يكشف مدير المركز العربي للدراسات والبحوث لروزنة أن هدف الضغوط الأمريكية على إيران في سوريا، تأتي برضا روسي وتحقيقا لشرط أمريكي حول مشاركة واشنطن في الحل السياسي للأزمة السورية، والبدء بمرحلة إعادة الإعمار، كهامش من التفاهمات بين روسيا والولايات المتحدة التي تعتبر أكبر واقوى من العلاقات مع الجانب الإيراني، برغم كل الخلافات.
بعد كل التقارير الإعلامية عن تلميحات وإشارات من الجانب الروسي، فضلاً عن موقف أميركا الواضح في هذا الشأن، بضرورة انسحاب القوات الإيرانية و"حزب الله" من سوريا، أشارت معلومات إلى أن حزب الله بدأ ينسحب تدريجياً من مناطق المواجهة المتبقية في سوريا، باستثناء كفرنبل والزهراء، نتيجة الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبّدها، لكن السبب الأهم يعود إلى "تقليص النفقات حسب ما نقلت قناة العربية.
وفي هذا الإطار يوضح الصحفي اللبناني أسعد بشارة أن تمويل حزب الله ينقسم إلى شقين: الشق الأكبر يأتي من طهران مباشرة حيث تصل سنويا مليارات الدولارات، وتعد هذه المبالغ جزءً من ميزانية طهران.
والجزء الثاني يأتي من عمليات تبييض أموال وتجارة الممنوعات عبر أمريكا الجنوبية، وهي المصدر الثاني لتمويل الحزب.
ويرى بشارة أن العقوبات على إيران باتت تؤثر بشكل جلي على الموازنة التي تقدمها إيران إلى حزب الله، ما جعل استراتيجية الحزب الاقتصادية مختلفة تماما، على كافة الاصعدة السياسية والعسكرية، ويكشف بشارة قائلا إن حزب الله لديه مؤسساته ومشاريعه في الداخل اللبناني، وأن الرواتب لا تقتصر فقط على مقاتلي الحزب، وأن منظومة كاملة تابعة للحزب في لبنان وخارجه باتت متأثرة، وهو أمر لم يخفه قائد الحزب في خطاباته التي دعا فيها إلى جمع التبرعات.

الصحفي أسعد بشارة عمل كمستشار سابق لدى الوزير أشرف ريفي
ناهيك عن حرب وحصار يتعرض لها الشق الثاني من تمويل الحزب، وبعد إعلان وزارة العدل الأميركية أنّ قاسم تاج الدين المموّل المهم لـ "حزب الله أقرّ أمام محكمة بواشنطن بالذنب بتهمة الالتفاف على عقوبات تمنعه من التعامل مع شركات أميركية، واعتباره "مساهماً مالياً مهماً لمنظمة "إرهابية"، بسبب دعمه "حزب الله" الذي تصنّفه الولايات المتحدة منظّمة إرهابية.
ويقول هاني سليمان مدير المركز العربي للبحوث والدراسات قال خلال اتصال هاتفي ضمن الساعة الإخبارية على راديو روزنة إنه يلاحظ في الفترة الاخيرة ممارسة إحدى استراتيجيات الولايات وهو الضغط على الداخل الإيراني من خلال آليات العقوبات الاقتصادية، و من خلال التركيز على القطاعات الحيوية للاقتصاد الإيراني، مما أثر على قدرتها بتمويل مليشياتها في الخارج.
ويضيف مدير المركز العربي للبحوث أن الأزمة المالية التي تعصف بالحزب هي من أهم وأسرع الارتدادات السريعة لاستراتيجية العقوبات، حيث بدأ الحزب بفتح صناديق للتبرعات، بعد التأثر الكبير الذي أصاب القطاع النفطي في ايران الذي كان يعتمد على نحو خمسين مليار دولار في السنة من عائداتها لتمويل المليشيات في الخارج، إضافة إلى خسائر بشرية في صفوفه نتيجة عدم تقديم غطاء جوي روسي وحجب الاحداثيات عنه في الداخل السوري.
ويأتي انسحاب حزب الله التدريجي من بعض المناطق في سوريا، بسبب غياب الدعم الجوي من القوات الروسية وحجب الاحداثيات عنه ما جعل قواعده العسكرية مكشوفة أمام الغارات الإسرائيلية وبعض ضربات قوى المعارضة.
كما كشفت المعلومات التي أعدها على شكل مقال تحقيقي الصحفي اللبناني جوني فخري أن الثقل الروسي في سوريا، لاسيما في المجال الجوي السوري يأتي على حساب "الحليف المُفترض" الإيراني و"حزب الله" الذي بات وجوده العسكري هناك محصوراً ببعض الجبهات في ريف حلب ومنطقتي نبل والزهراء.
وكانت معلومات تحدثت عن أن روسيا طلبت من "حزب الله" و"المليشيات" المدعومة من ايران أن تخلي مواقعها في ريفي حمص الغربي والجنوبي.
ونقل عن متابعين للملف السوري، أن إخلاء حمص والساحل السوري (اللاذقية وطرطوس) من "حزب الله" والإيرانيين، ليس صراع نفوذ خفي بين الروس والايرانيين كما يروّج له البعض، إنما شرط أميركي أساسي من أجل عودة واشنطن للمشاركة في العملية السياسية التي يجب أن تسفر بنهايتها عن حل سياسي للأزمة السورية تنطلق بعدها ورشة إعادة الإعمار.
إلى ذلك، أشارت مصادر معد التحقيق إلى أن الحزب يتهيّأ للمرحلة الآتية بكثير من القلق، وبالتالي هو يتأقلّم مع العقوبات على إيران بتخفيض النفقات بشكل كبير.
ويشير هاني سليمان وهو الخبير في الشؤون الإيرانية أن هذا التأثر له انعكاس كبير على قوة حزب الله، ما سيجعله يعيد النظر في جدوى بقائه في الداخل السوري، وأوضح هاني أنه في ظل هذه المعطيات ربما يعيد حزب الله اللبناني التفكير بمسألة الانسحاب من المنطقة، وهذا ما يشكل خسارة كبيرة لايران التي كانت تعول على تطويق إسرائيل واستخدامها ورقة ضغط على الولايات المتحدة، وانتكاسة وتراجع كبير بالنسبة لحزب الله وبالنسبة لإيران ومشروعها في المنطقة.
أما الصحفي أسعد بشارة فيتوقع تآكلا لمنظومة الحزب على صعيد مؤسساته، إذا استمرت العقوبات لفترة طويلة، غير أن الحزب قادر على الاستمرار في المديين القريب والمتوسط.
اللقاء مع الصحفي اللبناني أسعد بشارة
اللقاء مع مدير المركز العربي للدراسات والبحوث هاني سليمان
الكلمات المفتاحية