العودة إلى سوريا… ملح على الجرح! 

العودة إلى سوريا… ملح على الجرح! 
أخبار | 24 أغسطس 2019

منذ أكثر من عام وبعد استعادة النظام السوري لقسم من الأراضي التي كانت خارجة عن سيطرته، سعت روسيا (حليفة الأسد) إلى تعويم سلطة حليفها على الساحتين الإقليمية والدولية عبر بوابة عودة المغتربين واللاجئين والمهجرين خارج البلاد. 

وترافقت الدعوات المطالبة بعودة السوريين إلى بلادهم سواء كانوا في دول الجوار أو دول أخرى أوروبية وغيرها؛ بضغوط مارستها بعض دول الجوار على السوريين هناك لإجبارهم على العودة. 

باتت سوريا اليوم وخلال الفترة المقبلة قِبلة تجذب المستثمرين السوريين وغير السوريين، خصوصاً مع انطلاق عمليات إعادة الإعمار ولو بشكل جزئي.

أسباب متعددة والنتيجة واحدة... 

لم ينقطع قسم من السوريين عن زيارة سوريا منذ عام ٢٠١١ مثل ماجد أحمد (اسم مستعار) وهو رجل أعمال يعيش في إحدى دول الخليج، ويزور سوريا بشكل دائم، لم يعاني من أية مشاكل داخل سوريا أو في بلد إقامته؛ لكنه وجد الفرصة سانحة ليستثمر أمواله في سوريا.

يقول ماجد أن ثلاثة أرباع البنى التحتية في سوريا مدمرة، ما يجعل قطاع العقارات أفضل المجالات للاستثمار حالياً، وهو مجال عمله نفسه، ما دفعه لـ "الإسراع وانتهاز الفرصة قبل غيره".
 
في الوقت ذاته هنالك من انقطع عن زيارة سوريا لأسبابه الخاصة؛ مثل كريم زياد"اسم مستعار"، يعمل في مجال الهندسة في إحدى دول الخليج أيضاً.

 انقطع كريم عن زيارة سوريا منذ عام 2011، وبحسب قوله أنه كان يخاف من المخاطرة بالعودة إلى سوريا، إلا أنه قرر مؤخرا العودة للبلد والاستقرار بشكل دائم مع عائلته، ويضيف: "قمت بالتأكد من وضعي الأمني على المنافذ الحدودية، وبعد التأكد من عدم وجود مشاكل أمنية قررت العودة والاستقرار بشكل دائم". 

مجبرٌ لا بطل...

 ليس جميع من عاد لسوريا كان حر الاختيار  فعلى النقيض هنالك من اضطرته الظروف للعودة لسوريا والمجازفة، كثيرة هي الحالات لعديد الأشخاص الذين تم اعتقالهم على المنافذ الحدودية أو المطارات لأسباب أمنية أو للسوق للخدمة الإلزامية أو الإحتياطية، وفق ما أفادت به مؤخراً تقارير صحفية وحقوقية. 

 دفعت ضغوطات إحدى دول الجوار؛ عبد الكريم عمار (اسم مستعار) للعودة إلى سوريا؛ وهو الذي كان قد غادرها منذ بداية عام ٢٠١٣ إلى لبنان، كان قد وجد عبد الكريم آنذاك عملاً يعيله ويكفيه ليعيش بشكل لا بأس فيه، إلا أن قرارات الحكومة اللبنانية بخصوص عمل السوريين ومشاكل تجديد الإقامة أجبرته على العودة. 

اقرأ أيضاً: مشروع إيراني للسيطرة على عقود إعادة الإعمار في سوريا

ويقول مضيفاً حول ذلك "لم أكن أفكر بالسفر لتركيا أو لأوروبا، فلقد اخترت لبنان لأنها الأقرب لسوريا، كما أن هذا الخيار يتيح لي زيارة أهلي كل فترة، ولكن عندما ضاقت بي السبل؛ وبعدما فرضت تركيا شروطاً صعبة للحصول على تأشيرة دخول، عدت إلى لسوريا رغم أنني كنت اعتبرها مخاطرة بحياتي".
 
فيما لم يكن وضع يامن عابد (اسم مستعار) كحال عبد الكريم، فكان يامن يعمل في الكويت، ولم يزر سوريا منذ عام ٢٠١٢، إلا أن مشاكل الإقامة والعمل التي عاني منها هناك كانت عاملاً حتمياً في عودته،  يقول يامن: "اضطرت لتسوية وضعي الأمني حيث دفعت مبلغاً كبيراً من المال، فضلا عن مراجعتي أحد الأفرع الأمنية فور دخولي سوريا". 
 
ليس حال كل السوريين تشابه حالتي عبد الكريم ويامن، فالعديد من سوريي المخيمات عادوا لسوريا بعد الوعود المقطوعة بعدم التعرض لهم وضمان حرية عيشهم في سوريا، لكن شيء من ذلك لم يحصل، فحوادث الاعتقال والاختفاء القسري لعدد منهم أشارت العديد من التقارير الحقوقية، دون قدرتنا ضمن سياق هذه المادة الحصول على معلومات مؤكدة من ذوي بعض تلك الحالات المشار إليها.

سوريون يتعرفون على بلادهم من جديد!
 
البلد اليوم تعج بالغرباء كما يجدها أديب بشار "اسم مستعار"، وهو شاب أجبرته  ظروفه السيئة على مغادرة سوريا في عام ٢٠١٤، بينما اليوم يعود إليها في زيارات متقطعة،  ويوضح أديب أنه رغم مغادرته البلاد في وقت كانت قذائف الهاون تمطر دمشق وقسم تم تدميره بفعل القصف العشوائي، إلا أنه اليوم يجد البلاد مختلفة تماماً. 

ويتابع "الوجوه التي أراها في الشوارع باتت غريبة، هناك الآن لغات دخيلة على آذان السوريين بتنا نسمعها في شوارع العاصمة، لقد أصبحت زائراً في هذه البلاد ولست مواطناً". 
 
قد يهمك: إسطنبول ... اجتماع سوري لبحث مستقبل إعادة الإعمار

أما منار زكريا (اسم مستعار)، وهو مغترب لم يزر سوريا منذ أكثر من 15 سنة، لا يزال منار يحتفظ بذكريات جميلة عن سوريا في سنوات خلت،  عاد بداية العام الحالي إلى سوريا في زيارة قصيرة ليزور عائلته، لكن الصدمة كانت فيما رآه من دمار في مناطق عدة، وفق حديثه. 

ويردف "رغم أني شاهدت كثيراً من مقاطع الفيديو على الإنترنت التي توضح حجم الدمار والخراب، إلا أن المعاينة على أرض الواقع تختلف تماماً"، دخل منار باكتئاب جعله يلغي زيارته، فبحسب قوله  أنه استطاع الإحساس بأرواح الأبرياء و شم رائحة الدماء في المناطق التي ساقته أقدامه إليها.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق