عادت أصوات صفارات سيارات الإسعاف التي تقوم بتشييع قتلى النظام للانطلاق بقوة في شوارع طرطوس بعد بدء الحملة الحملة العسكرية التي يشنها النظام السوري على إدلب مدعوماً من حليفه الروسي؛ مما زاد في حدة الخوف والقلق بين الأهالي على أبنائهم، والذين يشكلون غالبية قوات النظام، خاصةً بعد فترة من توقف العمليات العسكرية.
و نشرت صفحات موالية في طرطوس ما يفيد بمقتل قرابة 60 مقاتلاً من قوات النظام منذ أواخر نيسان تاريخ بدء الحملة العسكرية على إدلب ولغاية الـ 10 من حزيران بحسب ما رصد راديو "روزنة"، وهو الأمر الذي دفع الأهالي للتساؤل عن جدوى هذه العملية العسكرية ومصير أبنائهم فيها.
من وعود بالتسريح.. إلى جبهات القتال
بداية العام الحالي شهدت وعوداً بتسريح دفعات كبيرة من قوات النظام سواءً من الملتحقين بالخدمة الإلزامية أو الخدمة الاحتياطية، وبالفعل أصدر الأسد حينذاك مراسيماً تتعلق بتسريح عدد من دفعات العساكر بحسب تاريخ إلتحاق أفرادها أو بحسب مواليدهم، إلا أن هذه المراسيم كانت مخيبة للآمال والوعود، إذ لم تشمل سوى أعداد قليلة وبقيت طرطوس بانتظار تسريح عدد أكبر من أبنائها.
و مع عدم تنفيذ هذه الوعود وإعلان الهجوم على ريفي إدلب وحماة وحشد النظام قواته، شعر أهالي طرطوس بالخيبة والامتعاض من وعوده التي قدمها ولم ينفذها مقابل زج أبنائهم في معارك جديدة.
يقول مهند العلي (اسم مستعار) وهو ابن عم لأحد قتلى النظام الذين سقطوا في ريف حماة في الإشتباكات الأخيرة؛ في حديث لـ "روزنة": "إلتحقَ ابن عمي بالخدمة الاحتياطية بعام 2013 وبعد تسريح الملتحقين بالاحتياط عام 2012 في نهاية شهر كانون الثاني، كان على موعد بتسريحه في الشهر الذي يليه بحسب ما سمع من قيادته العسكرية لكنه عاد إلى منزله في تابوت نهاية الشهر الماضي".
اقرأ أيضاً: ما مصير العاملين في مرفأ طرطوس بعد الاستثمار الروسي؟
وكان تأجيل النظام المستمر للحملة العسكرية التي أطلقها قد أدى إلى تشكل صورة في الشارع الموالي بأنه لا يرغب بالهجوم على إدلب في الوقت الحالي كونها لا تمثل خطراً على وجوده، خاصةً بعد أن دأبت وسائل الإعلام التابعة له على تصويره بمظهر المنتصر.
و يصرّح أحمد بسام أحد العساكر الفارين من جبهة ريف حماة والذي كان يقاتل ضمن صفوف قوات النظام لـ "روزنة" قائلاً:"لم يكن متوقعاً لدينا نحن العساكر ولا حتى لضباطنا المسؤولين عنا أن يبدأ الهجوم على إدلب؛ ومع أن النظام كان يحشد قواته بإستمرار في حماة إلا كنا نظنه من باب الضغط، وحين صدور الأوامر بالهجوم سارعت بالفرار إلى طرطوس فالجميع يعلم تماماً أن معركة إدلب ستكون من أقسى المعارك على الإطلاق".
ضريبة الدم إرتفعت كثيراً!
إضافةً إلى ما سبق فإن هناك عامل أساسي ينظر من خلاله أهالي طرطوس إلى المعارك الدائرة في ريف حماة وإدلب، و هو أن أغلب قتلى النظام على هذه الجبهات والذين أعلنت عنهم الصفحات المؤيدة في طرطوس على فيسبوك أشارت إلى كونهم أشقاء لقتلى سقطوا في جبهات أخرى في الغوطة وحلب ودير الزور وغيرها مما دفعَ الشارع الطرطوسي، وخاصةً بعد فترة الراحة التي شهدتها المحافظة من آثار العمليات العسكرية بالتفكير ملياً بحجم ضريبة الدم التي تم دفعها خلال هذه الحرب من أجل النظام، والتي فاقت حجم تصورهم بكثير.
يقول العجوز أبو عماد لـ "روزنة" وهو أب لثلاثة قتلى قضوا ضمن صفوف النظام: "بقيَ لدي ولدان أحدهما في المنزل والآخر يؤدي الخدمة الإلزامية، حيث تم إرساله الأسبوع الماضي إلى حماة فطلبت منه أن يفرّ من الخدمة ويأتي إلى منزله، لقد قدمنا الكثير ودفعنا الكثير و في المقابل فأنهم يطلبون منا أن ندفع أكثر".
لا يعول على الخوف وحده..
بالرغم من الخوف والتوتر اللذين يسيطران على مناطق النظام بشكل عام وفي طرطوس بشكل خاص؛ من مصير مجهول لأبنائهم في جبهات القتال إلا أن هذا الخوف لا يمكن التعويل عليه لتغيير أمر ما في سياق الأحداث الحالية.
يقول حسن الحج (اسم مستعار) وهو شاب من طرطوس لـ "روزنة": "لا شك بأنني إلى جانب النظام في معركته في إدلب فقد أصبحت هذه المحافظة رهينة بيد الإسلاميين المتطرفين ويجب التخلص منهم وتحريرها منهم".
قد يهمك: محاولة انتحار جديدة في طرطوس بسبب تردي الوضع الاقتصادي (فيديو)
أما لينا محمد (اسم مستعار) فأنها تؤكد بأن وقوفها ضد هذه الحملة ينطلق من أسباب مختلفة أهمها بأن قوات المعارضة المسلحة قد تحصنوا جيداً خلال السنوات الماضية في إدلب، وبأن هذه الحملة العسكرية سوف تؤدي بخسائر بشرية كبيرة لقوات النظام؛ وفق تعبيرها.
وأضافت في حديثها لـ "روزنة" قائلة: "أفضل أن لا تحدث معركة، المسلحين في إدلب لا يملكون القدرة على تهديد وجود النظام أو تهديد وجودنا؛ ولكنهم في المقابل يملكون القدرة على إلحاق خسائر كبيرة في قوات النظام دفاعاً عن أنفسهم".
من جانبه أشار المحامي فؤاد حامد (اسم مستعار) من طرطوس إلى أن طوال الفترة الماضية عمل النظام على تشويه صورة دلب كلياً في ذهن الشارع المؤيد له لدفعهم إلى هذه المعركة الشرسة، وعليه فإن ضريبة الدم التي دأبَ النظام على تحصيلها من هذه المحافظة سوف يستمر بتحصيلها في إشتباكات ريفي حماة وإدلب وربما في أي عملية عسكرية قادمة ينوي القيام بها مستقبلاً.
و كانت مدينة طرطوس أكثر المدن السورية التي تقدم أبناءها من أجل حماية مصالح النظام السوري منذ عام 2011، إلا أنه لا يوجد إحصائية دقيقة لأعداد القتلى أو المفقودين بسبب التخبط الكبير لدى النظام السوري في إحصائياته وعدم اهتمامه بأعداد القتلى أو المفقودين، وبحسب "دائرة الشهداء" في طرطوس في نيسان عام 2016 قُدِّر عدد القتلى بـ 7986، إضافة إلى 975 مفقودًا، و5450 جريحًا منذ عام 2011.
الكلمات المفتاحية