الأرتال العسكرية الروسية كابوس السوريين في الساحل

الأرتال العسكرية الروسية كابوس السوريين في الساحل
القصص | 07 يوليو 2019

يعاني سكان الساحل السوري خلال السنوات الأخيرة من مزاحمة أرتال القوات العسكرية الروسية لطريق سيرهم اليومي على أوتستراد اللاذقية-طرطوس.

الأوتوستراد المعروف بالازدحام الدائم؛ كونهُ يشكل عقدة مواصلات حيوية والشريان الأهم بين المحافظتين الساحليتين، شكّل أيضاً لدى الروس أهمية بالغة باعتباره الطريق البري الوحيد  والأكثر اختصاراً بين مطار حميميم والقاعدة الروسية البحرية في طرطوس.

 يُسيّر الروس على الطريق أرتال يومية  تضم ما  بين 3 و 15 سيارة وشاحنة وناقلة جند، من مطارها و إلى قاعدتها البحرية وبالعكس، حيث لا تسمح هذه الأرتال لأي سيارة مدنية أو عسكرية من تجاوزها في معظم الأحيان؛ بذريعة "أسباب أمنية"، مما يسبب للمسافرين بين المحافظتين تأخراً عن التزاماتهم،  بخاصة أن سرعة الأرتال العسكرية غالباً ما تكون منخفضة (40 كيلو متر في الساعة).

المصادفة فقط تتحكم بفرص لقائك الروس على الطريق..

لا مواعيد محددة لخروج الأرتال الروسية على أوتوستراد اللاذقية-طرطوس، فهي تتباين من وقت لآخر مما يدفع الراغبين بالسفر بين المحافظتين الساحليتين لخوض مغامرة قد لا تكون موفقة.

"لا يسعنا سوى استجداء الحظ" يقول أبو محمد؛ أحد سائقي السرافيس على خط (طرطوس-اللاذقية) قبل أن يهم بالخروج بالسرفيس الممتلئ بالركاب من مركز إنطلاق طرطوس متوجهاً نحو اللاذقية.

يتابع أبو محمد حديثه لـ  روزنة قائلاً:"منذ أن أتى الروس ولا يسعنا سوى وضع تخمينات لمصادفتنا إحدى ارتالهم، أحياناً يمر بضعة أيام ولا أصادف مرور أي رتل؛ وأحياناً  أصادف عدة أرتال في اليوم الواحد وأحياناً تسمح لنا هذه الأرتال بتجاوزها بشكلٍ طبيعي؛ وأحياناً لا يسمحون لنا بتجاوزها وهنا يصبح طريقنا طريق شقاء".
 
 
ويردف قائلاً:"عندما لا يسمحون (الروس)  لنا بتجاوزهم نضطر أن نمشي خلفهم بسرعة منخفضة لا تتجاوز الثلاثين كيلو متراً في الساعة؛ وهذا يعني تأخيراً كبيراً في وقت الوصول إلى وجهتنا مما يثير غضب الركاب لتأخرهم عن مواعيد عملهم والتزاماتهم؛ فمدة الرحلة لا تتجاوز عادةً الساعة ولكن مع عرقلة الروس قد تصل للساعة ونصف وفي أحيان أخرى قد تصل لساعتين".

عبد اللطيف علي (اسم مستعار) من سكان طرطوس ويدرس في جامعة تشرين في اللاذقية؛ تحدث لـ "روزنة" عن تجربته المريرة التي صادفته عندما فوجئ برتل عسكري روسي أجبرَ وسيلة النقل التي كانت تقلّه إلى جامعته على السير خلفهم مما أدى إلى تأخره عن امتحانه وحرمانه من تقديم الفحص.

وأضاف قائلاً: "شخصياً أعرف العديد من الأصدقاء الذين تأخروا عن محاضراتهم أو تقديم امتحانهم بسبب هذا التصرف من الروس، ولدى طلبنا من إدارة الجامعة تبرير هذا الغياب على الأقل فيما يخص المحاضرات كان الرد بأن اللوم يقع علينا نحن الطلاب".

تهديدات بإطلاق النار لمن يتجاوز الأرتال..

عند مرور رتل عسكري روسي، فعادة ما تكون هناك سيارة عسكرية تابعة لقوات النظام تحرص على عدم تجاوز السيارات المدنية لهذا الرتل، وتعطى لهم أوامر صارمة تصل إلى التهديد بإطلاق النار على أي سيارة مدنية تحاول الإلتفاف على الرتل الروسي وتجاوزه.

ماهر جامع (اسم مستعار) أحد الذين تعرضوا لهذا الموقف؛ قال لـ " روزنة": "كنت متوجهاً إلى طرطوس حيث كان لدي موعد مهم، عندما صادفت رتلاً عسكرياً روسي بالقرب من مطار حميميم، وعندما حاولت تجاوزه منعتني السيارة الأخيرة التي كان يعتليها رشاش وتبدو تابعة لقوات النظام السوري؛ وعندما حاولت الإشارة إليهم والطلب منهم السماح بتجاوزهم، فوجئت بالعسكري الواقف في الصندوق الخلفي يقوم بإطلاق النار في الهواء، فتوقفت إلى جانب الطريق وأكمل الروس طريقهم  فقررت  العودة إلى اللاذقية، و أشكر  الله بأن الأمر اقتصر على ذلك فقط".


اقرأ أيضاً: بوتين يعترف بتواجد شركات أمنية روسية في سوريا.. كيف حدد مهامها؟


ورغم بعض التصرفات الروسية التي تُضيّق على الحياة اليومية للمدنيين في الساحل، إلا أنه وفق العقيد المتقاعد من قوات النظام سامر أيوب (اسم مستعار)  لا يمكن أن يحدث ما يعكر صفو علاقة الروس بالساحل التي وصفها بأنها "سمنة على عسل" مشيراً إلى أن أهالي الساحل يشعرون بالامتنان لمجيء الروس ووقوفهم إلى جانب النظام.

و أشار إلى  أن الروس وخلال عملية نقلهم للذخيرة بين قاعدة حميميم وقاعدتهم في طرطوس أو لقوات النظام، فأنهم لا يسمحون للسيارات المدنية وحتى العسكرية التابعة لقوات النظام التي تصادف مرورها أثناء مرورهم بتجاوزهم، وختم بالقول: "هذه إجراءاتهم الأمنية التي لا يستطيع أحد مناقشتهم بها فهذه أرضهم في النهاية".

بُنيت قاعدة حميميم الجوية في منتصف عام 2015 حيث كانت تعتبر بمثابة المركز الاستراتيجي للتدخل العسكري الروسي في سوريا، تمّ الكشف عن هذه القاعدة من قِبل الولايات المتحدة في مطلع أيلول من عام 2015 حيث أعربَ مسؤولون أميركيون كُثر عن قلقهم إزاء احتمال تصعيد النزاع في سوريا؛ و بدأت القاعدة الجويّة عملها بشكل رسمي في 30 أيلول من العام نفسه.

في 26 آب 2015 وقّعت روسيا وسوريا في العاصمة دمشق على معاهدة سرى مفعولها على الفور؛  نصّت المعاهدة وبشكلٍ واضح على شروط استخدام روسيا من لقاعدة حميميم في اللاذقية؛ حيث سمحت هذه الأخيرة لموسكو باستعمال القاعدة بشكل مجّاني ومتى ما رَغبت في ذلك.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق