قالت منظمات حقوقية سورية ولبنانية، الجمعة، إن السلطات اللبنانية قامت بترحيل عدد من السوريين، بينهم لاجئون مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة، إلى سوريا من دون أن تعطيهم فرصة بالخروج إلى دولة ثالثة.
وقالت "هيومن رايتس ووتش"، و"المركز اللبناني لحقوق الإنسان"، و"المفكرة القانونية"، و"رواد الحقوق" و"مركز وصول لحقوق الإنسان"، في بيان مشترك، إن لبنان رحّل بإجراءات موجزة 16 سوريا على الأقل، بعضهم مسجلون كلاجئين، عند وصولهم إلى مطار بيروت في 26 أبريل/نيسان 2019.
وتابع البيان، أن 5 منهم على الأقل مسجلون على لدى "مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، في حين أعرب 13 منهم على الأقل عن خوفهم من التعذيب والملاحقة في حال إعادتهم إلى سوريا. مع ذلك، لم يُمنَح السوريون أي فرصة فعلية لطلب اللجوء أو الاعتراض على ترحيلهم بل أٌجبروا على توقيع استمارات "عودة طوعية إلى الوطن".
اقرأ أيضاً: العداد الصيني وسيلة لتنمية الإبداع في مدرسة لللاجئين السوريين
مدير "مركز وصول لحقوق الإنسان" محمد حسن، قال لـ"روزنة"، هؤلاء الأشخاص "عادوا إلى لبنان بعد أن غادروه بسبب رفض دول أخرى السماح لهم بالدخول (قبرص التركية، السودان، الشارقة..)، وكانوا يحاولون الخروج إلى أماكن أكثر أماناً من لبنان، لكن تمت إعادتهم إلى لبنان، ومطار بيروت كان قد سبق ووضع إشارات منع دخول على أسمائهم، فيما أجبرهم الأمن العام اللبناني على توقيع أوراق تقول إنهم يريدون العودة إلى سوريا بمحض إرادتهم".
وأضاف "الأمن العام اللبناني في الساعة الرابعة ظهراً من يوم السادس والعشرين من نيسان الماضي، قام بإخراجهم من الحدود اللبنانية ووضعهم في منطقة خالية، من دون أن نتمكن من معرفة مصيرهم في النهاية". وتابع "مفوضية الأمم المتحدة كانت على علم مسبق بقرار الترحيل، لأننا أخبرناهم وكانت هناك مجموعة تابعة للمفوضية على الحدود في يوم ترحيل هؤلاء لكنها لم تتمكن من منع الأمن العام اللبناني من ترحيل هؤلاء السوريين".
وأكد حسن، أنهم مع ست منظمات محلية ودولية، وجهوا كتاباً إلى مدير المديرية العامة للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم، طلبوا فيه وقف ترحيل هؤلاء، إلا أنهم لم يتلقوا أي رد حتى الآن.
وتقول منظمات غير حكومية تعمل مع اللاجئين في لبنان، إن مديرية الأمن العام، الجهاز المشرف على دخول الأجانب إلى لبنان وخروجهم منه، رحّلت 30 سوريا على الأقل من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت هذا العام.
اقرأ أيضاً: تيار لبناني يخالف حقوق الإنسان العالمية ويطالب بتشغيل اللبنانيين فقط!
مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش لما فقيه، قالت إن "على السلطات اللبنانية عدم ترحيل أي شخص إلى سوريا بدون أن تتيح لهم أولا فرصة عادلة للدفاع لإثبات حاجتهم للحماية، وضمان عدم تعرّضهم لخطر فعلي بالاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب الأذى الجسيمة. رغم الخطاب المتشدد الذي يدعو السوريين إلى العودة إلى وطنهم، وعمليات العودة الطوعية القسرية، لا يزال خطر تعرض اللاجئين العائدين إلى سوريا إلى الأذى قائما وكبيرا".
أخبر خالد (اسم مستعار)، أحد المرحّلين، هيومن رايتس ووتش إنه يعيش في لبنان منذ 6 سنوات لكنه غادر البلاد في 21 أبريل/نيسان عبر تركيا طلبا للجوء في قبرص. لدى مغادرته عبر مطار بيروت، منعه عناصر الأمن العام نهائيا من العودة إلى لبنان بسبب عدم تسديده غرامة قدرها مليون و200 ألف ليرة لبنانية (790 دولار أمريكي) لعدم تجديده إقامته القانونية.
شروط الإقامة الحالية في لبنان تُصعّب على السوريين المحافظة على وضع قانوني في البلاد، ويزيد من مخاطر تعرضهم للاستغلال والإساءة وتحد من حصول اللاجئين على العمل والتعليم والرعاية الصحية. 74 في المئة من السوريين في لبنان يفتقرون الآن إقامات قانونية ويواجهون خطر الاحتجاز بسبب وجودهم غير القانوني في البلاد.
وقال خالد إنه عند وصوله إلى شمال قبرص عبر تركيا، منعته السلطات التركية في مطار إركان، مع 12 سوريا آخرين كانوا يحاولون أيضا دخول قبرص، من الصعود إلى الطائرة بل أعادتهم إلى لبنان. لم يُسمح لهم بالعودة إلى تركيا بسبب تغيير في السياسات في 2016 ألغى السماح للسوريين بدخول تركيا، بحرا أو جوا، بدون تأشيرة.
اقرأ أيضاً: سياسي يطالب بقطع الدعم عن اللاجئين السوريين في لبنان
قال خالد إن عناصر الأمن العام أجبروه والسوريين الآخرين، عند وصولهم إلى بيروت، على توقيع وثائق تُفيد بأنهم يعودون "طوعياً" إلى سوريا. قال أحد السوريين الآخرين في المجموعة لرواد الحقوق، إنه أُجبر أيضا على توقيع وثيقة عودة لطوعية علما أنه دفع غرامة دخوله غير الشرعي إلى البلاد ولم يُبلَّغ بقرار منعه من دخول لبنان.
واستضاف لبنان أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري تقريبا منذ 2011.و دعت هيومن رايتس ووتش مرارا البلدان الأخرى إلى زيادة دعمها للبنان وإعادة توطين أعداد أكبر من اللاجئين السوريين الذين يعيشون في لبنان.
ومنذ عام 2017، صعّد سياسيون بارزون الدعوات إلى عودة اللاجئين إلى سوريا، وضغطت السلطات على المفوضية كي تنظم عمليات العودة رغم النزاع المستمر في سوريا. قالت المفوضية إنها لا تستطيع تشجيع عودة اللاجئين أو تسهيلها قبل تيقّنها من أن الوضع في سوريا آمن. يسهّل الأمن العام عمليات عودة اللاجئين منذ مايو/أيار 2018.
الكلمات المفتاحية