انهيار الهدنة في إدلب… من السبب ومتى الحل؟

انهيار الهدنة في إدلب… من السبب ومتى الحل؟
أخبار | 09 أغسطس 2019

في أقل من أسبوع انهارت آخر الهدن المعلنة حول آخر مناطق خفض التصعيد في سوريا، تلك الهدنة التي كانت هشة حتى قبل أن تبدأ ما دامت المعضلة التي تتذرع بها روسيا ما تزال قائمة ألا وهي تواجد تنظيم "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) في محافظة إدلب وهو التنظيم المصنف على القوائم الدولية للإرهاب. 

وهو الأمر الذي علّق عليه يوم أمس؛ الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، حيث قال إن انهيار وقف إطلاق النار شمال سوريا وتجدد أعمال العنف يهدد حياة ملايين الأشخاص.

وعاود طيران النظام السوري وحليفه الروسي يوم الإثنين الفائت قصف محافظة إدلب بعد أن تم وقف العمل بالهدنة التي أعلنتها دمشق الخميس الماضي؛ هذا التصعيد جاء بعد أن اتهم النظام السوري الفصائل المقاتلة هناك باستهداف قاعدة حميميم بمحافظة اللاذقية والتي يتخذها الطيران الروسي مقرا له.

وأعلنت دمشق الخميس موافقتها على وقف لإطلاق النار في إدلب، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من تصعيد قصفها وحليفتها روسيا على المنطقة، ما تسبب بفرار أكثر من 400 ألف شخص؛ واشترطت لاستمرار الهدنة تطبيق اتفاق روسي تركي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح في منطقة إدلب التي تؤوي ثلاثة ملايين شخص وتمسك هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) بزمام الأمور فيها عسكريا وإداريا.
 
 
وهو الأمر الذي رفضه لقائد العام لـ"هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني حينما أعلن السبت أن فصيله لن ينسحب من المنطقة منزوعة السلاح.

وقال خلال لقاء نظمته "هيئة تحرير الشام" مع صحافيين في إدلب "ما لم يأخذه النظام عسكريا وبالقوة لن يحصل عليه سلميا بالمفاوضات والسياسة؛ نحن لن ننسحب من المنطقة؛ و لن نتموضع لا بناء على طلب الأصدقاء و لا الأعداء".

وتشير توجهات تنظيم "هيئة تحرير الشام" إلى استحالة تطبيق أي هدنة في المنطقة ما دامت تركيا عاجزة عن فرض وعودها السابقة لروسيا بتفكيك جبهة النصرة؛ بمقابل اتخاذ دمشق و موسكو ذريعة استمرار السيطرة الواسعة لتحرير الشام على إدلب؛ في فتح أي عمل عسكري واسع ومستمر.

اقرأ أيضاً: هل تُوقف روسيا الحملة العسكرية على إدلب وتنقلها لجبهة ثانية؟

و ذكرت قوات النظام السوري يوم أمس الخميس إنها أحرزت تقدما على محور بلدة كفرنبودة بريف حماة الشمالي، بعد نقل المعارك من محور اللطامنة كفرزيتا، وأشارت مواقع للنظام إلى أنه سيطر صباح اليوم على بلدة تل الصخر الاستراتيجية، شرق كفرنبودة بريف حماة الشمالي الغربي.

ولفتت إلى أن الطيران الحربي التابع للنظام والقوات الروسية، بدءا التمهيد للعملية عبر غارات جوية على المنطقة لقطع خطوط الإمداد الواصلة للبلدة، فيما طال القصف بلدتي اللطامنة وكفر زيتا بريف حماة الشمالي، وبلدتي الهبيط وخان شيخون بريف إدلب الجنوبي.

هل يستمر استهداف إدلب بسبب "تحرير الشام"؟

المحلل العسكري و الاستراتيجي؛ العقيد الركن مصطفى الفرحات قال خلال حديثه لـ "روزنة" أن الهدنة في الشمال السوري دائما ما كانت من قبل قوات النظام و الروس لاسترجاع الأنفاس؛ لافتا إلى أن الهجوم المتواصل يرهق القوات على الأرض وكذلك يرهق الطيران، وتابع بأن "الروسي عجز عن التقدم إلا لبضعة كيلومترات وهذا لا يعتبر نصرا في المقاييس العسكرية". 

وأشار إلى أن الحديث عن أن العمليات العسكرية تستهدف تنظيم "هيئة تحرير الشام" ما هو إلا ذريعة؛ وتابع حول ذلك "لم يتم استهداف هذا التنظيم وهذا أمر يتحدث عنه كل أهالي المنطقة؛ مؤكدين أن مقرات التنظيم واضحة للعيان لم يتم استهدافها و إنما ما يتم استهدافه هو الأسواق الشعبية و النقاط الطبية".  

و بيّن الفرحات أن الهدف المباشر من العمليات العسكرية بات واضحاً والمتمثل بالوصول للطرق الدولية وهو الأمر الذي تسعى له روسيا بشكل رئيسي (الخط الواصل حلب باللاذقية، و الخط الواصل حلب بحماة ومنها لدمشق) وهذه الطرق بحسب وصفه هي بمثابة الشريان للمنطقة الشمالية بالكامل.

وأردف: "عندما يصل الروس لهذه الطرق من الممكن عندها أن تتوقف العمليات العسكرية و لو بشكل مرحلي؛ ومن بعدها ممكن أن تطرح هدن لاحقة إلى أن تحاول روسيا مجددا فتح أعمال عسكرية أخرى حتى السيطرة على المنطقة؛ ولكن هذا المسعى هو أمر بعيد المنال والشمال السوري عصي على أي حل عسكري؛ ولن يكون هناك حلول إلا ضمن إطار تسوية سياسية". 

قد يهمك: واشنطن ترحب بوقف إطلاق النار في إدلب.. والجولاني: "لا هدنة مع النظام"

من جانبه أكد المحلل العسكري والاستراتيجي؛ العقيد الركن عبد الله الأسعد خلال حديثه لـ "روزنة" أن الإدعاء بوجود هيئة تحرير الشام ما هو إلا شماعة يتحجج بها الروس والنظام؛ وقال بأن: "مناطق المعارضة التي هوجمت في الجنوب لم يكن يتواجد بها تنظيم "هيئة تحرير الشام".  

وتابع مضيفاً: "النظام لا يريد هدنة من أجل التخفيف على المدنيين؛ و إنما كانت مناورة روسية من أجل أن يقوم النظام بإعادة انتشار قواته و تعويض النواقص التي خسرها خلال الفترة الماضية لضمان إعادة التحشيد من جديد؛ لكي يقوم بهجوم آخر بغية توسيع سيطرته على مناطق أخرى في الشمال". 

وختم حديثه بالإشارة إلى أن "النظام استكمل بعد القصف الجنوني العملية البرية؛ وفتح خرق جديد في قلعة المضيق وكفرنبودة والآن يريد أن يوسع الخرق باتجاه خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب؛ من أجل السيطرة على المناطق المحيطة بالطرق الدولية".

يذكر أنه ومنذ نهاية شهر نيسان الماضي، تعرضت محافظة إدلب ومناطق مجاورة لقصف شبه يومي من طائرات سورية وأخرى روسية، لم تستثن المستشفيات والمدارس والأسواق.

اقرأ أيضاًيوم دامٍ في إدلب.. والأمم المتحدة تدين سقوط عشرات المدنيين

وتسبب التصعيد بمقتل أكثر من 790 مدنيا خلال ثلاثة أشهر؛ و أحصت الأمم المتحدة 39 هجوما ضد منشآت صحية وطواقم طبية، كما تضررت خمسون مدرسة على الأقل جراء القصف، منددة بما وصفته بـ"اللامبالاة الدولية" مع استمرار القصف.

ومنطقة إدلب مشمولة باتفاق توصلت إليه روسيا وتركيا في سوتشي في أيلول 2018، نص على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كيلومترا تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل؛ كما يقضي بسحب الفصائل المعارضة أسلحتها الثقيلة والمتوسطة وانسحاب المجموعات المقاتلة من المنطقة المعنية، لكن هذا الاتفاق لم يستكمل تنفيذه، وتتهم دمشق تركيا الداعمة للفصائل المقاتلة بالتلكؤ في تطبيقه، وإن كان نجح في إرساء هدوء نسبي في المنطقة لأشهر عدة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق