الليرة السورية مستمرة في التهاوي… خبراء اقتصاديون يتوقعون مصيرها

الليرة السورية مستمرة في التهاوي… خبراء اقتصاديون يتوقعون مصيرها
اقتصادي | 06 سبتمبر 2019

وعود عدة أطلقتها دمشق بعد تدهور مستمر وغير مسبوق لسعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي بشكل كبير منذ شهر آب الفائت؛ إلا أن تلك الوعود ظلت كلاماً عبثياً أمام مداومة الليرة على تدهورها بحسب تعاملات سوق الصرف يوم أمس الخميس.

وارتفع سعر صرف الدولار 9 ليرات، مسجلا (655- 658) شراء، و(660 – 661) مبيع، فيما أبقى المصرف المركزي "دولار الحوالات والمستوردات" عند سعر 434 ليرة، كذلك أبقى "دولار التدخل الخاص" عبر المصارف عند سعر 436 ليرة.

وبين الاتهامات في عجز تدخل البنك المركزي لضبط سعر الصرف وتحسينه، و تأثير تجار السوق السوداء على محافظة السهم الأحمر مضاء في أسعار تصريف الليرة، تبرز مقترحات بعض المختصين في دمشق أملاً منهم في تخفيض سعر الدولار وتحسين جزئي في الاقتصاد.

و تمحورت تلك الاقتراحات حول تخفيض ضريبي في بعض القطاعات المنتجة، وطرح أملاك حكومية غير منتجة للبيع سعياً في تحصيل أكبر قدر ممكن من الليرة السورية من السوق، حتى وصلت إلى حد التوصية بالقيام بعملية تغيير للعملة بعد عدة أشهر من المقترحات السابقة.

أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية حسن الشاغل قال خلال حديث لـ "روزنة" أن الانخفاض الكبير الذي تعاني منه الليرة السورية منذ فترة طويلة، وأثّر بشكل كبير على الحياة المعيشية للمواطنين السوريين، يعود إلى عدة أسباب اقتصادية، سياسية وعسكرية. 
 
ولفت الشاغل إلى أن البنك المركزي السوري أصبح شبه فارغ من العملات الأجنبية و المعادن الثمينة، وتابع حول ذلك: "يأتي هذا الانخفاض في احتياطي البنك المركزي و سعر صرف الليرة السورية لعدة أسباب؛ أولها توقف حركة الاستيراد والتصدير؛ حيث كانت هذه الحركة تُسهّل دخول النقد الأجنبي إلى خزينة الدولة". 

وأشار إلى أن ثاني تلك الأسباب يتمثل في خروج عائدات البترول و عوائد العبور من السواحل والأراضي والأجواء السورية من يد سلطة النظام، وذلك بعد العقوبات الاقتصادية ضد النظام.

وثالث الأسباب يتعلق بتمويل العمليات العسكرية التي يقوم بها النظام ضد قوات المعارضة، وتابع مضيفاً: "حتى أنه في آخر موازنة لعام 2019 طرحت حكومة النظام 5 مليار دولار كموازنة عامة للدولة، وهذا الرقم لا يمثل أي شيء بالنسبة للدولة، أي أن الموازنة غير قادرة على الصرف للإنفاق العام للدولة".
 
اقرأ أيضاً: رغم العقوبات الاقتصادية... أموال سوريّة مُهرّبة تصل إلى أوروبا

كما نوه أيضاً إلى أن من الأسباب الأخرى التي أدت إلى انخفاض الليرة السورية المستمر تمثلت بفرض عقوبات اقتصادية على أشخاص يمتلكون نفوذ اقتصادي كبير في سوريا أمثال سامر الفوز وغيره من الشخصيات الاقتصادية والسياسية، وأردف بأن "هؤلاء الأشخاص يمتلكون مشاريع اقتصادية كبيرة داخل وخارج سوريا، والعقوبات الاقتصادية عليهم تؤثر على الاقتصاد السوري بشكل مباشر". 

وبالإضافة إلى تلك الأسباب فإن العقوبات الاقتصادية المفروضة على الداعمين الرئيسين للنظام السوري ( روسيا ،إيران) أثرت بشكل كبير؛ حيث كانت هذه الدول "في بداية الثورة السورية تدعم النظام بمليارات الدولارات لعدم انهيار الاقتصاد السوري، ولكن بعد العقوبات المفروضة على روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم وانخفاض في سعر صرف العملة الروسية، والعقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، أدت إلى انخفاض الدعم عن النظام السوري". 

الخبير والباحث في الشؤون الاقتصادية السورية أدهم قضيماتي قال في حديث لـ "روزنة" أن استنزاف موارد النظام نتيجة استمرار الإنفاق العسكري وما يترتب عليه من خسائر؛ من أسباب تدهور الليرة السورية، فضلاً عن زيادة الخناق على دمشق عبر زيادة العقوبات الأميركية المفروضة عليها؛ كإقرار قانون سيزر الخاص بسوريا في كانون الثاني الماضي والذي تم بموجبه إقرار حزمة من العقوبات كان أهمها عقوبات على المصرف المركزي السوري وشخصيات رفيعة المستوى في النظام السوري ورجاله الأمنيين.


كما نوه قضيماتي إلى أحد أهم الأسباب التي تأثرت بها العملة و هي عدم الاستفادة من المعابر التي يتم فتحها مع الدول المجاورة كالأردن والعراق، وكذلك كانت العقوبات على إيران وحزب الله أهم الداعمين للنظام السوري بكل الوسائل مما انعكس ذلك سلبا على النظام.
 
وتابع حديثه: "كذلك فإن ازدياد خسارة القطاعات الزراعية والانتاجية والصناعية في سوريا نتيجة الحرائق المفتعلة في المحاصيل الزراعية؛ وتدمير البنية التحتية الانتاجية والصناعية، جعل السوق تتجه للاستيراد وبالتالي الضغط على العملة المحلية وزيادة الطلب على العملات الصعبة".

ونوه إلى الفرق الكبير بين سعر صرف المصرف المركزي و سعر صرف السوق السوداء للعملات الصعبة الأمر الذي شكّل ضغط على العملة المحلية، حيث كان يستفيد البنك المركزي من التحويلات الخارجية إلى سوريا، ولكن مع وجود الفوارق الكبيرة بين أسعار الصرف بين المركزي والسوق السوداء؛ فقد نتجت خسارة كبيرة في تدفق النقد الأجنبي عن طريق حكومة النظام.
 
وتساءل قضيماتي حول عدم قدرة استمرار الروس والإيرانيين بدعم النظام وإخراجه من أزماته المتلاحقة؛ وعزا ذلك إلى "العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على الروس والإيرانيين وعلى كل من يدعم النظام السوري بأي شكل كان، و تراكم الديون على النظام السوري وتوجس كل من روسيا وإيران بعدم قدرة النظام على سداد تلك الديون؛ ما دفع النظام السوري إلى بيع ثروات النفط و الغاز و الفوسفات؛ و إبرام عقود التنقيب و تأجير الموانئ البحرية". 

بينما أوضح الشاغل بأن الليرة السورية في حالة انخفاض وتضخم  للقيمة وليست في حالة انهيار كامل، لافتاً بأن الليرة السورية  تتماسك إلى حد الآن بسبب أن داعمي النظام لم يقطعوا الدعم بشكل كامل، فضلاً عن أن هناك أيضاً دعم مقدم من أطراف دولية إلى قوى المعارضة على شكل عملات أجنبية، وكذلك هناك منظمات دولية ترسل مساعدات مالية إلى الداخل السوري كقطع أجنبي. 

وختم مؤكداً بأنه وبسبب هذه التدفقات النقدية المحدودة التي تأتي إلى سوريا منعت من الانهيار التام للعملة السورية ، على الرغم من أنها لا يمكن أن تمنع انخفاض قيمة العملة.

قد يهمك: صراع اقتصادي للاستحواذ على دمشق.. تبييض أموال عبر البورصة؟

وبدأت الليرة السورية بالتراجع مجددا مطلع العام الجديد، وقال رئيس تحرير النشرة الاقتصادية الإلكترونية "سيريا ريبورت" جهاد يازجي لوكالة "فرانس برس"، إن الليرة "هبطت إلى أدنى معدل في تاريخها"، مشيرا إلى أن "الانخفاض حاد" كون سعر صرف الدولار كان 500 ليرة في شهر كانون الأول 2018.

فيما نقلت وكالة "رويترز" يوم أمس الخميس عن رجال أعمال محليون ذكروا أن العملة تعرضت لضغوط بعدما تخلى البنك المركزي السوري إلى حد بعيد عن جهوده في الأشهر الأخيرة لدعم قيمة الليرة؛ وذلك من أجل حماية احتياطياته النقدية الأجنبية المتبقية.

يذكر أن سعر صرف العملة السورية قبل آذار 2011 كان 48 ليرة للدولار، هذا ويشكل انخفاض قيمة العملة السورية دليلا ملموسا على الاقتصاد المنهك، في ظل تقلص المداخيل والإيرادات وانخفاض احتياطي النقد الأجنبي.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق