤقت، لكنه رأى في الوقت ذاته أن ذلك لن يدوم، قبل أن تخرج روسيا بحجج جديدة؛ لاستكمال عمليات القضم والتوسع شمالاً.
فيما اعتبر أن اللجنة الدستورية هي "محاولة" ما تزال قيد الإخفاق؛ "ولن تستطيع أن تقدم شيئاً يذكر، طالما أنها قامت دون عملية سلمية وتسوية سياسية متكاملة، وفي ظل استمرار الحرب، عدا عن أن الهدف الروسي منها حتى الآن الحفاظ على النظام بشخوصه الحالية، ولا أعقد أية آمال عليها".
وزاد بالقول: "أعتقد أن المشهد السوري سيبقى معلقاً على ما هو عليه، حتى ننتهي من انتخابات الولايات المتحدة (دون كثير آمال معلقة عليها كذلك)، وحتى تسوية الملف الإيراني الذي بات صاحب الأولوية في السياسات الدولية حالياً (التسوية سلماً أو سوى ذلك)".
وكان رؤساء الدول الثلاث اتفقوا يوم أمس على عقد اجتماع القمة السادسة المقبلة حول سوريا في العاصمة الإيرانية طهران، من دون تحديد موعد لها؛ وهو الاجتماع الذي يعقد بالمداورة بين ضامني أستانا، یذکر أن القمة الأولى لرؤساء الدول الثلاث عقدت في سوتشي الروسية؛ والقمة الثانیة في أنقرة؛ والثالثة في طهران؛ والرابعة في سوتشي؛ والخامسة والأخيرة عقدت أمس الاثنين في أنقرة.
قد يهمك: موسكو تُناور... دستور روسي تفرضه على اللجنة الدستورية السورية!
وقال بوتين حول ذلك في المؤتمر الصحفي الختامي للقمة الثلاثية حول سوريا، يوم أمس الاثنين، إن "روسيا تعتزم دعم الجيش السوري أثناء عملياته المحدودة الهادفة إلى قطع دابر الخطر الإرهابي، حيث يظهر".
ونوه بوتين إلى أن الرؤساء الثلاثة بحثوا بالتفصيل موضوع محاربة الإرهاب، مضيفا أن جماعات على صلة بتنظيم "القاعدة" باتت تسيطر على منطقة إدلب تقريبا. وتابع: "لا يمكننا أن نتسامح مع هذا، ولذلك اتفقنا مع السيد أردوغان والسيد روحاني على مواصلة العمل المشترك بهدف إزالة التوتر في إدلب بشكل نهائي"، دون أن يتم ذكر محددات وآليات إزالة التوتر في إدلب بين الثلاثي الضامن.
ما الجديد الذي جاءت به القمة الرئاسية الخامسة؟
الباحث السياسي د.عبد القادر نعناع قال خلال حديثه لـ "روزنة" أن قمة الدول الضامنة في أنقرة جاءت في وقت ضروري للأطراف الثلاثة، في ظل بلوغهم مرحلة الصدام على خطوط تقسيم المصالح، وفق رأيه.
وتابع: "كان لابد لهم من البحث عن آلية لتهدئة تنافسهم أو نزاعهم، حفاظاً على مصالح كل طرف من جهة، وحفاظاً على تفاهماتهم التي تمتد إلى أبعد من سوريا بكثير.. بالنسبة لي لا أنظر للتركي كحليف، بل إحدى القوى الإقليمية المتنافسة، ويمكن أن نقول أنها باتت أضعفها.. مسألة إدلب باتت تشكل لها تهديداً جديداً، بنزوح ملايين باتجاه تركيا، أو باتجاه المناطق المضبوطة تركياً داخل سوريا".
ولفت نعناع إلى أن الجانب التركي كان قلقاً من استمرار العمليات الروسية والإيرانية باتجاه الشمال، منوهاً إلى ما جاءت به إحدى مخرجات القمة التي أكدت على اتفاق هذه الأطراف في توطين ما يقرب من مليوني سوري في شرق الفرات.
وأردف في هذا السياق: "هذا مخرج خطير للغاية، فهل المقصود مليونا سوري من سوريي تركيا، أم ممن تنوي الأطراف ترحيلهم من إدلب باتجاه شرق الفرات، خصوصاً؛ و أن روسيا وإيران، قدمتا لتركيا ما يطمئنها بخصوص الموافقة على اقتطاع شريط أمني شرق الفرات، ومحاربة تنظيم العمال الكردستاني وما يترفع عنه، لكن في المقابل، لم يكن واضحاً ما ستقدمه تركيا لهذه القوى".
ونبّه من أنه لو كان المليوني سوري هم من لاجئي تركيا، فإن ذلك يعني توافق هذه القوى على ترسيخ التغيير الديموغرافي السوري، والإقرار الضمني بإسقاط حق العودة الذي بتنا نتشاركه مع الفلسطينيين؛ بحسب وصفه.
كذلك حذر من أن تكون تركيا قد تفاهمت على مرحلة قضم جديدة لمناطق في إدلب، خصوصاً أن سياق التفاهمات كان واحداً (الموافقة على شريط أمني، والحديث عن مليوني سوري)، لافتاً في الوقت ذاته بأن روسيا تتطلع إلى استعادة ما يمكن استعادته، بما يضمن استمرار النظام.
اقرأ أيضاً: قمة ثلاثية في أنقرة... تفاهمات جديدة حول إدلب؟
وتابع: "روسيا وإيران والنظام، يتطلعون بدورهم إلى إخراج الولايات المتحدة من شرق الفرات، وهو ما لا قدرة لهم به، في حين أن تركيا على تنسيق مع الأميركي حتى الآن في هذا الملف.. هذه القمة لا تخرج عن مسار القمم التي سبقتها، سوى في تهدئة النزاع بين القوى الثلاثة، وإيجاد مخارج بعيداً عن الولايات المتحدة".
بينما اعتبر الكاتب الصحفي درويش خليفة خلال حديثه لـ "روزنة" أن قمة يوم أمس أوضحت أن الفرق الفنية للدول الثلاثة الضامنة في مسار أستانا لم تستطع إيجاد أجندة مشتركة تتجاوز "دحر الإرهاب"، وهذا ما جعل اللقاء في حالة شبه انعقاد دوري.
وأضاف بأنه "من الواضح أن الاجندة للدول الحليفة في أستانا كانت خلافية وهذا ما جعل ترحيلها خطة للقفز نحو الأمام؛ وفرصة للاستماع للأوروبيين خلال الاجتماع الذي سيجمع محوري جنيف أستانا فرنسا-ألمانيا، تركيا-روسيا، على أمل تقديم دعم أوروبي أو وعودا في إعادة الإعمار وعودة اللاجئين".
وحول ملف إدلب اعتبر خليفة بأن مستقبل إدلب ما يزال مجهولا؛ مشيراً إلى أنه ينذر بخطر قادم، وذلك من خلال مؤشرات الحرب والحشد العسكري من قبل محور النظام؛ روسيا؛ و إيران، ويرافق ذلك أيضاً يرافقه توقيف الدعم التعليمي لمديريات التربية في شمال غرب سوريا من قبل دول الاتحاد الأوروبي؛ وذلك بحسب البيان الأخير لـ "منسقو استجابة سوريا".
وختم بالقول: "حقيقة لم أجد ما هو إضافي عن التصريحات الإعلامية المتواترة بين الأطراف الثلاثة والتي تركز كل منها على ذات المطالب، مع إضافة بسيطة وهي إعلانهم تشكيل اللجنة الدستورية والتي لم يعلن عنها بشكل رسمي، المبعوث الدولي (إلى سوريا) غير بيدرسن".
من جانبه توقع نعناع بإمكانية أن تشهد المنطقة بعض الاستقرار المؤقت، لكنه رأى في الوقت ذاته أن ذلك لن يدوم، قبل أن تخرج روسيا بحجج جديدة؛ لاستكمال عمليات القضم والتوسع شمالاً.
فيما اعتبر أن اللجنة الدستورية هي "محاولة" ما تزال قيد الإخفاق؛ "ولن تستطيع أن تقدم شيئاً يذكر، طالما أنها قامت دون عملية سلمية وتسوية سياسية متكاملة، وفي ظل استمرار الحرب، عدا عن أن الهدف الروسي منها حتى الآن الحفاظ على النظام بشخوصه الحالية، ولا أعقد أية آمال عليها".
وزاد بالقول: "أعتقد أن المشهد السوري سيبقى معلقاً على ما هو عليه، حتى ننتهي من انتخابات الولايات المتحدة (دون كثير آمال معلقة عليها كذلك)، وحتى تسوية الملف الإيراني الذي بات صاحب الأولوية في السياسات الدولية حالياً (التسوية سلماً أو سوى ذلك)".
وكان رؤساء الدول الثلاث اتفقوا يوم أمس على عقد اجتماع القمة السادسة المقبلة حول سوريا في العاصمة الإيرانية طهران، من دون تحديد موعد لها؛ وهو الاجتماع الذي يعقد بالمداورة بين ضامني أستانا، یذکر أن القمة الأولى لرؤساء الدول الثلاث عقدت في سوتشي الروسية؛ والقمة الثانیة في أنقرة؛ والثالثة في طهران؛ والرابعة في سوتشي؛ والخامسة والأخيرة عقدت أمس الاثنين في أنقرة.
الكلمات المفتاحية