غضب أميركي تجاه ألمانيا بسبب شرق الفرات؟

غضب أميركي تجاه ألمانيا بسبب شرق الفرات؟
تحليل سياسي | 09 يوليو 2019

تعود من جديد التصريحات المتعلقة بالانتشار العسكري في الشمال السوري لمحاربة تنظيم داعش، على وقع دلالات تشير إلى أن الاستراتيجية الأميركية لمكافحة الإرهاب ومواجهة إيران في سوريا باتت في طريقها للانتقال إلى طور جديد.

المبعوث الرئاسي الأميركي إلى سوريا إلى سوريا جيمس جيفري، قال يوم الأحد أن واشنطن تنتظر من ألمانيا إرسال قوات إلى الشمال السوري للمساعدة في محاربة تنظيم "داعش".

وأضاف "ألمانيا تلعب دورا فعالا في مكافحة "داعش"، وفي العملية السياسية بشمال سوريا، لكننا نريد منها دعما أكثر على صعيد القوات البرية"، ولفت جيفري إلى أن الجنود الذين سيرسلون إلى الشمال السوري، ليس بالضرورة أن يكونوا محاربين، بل قد يكون بينهم مدربون عسكريون وفنيون، "أما عمليات الهجوم، فهي موكلة للقوات المحلية".

وختم بالقول: "نريد أن نقضي على "داعش" تماما في سوريا، والبدء في حل سياسي تحت رعاية الأمم المتحدة، وإخراج كافة الإيرانيين من سوريا".
 

الرد الألماني لم يتأخر على ما طلبه جيفري، حيث قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية يوم الاثنين بأنه ليس لدى برلين أي قوات على الأرض في سوريا، مؤكدا أن بلاده لا تخطط لتغيير هذا الواقع.

وقال المتحدث باسم الحكومة ستيفان سيبارت، إن "الحكومة الألمانية تتوخى التمسك بالتدابير الحالية ضمن التحالف العسكري ضد تنظيم "داعش" العسكري، ما يعني عدم وجود قوات برية على الأرض".

ومن المتوقع أن يتسبب الرفض الألماني لطلب الولايات المتحدة نشر قوات برية في سوريا، لغضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي على ما يبدو يسعى لمشاركة أكبر من حلفائه الأوروبيين في التواجد العسكري في المنطقة.

اقرأ أيضاً: بعد هزيمة داعش.. تنسيق روسي-أميركي لمقاتلة التنظيمات الإرهابية في الشمال؟

المحلل السياسي المختص في الشؤون الأميركية؛ رامي دباس قال في حديث لـ "روزنة" أن الولايات المتحدة تريد الانسحاب من سوريا قدر الامكان؛ على أن يحل حلفاءها مكانها.

وتابع بأنه وفي المقابل فإن ألمانيا لا تريد التورط في المستنقع السوري، وهي التي تلتزم بجهودها في محاربة تنظيم داعش و مشاركتها في التحالف الدولي؛ إلا أنه رأى بأن برلين ترى أن طلب واشنطن يتعلق بقوات سوريا الديمقراطية و دعمها؛ فهي تعتبر أن ذلك لا يعنيها.

وأضاف: "إن تم و شاركت ألمانيا (عسكريا على الأرض) فإن ذلك سيدخلها في أزمة مع تركيا".

وحول ما يمكن استقرائه من الرفض الألماني، اعتبر دباس أن عدم التوافق لا يقتصر فقط بين واشنطن وبرلين بل هو أوروبي، وهو ما ظهر بشكل جلي منذ استلام ترامب الرئاسة الأميركية، وختم بالقول: "الرفض الألماني سيغضب الجانب الأميركي لكن لن تصل إلى حد افتعال أزمات".

من جانبه رأى الكاتب والمحلل السياسي، علي ناصر الدين، خلال حديثه لـ "روزنة" أن الرفض الألماني يأتي من طبيعة السياسة الألمانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية بألا ترسل قوات عسكرية خارج ألمانيا إلا في حال تحالف دولي أو ضمن قوات تابعة لحلف شمالي الأطلسي.

وتابع حول ذلك: "ألمانيا لا تريد الانغماس في حروب خارجية؛ و أي تدخل عسكري ألماني يبقى بشكل محدود إذا اقتضت المصلحة الألمانية بذلك".


واتفق ناصر الدين حول رؤية وجود عدم توافق بين ألمانيا والولايات المتحدة بالقول: "هناك خلافات بوجهات النظر؛ تظهر من حين لآخر بين البلدين خصوصا فيما يتعلق بالملف الإيراني، وأعتقد أن ألمانيا تدرك أن لا مصلحة لها في سوريا، لذلك ترفض إرسال قواتها الى الخارج"، إلا أنه نوه إلى أن العلاقات الألمانية الأميركية هي علاقات استراتيجية وإن اختلفت وجهات النظر؛ حسب تعبيره.


 قد يهمك: هل أوقفت "قسد" مفاوضات إنشاء المنطقة الآمنة؟


وأضاف: "من المعروف أن هنالك برودة في العلاقات بين ترامب وميركل؛ ولكنها لن تؤثر في العمق على العلاقات بينهما، كما أن الضغط الاقتصادي الذي يمارسه ترامب على أوروبا بشكل عام والذي تتأثر به ألمانيا بشكل أكبر نظرا لقوة اقتصادها وتأثير الضغط الأميركي على صناعاتها في أميركا؛ وكذلك أهمية السوق الأميركية للصناعات الألمانية المُصدرة إلى الولايات المتحدة".

من جهته رأى الصحافي والكاتب السياسي؛ حسين عمر، في حديث لـ "روزنة" أن دعوة جيفري لألمانيا بالتحديد جاءت من قبيل التحريض كي تتحرك تركيا عن طريق قنواتها الخفية مع ألمانيا لترفض الأخيرة الطلب وهو ما حصل.

وتابع: "من المعلوم بأن العلاقات الألمانية التركية تمتد إلى عهد السلطنة العثمانية؛ أي هي علاقات متجذرة منذ عقود، وبالعموم رفض ألمانيا جاء لصالح شمال شرقي سوريا؛ لأن التواجد الألماني سيساهم في التغلغل التركي بالمنطقة".

وأضاف: "علينا أن ندرك معادلة مهمة في التعاطي الأميركي مع الملف السوري وشمال شرقه تحديدا، وهو أنهم (الأمريكان) كانوا وما زالوا باعتقادي مع تسليم المنطقة لتركيا؛ لأن العلاقات الأميركية التركية أيضا علاقات متجذرة بالرغم من الخلافات الظاهرية حول بعض نقاط الخلاف ولكن تبقى تركيا الجبهة الأمامية في مواجهة التهديدات لمصالحها في المنطقة".
 
واعتبر عمر أن الرفض الألماني للطلب الأميركي مرده يعود إلى أن  برلين تنتهج وبشكل خاص بعد مجيء ترامب سياسة مختلفة عن واشنطن في الكثير من المناطق والقضايا؛ مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الرفض الألماني لن يؤثر على العلاقة مع الولايات المتحدة.

ونوه بالقول: "(الرفض الألماني) لن يغضب (واشنطن) لأن ما كان متوقعا هو الرفض؛ ولولا إدراك جيفري بأنها سترفض لما تحدث للإعلام وحددها فقط، بالرغم أن واشنطن طلبت من الدول الأوروبية، إلا أنهم ذكروا الآن ألمانيا فقط".

وختم حديثه: "الولايات المتحدة  باقية وستستمر في القيام بحماية مصالح العالم الرأسمالي في المنطقة؛ سواء شاركتها بقية الدول أو لم تشارك؛ فهي لا تريد التنازل عن تسيدها على العالم".

وفي الوقت الذي لم تبدِ به أي دولة مشاركة في التحالف الدولي لمحاربة داعش، رغبتها بإرسال قوات برية لتكون كـ قوات بديلة عن الأميركية، ذكر تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية، إن الخبراء المتابعين لتنظيم "داعش"، يحذرون من عودة محتملة للتنظيم ولكن أقوى من أي وقت مضى، وذلك فيما لو استمرت واشنطن بقرار سحب قواتها من سوريا.
 

وتأتي هذه التحذيرات بعد أن فشلت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب بتأمين قوات بديلة لتتواجد بدل القوات الأميركية؛ وفق تصريحات إدارة ترامب، رغم أن الخروج الأميركي سيكون مكلفاً لسياسات واشنطن الخارجية.

وكان جيمس جيفري، قال خلال لقاء أجراه مع مجلة "ديفنس ون" الأميركية، أن "الولايات المتحدة تتوقع من قوات التحالف ملء الفراغ وهي تحصل منهم على رد مشجع للغاية".
يذكر أن الولايات المتحدة تدعم قوات سوريا الديمقراطية "قسد" الناشطة في شمال شرقي سوريا، والتي يمثل الأكراد عمودها الفقري.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق