أشارت تصريحات وزير الدفاع التركي خلوصي آكار؛ اليوم الثلاثاء، إلى تحذير أنقرة من تجديد واشنطن لسياسة المماطلة وعدم الالتزام بتفاهماتها وتعهداتها فيما يتعلق بملفات الشأن السوري.
وفي معرض تعليق آكار على التفاهمات الأخيرة بين تركيا والولايات المتحدة حول "المنطقة الآمنة" المزمع إقامتها في منطقة شرق الفرات السورية، قال آكار أن تركيا لديها "خطط بديلة" ستطبقها في حال عدم التزام واشنطن بوعودها بشأن المنطقة الآمنة.
ولفت آكار إلى أن أنقرة "قادرة على فعل ما يلزم بشأن المنطقة الآمنة شرقي الفرات"، وتابع: "لدينا خطة "ب" وخطة "ج" في حال لم تلتزم الولايات المتحدة بوعودها حول المنطقة الآمنة ونحن مستعدون لتطبيقهما".
وأضاف: "لم ننس تجاربنا في ما يتعلق بوعود الولايات المتحدة في منبج والرقة، لذلك نتابع بدقة وعن كثب الالتزام بالوعود التي قطعتها واشنطن بشأن المنطقة الآمنة، ولن نقبل بأي أمر من دون التدقيق بكل المعلومات المقدمة لنا".
الكاتب الصحفي إبراهيم العلبي رأى خلال حديثه لـ "روزنة" أن تصريحات الوزير التركي تأتي في سياق تذكير الولايات المتحدة بأن تركيا لن تدع اتفاق "المنطقة الآمنة" يموت في أدراج المماطلة كما حدث لاتفاق منبج.

واعتبر بأن خطط أنقرة البديلة في حال لم تف واشنطن بالتزاماتها؛ قائمة على أساس التدخل العسكري المباشر وتوجيه ضربات مباشرة لقوات "قسد" المنتشرة في المنطقة القريبة من الحدود بعمق أكثر من 30 كلم، ولفت في الوقت ذاته إلى أن سيناريو المعركة ليس واضحاً كما كان سيناريو معركة عفرين (غصن الزيتون)، من حيث الشركاء السوريين المحتملين للجيش التركي وحدود العملية وأهدافها البعيدة.
إلا أنه اعتبر بأن المعركة المحتملة هناك قد تجد مشروعية نظرية في أن تبدأ بتل أبيض ورأس العين وقراهما باعتبارها مناطق ذات غالبية عربية وتركمانية بخلاف المناطق الكردية الأخرى، وأشار إلى أنه وفي حال قررت أنقرة أن واشنطن قد أخلفت بوعودها ولا نية لديها للوفاء بالتزاماتها؛ فإن المعركة لا يمكن أن تبدأ خلال أيام، بل خلال أسابيع وربما أشهر؛ وفق وصفه.
فيما رجّح بأن أنقرة لن تجد ذريعة في المدى المنظور لاعتبار واشنطن أنها أخلت بالتزاماتها، لأن تصريحات أردوغان قبل أيام كشفت أنه قبل بالعرض الأمريكي المتعلق بتحديد عمق المنطقة الآمنة، وهذا يعني وفق تقديره بأن الأميركيين سيلتزمون بذلك على الأرجح كونه مقترحهم في الأساس، وكذلك لأن عدداً من الإجراءات والتطورات التي حدثت وتحدث في الأيام الأخيرة في المنطقة الحدودية تعكس جدية واشنطن في تطبيق الاتفاق بصيغته الأولية على الأقل مع أنقرة.
اقرأ أيضاً: تركيا تحتفظ بخطة "ب" في حال تعثر تنفيذ المنطقة الآمنة
من جانبه اعتبر الباحث المختص في العلاقات الدولية؛ د.مصطفى صلاح اعتبر خلال حديثه لـ "روزنة" بأن تركيا عازمة على الدخول إلى منطقة شرق الفرات كانعكاس أولي على تراجع القوات المدعومة من جانبها في منطقة إدلب مؤخرا، مشيراً إلى أن التدخل العسكري التركي يظل الورقة الأخيرة لأنقرة فيما يتعلق باستمرار دورها داخل سوريا، حتى وإن كانت التفاهمات مع الولايات المتحدة تشهد مرحلة تجاذبات حول مستقبل "المنطقة الآمنة"، بالرغم من التنسيق الأخير حول تشكيل مركز تنسيق للعمليات المشتركة حيال هذا الشأن.

وأضاف: "في حال عدم التجاوب بين الطرفين؛ فإن تركيا ستزيد من احتمالية تواجدها العسكري سواء بالتدخل المباشر كما هو الحال في السابق كعملية درع الفرات وغصن الزيتون التي نفذتها، أو من خلال الوصول إلى صيغة تفاوضية بتفعيل اتفاقية آضنة مع الجانب السوري،و كلا الخيارين سينعكسان بصورة سلبية على مستقبل الدور التركي في سوريا، خاصة وأن هناك توجه روسي وإقليمي لحلحلة الازمة السورية ومناقشة قضايا إعادة الإعمار وصياغة دستور جديد للبلاد".
واعتقد صلاح بأن تركيا تحاول توظيف التناقضات الروسية الأمريكية تجاه العديد من القضايا ومن بينها الأزمة السورية لتحقيق هامش حركة تستغله في تحقيق أهدافها، وبالتالي فإن تحركات تركيا الاخيرة كما ظهرت في التباحث مع الجانب الأمريكي فيما يتعلق بالمنطقة الآمنة أو زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى موسكو في أواخر آب الماضي؛ تهدف إلى ضمان تحقيق السياسات التركية في سوريا سواء في منطقة إدلب أو في مناطق الشمال والشمال الشرقي السوري، سواء بتنفيذ اتفاق سوتشي الخاص بخفض التصعيد أو التفاهمات الأميركية بشأن "المنطقة الآمنة".
وختم بالقول: "في اعتقادي بأن الظروف الداخلية السورية بجانب الخلافات الأميركية والروسية مع تركيا؛ ستمثل تحديا كبيرا أمام أنقرة لتنفيذ تلك السياسات، ما يفرض عليها هامش حركة ضئيل من حيث قوة التأثير".
قد يهمك: تنازلات تركيّة في المنطقة الآمنة مقابل إدلب؟
فيما اعتبر المحلل السياسي التركي حمزة تكين خلال حديثه لـ "روزنة" بأن تركيا في مرحلة احترام الاتفاق مع الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته فإن أنقرة تصر على "تطهير شرقي الفرات من التنظيمات الإرهابية مهما كان الثمن، وتصريحات المسؤولين الأتراك الأخيرة هي رسائل للولايات المتحدة كي لا تتقاعس عن هذا الاتفاق كما فعلت في منبج والرقة".
وأضاف تكين بأن تركيا الآن أمام ثلاثة أسابيع من مرحلة اختبار الصدق الأميركي، وفي حال لم تكن صادقة فيما يخص "المنطقة الآمنة"، فإن الخطة القادمة لتركيا ستكون شبيهة بما كان عليه سيناريو خطة عفرين والباب.
وتابع حول ذلك: "هناك 80 ألف عسكري تركي موجودين على الحدود السورية، إضافة إلى الآلاف من الجيش الوطني السوري (المعارض)، ينتظرون فقط القرار النهائي السياسي الذي سيأتي من أنقرة، فتركيا قادرة سياسيا وعسكريا أن تبدأ مثل تلك العملية، لكنها حريصة أن تقوم واشنطن بتطبيق بنود الاتفاق وتأسيس المنطقة الآمنة، لكن في حال تقاعست أميركا عن تطبيق هذا الاتفاق سيكون الخيار الوحيد لتركيا هو أن تقوم وحدها بالعملية العسكرية في مناطق شرقي الفرات".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن مؤخرا، أنه سيبحث على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، إعلان منطقة آمنة في شمال سوريا شرقي الفرات.
وقال: "اتفقنا أنا وترامب في وقت سابق، على أن يكون عرض المنطقة 20 ميلا، وتمت مناقشة هذا الرقم بين العسكريين الأتراك والأمريكيين، ويبدو أنهم خفضوا منها. سنلتقي مع ترامب وسنبحث هذا الموضوع مرة أخرى".
وتوصلت أنقرة وواشنطن مؤخرا إلى اتفاق على إعلان منطقة آمنة شمالي سوريا، ووفقا لوزارة الدفاع التركية، وافقت تركيا والولايات المتحدة على إنشاء مركز تنسيق للعمليات المشتركة ومنطقة آمنة شمالي سوريا.
وتهدد تركيا بشكل متكرر بشنّ عملية في شرق الفرات، وكذلك في منبج (شمال شرق سوريا)، ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية، إحدى فصائل قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، التي تصنفها أنقرة ككيان إرهابي، إذا لم تسحبها الولايات المتحدة من هناك، وكانت أنقرة اتهمت الإدارة الأميركية بالمماطلة في تنفيذ ما اتفق عليه حول الوضع في شمال سوريا.
الكلمات المفتاحية