مع بدء عائلات نزحت، من ريف إدلب الجنوبي إلى شماليّ إدلب بالعودةَ إلى قراها، بعيد إعلان هدنة وقف إطلاق النار، في منطقة خفض التصعيد الرابعة، التي جرى التوقيع عليها في الجولة الثالثة عشر من مباحثات أستانا، في العاصمة الكازاخية، بعد ثلاثة أشهر من التصعيد والقصف الجوي الروسي السوري المتناوب، يصبح موضوع الهدنة وتثبيتها الشغل الشاغل للمتابعين.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الهدوء النسبي يخيم على عموم منطقة “خفض التصعيد” في اليوم الرابع من بدء تطبيق وقف إطلاق النار في المنطقة، حيث تغيب للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر الطائرات الحربية والمروحية عن أجواء المنطقة.
وكانت روسيا أعلنت أن الهدنة مشروطة بتطبيق اتفاق سوتشي بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، بإخلاء المنطقة حول الطرق الدولية من الفصائل، وهو ما رفضه القائد العام لـ”هيئة تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني، بسحب قواته من المنطقة العازلة بريفي حماة وإدلب، معتبرًا أن قواته خارج اتفاق أستانة المعنية بالملف السوري، وقال إن ما لم تستطع روسيا والنظام السوري أخذه بالقوة لن يأخذ بالسياسة،؟ وهذا ما أثار القلق والتخوف من عدم استمرار هذه الهدنة.
وقال أيمن العاسمي رئيس وفد الفصائل المسلحة إلى اجتماعات أستانة، أن التصريحات التي تطلقها الأطراف تدل على محاولة كل طرف أن يقنع الرأي العام أنه هو المنتصر، بينما أعتقد أن الانتصار الحقيقي هو وقف القتال، ووقف قصف الشعب السوري، وهذا ما دفعنا للذهاب إلى أستانة، وما تحقق هو العودة إلى اتفاق سوتشي.
وعن تفاصيل الشروط الروسية لاستمرار الهدنة يكشف العاسمي عن وجود معضلة تفسر التصريحات المتناقضة، فالعودة إلى اتفاق سوتشي بدون ضمانات هو مشكلة بحد ذاتها، والكل يسأل ما هي الضمانة أنه إذا سحبنا الآليات الثقيلة لن يحدث اقتحام من قبل النظام السوري وحلفاءه المنطقة، ويستطرد العاسمي قائلا، دعنا نعود إلى الرد التركي على خروقات النظام يوم قصف نقطة تركية، أنا أعتقد أن تلك الحادثة غيرت قواعد الاشتباك، فمنذ ذلك الوقت لم يعد يجرؤ النظام على الاقتراب من نقاط مراقبة تنفيذ الاتفاق وأعتقد أن هذا يعطي ما يمكن تسميته ضمانا لتنفيذ اتفاق سوتشي.
وانطلاقا من تثبيت نقاط المراقبة يستنتج العاسمي أن تطبيق سوتشي لا يعني بحال من الأحوال نصرا للنظام السوري، أو تشجيعا له على شن هجوم شامل، وهو من لم يستطع اقتحام إدلب، ولم يتوقع أن يجد هذه المقاومة القوية، وتكبد خسائر هائلة وكبيرة وغير متوقعة على غير ما واجهه في درعا والغوطة.
ويختتم العاسمي قائلا إن موضوع الحل السياسي واللجنة الدستورية يحتاج إلى هدوء لإعطاء فرصة للحل السياسي، فمن هو "المعارض" الذي يستطيع التفاوض على لجنة دستورية والقصف متواصل على إدلب، كيف سيحصل السياسيون على شرعية ممثليهم وهم يموتون في إدلب وهذا ما يعطي إدلب بعدا سياسيا هاما جدا ساعد في توقف القتال.
وكانت مواقف الفصائل التي تعمل في إدلب تقسم إلى قسمين الأول هو موقف الجبهة الوطنية للتحرير التي أعلنت التزامها بوقف إطلاق النار مع إبقاء اليد على الزناد حسب بيان صادر عنها، ومن الجدير بالذكر أن الجبهة تتبع لأنقرة وتحصل على دعمها.
وأما الموقف الثاني فهو للهيئة صاحبة النفوذ الأكبر التي بدورها يقسم موقفها من الهدنة إلى ثلاثة أقسام، فالأول يمكن قراءته من خلال بيانها الذي أعلن ضمنياً الالتزام بوقف إطلاق النار، حين هدد البيان فقط بالرد على أي خروقات، والثاني عبر رفض الهيئة على لسان قائدها الانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح، والثالث أيضا عبر الجولاني الذي قال لا يمكننا الاعتماد على النقاط التركية للمراقبة.
مقابلة مع رئيس وفد الفصائل إلى أستنا أيمن العاسمي
الكلمات المفتاحية