كيف ستعمل واشنطن على تهدئة أنقرة ومنع عملية شرق الفرات؟

كيف ستعمل واشنطن على تهدئة أنقرة ومنع عملية شرق الفرات؟
تحليل سياسي | 27 يوليو 2019

تعتبر التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمثابة دق ناقوس الخطر فيما يشي بقرب التصعيد العسكري من قبل الجانب التركي على مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرقي سوريا. 

وجدد أردوغان يوم أمس، التأكيد حول عزم أنقرة القيام بعملية في منطقة شرق الفرات بسوريا؛ بغض النظر عما ستصل إليه المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن إقامة منطقة آمنة مزمعة هناك في الشمال السوري بالقرب من الحدود التركية السورية. 

وقال أردوغان لأعضاء من حزب العدالة والتنمية الحاكم: "أولئك الذين يضعون ثقتهم في القوى الأجنبية في المنطقة سيوضعون تحت الأرض... سنجد حلا دائما للإرهاب"، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي تمثل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية "قسد".

وتأتي تصريحات أردوغان بعد أربعة أيام من تهديد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بإطلاق عملية في شرق الفرات "إذا لم تتأسس المنطقة الآمنة وإذا استمر تهديد تركيا"، وأعرب جاويش أوغلو عن أمله، الاثنين الماضي، في التوصل إلى اتفاق بخصوص المنطقة الآمنة بعد محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري الذي زار أنقرة.

وخلال الأيام الماضية، كثفت تركيا تحذيراتها من توغل محتمل في شمال سوريا، وقالت إن "صبرها نفد" من واشنطن بشأن محادثات المنطقة الآمنة، مضيفة أنها ستشن عمليتها إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

الباحث السياسي د.مأمون سيد عيسى؛ اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" بأن تركيا لا تستطيع القيام بعمل عسكري شرق الفرات دون موافقة أميركية وبخاصة دخول المجال الجوي لتلك المنطقة.

وتابع: "هذه التهديدات قائمة منذ سنوات؛ ومن حيث المبدأ يوجد موافقة أميركية على منطقة عازلة لكن المشكلة في التفاصيل؛ هذه الأرض لاتتخلى الميليشيات الكردية عنها بسهولة؛ إنها أرض النفط والفرات والقمح والغاز، هذه الثروات تسمح باقامة إسرائيل جديدة في سوريا".

وأردف: "بنفس الوقت لا يريد الأميركان أن يخسروا الأتراك لأن أقوى قاعدة عسكرية لهم في المنطقة هي قاعدة انجرليك؛ وخسارة تركيا معناها اقتراب تركيا أكثر من روسيا". 

وختم حديثه بالقول: "نتوقع أن يصل الطرفان لحل وسط هو إعطاء حزام للأتراك بعرض يتفق عليه؛ ويتحقق مشروع الأكراد ربما ليس دولة بل إدارة ذاتية هي واحدة من ثلاث إدارات يخطط لها؛ وسيرى هذا المشروع النور قبل نهاية هذا العام ضمن الحل النهائي للمشكلة السورية".

وتبدو مفاوضات المنطقة الآمنة أنها ستواجه طريقاً مسدوداً وفق نظرة الأتراك؛ وهو الذي أدى إلى إطلاق التصريحات الأخيرة حول التصعيد العسكري؛ بخاصة وأن الفترة الحالية تشهد توتراً في العلاقات بين واشنطن وواشنطن ليست المنطقة الآمنة لوحدها هي المتسبب في هذا التوتر؛ وإنما يصل لمسائل عدة؛ كان أبرزها صفقة منظومة الدفاع الجوي الروسية "اس-400".

اقرأ أيضاً: واشنطن تُجدّد رؤيتها بخصوص سوريا.. ما هي الأسباب؟ 

المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية مورغان أورتاغوس، كانت أعربت عن أمل واشنطن بمواصلة المحادثات مع تركيا بشأن المنطقة الآمنة شمالي سوريا، لافتة خلال مؤتمر صحفي أمس الخميس، بالقول: "نعتقد، أن هذه المفاوضات ستستمر".

وأضافت المتحدثة يوم أمس "أن أهداف الرئيس ووزير الخارجية الأمريكي في سوريا هي، بالطبع، تجنب حدوث فراغ أمني يمكن أن يزعزع استقرار الوضع في المنطقة، ونريد أن نفعل ذلك مع مراعاة المخاوف المشروعة لتركيا، وبطبيعة الحال، ضمان حماية شركائنا من خطر تنظيم "داعش" الإرهابي".

ما دور المنطقة الآمنة في منع العملية العسكرية؟

وكانت نشرت الصفحة الرسمية للسفارة الأمريكية في دمشق، بيانا الخميس، كشفت فيه تفاصيل لقاء المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، مع المسؤولين الأتراك بالعاصمة أنقرة.

وقالت السفارة التي علقت أعمالها في شباط 2012، في البيان الذي نشرته على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن الممثل الخاص للتواصل بشأن سوريا والمبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة "داعش"، جيمس جيفري، عقد من 22 إلى 24 تموز سلسلة اجتماعات في أنقرة مع مسؤولين أتراك رفيعي المستوى.

الباحث السياسي في العلاقات الدولية؛ نواف الركاد؛ أوضح في حديث سابق لـ "روزنة" بأن المسافة لا تزال بعيدة بين الجانبين التركي و الأمريكي حول تصوّر المنطقة الآمنة؛ على اعتبار أن الجانب الأميركي وجد في هذا المقترح مخرجا من أزمة التصادم المحتمل لحليفيه (الكردي والتركي)، لكنّه يفهمه بالطريقة التي لا يفهمها الأتراك من المصطلح.

وتابع "الأميركي يريد (المنطقة الآمنة) بعمق يتراوح بين 4 و 14 كم في أبعد التقديرات دون إزاحة قسد من الشريط الحدودي و دون شموله للمدن و بمشاركة القوات الأميركية و الفرنسية و البريطانية و دون تسيير لسلاح الجو التركي في المنطقة تمهيدا لإعادة اللاجئين السوريين إليها، بينما تعني تركيا بالمنطقة الآمنة أن تكون بعمق يتراوح بين 30 و 40 كم شاملةً المدن الحدودية و مزيحة لقوات قسد و بإدارة تركية كاملة مع جولات سلاح الجو فيها". 

قد يهمك: هل أوقفت "قسد" مفاوضات إنشاء المنطقة الآمنة؟

وأوضح الركاد أن الاختلافات في الرؤية حول المنطقة الآمنة بين أنقرة وواشنطن هو ما أدى لتكرار الوصول إلى الجدار المسدود كلّ مرة يلتقي فيها جيمس جيفري و العسكريين الأمريكيين مع القادة الأتراك، مشيراً إلى أن السبب في ذلك يكمن بدرجة أساسية في رغبة واشنطن بالاحتفاظ بالورقة الكردية في يدها و خلق حالة صداع مستمر للأمن القومي التركي و خلطاً للأوراق فيما يتّصل بالحل السياسي. 

و كانت وكالة "رويترز" أفادت يوم الخميس باجتماع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار يوم الخميس مع مسؤولين عسكريين لبحث عملية محتملة شرقي نهر الفرات في سوريا، في حين كثفت أنقرة تحذيراتها من بدء عملية عبر الحدود.

جاء الاجتماع بعد يوم من قول تركيا إنها ستبدأ هجوما ما لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن منطقة آمنة مزمعة، مضيفة أن ”صبرها نفد“ على واشنطن، وأشارت تركيا للمرة الأولى للعملية، التي من شأنها أن تكون ثالث توغل تركي في سوريا خلال ثلاث سنوات، على لسان الرئيس رجب طيب أردوغان في وقت سابق من العام لكن تم تعليقها لاحقا.

وفي أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن انسحاب مزمع من شمال سوريا، اتفق البلدان العضوان في حلف شمال الأطلسي على إقامة منطقة آمنة داخل سوريا تكون على طول حدودها الشمالية الشرقية مع تركيا يتم إخلاؤها من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق