تواجه القبطانة الألمانية بيا كليمب (35 عام) عقوبة السجن لمدّة قد تصل إلى 20 عاماً بالإضافة إلى غرامة مالية تقدر بـ 15 ألف يورو لكل مهاجر أنقذته، حيث وجهت لها تهمة تقديم المساعدة للمهاجرين غير الشرعيين، وهي التي بذلت جهودا مضنية لإنقاذ أكثر من ألف لاجئ ومهاجر كان يتهددهم الموت غرقاً في عرض البحر المتوسط.
وبالإضافة إلى عمل كليمب مع مجموعة الإنقاذ "سي ووتش" فإنها عالمة أحياء، وكذلك فإنها شاركت في منظمة الحماية البحرية "سي شيبرد" بعد حصولها على شهادة في علم الأحياء، معربة عن قلقها إزاء الضرر الذي يلحق بالمحيطات بسبب التلوث والأنشطة البشرية.
العديد من المنظمات التي تعنى بحقوق المهاجرين ترى كليمب بأنها بطلة بذلت جهوداً مضنية من أجل إنقاذ أرواح المئات من الأشخاص، بدافع إنساني خالص، وتقول أنها عندما انضمت إلى مجال حماية الأجواء البحرية؛ كانت في البداية عاملة على سطح السفينة، إلا أنها أكدت بأن الجهود الذي بذلتها في تطوير نفسها ورفع إمكاناتها أوصلتها لأن تكون قبطانة، وحول ذلك تشير إلى أنه ومن غير المألوف رؤية المرأة قبطانة بحرية.
ودفعت الاتهامات الموجهة بحق القبطانة كليمب المنظمات الإنسانية والناشطين إلى التحرك من أجل نشر دعوات لتوقيع عريضة تدين "تجريم السفن الإنسانية".
اقرأ أيضاً: ماذا يعرف الهولنديون عن اللاجئين السوريين؟ (انفوغرافيك)
وعلى الرغم من قرار الحكومة قبل أيام، لم يمنع من أن تصل أعداد التواقيع الداعمة للقبطانة كليمب إلى أكثر من 150 ألف توقيع، ومن وصول سفينة "سي ووتش 3" إلى الميناء الإيطالي وإرسال طلب بإيجاد مرفأ آمن للرسو وإنزال المهاجرين، وإعلان عدة مدن ألمانية من بينها برلين استعدادها لاستقبال المهاجرين، "ولو تطلب الأمر استئجار باصات خاصة لنقلهم" بحسب ما نشرت المفوضية، كما حثت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ الحكومة الإيطالية على تعديل المرسوم الأمني الذي أصدرته مؤخراً، ليركز على إنقاذ أرواح المهاجرين وحمايتهم بدلاً من الإضرار بهم.
ودعت المفوضية البرلمان الإيطالي لمراجعة المرسوم وإعادة تعديله، وأشارت إلى أن الإجراءات الجديدة قد تؤدي إلى معاقبة عمليات الإنقاذ في وسط البحر المتوسط.
ويتضمن المرسوم الأخير نقاط متعددة تعتبر ضارة باللاجئين والمهاجرين، مثل فرض غرامة على السفن غير الحكومية المشاركة في عمليات البحث وإنقاذ المهاجرين في البحر، الأمر الذي اعتبرته المفوضيةُ مقلقاً، كونها تعتبر عمليات الإنقاذ عملياتٍ إنسانيةً طويلة الأمد، وإيطاليا ملتزمة به بموجب القانون الدولي، ولا يمكنها التعرض لأي سفينة وقائدها وفرض غرامة عندما تشارك في المساعدة لإنقاذ قوارب المهاجرين عندما تتعرض للخطر والغرق حيث يكون الموت أمراً وشيكاً.
وبحسب تقرير لموقع "heavy" ترجمه موقع راديو روزنة، أن كليمب وقعت في حب المحيط بعد عملها كمدربة غطس حول الشعب المرجانية وكذلك فإنها عندما استمرت في ذلك، اكتشفت أمراً آخراً يتمثل في الأخطار التي تتعرض لها مياه المحيط سواء بسبب التلوث أو حتى الصيد الجائر، ومن أجل مواجهة الأخطار التي تهدد مياه المحيط وحماية كائناته من الانقراض؛ فقد انضمت كليمب إلى منظمة "شيبرد" البحرية، وهي منظمة بحرية دولية.
وتتهم الحكومة الايطالية القبطانة كليمب بأنها شاركت شخصيا في إنقاذ ألف مهاجر كانوا يحاولون العبور إلى إيطاليا، الاتهامات التي طالتها بأنها قامت بعمليات الإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط بينما كانت تبحر على متن سفينة "يوفنتا"، وقالت في مقابلة صحفية بأنها ترى أن إنقاذ الناس الغرق هو عمل واجب.
السلطات الإيطالية صادرت سفينة كليمب، كما أصدرت قرارا بمنعها من الإبحار حول المياه الإيطالية، في المقابل تعهدت باللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، إذا أدينت بالمساعدة على الهجرة غير الشرعية، كليمب أيضاً هي المديرة التنفيذية لـ "أكواسكوب"، وهي منظمة تعمل على مكافحة الصيد المائي غير المشروع، حيث تقول منظمتها بأن الصيد الجائر وغير المنظم؛ يشكل أكبر أكبر التهديدات التي تواجه المحيطات، بسبب تأثيرها على تجمعات الأسماك وعلى النظم الإيكولوجية البحرية.
وتهدف المنظمة التي تديرها كليمب منذ عام 2015 إلى تحسين رصد ومراقبة صيد الأسماك، باستخدام التكنولوجيا لمراقبة و اكتشاف أنشطة الصيد غير المشروع.
قد يهمك: هل خيّب مؤتمر برَوكسل الثالث للمانحين توقعات السوريين المشاركين؟
درست كليمب علم الأحياء في جامعة بون الألمانية، وتتكلم 3 لغات؛ الألمانية والانكليزية والإندونيسية، وعملت مدربة للغوص في الشعاب المرجانية حول العالم، كما شاركت في مشاريع عديدة من أجل حماية البحار في كل من تايلند واندونيسيا وألمانيا.
وتأتي محاكمة كليمب في سياق حملة واسعة النطاق ضد الهجرة يقودها وزير الداخلية اليميني ونائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني، الذي ما برح يشنّ حملة ضد المهاجرين الذين يتم اعتقالهم أثناء عبورهم حدود البلاد بشكل غير قانوني، و صنفت حملة سالفيني، العاملين في مجال الإنقاذ، مثل كليمب، على أنهم مجرمين، وذلك فقد لأنهم بذلوا جهوداً جنّبت المهاجرين المصير الذي واجهه أكثر من 2200 شخص ماتوا أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط خلال العام الماضي.
وفي بيان مشترك، قال منظمو الحملة الداعمة لكليمب: إن سجن قبطانة السفينة (كليمب) يعدّ تحطيماً للمعاني الإنسانية في أوروبا، وقد وقّع على الحملة أكثر من 80 ألف شخص من بينهم سياسيين وأكاديميين وحقوقيين ورجال أعمال وعلماء وكتّاب ومبدعين، وأكدت كليمب على أن تصرفاتها كقائد سفينة في البحر المتوسط تتماشى مع قواعد الأمم المتحدة الخاصة بشأن عمليات الإنقاذ في البحر والمسؤوليات الإنسانية الملقاة على عاتق قبطان السفينة اتجاه أشخاص يتعرضون للموت غرقاً في عرض البحر.
الكلمات المفتاحية